فاطمة عطفة (أبوظبي)

أخبار ذات صلة لورا فاغليري.. قراءة فكرية لجوهر الإسلام وشموليته «فيينا الإسلامي».. تصميم تاريخي

يمتاز المستعرب الفرنسي مكسيم رودنسون (1915-2004) بثقافة موسوعية وخبرة عميقة بشؤون العرب والإسلام لأنه أمضى خدمته العسكرية بين سوريا ولبنان خلال الحرب العالمية الثانية، ثم عمل في مصلحة الآثار في بيروت نحو سبع سنوات، وبنى علاقات جيدة مع نخبة من المثقفين.

وكان قد درس اللغات الشرقية: التركية والعربية والأمهرية، إضافة إلى التاريخ. والتزامه بالفكر اليساري جعله معجباً بعدالة الإسلام، وقد استلهم كتابه عن الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) من تأثره بالتحول الكبير الذي أحدثه الإسلام في الجزيرة العربية بوجه عام. وهو يرى أن الدعوة المحمدية شكلت موضوعاً للممارسة الفكرية لدى معظم كبار المستشرقين والباحثين في الإسلاميات.
وخلال عمله الأكاديمي أستاذاً للغة الإثيوبية القديمة واللغة الحميرية في معهد الدراسات العليا في السوربون، حافظ على استقلاله الفكري.  
ونظرة رودنسون للإسلام وتأثيره الإيجابي الفعال في إحداث التحولات التاريخية، ومقالاته التي كتبها في هذا المجال جاءت في فترة تاريخية امتازت بنضال الشعوب في المشرق العربي وشمال أفريقيا للتحرر من الاستعمار وتصفيته. وفي منتصف الستينيات من القرن الماضي أصدر كتابه (الإسلام والرأسمالية)، مبيناً أن الغرب هو الذي صدّر الرأسمالية إلى البلاد العربية، وهي ليست من جوهر الإسلام.
وهو يؤكد أن الإسلام لا يتوافق مع الرأسمالية الغربية، لأن القرآن يدعو إلى تحريم الربا ويحض كثيراً على الأعمال الخيرية.. وفي مجال الفكر السياسي، يرى رودنسون أن العالم الإسلامي لم يشهد علمانية مماثلة لتلك التي عرفتها أوروبا الحديثة، لا لأن الإسلام منع ذلك التحول، ولكن السبب في رأيه ناتج عن تأخر التصنيع في العالم الإسلامي، وهو يبين أن الانتماء الديني يشكل سمة من سمات الانتماء المجتمعي.
وفي ضوء علم الاجتماع السياسي والعمل لتحقيق العدالة المثالية، رأى رودنسون أن تسييس الإسلام وصعود الأصولية الإسلامية كانا نتيجة حتمية لخضوع الدول الإسلامية لضغوط القوى الرأسمالية الأوروبية، وشكل ذلك عائقاً كبيراً للعلمنة، وكان ذلك حافزاً لنشوء أفكار التشدد في الأصولية الدينية ومحاولة تغيير المجتمع وبناء دول وفق أيديولوجيتها في تسسيس الدين. وهذا المفكر الملتزم بالعدالة لم يتنازل أبداً عن العقلانية التي اكتسبها من دراسة عصر التنوير الفرنسي، وهو يرى تشابهاً كبيراً بين تسييس الدين المسيحي وسيطرة الكنيسة في أوروبا خلال العصور الوسطى، وبين تسييس الإسلام لدى الحركات والأحزاب الأصولية المتشددة، وكانت النتيجة وخيمة حسب رأيه.
وحسب ما كتبه الكاتب والباحث هاشم صالح في مقال سابق له بجريدة «الاتحاد»: (يعتبر مكسيم رودنسون أحد كبار الاختصاصيين في الدراسات العربية والإسلامية واللغات السامية. وهو أحد كبار المستشرقين إضافة إلى لويس ماسينيون، وهنري كوربان، وجاك بيرك، وكلود كاهين، وروجيه أرنالديز، ومونتمغري واط، وسواهم. ولد في باريس في السادس عشر من يناير 1915 من والد روسي وأم بولندية. وعمل فى مطلع حياته كمستخدم جوال في أحد المكاتب. ونجح رودنسون العصامي في السابعة عشرة في مباراة الدخول إلى معهد اللغات الشرقية، ونجح لاحقاً في شهادة البكالوريا. وفي 1937، تزوج ودخل إلى المركز الوطني للبحوث العلمية وانتسب إلى الحزب الشيوعي. وأصدر قبيل موته عدة كتب نذكر من بينها: «الإسلام: السياسة والعقيدة»، كتاب «من فيثاغورث إلى لينين»، «مقالات عن الحركات الأيديولوجية»، ثم كتاب مقابلات بالتعاون مع الباحث اللبناني جيرار خوري بعنوان: «مكسيم رودنسون – بين الإسلام والغرب».

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الإسلام

إقرأ أيضاً:

القاعدة تتبنّى الهجمات في بوركينا فاسو وتعلن مقتل 60 حنديا

أعلنت جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" -التابعة لتنظيم القاعدة- مسؤوليتها عن الهجوم الذي استهدف موقعًا عسكريًا في إقليم لوروم شمالي بوركينا فاسو، مؤكّدة أنها قتلت فيه 60 جنديًا، بحسب ما أفادت به منظّمة "سايت" الاستخبارية الأميركية الثلاثاء الماضي.

وقالت المنظّمة -التي تتابع أنشطة الجماعات الجهادية عبر الإنترنت- إن التنظيم نشر رسائل يومي الاثنين والثلاثاء أعلن فيها مسؤوليته عن 4 هجمات نفّذها في كل من بوركينا فاسو ومالي.

وتسلّط هذه الهجمات الضوء على التحدّيات الأمنية الكبيرة التي تواجهها دول الساحل الثلاث (بوركينا فاسو ومالي والنيجر) في مواجهة التمرّد والهجمات المتصاعدة.

ولم تصدر السلطات في بوركينا فاسو حتى الآن أي تعليق رسمي على الهجمات الأخيرة، التي عرفتها البلاد خلال الأسبوع الجاري.

ووفق "سايت" فإن أبرز الهجمات وقعت في بلدة "سوليه" حيث اقتحم مقاتلو "نصرة الإسلام والمسلمين" موقعًا للجيش، وقتلوا عددًا من الجنود، دون أن تُحدّد المنظّمة تاريخ وقوع الهجوم.

وفي هجوم آخر شرقي البلاد، قُتل 10 عناصر من تنظيم "مجموعات الدفاع عن النفس" (في دي بي VDP) الموالية للحكومة، في إقليم "غنانغا" بحسب المصدر ذاته.

إعلان

وفي تسجيل مصوّر، ظهر عثمان ديكو قائد جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" في بوركينا فاسو، وهو يحث سكان بلدة "جيبو" شمال البلاد على مغادرتها حفاظًا على سلامتهم.

هجمات عنيفة

وكانت قاعدة عسكرية في "جيبو" قد تعرّضت لهجوم الأحد الماضي، أسفر عن مقتل العشرات من الجنود والمدنيين.

ونقلت وكالة رويترز عن 3 مصادر من سكان "جيبو" قولهم إن الهجوم كان عنيفًا للغاية، وشارك فيه مئات المسلّحين، مستهدفين مرافق تضم جنودًا وعناصر من المليشيات الموالية للحكومة.

وقال أحد المعلّمين إنه شاهد الجنود "يحترقون وسط الانفجارات، وتمّت مصادرة مستودعات كبيرة من الأسلحة، وقُتل مدنيون بإطلاق النار".

وفي سياق متّصل، تحدّثت تقارير عن دخول المسلّحين إلى مدينة "دياباغا" الواقعة شرق بوركينا فاسو، قرب الحدود مع مالي والنيجر.

وفي مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل أمس، ظهر مسلّحون مجهولون على دراجات نارية يجوبون شوارع بلدة "دياباغا" وسط إطلاق النار وتصاعد أعمدة الدخان.

ووفقا لمراقبين، فإن جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" أظهرت قوّتها من خلال السيطرة على مدن رئيسية، دون مقاومة تُذكر من القوات الأمنية، ومن المرجّح أن تواصل تنفيذ مثل هذه الهجمات.

وتصنّف "نصرة الإسلام والمسلمين" بأنها حركة جهادية تابعة لتنظيم القاعدة، تنشط في منطقة الساحل والصحراء الأفريقية، وتستهدف القوّات الأجنبية والأفريقية.

وقد تأسست هذه الجماعة مطلع مارس/آذار 2017، باندماج 4 حركات مسلحة في مالي ومنطقة الساحل هي "أنصار الدين، كتائب ماسينا، كتيبة المرابطون، إمارة منطقة الصحراء الكبرى" وهي تنظيمات تمتلك خبرات في تنفيذ الضربات الموجعة لخصومها.

مقالات مشابهة

  • صفية العمري تكشف تفاصيل سبب عقدتها النفسية من المياه وتأثيره على عملها
  • خطيب الجامع الأزهر: اجتمع كل دين الإسلام في هذا الحديث النبوي
  • بالأرقام.. نظرة على المهاجرين بأمريكا مع سياسات ترامب الجديدة
  • هل هي “حمى الذهب والمعادن الثمينة” التي تحرك النزاع في السودان.. أم محاربة التطرف الإسلامي؟
  • بعد طرحها اليوم.. كلمات أغنية ورانا إيه لـ نانسي عجرم
  • راند فكري تناقش تنامي الشراء العاطفي وتأثيره المدمر في برنامج الحياة أنت وهي
  • القاعدة تتبنّى الهجمات في بوركينا فاسو وتعلن مقتل 60 حنديا
  • القطار فيلارو على سكة النجاح| خبير اقتصادي يحلل أثره الإيجابي على الاقتصاد
  • علي جمعة: الإسلام ليس دين حرب ولم ينتشر بالسيف
  • علي جمعة: الإسلام علّم الإنسانية مبادئ الحرب الرحيمة