حزب الله يربط الاستحقاقات بالجنوب واستنزاف لبنان مستمر؟
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
كتب ابراهيم حيدر في" النهار": حتى الآن لا مؤشرات توحي بأن "الخماسية" تمتلك قوة ضغط موحدة قادرة وروافع جديدة للدفع نحو تغيير الواقع اللبناني وانجاز الاستحقاقات، ذلك أن التصورات المتداولة حول الملفات الخلافية، لم تغيّر من الاصطفافات القائمة في ظل المواجهات على الحدود بين "حزب الله" واسرائيل وانسداد الأفق حول امكان تهدئة الجبهة والفصل بين لبنان وغزة.
                
      
				
في تحرك "الخماسية" لا يمكن الفصل بين انجاز الاستحقاقات وبين التهدئة على جبهة الجنوب. الأمر مرتبط في شكل رئيسي بـ"حزب الله" وهي نقطة أساسية تحاصر اي تقدم في المشاروات لانتاج تسوية جديدة أو اقله التفاهم على تصورات سياسية لإخراج لبنان من أزمته، ومواجهة أي تدهور للأوضاع الجنوبية بحرب إسرائيلية واسعة أو بعمليات تدميرية تستمر في استنزاف لبنان. وتظهر المشكلة وفق المصدر الديبلوماسي أن الحزب غير مستعد للبحث في التسوية قبل وقف اطلاق النار في غزة أو الهدنة، وبالتالي يربط أي تقدم في الاستحقاقات الداخلية بالتطورات على جبهة الجنوب، وذلك على الرغم من إعلانه أنه لا يسعى إلى حرب واسعة وحصر معركته في إسناد غزة على الرغم من الاستنزاف الكبير للبنان.
لكن الوصول إلى بلورة مسار سياسي واضح للتسوية الداخلية لا يزال بعيداً، وسط استمرار الخطر من احتمال توسع الحرب الإسرائيلية، إذ أن "حزب الله" يتعامل مع الامر وكأنه يمكن إذا توقفت الحرب في غزة، العودة إلى المعادلات السابقة، ولهذا السبب يعتبر أن التهديدات الإسرائيلية هي مجرد تهويل، وأن المقاومة قادرة على الحاق الهزيمة بالاحتلال. فيستمر بربط جبهة الجنوب بغزة، ويرفض الاتفاق جنوباً، مستسهلاً أنه يمكن العودة إلى المرحلة السابقة، فيما الحرب الإسرائيلية التي تكسر قواعد الاشتباك تدمر قرى الجنوب. وهذه الوجهة جدد إعلانها الأمين العام للحزب حسن نصرالله أخيراً بالتأكيد على أن عمل المقاومة في لبنان وكل جبهاتها سيستمر، داعياً الولايات المتحدة الأميركية إلى الضغط على اسرائيل لوقف الحرب.
لكن ما لم يتطرق إليه نصرالله ويعقد مسار التسوية هو الاستنزاف الذي يلحق بلبنان ايضاً. إذ أن إسرائيل كسرت قواعد الاشتباك ووسعت عملياتها حتى باتت السيادة اللبنانية كلها مستباحة، وتسعى للمنطقة العازلة، وهي مؤشرات لحرب كبرى، بعد فرض أمر واقع على الأرض، لا يزال الأمين العام لـ"حزب الله" يرى فيه تهويلاً وهروباً إسرائيلياً من الاعتراف بالخسائر التي يتكبدها، بينما تسعى إسرائيل إلى إطالة أمد عملياتها.
المفارقة في ضوء تحرك الخماسية، ان نصرالله لم يجب عن التساؤلات اللبنانية عن أفق المعركة وطريقة إدارتها في ظل التصعيد الإسرائيلي وتوسيع حربه، وليس عما فعلته المقاومة في إسناد غزة. فإسرائيل التي نشرت 100 الف جندي على جبهة استمرت في حربها على غزة، وهي تهدد باجتياح رفح رغم مفاوضات الهدنة، إذ لا يفيد الكلام عن "عضّ الاصابع والغلبة والنصر هو لمن يتحمل" بل في النظر إلى ما يمكن فعله لوقف الاستنزاف طالما أن إسرائيل تواصل الاستهدافات والاغتيالات والضربات في العمق، وترفض العودة إلى المعادلات السابقة قبل "طوفان الأقصى".
يستبعد المصدر الديبلوماسي أن تحقق جولة "الخماسية" الجديدة انجازات أو تخرق الاستعصاءات القائمة حول الملف الرئاسي والتسوية، لكن تحركها يعتبر مؤشراً إيجابياً إلى استمرار الاهتمام الدولي بلبنان، وان كانت حسابات الدول وغاياتها متفاوتة أو مختلفة، ولذا يعتبر أن تلقف هذه المبادرة مسالة مهمة ويجب أن تكون أولوية خصوصاً من "حزب الله"، إذا كان يريد فعلاً سحب الذرائع أمام تهديدات الاحتلال الإسرائيلي بالحرب واستمراره باستباحة السيادة اللبنانية.
عمليات إسرائيل تتوسع يوماً بعد يوم عبر التصعيد المتمادي لمنع الأهالي من العودة إلى منازلهم، وهو ما يعني إطالة أمد الحرب واستنزاف لبنان ما يستدعي تلقف المبادرات الدولية إن كان في تحرك الخماسية أو من خلال الوساطات حول الجنوب لوقف استنزف لبنان، فانخراط "حزب الله" في التسوية وفصل حساباته الإقليمية، يحتاج إلى إعادة صوغ سياسات لبنانية تقدم مصلحة البلد أولاً وأخيراً وتجنب لبنان استنزافاً طويل الامد يفاقم أزماته ويمنع استعادة توازنه. لكن ما يحدث الآن لا يُبشر بالخروج من المأزق.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: العودة إلى حزب الله فی غزة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تقتل قادة جنوب لبنان
أعلن الجيش الإسرائيلي السبت، القضاء على عنصر من “حزب الله” في بلدة كونين جنوبي لبنان. وذكر الجيش في بيانه أن القتيل إبراهيم محمد رسلان كان يشغل منصب ضابط صيانة في الحزب، وشارك في محاولات إعادة بناء بنى تحتية للحزب تشكل تهديدًا على إسرائيل ومواطنيها. وأكد الجيش أنه سيواصل العمل لإزالة أي تهديد على البلاد.
وردًّا على ذلك، أصدر الرئيس اللبناني جوزاف عون تعليمات لقائد الجيش بالتصدي لأي توغل إسرائيلي في الأراضي الجنوبية، مؤكّدًا أن أي اعتداء على السيادة الوطنية يُعد انتهاكًا مستمرًا للاتفاقيات بين لبنان وإسرائيل. وأشار عون إلى حادثة سابقة في بلدة بليدا، أسفرت عن استشهاد موظف أثناء أداء عمله، واعتبرها جزءًا من سلسلة الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة.
يذكر أن اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024، لكن إسرائيل لم تلتزم بانسحابها الكامل من المناطق المحتلة جنوبي لبنان، واستمرت في تنفيذ ضربات جوية على مناطق متفرقة، مبررة ذلك بحماية مستوطنات الشمال، فيما يرفض لبنان هذه الاعتداءات ويطالب بوقفها فورًا.