ناقش التقرير الأسبوعي  الصادر عن مشروع حلول للسياسات البديلة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة مدى إمكانية تحقيق خطة الحكومة للاكتفاء الذاتي من القمح والعقبات التي تحول تنفيذ هذه الخطة.

ويعد تقلب سعر القمح عالميًّا بسبب الأزمات الدولية وتحديات سلاسل الإمداد، وبالتالي ارتفاع فاتورة الاستيراد، هو المحرك الأساسي وراء هدف الاكتفاء الذاتي.

وذكر التقرير أن الحكومة تسعى إلى زيادة الرقعة المزروعة قمحًا من خلال تشجيع الفلاحين بزيادة أسعار التوريد أو من خلال مشاريع الاستصلاح الزراعي.

 

ارتفاع متوسط إنتاج مصر السنوي من القمح

وأصدرت قرارًا بحد أقصى لنسبة استيراد القمح 5% من فاتورة الواردات. وبالفعل، ارتفع متوسط إنتاج مصر السنوي من القمح بـ 1.9% خلال الفترة من 2000 إلى 2020.

وبينما نجحت مصر في زيادة إنتاجية الفدان المزروع قمحًا اعتمادًا على تكنولوجيات الهندسة الزراعية، فإن هذه الإنتاجية تتسابق مع معدلات النمو السكاني وتوقعات وصول عدد السكان إلى 140 مليونًا بحلول 2050.  ليس المعدل السكاني وحده هو المؤثر في عدم القدرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي، بل معدل استهلاكنا من القمح.

وحسب تقرير حلول للسياسات البديلة تواجه الخطة الحكومية للاكتفاء الذاتي عدة عقبات، منها: ارتفاع تكلفة زراعة القمح محليًّا بسبب الشح المائي، وارتفاع درجات الحرارة وتأثيرات التغيرات المناخية. بالإضافة إلى أنه نتيجةً للتضخم ارتفعت تكاليف زراعة فدان القمح من 7.5 آلاف جنيه في 2021/2020 إلى 9.9 آلاف في العالم التالي، ووصلت تقديرات التكلفة إلى 17 ألف جنيه في 2023/2022. وفي ظل الفجوة القمحية المقدرة بـ6.5% خلال الـ20 سنة السابقة، من المرجح ألا تستطيع مصر الوصول إلى نسبة أعلى من 50% من الاكتفاء الذاتي من القمح.

ووافق مجلس الوزراء على رفع سعر توريد إردب القمح إلى 2000 جنيه لموسم 2025/2024، ما يوازي 41.32 دولارًا، لتشجيع الفلاحين على زراعة القمح. ورغم أن الموافقة جاءت بناء على طلب المزارعين في نوفمبر 2023، فإنها تأخرت وتزامنت مع قرار تعويم الجنيه الأخير ما يجعلها فارغة المضمون.

وتأتي هذه الخطوة في ظل خطط الحكومة للوصول إلى 70% اكتفاء ذاتي من القمح بحلول 2030، وهو هدف من الصعب تحقيقه مع تحديات الوضع الاقتصادي داخليًّا وعالميًّا، ومعدلات النمو السكاني وعدم اتساق زيادة الإنتاج المحلي معها وفق ذات التقرير.

هل الاكتفاء الذاتي هو الحل الأمثل؟

وأوضح التقرير أنه بعد رفع سعر التوريد أصبح سعر طن القمح المحلي 13.3 ألف جنيه، بينما يتراوح سعر طن القمح المستورد من 12.2 إلى 12.5 ألف جنيه. وهذا نتيجة لسياسة الدولة الممتدة لسنوات في زيادة سعر التوريد؛ حيث وصل الفارق في السعر إلى 84 دولارًا زيادة لصالح القمح المحلي عام 2014.

وشدد التقرير على أهمية السعي وراء زيادة التوريد المحلي من القمح لضمان درجة من الأمن الغذائي في مصر، خصوصًا في ظل انخفاض نصيب الفرد من البروتين النباتي والذي يعد القمح مصدرًا رئيسًا له، واعتماد الفئات الفقيرة عليه بسبب وفرته والانخفاض النسبي في أسعاره نتيجة الدعم الحكومي له.  

واختتم التقرير قائلا: رغم أهمية تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، إلا أنه يجب الموازنة بين تحقيق نسب اكتفاء معقولة، مع عدم إهمال السلع الأخرى التي تنتجها مصر. وتعتبر الخضروات من هذه المنتجات التي يساهم توفيرها بأسعار مناسبة في تشجيع المواطنين على تغيير أنماط تغذيتهم وبالتالي تقليل الاعتماد على القمح.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ارتفاع درجات الحرارة أسعار التوريد استيراد القمح الاكتفاء الذاتي من القمح الاکتفاء الذاتی من القمح

إقرأ أيضاً:

الجنائية الدولية تتعهد بمقاومة الضغوط الأمريكية والروسية.. هل تنجح في ذلك؟

أكدت القاضية توموكو أكاني، رئيسة المحكمة الجنائية الدولية، اليوم الاثنين، خلال افتتاح الاجتماع السنوي للمؤسسة القضائية الدولية في لاهاي، أن المحكمة "لن تقبل أبداً أي نوع من الضغوط" من أي دولة، في رسالة واضحة للولايات المتحدة وروسيا.

وجاءت تصريحات أكاني في وقت تواجه فيه المحكمة سلسلة من العقوبات والتهديدات القانونية؛ إذ فرضت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عقوبات على تسعة من أعضاء المحكمة، بينهم ستة قضاة والمدعي العام، ردًّا على تحقيقات قضائية تتعلق بمسؤولين أمريكيين وإسرائيليين.

كما أصدرت روسيا مذكرات توقيف بحق مسؤولين في المحكمة، بعد أن أصدرت الأخيرة أمر توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على خلفية الحرب في أوكرانيا، ما وضع المحكمة بين ضغوط متوازية من الشرق والغرب.

ضغط قانوني وسياسي متصاعد

تشير مصادر المحكمة إلى أن العقوبات الأمريكية أدت إلى تجميد أصول عدد من القضاة والموظفين ومنعهم من دخول الولايات المتحدة، إضافة إلى صعوبات في التعاقدات المالية والتقنية مع شركات أمريكية، ما يعرقل عمل المحكمة ويضعف قدرتها على متابعة تحقيقاتها.

وبالمثل، تأتي المذكرات الروسية كرد مباشر على تحرك المحكمة ضد بوتين، لتزيد من تعقيد موقفها الدولي، وفق خبراء القانون الدولي.

وفي هذا الإطار، أكدت أكاني أن مهمة المحكمة في محاكمة مرتكبي أفظع الجرائم الدولية لا ولن تكون رهينة للصراعات الجيوسياسية، مشددة على ضرورة الحفاظ على استقلال القضاء الدولي.

صراع من أجل "عدالة بلا تأثيرات سياسية"

تأسست المحكمة الجنائية الدولية عام 2002 لتكون الأمل الأبرز للضحايا في تحقيق العدالة الدولية، خصوصًا في جرائم الحرب والإبادة وجرائم ضد الإنسانية، في حال عجزت الدول عن محاكمة مرتكبيها.

ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة محاولات مستمرة لتقويض عملها سياسيًا واقتصاديًا، ما يهدد مبدأ استقلال القضاء الدولي. وتأتي تصريحات أكاني لتشكل موقفًا رمزيًا وعملانيًا في الوقت ذاته للحفاظ على مصداقية الأمم المتحدة ونظام العدالة العالمي.

وقد أدانت مؤسسات دولية وقانونية العقوبات الأمريكية، واعتبرتها استهدافًا مباشرًا لمبدأ "لا إفلات من العقاب"، ما يضع المزيد من الضغوط على الضحايا حول العالم.

ومن المقرر أن يستمر اجتماع الدول الأعضاء في لاهاي أسبوعًا كاملًا لمناقشة الميزانية السنوية للمحكمة في ظل الضغوط المالية وقلة الدعم بعد العقوبات، إضافة إلى تدابير حماية القضاة والمدّعين من التأثيرات السياسية، وضمان استمرار التحقيقات في النزاعات العالمية، من حرب غزة إلى أوكرانيا، دون تراجع.

وتوضع المحكمة اليوم أمام خيار مصيري: إما الحفاظ على استقلاليتها ومواصلة متابعة جرائم الحرب والفظائع الدولية، أو الانزلاق تحت وطأة الابتزاز السياسي والقانوني، ما قد يهدد مصداقيتها الدولية ويحرّم ملايين الضحايا من العدالة.

وإذا صمدت المحكمة وفازت بدعم الدول الأعضاء والشركات المعنية، فقد يتحول هذا العقد من الصراعات السياسية والقانونية إلى محطة تاريخية تؤكد أن القانون الدولي يمكن أن يكون فوق كل اعتبارات المصالح والسياسات العابرة للحدود.


مقالات مشابهة

  • فريق أمانة العاصمة يطلع على إنتاجية الورش الفنية والمهنية بالحديدة
  • الجنائية الدولية تتعهد بمقاومة الضغوط الأمريكية والروسية.. هل تنجح في ذلك؟
  • الهيئة العربية للتصنيع توطن أحدث تكنولوجيات تصنيع الصناعات الجوية
  • الإيجار القديم.. زيادة تصل لـ20 ضعفًا والحد الأدنى 250 جنيهًا
  • زيادة الحد الأدنى لأجر الاشتراك التأميني لـ 2700 جنيه والأقصى 16700 بدءًا من يناير 2026
  • إزالة 20 حالة تعد على 68 فدانًا من أملاك الدولة بالخانكة
  • زيادة الحد الأدنى لأجر الاشتراك التأميني لـ 2700 جنيه والأقصى 16700 جنيه في يناير 2026
  • مصر تقلص واردات القمح وتعزز الإنتاج المحلي لتحقيق الاكتفاء الذاتي
  • بشاي: تراجع واردات القمح 25 %.. ومصر تقترب من الاكتفاء الذاتي
  • متى بشاي: تراجع واردات القمح 25%.. ومصر تقترب من الاكتفاء الذاتي