بيكاسو مصر.. مسيرة إبداعية من بهجورة إلى اللوفر
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
"بيكاسو مصر" هكذا لُقب ابن قرية بهجورة، الذى نشأ بين الوان الطبيعة بالصعيد المصرى، والذي بدا مسيرته كاحد أبرز رسامى جريدة "روزاليوسف"، ومنها الى متحف اللوفر ببياريس.
كان "بهجورى" متيما بالفنان العالمى بابلو بيكاسو، وكان هناك تقارب فلسفى بينهما، حيث عاشا فى باريس، واستمد الهامه الفنى منه، ومزج بين أسلوب بيكاسو الأوروبى والتراث الفرعونى، مما جعل أعماله مميزة لدى الغرب.
من بهجورة الى اللوفر
ولد جورج عبد المسيح بشاى شنودة ساليدس جرجس، عام ١٩٣٢ فى محافظة قنا بقرية " بهجورة" ، وتخرج من كلية الفنون الجميلة بالقاهرة، ودرس فى كلية الفنون الجميلة بباريس قسم التصوير، ثم عمل رسام كاريكاتير منذ عام ١٩٥٣ حتى عام ١٩٧٥ فى مجلتى روز اليوسف وصباح الخير،.
سافر "بهجورى" إلى باريس فى عام ١٩٧٥، وقضى ٣٥ عامًا بين مدينة الفنون وحى الاليزية، والهوامش، حتى عودته إلى القاهرة مرة أخرى فى تسعينيات القرن الماضي.
٣٠٠ لوحة لأم كلثوم
عشق "بهجورى" تفاصيل أم كلثوم ، تلك الأيقونة الغنائية العظيمة، صوتها وشمختها حركة يدها ومنديلها، هكذا وصفها الفنان فى لوحاته"، رأى فيها انتصار مصر، لأنها تمتلك قلوب الجمهور، كان يرسمها كثيرًا بلوحات مختلفة".
حتى اختلف الكثيرون حول رسومات "بهجورى" لكوكب الشرق، فالبعض أشاد بها وآخرون انتقدوها، لكن ام كلثوم كان لها رأى آخر فقالت له ذات مره،" أنا حلوة ترسمنى وحشة ليه"، كما رأى ان الفنانون الأجانب تناولوها بشكل مُبهر رغم اختلاف الثقافات.
قال "بهجورى" فى تصريحات سابقة لـ "البوابة نيوز ": " اتبعت شغفى للفن، وشعرت أننى بحاجة إلى المعرفة أكثر عنه، من هنا بدأت رحلتى للعالمية عندما لمست قدمى أرض باريس، وأقمت بمدينة الفنون الفرنسية عام ١٩٧٣، حيث حصلت على إقامة مؤقتة بمرسم أحد أصحاب المنح، ثم التحقت بكلية الفنون الجميلة بباريس، ودرست الفنون التشكيلية مرة أخرى.
واضاف: "بعدها شاهدنى أحد الأساتذة بالكلية ورأى أننى مميزًا، وطلب منى مساعدته فى التدريس للطلبة، ثم تجولت فى جميع متاحف باريس وأخذت أرسم بريشتى، وسرعان ما شعرت بإعجاب شديد بأعمال بيكاسو، وأعدت رسمها مرة أخرى، ثم
واضاف: "بعدها شاهدنى أحد الأساتذة بالكلية ورأى أننى مميزًا، وطلب منى مساعدته فى التدريس للطلبة، ثم تجولت فى جميع متاحف باريس وأخذت أرسم بريشتى، وسرعان ما شعرت بإعجاب شديد بأعمال بيكاسو، وأعدت رسمها مرة أخرى، ثم حصلت على شهادة الدكتوراه من السوربون فى «الخط المصرى فى أعمال بيكاسو» بإشراف البروفسور الناقد MARC. LE. BOT".
أيقونة اللوفر
كتبت "بيكاسو مصر" سيرته الذاتية، وخاصة فترة رحلته إلى فرنسا فى كتاب بعنوان: «أيقونة اللوفر» والذى تم طرحه فى معرض القاهرة الدولى للكتاب ٢٠٢٣، لكنها ليست المرة الأولى التى يكتب فيها سيرته الذاتية، فهناك ثلاث كتب سردت رحلته الفنية هما: «أيقونة فلتس، وبهجر فى المهجر، وأيقونة اللوفر»، بخلاف رواياتى التى دخلت بها عالم الأدب وهم: «مذكرات فلتس، وسيرة الجوافة، وأيقونة الجسد».
ويُعد كتاب "أيقونة اللوفر" بمثابة فصل من سيرته الذاتية، أسترجع فيها ذكرياته بين القاهرة وباريس بما فى ذلك تأثره بهذة البيئة المثيرة ثقافيًا، والمختلفة تمامًا عن البيئة التى نشأ بها، فرأى ان هذة الرحلة تستحق أن توثق ليستفيد منها الأجيال الجديدة من الرسامين والمحبين للفن.
جوائز عالمية
حصد "بيكاسو مصر" جوائز عديدة، منها الجائزة العالمية الأولى فى الكاريكاتير فى روما فى عامى ١٩٨٥، و١٩٨٧، وأيضًا فى إيطاليا عام ١٩٩٢، وإسبانيا عام ١٩٩٠، بالاضافة إلى جائزة الملك عبدالله الثانى للإبداع والآداب والفنون.
مقتنيات "بهجورى"
له لوحات في متحف بوريلي مرسيليا بإيطاليا ، ولوحات في متحف اللوفر بجناح أجدادنا الفراعنة العظماء، وله أيضا رسومات بمتحف دميته، وله لوحات بمتحف الفن الحديث بالقاهرة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الفنان جورج بهجوري متحف اللوفر فن تشكيلي مرة أخرى
إقرأ أيضاً:
مظاهر العيدين في عُمان ودول الخليج
علي بن عبدالله اللواتي
"عيود... عيود... وأغاني العيد".. بهذا الهزيج الغنائي الشعبي يستقبل أطفال عُمان فرحة العيدين: الفطر والأضحى. دويُّ المدفع يهزّ المدينة بينما أطفالها يرقصون بسماع المدفع مهللين بفرحة العيد وابتهاجه.
خلال ليلة الرؤية، يجتمع أهل الأهلة فوق أسطح المساجد والبيوت العالية أو في الخلاء لتثبيت رؤية هلال العيد، فإذا ثبتت الرؤية بالنسبة لشهر شوال، يُطلق مدفع من قلعة الجلالي (الكوت) معلنًا ثبوت هلال شهر شوال وتوديع شهر رمضان الفضيل.
عادةً تكون الحلقة أو الهبطة هي باكورة إعداد مراسيم العيد، فمن غير هذه العادة الموروثة لا يمكنك أن تحسّ بمشاعر الفرحة أو تعيّد من غير أن تزور هبطة العيد، التي تُقام خصيصًا لشراء الأضحية لإعداد شواء العيد بعرض وبيع الحيوانات كالماعز والأغنام والأبقار والثيران، وهي عادة تراثية عُمانية أصيلة.
ومن العادات الحسنة أن يذهب الأولاد عند المُزيَّن (الحلاق) لتهذيب شعرهم حتى يكونوا في أجمل بهاء في أيام العيد.
ليلة العيد، تستعد ربات البيوت لتهيئة المنزل وترتيبه وتكنيسه، ويكنّ منشغلات في إعداد ضروريات العيد ومستلزماته من مائدة الإفطار، ومنها العُرسية (*) ولحم المشاكيك أو الهريس والفواكه، بالإضافة إلى ملابس الأسرة الجديدة التي عادةً ما تكون جاهزة ومبخرة للارتداء، وفي الغالب يكون لبس الرجال والأولاد موحدًا، بينما تلبس الحريم لباسهن التقليدي العُماني، كلٌّ حسب منطقته، وتتزين البنات والحريم من جميع الفئات العمرية أيديهن وأرجلهن بالحناء.
تبدأ مراسيم العيد في صبيحة بزوغ فجر أول يوم من شهر شوال، وهو أول أيام العيد، حيث يقوم المعيّد () بتجهيز ثوبه الجديد الذي أعدّه مسبقًا لهذه المناسبة، ويتحزم بخنجره () وعصا مُحنّاة (*)، ويتعطر من الطيب الزاهي كدهن العود وأنواع أخرى من الطيب، ويتمصّر وينتعل نعاله الجديدة ويتوجه مشيًا إلى مُصلّى العيد لأداء الصلاة وهو في كامل هندامه وفرحته، مصاحبًا أولاده معه.
وعادةً ما تكون صلاة العيد في الأماكن المفتوحة، وبعد الانتهاء منها تبدأ مظاهر الاحتفال بالعيدين، الفطر والأضحى، عند أهل الخليج جميعًا؛ حيث لا يمكنك ملاحظة الفروق في هذه العادات والتقاليد في أيام العيدين في جميع البيوت الخليجية، ما عدا بعض الاختلافات في الأعراف والتفاصيل والمسميات المحلية لهذا الموروث التراثي القديم.
بعد الانتهاء من صلاة العيد، تبدأ المصافحة والسلام على الحضور من أفراد المجتمع والآخرين تيمنًا بالسنة النبوية الشريفة، ثم يرجع الأهالي إلى منازلهم ليهيّؤوا أفراد الأسرة لاستقبال المعيّدين؛ حيث تستقبل مجالس البيوت الضيوف القادمين للتهنئة والمصافحة، ثم ينتشرون إلى ذويهم، ولكلٍّ برنامجه الخاص في كيفية التسليم على ذويه.
وتختلف المحافظات العُمانية في طقوس التسليم، فمنها محافظات يكون التسليم فيها عبر تقديم "الخشوم" واحتكاكها ببعضها البعض، بينما تختلف الأعراف في محافظات أخرى؛ حيث تكون بالمصافحة وإلصاق الخدود، وفي مناطق أخرى تتم المصافحة باليد فقط.
ثم يبدأ الإفطار الجماعي للأهل في جلسة عائلية كلها فرح ومسرات، وتوزيع العيديات، وهي عبارة عن مبالغ رمزية، وبعدها يتبادل أفراد كل أسرة التهاني والتبريكات بالعيد.
ويتم عادةً تسليم العيدية من الأب للأبناء والبنات الصغار، ومن الأولاد البالغين للأمهات، ثم الأطفال الذين ينتظرون بكل شوق ولهفة؛ حيث يُعتبر هذا العطاء أحد مظاهر العيد، من خلال مرور الأطفال على البيوت وأخذهم للعيدية.
وبعد الانتهاء من الإفطار الجماعي، يبدأ التزاور لبيوت الأرحام والأصدقاء المقرّبين لإلقاء تحية العيد والسلام، وكذلك لبعض الشخصيات المعروفة كالمشايخ والأعيان ووالي المنطقة، الذي يُعتبر من الشخصيات المهمة في الولاية، ويُعد هذا من الأعراف الاجتماعية وإحدى ضروريات مراسيم العيد.
تُقدَّم ضيافة العيد، وهي عبارة عن صحن كبير من "الفوالة"، وتشمل الفواكه بشتى أنواعها، تتصدرها الحلوى العُمانية المشهورة بجميع أصنافها وأذواقها، كونها من ضروريات فرحة العيد، مع القهوة بمذاق محلي ابتهاجًا بالعيد، بالإضافة إلى المكسرات وحلويات أخرى.
يمتد الحديث (الجلسة) بين المضيف وضيوفه عند الزيارة، وفي مقدمته التهنئة وعبارات المعايدة مثل: "مبروك عليك العيد"، "عساكم من عوّاده"، أو "كل عام وأنتم بخير".
بعد صلاة العصر، يتجمع أهل الحارة على شكل مجموعات وهم يجهزون اللحم أو الذبيحة ويبهرونه بشكل جيد، بينما الآخرون يجهزون التنور بحيث يكون على أهبة الاستعداد لدفن شواء اللحم في حفرة تُسمى (التنور)، وهي مليئة بخشب السدر، الذي يُعتبر من أجود أنواع الحطب والأنسب لإعداد لحم الشواء وتحويله فيما بعد إلى فحم.
يدخل "البزار" (خلطة البهارات) في تبزير اللحم، ويشمل مواد معروفة كالفلفل الأسود، والقرنفل، والقرفة، بالإضافة إلى ورق شجرة الموز كمادة أساسية في تغليف لحم الشواء، بينما يُغلف الآخرون لحم الشواء بورق شجرة البيذام (*) كمرحلة أخيرة، وهذا يعطي لحم الشواء مذاقًا ونكهة رائعة، ويحافظ على طراوة اللحم.
وتكون عادةً هذه الأوراق مشبعة بالماء قبل وضعها في التنور، ويُغطى التنور بغطاء ثقيل من الحديد، ويوارى بالرمل بسرعة تفوق سرعة الصوت حتى لا تتبخر حرارة الفحم.
وتقوم الحرارة الناتجة من الفحم بإنضاج اللحم، حيث تستغرق هذه العملية (إعداد لحم الشواء أو المشوي) قرابة 4 إلى 5 ساعات.
ويُستخرج هذا الشواء من التنور ثاني يوم العيد في بعض المحافظات، أما في مناطق أخرى فيكون استخراج الشواء في ثالث يوم العيد حسب الأعراف المتبعة، ويتم ذلك بعد صلاة الظهر ليكون معدًا لوليمة الغداء.
يخرج الناس بعد فترة العصر إلى الأماكن المفتوحة وهم بكامل بشاشتهم، مقلّدين أسلحتهم التقليدية كبنادق "الشوزن" () و"السكتون" ()، وسيوف وتروس، ويشاهدون ويشاركون في عروض تقليدية برقصات الفلكلور الشعبي المحلي كرقصة "الرزحة"، ومبارزة السيوف، وإطلاق الرصاص في الهواء، وسط إلقاء القصائد الشعرية من الشعر الشعبي أو النبطي. وفي ألوان متعددة تمثّل تراث كل منطقة وما تشتهر به من فنونها الشعبية، إرثًا تختص به تلك المحافظة، حيث تُشارك النسوة مع الرجال في أداء الرقصات والأهازيج الشعبية تعبيرًا عن فرحة العيد.
ومن عام إلى عام، تتجدد هذه المراسيم الاحتفالية كلما هلّ هلال هذين العيدين على الأمة الإسلامية.
*******
العرسية: مكوناتها رز ودجاج.
يتحزم: يربط الخنجر على خاصرة الرجل.
بيذام: مصطلح محلي وهو نوع من الأشجار المحلية الضخمة المعمرة.
مُحنّاة: يقصد به مدهونة بماده الحناء.
شوزن وسكتون: ويسمي محليًا طفق، وهما نوعان من السلاح الناري.