جامع سليمية: شاهد على عبقرية معمار سنان وأسرار القبة العملاقة
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
ويتحدى الزمن شامخا منذ أكثر من أربعة قرون، يحتفظ جامع سليمية التركي في ولاية أدرنة، بالاهتمام المتواصل من قبل الزائرين، ويعد تحفة العمارة العثمانية ومحط أنظار الجميع بخصائصه المعمارية الفريدة.
جامع سليمية وصفه المعمار سنان (1489 – 1588م) بأنه تحفة فنية وهو المعماري الذي أشرف على إنشائه، يتلألأ كالعقد الذي يزين مشهد مدينة أدرنة (غرب) بهندسته المعمارية وروعته.
وأدرجت منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم والفنون (اليونسكو) جامع سليمية على قائمة التراث الثقافي في 2011، وكان أول مسجد يتم إدراجه في القائمة المذكورة، وقد اكتسب شهرة عالمية أكبر بعد الإدراج ليصبح محط أنظار الجميع بخصائصه المعمارية الفريدة.
ومن الخصائص المعمارية التي تميز الجامع عن غيره، قبته العملاقة التي أنشأت كقبة وحيدة دون الارتكاز على أي نصف قبة تدهش المهتمين، ومن يجرون دراسات حول المعمار والهندسة، بارتفاعها البالغ 43 متراً وبقطرها البالغ 32 مترا.
*اهتمام بطراز العمارة
ولجامع سليمية أربع مآذن رفيعة على شكل قلم لكل مأذنة ثلاث شرفات، ارتفاع كل منها 85 متراً، كما يبهر المسجد زواره بجمال باحته ذات الرواق والخزف الملون.
الجامع الذي يراه القادمون إلى المدينة لأول مرة مسجدا صغيرا، يبهر العين بحجمه وروعته كلما اقتربوا منه، ويمثل المبنى الذي شيده بأمر السلطان العثماني سليم، ذروة إتقان المعمار سنان.
المعماري سنان، أشهر معماري الدولة العثمانية، أنشأ الجامع بتكليف من السلطان العثماني سليم الثاني عام 1568، حيث شيده على تلة مرتفعة تطل على كل أرجاء المدينة، واستغرق إنشاءه 7 سنوات وافتتح للعبادة عام 1575 إلا أن السلطان سليم الثاني توفي قبل إتمام البناء بفترة قصيرة.
*تاريخ هام
عن الجامع تحدث المدير العام لوقف مسجد سنان وسلمية والمحاضر في جامعة تراكيا (حكومية)، المهندس المعماري محمد علي أسمر، قال عن الجامع أنه بالإضافة إلى كونه مكانا للعبادة عندما تم بناؤه، كان أيضا بمثابة مركز تعليمي ومكان للاجتماع حيث تمت مناقشة مشاكل المدينة.
وأشار إلى أن المباني العامة في تلك الفترة كانت تستخدم لأغراض عديدة، مبينا بالقول إذا نظرنا إلى سليمية من هذا المنظور، فهو أكبر منطقة تجمع وهو نموذج لدول الأتراك الخمس العظيمة ولأمة واحدة عظيمة.
ويعتبر الجامع بمثابة نقطة النهاية لمغامرة بدأت مع القره خانيين، ويبلغ عمره حوالي 5.5 قرون، وبهذا الصدد جامع سليمية يعتبر قصة مهمة جدا للتاريخ التركي،ة وفق أسمر.
وذكر أسمر أن المنابر التي تظهر في زوايا الجامع كانت تستخدم كمنابر علمية عند بناء الجامع، وأن المنابر في الجامعات جاءت من هنا، كما يتمتع بإطلالة تخلق تصورا لمساحة واحدة، فهو المسجد ذو القبة الأكبر.
وبينما كان المعمار سنان يفعل ذلك، بالطبع أجرى حسابات رياضية رائعة، وعمل بشكل علمي للغاية، وصنع الحسابات الصوتية، وقام بتحليل كل شيء بدء من التهوية وحتى حسابات الزلازل بشكل مثالي، حيث حل كل مشكلة بهيكل الجامع، وفق المهندس التركي.
*نسب بناء متقنة
المصدر: تركيا الآن
إقرأ أيضاً:
ملتقى الجامع الأزهر يناقش إعجاز قصة يونس ودروس النجاة من الشدائد
شهد الجامع الأزهر انعقاد ملتقى التفسير ووجوه الإعجاز القرآني الأسبوعي، وجاءت ندوة هذا الأسبوع بعنوان: «مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن قصة سيدنا يونس عليه السلام»، بحضور كل من الدكتور عبد الشافي الشيخ أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر، والدكتور مصطفى إبراهيم الأستاذ بكلية العلوم، وأدار اللقاء الدكتور رضا عبد السلام، رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق.
استهل الدكتور عبد الشافي الشيخ حديثه بالإشارة إلى وصية سيدنا إبراهيم عليه السلام في رحلة الإسراء والمعراج، حين قال للنبي محمد صلى الله عليه وسلم: «أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر».
وأوضح أن هذه الكلمات ليست مجرد أذكار، بل هي غراس الجنة، ووسيلة لحماية المؤمن في الدنيا، لما تحمله من أجر وثواب عظيمين.
وتناول فضيلته المعنى البليغ في قول الله تعالى: «فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون»، مبينًا أن ذكر يونس عليه السلام وتسبيحه الدائم في أوقات الرخاء كان السبب في نجاته وقت الشدة، فحوّل الله له البحر والحوت من أدوات للهلاك إلى أسباب للإنقاذ، مؤكداً أن التسبيح والذكر المستمر هما زاد المؤمن في مواجهة الأزمات.
أما الدكتور مصطفى إبراهيم، فتناول جانب الإعجاز العلمي في القصة، موضحًا أن التقام الحوت ليونس عليه السلام كان أمراً يسيراً مقارنة بحجمه الهائل، وأن الله أعدّ بطن الحوت لتكون مأوى آمناً لنبيه حتى يناديه قائلاً: «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين»، فيستجيب الله له في الظلمات الثلاث: ظلمة بطن الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل.
وأشار إلى أن قوله تعالى: «فنبذناه بالعراء وهو سقيم وأنبتنا عليه شجرة من يقطين»، يكشف عن إعجاز علمي وطبي، إذ يتميز نبات اليقطين بخصائص غذائية وعلاجية فريدة تساعد على التئام الجلد وتقوية المناعة، إضافة إلى احتوائه على الماء والفيتامينات المفيدة، مما جعله أنسب غذاء ليونس بعد خروجه ضعيفًا من بطن الحوت.
وقد أثبتت الدراسات الحديثة هذه الفوائد، مؤكدةً أن اليقطين يجمع بين كونه طعامًا ودواءً.
واختتم الدكتور مصطفى حديثه بالإشارة إلى أن الله أرسل يونس بعد شفائه إلى قومه الذين بلغ عددهم نحو مائة ألف أو يزيدون، فآمنوا به جميعًا، لتكون قصته نموذجًا خالدًا للرجوع إلى الله في الرخاء قبل الشدة.
يُذكر أن ملتقى التفسير ووجوه الإعجاز القرآني يُعقد أسبوعيًّا في رحاب الجامع الأزهر، برعاية الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وبتوجيهات من وكيل الأزهر الدكتور محمد الضويني، بهدف إبراز معاني الإعجاز العلمي والبياني في كتاب الله الكريم بمشاركة نخبة من العلماء والمتخصصين.