يسكن منطقة الشرق الأوسط نحو 480 مليون فرد، وتشير دراسة إلى أن إنتاج الفرد الواحد من "النفايات الصلبة المحلية" (أو القمامة بالمصطلح الدارج) يصل إلى كيلوغرام يوميا.

ومع النمو السكاني المتوقع خلال العقود القليلة المقبلة، قد تصل كمية النفايات الصلبة المحلية التي ينتجها مجموع سكان المنطقة إلى نحو 580 طنا في اليوم الواحد بحلول العام 2030.

ورغبةً في نشر ثقافة إعادة التدوير والحد من الاستهلاك الذي يؤدي إلى زيادة معاناة البيئة، يحتفل سكان العالم سنويا في الـ18 من شهر مارس/آذار باليوم العالمي لإعادة التدوير.

فكرة غير جديدة

إعادة التدوير فكرة موجودة منذ الأزل، ويمكن تتبعها وصولا إلى الحضارة المصرية القديمة. فقد ذكرت موسوعة المصريات الخاصة بجامعة "كاليفورنيا لوس أنجلوس"، أن المجتمع المصري -وغيره من المجتمعات القديمة- عانى شُحا في الموارد نظرا لصعوبة الحصول عليها، الأمر الذي دفع المصريين القدماء إلى إعادة استخدام ما يمتلكونه من مواد لا التخلص منها عند تلفها.

حرص المصريون القدماء على استغلال أحجار البناء بإعادة تدويره واستخدامه (شترستوك)

وتُمثل مواد البناء من الأحجار العنصر الأهم الذي حرص المصريون القدماء على إعادة تدويره واستخدامه، ولم يقتصر هذا السلوك على الملوك فقط وإنما التزم به أفراد الشعب أيضا.

ويشير مصدر إلى أن اليابانيين أول من أعادوا تدوير الورق، ويعود تاريخ ذلك إلى العام 1031 ميلادية.

منافع ضرورية

ظهر مصطلح إعادة التدوير أول مرة في العام 1924، وكان يختص بوصف بعض الصناعات مثل تكرير النفط، ثم بدأ المصطلح في الانتشار بالمعنى المتعارف عليه الآن مع حلول العام 1960.

ولإعادة التدوير منافع عدة، تتضمن الحفاظ على ما تبقى من الموارد الطبيعية غير المتجددة، والتكيف مع التغيرات المناخية، فقد أشارت بيانات وكالة حماية البيئة الأميركية إلى أن إعادة تدوير النفايات الصلبة أسهم في حماية غلافنا الجوي من 193 مليون طن متري من غاز ثاني أكسيد الكربون (الطن المتري يعادل ألف كيلوغرام).

إعادة تدوير النفايات الصلبة يسهم في حماية غلافنا الجوي من غاز ثاني أكسيد الكربون (الجزيرة)

ولا ينبغي نسيان أن إعادة تدوير ما نمتلك من مواد يحمي البيئة البرية والبحرية من التلوث الذي يسببه إنتاج ملايين الأطنان من النفايات.

وإضافة لما سبق، يرتبط تطبيق إعادة التدوير بظهور ما يُعرف بالاقتصاد الدائري، وهو نموذج يتضمن مشاركة المواد والمنتجات وتأجيرها وإعادة استخدامها وإصلاحها، وذلك لزيادة عمرها الافتراضي لأطول فترة ممكنة، الأمر الذي يحد من كمية النفايات التي تنتجها الدول.

مبادرات متنوعة

ظهر في الدول العربية عدد من المبادرات الشبابية الهادفة إلى دعم إعادة التدوير والحفاظ على البيئة، منها "تايل غرين" المصرية التي تهدف إلى جمع النفايات البلاستيكية من أجل تحويلها إلى "بلاط" يمكن استخدامه في رَصف الطرق.

وفي الإمارات تأسست شركة "دي غريد"، وهي شركة معنية بإنتاج الملابس عبر استغلال الزجاجات البلاستيكية.

وإلى جانب مبادرات القطاع الخاص نجد عددا من المبادرات التي تبنتها حكومات دول الشرق الأوسط، ومنها على سبيل المثال "مصنع سندوب لتدوير المخلفات البيئية"، وهو مصنع مصري يمتد على مساحة 20 فدانا، ويُعَد الأكبر من نوعه في المنطقة.

وفي مدينة الشارقة الإماراتية، أنشأت الحكومة محطة كبرى من أجل تحويل النفايات إلى طاقة خلال العام 2022.

مشكلات كبرى

وأشارت الدراسة التي نُشرت في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2022 إلى أن مصر تتصدر دول المنطقة في إنتاج النفايات بمعدل يصل إلى 29 مليون طن في السنة الواحدة، ويعود ذلك الأمر في الأساس إلى زيادة عدد السكان المستمر، وهو أحد أهم العوامل المؤثرة في كمية النفايات التي تنتجها الدول.

ومع ذلك، نجد أن الدول ذات الاقتصادات القوية مثل دول الخليج العربي، تنتج رغم انخفاض عدد سكانها أكبر كمية من النفايات في المنطقة. فعلى سبيل المثال نجد أن السعودية تنتج نفايات سنوية تتخطى العراق والجزائر.

وتوضح دراسة أخرى أن أسباب مشكلة زيادة إنتاج النفايات في المنطقة تعود إلى عوامل عدة، منها سوء التخطيط، وغياب القوانين التي تنظم عملية التخلص من النفايات الصلبة.

بعض الدول العربية تتصدر قائمة مهدري الطعام حول العالم (رويترز) السلوك الفردي

نشرت منصة "زا إيكونومست" تقريرا في العام 2019 عن معدل إهدار الطعام في 25 دولة تمثل ثلثي عدد سكان العالم، وتصدرت القائمة السعودية حيث يهدر المواطن الواحد فيها نحو 427 كيلوغرامًا من الغذاء سنويا. وجاءت الإمارات في المركز الرابع، حيث يُهدر المواطن الواحد فيها 196 كيلوغراما من الغذاء سنويا.

ويشير تقرير نشره برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى ضرورة إصدار سياسات تحد من إنتاج النفايات في دول العالم، إلى جانب الحرص على حملات توعية تؤثر في السلوك الجمعي للمواطنين وتدعم الاستهلاك المستدام.

إن تجنب هدر الموارد المختلفة والسعي إلى إعادة تدويرها باستمرار، لهو أمر شديد الأهمية في وطننا العربي، من أجل حُسن استغلال هذه الموارد التي تنخفض كميتها مع مرور الوقت، والحفاظ على البيئة من التلوث الذي قد يضر بمستقبل بلادنا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات النفایات الصلبة إعادة التدویر إعادة تدویر إلى أن

إقرأ أيضاً:

السويد تعيد رسم خريطة مساعداتها.. وقف تدريجي لدعم 5 دول ومليارات لإعادة إعمار أوكرانيا

 أعلنت الحكومة السويدية، اليوم الجمعة، عن قرار تدريجي بوقف المساعدات التنموية المقدمة إلى خمس دول خلال الأعوام المقبلة، على أن تُوجَّه هذه الأموال بشكل أساسي لدعم أوكرانيا التي باتت تتصدر أجندة السياسة الخارجية في ستوكهولم.

وقال وزير التعاون الإنمائي الدولي والتجارة الخارجية بنيامين دوسا إن بلاده ستبدأ خلال الفترة القادمة في إلغاء المساعدات الموجهة إلى زيمبابوي وتنزانيا وموزامبيق وليبيريا وبوليفيا، ضمن مراجعة واسعة لهيكل الإنفاق التنموي. 

مصير كل خائن.. بيان ناري من الداخلية في غزة بشأن مقتل أبو الشبابرئيس أركان جيش الاحتلال يدعو لتشكيل لجنة تحقيق رسمية في أحداث 7 أكتوبر

وأكد أن “أوكرانيا تمثل اليوم الأولوية القصوى في السياسة الخارجية والمساعدات السويدية”، مشيرًا إلى أن الحكومة تستهدف رفع حجم الدعم المخصص لكييف إلى ما لا يقل عن 10 مليارات كرونة سويدية (نحو 1.06 مليار دولار) في عام 2026.

وأضاف دوسا، في تصريحات لافتة، أن “الموارد ليست غير محدودة، ولا توجد آلة سرية لطباعة الأموال، وبالتالي فإن أي زيادة في الدعم لجهة معينة تتطلب إعادة توجيه من جهات أخرى”.

 إعادة إعمار أوكرانيا

وبحسب الحكومة، فإن وقف المساعدات لتلك الدول الخمس سيتيح توفير أكثر من ملياري كرونة سويدية خلال العامين المقبلين، ستُحوّل مباشرة إلى أوكرانيا. 

ومن المنتظر أن تُستخدم هذه الأموال في مشروعات حيوية لإعادة بناء البنية التحتية للطاقة التي تضررت بشدة جراء الحرب، إضافة إلى دعم القطاعات المدنية الأكثر تضررًا.

سياسة متشددة في إعادة ترتيب أولويات المساعدات

ويأتي هذا القرار في سياق تحولات واسعة تنفذها الحكومة منذ تولّيها السلطة في عام 2022، حيث سبق أن خفّضت السويد المساعدات لأكثر من عشر دول، من بينها بوركينا فاسو ومالي. 

وتقول ستوكهولم إن رؤيتها الجديدة قائمة على “تكثيف الدعم للدول ذات الأولوية المباشرة للمصالح السويدية والأمن الأوروبي”.

مراجعة شاملة لميزانية المساعدات

وتعد السويد واحدة من أكبر المانحين العالميين للمساعدات الإنسانية والتنموية، بميزانية بلغت 56 مليار كرونة سنويًا خلال السنوات الثلاث الماضية. 

غير أن الحكومة أعلنت مؤخرًا عن نيتها خفض الميزانية إلى 53 مليار كرونة سنويًا بين عامي 2026 و2028، في إطار ما وصفته بـ“إعادة ترتيب الإنفاق بما يراعي الاحتياجات الاستراتيجية”.

وتشمل عملية إعادة الهيكلة تخصيص جزء من هذه الموارد لتغطية تكاليف تتعلق بالهجرة وإعادة المهاجرين إلى أوطانهم، وهو ملف أصبح يشغل حيزًا أكبر في الأجندة الداخلية السويدية خلال الفترة الأخيرة.

 دلالات القرار

يرى مراقبون أن التوجه السويدي يعكس مقاربة جديدة للمساعدات الدولية تقوم على ربط التمويل بالأولويات الجيوسياسية المباشرة، بدلًا من التوزيع الواسع التقليدي. كما يشير التحول إلى تصاعد التأثير الذي تلعبه الحرب في أوكرانيا على المنظومة السياسية والاقتصادية في أوروبا، بما في ذلك إعادة توجيه موارد الدول الإسكندنافية نفسها.

وبهذا القرار، تواصل السويد الابتعاد تدريجيًا عن نموذج “المانح الإنساني الشامل” لصالح نموذج أكثر انتقائية يركّز على دعم الشركاء الاستراتيجيين، وفي مقدمتهم أوكرانيا، بينما تتراجع حصة الدول الإفريقية وأمريكا اللاتينية من المساعدات التنموية.

طباعة شارك اوكرانيا السويد اعادة الاعمار رسوم الدعم امريكا الجنوبيه

مقالات مشابهة

  • إندونيسيا تتحدث عن مبلغ صادم لإعادة إعمار سومطرة بعد الفيضانات المدمرة
  • العراق محور ضغوط أمريكية لإعادة ضبط التوازن مع إيران
  • الجامعة العربية تجدد التزامها بدعم الأسرة في يومها العالمي
  • رمضان 2026.. مي عزالدين وعماد زيادة في بروفات مسلسل "قبل وبعد" (صورة)
  • العراق يتصدر إنتاج الشعير في المنطقة العربية
  • المدير العام لقوات الشرطة يلتقى مدير عام إتحاد إذاعات الدول العربية
  • في اليوم العالمي للعمل التطوعي… الزيود: “القلوب التي تعمل للناس لا تُقاس جهودها بالأرقام بل بالأثر”
  • الجامعة العربية ترحّب بتصويت الأمم المتحدة لصالح تمديد ولاية الأونروا
  • الجامعة العربية ترحب بتصويت الأمم المتحدة لصالح تمديد ولاية الأونروا
  • السويد تعيد رسم خريطة مساعداتها.. وقف تدريجي لدعم 5 دول ومليارات لإعادة إعمار أوكرانيا