هل ثمة أهداف اقتصادية أمريكية وراء الميناء المؤقت في غزة؟
تاريخ النشر: 14th, March 2024 GMT
غزة – لا يهدأ الحديث عن أهداف أمريكية خفية وراء قرارها إنشاء ميناء بحري عائم على سواحل غزة، رغم ادعاء واشنطن أن الميناء سيكون مؤقتا ويهدف لإدخال المساعدات إلى القطاع الذي يعاني المجاعة نتيجة حرب إسرائيلية مدمرة غير مسبوقة.
مردّ ذلك يعود إلى وجود أكثر من 8 معابر مع قطاع غزة، واحد مع مصر وآخر مباشر للقطاع من البحر المتوسط (ميناء غزة)، والبقية مع إسرائيل، وبإمكانها مجتمعة إيصال المساعدات إلى سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من 2.
وحتى اليوم لا يمكن استيعاب فكرة إيصال المساعدات عبر إسقاطها جوا من الطائرات العسكرية، مع وجود هذه المعابر البرية والبحرية، فإن الميناء العائم يذكي تساؤلات أكثر حول أهداف أخرى بعيدة عن إيصال المساعدات.
وفي خطاب “حالة الاتحاد” في 8 مارس/ آذار الجاري، أعلن الرئيس جو بايدن، أنه أصدر تعليماته للجيش بإنشاء ميناء مؤقت قرب ساحل غزة، مبينًا أن المزيد من المساعدات ستدخل إلى غزة بحرا عبر الميناء دون أن تطأ أقدام الجنود الأمريكيين أرض القطاع.
وفي نفس اليوم، أعلن رئيس قبرص الرومية نيكوس خريستودوليدس، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، اقتراب فتح ممر بحري لنقل المساعدات الإنسانية إلى غزة.
والأربعاء، أعلن الجيش الأمريكي، توجّه عدد من سفنه إلى غزة لإنشاء ميناء “مؤقت” يسمح بتسلم مساعدات إنسانية للقطاع الذي تحاصره إسرائيل.
وجراء الحرب وقيود إسرائيلية، بات سكان غزة ولا سيما محافظتي غزة والشمال يعانون مجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني فلسطيني من سكان القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عاما.
وبعيدا عن الأهداف السياسية، توجد نقاط اقتصادية يُعتقد أنها قد تكون ضمن الأهداف التي دفعت واشنطن للانخراط في فكرة إنشاء هذا الممر البحري والرصيف البحري في غزة، أهمها موارد الغاز الطبيعي وطرق التجارة الدولية بالمنطقة.
** هل هو الغاز؟
منذ 2012، ازداد الاهتمام في منطقة شرق المتوسط، باكتشافات كبيرة للغاز الطبيعي من قبل إسرائيل، التي وصلت مرحلة اكتفاء بسبب حقول الغاز في البحر المتوسط.
لدى إسرائيل على البحر المتوسط، 5 حقول للغاز، هي: حقل ليفياثان وهو الأكبر، وحقل تمار، وحقل دليت، وحقل كاريش، وحقل نميم.
بينما تملك مصر عدة حقول للغاز جعلتها تكتفي ذاتيا حتى منتصف 2023، أكبرها حقل ظهر الذي ينتج يوميا 2.4 مليار قدم مكعبة يوميا وأكثر من 3700 برميل من المكثفات.
بينما يملك الفلسطينيون حقل غزة مارين (بدون صلاحية استخدام) المكتشف نهاية تسعينات القرن الماضي؛ ويقدر الاحتياطي في الحقل بـ1.1 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، أي 32 مليار متر مكعب.
في يونيو/حزيران 2023، وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بتنفيذ مشروع تطوير حقل غزة مارين “في إطار الخطوات الجارية بين إسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية، والخاصة بالتركيز على تنمية الاقتصاد الفلسطيني”، بحسب بيان حينها لمكتب نتنياهو.
أمام كل هذه الثروات، يكون الوجود الأمريكي من وجهة نظهرها مبررا في شرق المتوسط، خاصة مع دخول لبنان على الخط، بعد اتفاق ترسيم حدود مع إسرائيل.
والولايات المتحدة اليوم، تتنافس مع قطر وأستراليا على لقب أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، فبحسب بيانات شركة مجموعة بورصات لندن (إل إس إي جي) بلغت صادرات الولايات المتحدة من الغاز المسال 88.9 مليون طن متري في 2023.
ويعد ملف الطاقة، والغاز الطبيعي تحديدا، أحد أبرز عناصر القوة للاقتصادات المتقدمة والنامية، وظهر أهميته أكثر مع الحرب الروسية الأوكرانية ومعاناة دول الاتحاد الأوروبي من أزمة إمدادات للغاز.
** الممرات التجارية
السيناريو الاقتصادي الآخر للوجود الأمريكي في شرق المتوسط، يتمثل في تأمين أحد أبرز الممرات التجارية المرتقبة، والذي أعلن عنه في قمة مجموعة العشرين بالهند العام الماضي.
وفي 10 سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت السعودية، والولايات المتحدة، والهند، والإمارات، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، والاتحاد الأوروبي، توقيع مذكرة تفاهم بشأن مشروع إنشاء ممر اقتصادي جديد يربط الهند والشرق الأوسط وأوروبا.
الممر المرتقب والذي يعبر إسرائيل، سيكون منافسا لطريق الحزام والطريق الصيني، وهو هدف أمريكي لإضعافه عبر إيجاد طرق تجارية بين أسواق الشرق والغرب.
وستكون منطقة البحر المتوسط، نقطة النقل البحري للسلع من الشرق إلى الغرب، ما يعني أن الوجود الأمريكي سيكون مبررا لها، ضمن صراعها مع الصين.
الأناضول
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: البحر المتوسط
إقرأ أيضاً:
بعد ضغوط واشنطن.. توقعات بموافقة إسرائيل على اتفاقية الغاز الضخمة مع مصر
مصر – أفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية إن الأيام المقبلة تحمل قرارات مصيرية لمستقبل قطاع الطاقة في إسرائيل.
وكشفت الصحيفة العبرية أن وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين، الذي كان قد رفض في الأسابيع الأخيرة الموافقة على صفقة تصدير الغاز إلى مصر، من المتوقع أن يعلن قريبًا عن إقرارها، وذلك قبيل مناقشة الحكومة لمشروع قانون الميزانية لعام 2026 والتصويت عليه.
وأضافت الصحيفة أن الحكومة ستناقش اليوم الخميس مقترح وزارة المالية لتقييد تصدير الغاز الطبيعي من إسرائيل، في إطار سعيها إلى الحفاظ على الأمن الطاقي المحلي، إذ يُنتج نحو 70% من الكهرباء في البلاد من الغاز.
ولفتت إلى أن هذه المناقشات تأتي بالتوازي مع توقعات بإعلان كوهين موافقته على صفقة الغاز مع مصر، والتي تُقدّر قيمتها بنحو 35 مليار دولار، وتلزم إسرائيل بتصدير كميات محددة من الغاز حتى عام 2040.
وأشارت “يديعوت أحرونوت” إلى أن لجنة الغاز برئاسة يوسي دايان، مدير عام وزارة الطاقة، بصدد إصدار توصياتها بشأن كمية الغاز التي ستصدرها إسرائيل مقارنة بتلك المخصصة للاستخدام المحلي. وتابعت أن هذه القضية تضع الحكومة أمام معضلة استراتيجية: هل تحتفظ إسرائيل بغازها لضمان أسعار كهرباء منخفضة وأمن طاقي مستقبلي، أم تستخدمه كأداة سياسية واقتصادية لتعزيز علاقاتها مع دول الجوار مثل مصر والأردن؟
وأوضحت الصحيفة العبرية أن تصدير الغاز إلى مصر والأردن يحمل أهمية جيوسياسية كبيرة، ويدرّ على الخزينة إيرادات ضخمة من الضرائب والرسوم، لكن كل وحدة غاز تُصدّر تعني وحدة لا تُستخدم داخليًا، ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الكهرباء على المواطنين. ومن هذا المنطلق، تقرر عقد لجنة وزارية كل خمس سنوات لتحديد سياسة الغاز للأعوام القادمة.
وأضافت أن اللجنة نشرت في وقت سابق مسودة توصيات أثارت جدلًا واسعًا داخل الحكومة، حتى إن وزارة المالية ووزارة حماية البيئة – العضوين في اللجنة – أصدرا ردًا علنيًا يطالب بزيادة كمية الغاز المخصصة للاستهلاك المحلي، وتعزيز المنافسة بين منتجي الغاز، وزيادة الشفافية في منح تصاريح التصدير. وبعد جولة استماع للجمهور وأصحاب المصلحة، لم تصدر اللجنة بعد قرارها النهائي.
وأشارت “يديعوت” إلى أن التقارير كشفت سابقًا أن وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت ألغى زيارته المقررة لإسرائيل بسبب رفض كوهين إقرار الصفقة مع مصر، ما لم تُضمن مصالح إسرائيل، خصوصًا فيما يتعلق بأسعار الغاز المقدمة للسوق المحلي. وشدد كوهين على ضرورة بقاء أسعار الغاز في السوق الإسرائيلية “جذابة”.
وأفادت الصحيفة العبرية أن كوهين، بعد ضغوط شديدة من الإدارة الأمريكية التي تدعم بقوة شركات النفط والغاز، يعتزم الآن الموافقة على الصفقة، آملًا أن يُسجّل اسمه كمن حقق اختراقًا سياسيًا وأمنيًا كبيرًا، عبر جعل مصر معتمدة على إسرائيل في مجال الطاقة، شرط أن تحفظ إسرائيل مصالحها الاقتصادية والدفاعية.
ونقلت الصحيفة عن لينور دويتش، المديرة التنفيذية لـ “لوبي 99″، قولها: “لا نعارض تصدير الغاز من حيث المبدأ، لكن السؤال هو: كم؟” موضحة أن احتياطيات الغاز في إسرائيل، وخصوصًا في حقول “لوויتان” و”تامار”، تكفي لتغطية الطلب المحلي لـ 15–25 سنة وفق أفضل التقديرات الجيولوجية، مضيفة أن كبار الخبراء، وعلى رأسهم يوسي لانغتسكي، مؤسس اكتشافات الغاز في إسرائيل، يؤكدون أنه لا توجد اكتشافات قادمة ذات حجم كبير.
وحذّرت دويتش من مغبّة اتخاذ قرار خاطئ، قائلة: “عندما ينفد الغاز، سنضطر للاستيراد من دول مثل قطر وإيران وروسيا. هل نرغب حقا بالاعتماد عليهم؟ وماذا لو قررت هذه الدول، في ظل نزاعات مستقبلية، وقف الإمدادات عنا؟ حينها سنضطر لدفع أي سعر يُطلب منا. تكلفة الخطأ في التصدير الزائد باهظة جدًا، وتشكل خطرًا وجوديًا على أمننا الطاقي”.
وأشارت الصحيفة إلى أن كوهين سيُعلن عن إقرار الصفقة مع مصر على الأرجح لحظة قبل التصويت على قانون الميزانية، فيما يتوقع في السوق أن يُرافق هذا الإعلان التزام أصحاب الحقول ببيع الغاز لشركة الكهرباء بأسعار منخفضة ومتفق عليها مسبقًا.
وأضافت “يديعوت أحرونوت” أن اقتراح وزارة المالية في ميزانية 2026 يتضمن تقييد تصدير الغاز عبر عدة آليات، منها: الاحتفاظ بنسبة 15% من الطلب المحلي في باطن الأرض، وإلزام الشركاء في الحقول ببيع حصصهم بشكل منفصل لتعزيز المنافسة، ومنع التصدير عند ارتفاع أسعار الغاز في السوق العالمي. لكن هذا المقترح لا يزال موضع خلاف، إذ يهدد إيرادات الدولة السنوية من صندوق الثروة الذي يمول بمئات ملايين الدولارات من ضرائب الغاز، ويواجه معارضة شديدة من شركات الطاقة، ولا يزال مصيره معلقًا بدعم الحكومة.
المصدر : يديعوت أحرونوت