يعد شهر رمضان فرصة حقيقية، ومحطة مهمة لغرس قيم جديدة في نفوس الناشئة، أو لتعزيز الصفات الحسنة، واستثمار أيامه في إكساب الأبناء عادات حميدة كحب الخير وصلة الأرحام والتعاون وغيرها من القيم الحسنة، وهو يمثّل صفحة لبدء عادات جديدة وممارستها والتعود عليها لتبقى حتى بعد انتهاء الشهر الفضيل.

يقول رياض بن سالم الرويضي: يعتبر شهر رمضان الفضيل فرصة ذهبية يغتنمها المسلم الفطن في تهذيب نفسه والسمو بها نحو مكارم الأخلاق، فالنفحات الروحانية التي تصاحب هذا الشهر تشحذ الهمم نحو التنافس في طريق الخير والطاعات، فنرى المساجد تكتظ بالصغير والكبير والذكر والأنثى، وهذا مما لا شك فيه له من الأثر على نفس المؤمن من تحفيز للهمم وصقل للنفس وتصفية للروح، مضيفًا: في هذا الشهر الفضيل يرمم الإنسان ما أصابه من فتور في عبادته وتقصير تجاه ربه وهذا مما له الأثر على نفس الإنسان فتجد أهل الخير يبذلون قصار جهدهم ليجنوا ثمار هذا الشهر فمنهم من يقرأ القرآن ومنهم من يعلمه ومنهم من يتصدق بأمواله ومنهم من يصل رحمه ومنهم من يكثر من ركوعه وسجوده ومنهم من يتنافس بشتى أنواع الطاعات والأعمال الصالحة، ولاسيما أن خير الأعمال في هذا الشهر هي تدريب الأبناء وتعويدهم على صيامه وقيامه وحثهم على فعل الطاعات وترك المنكرات وحب الصالحات ورحمة المساكين وعلى حفظ القرآن وتلاوته آناء الليل وأطراف النهار فهذا من الصدقات الجارية التي يبقى أثرها إلى يوم الدين، فتغرس الخصال الحسنة في نفوس الصغار وتصاحبهم لترسخ في نفوسهم وتستقر فتكون زادا لهم لصلاحهم واستقامتهم، ويعد هذا الشهر فرصة ثمينة لمن يود أن يحقق أمنياته الدنيوية والأخروية فأوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النيران.

الممارسة

أما خميس الهنداسي فيقول: إن مما لا شك فيه بأن شهر الصيام هو شهر القيم التي تتجلى بشكل كبير في سلوك المؤمن، أذكر منها الجود والكرم والرفق والرحمة والصدق والصبر وصلة الأرحام وغيرها الكثير مما ينبغي لنا أن نتحلى بها، ومن المهم جدًا غرس هذه القيم في أبنائنا وبناتنا ليكبروا معها، وغرس هذه القيم يتطلب ريَّها عن طريق ممارسة هذه القيم وتطبيقها عمليًا مع الأهل والأقارب والجيران، فعند زيارة الأرحام مثلًا يجب علينا اصطحاب أبنائنا ليتعرفوا على أرحامهم مع تعليمهم كيفية السلام والجلوس وآداب الطعام وآداب الحديث وغيرها مما يقوّي تلك القيم في نفوسهم وعقولهم، فالحديث عن تلك القيم دون ممارستها، لن تفي بالغرض المنشود، كما ينبغي كذلك أن نعوّد ونربي أبناءنا وبناتنا على هذه القيم بعد رمضان؛ لأن القيم تترسخ بالاستمرارية والديمومة، فرمضان هو منبع هذه القيم، لذا علينا استغلاله لنحيا به ومعه.

زيادة الألفة

وتضيف من جانبها أمل المعمرية: يأتي رمضان بروحانية جميلة يلم شمل الأسرة على سفرة واحدة ويقرب العلاقات والزيارات ويقوي الروابط الاجتماعية وذلك من خلال اصطحاب الأب أبناءه لأداء صلاة التراويح وأيضًا من خلال دعوة الأهل والأقارب لموائد الإفطار، فمن الجميل أن نغرس في أبنائنا حبّ التجمع مع الأسرة حتى بعد رمضان والذي يزرع بدوره الألفة والدفء بين الأسرة، كما أن رمضان يغرس حب التعاون والمساعدة؛ فنرى الابنة تدخل المطبخ لتساعد أمها وتحضّر الأطباق وحب مشاركة الأطباق مع الجيران والمحتاجين، والبعد عن الزعل والمشاحنات.

العطاء

كما يقول خليفة بن علي الخنبشي: هناك الكثير من القيم الحسنة في شهر رمضان منها حفظ القرآن للأطفال منذ الصغر وهذا بدوره يجعل كتاب الله متعلقا في قلوبهم وتعظيمه وتوقيره، كذلك هو مهم لتقويم لسان الطفل واكتساب المهارات اللغوية، بالإضافة إلى فهم واستيعاب قواعد اللغة، وأيضا تدريب اللسان على التحدث بفصاحة وفهم قيم ومبادئ الدين الإسلامي وأحكامه، كما يحظى شهر رمضان في عماننا الحبيبة بأجواء مميزة لها طعم خاص ينفرد بها عن باقي الدول فهي تجمع بين العبادات والعادات؛ فتستعد الأسر العمانية لاستقبال شهر رمضان بشكل احتفالي، بتجديد مستلزمات المطبخ وتهيئة المنزل والمجالس والصالات، مما يزرع في نفوس الأطفال التشوق لشهر رمضان الكريم وانتظاره بفرح وسرور وما يصاحبه من عبادات وعادات، كما يغرس الشهر الفضيل في نفوس الأطفال التحلي بأخلاق حميدة مثل الصدق، والعفة، والصبر، والعطاء، والتعاون، والمحبة، وإعطاء الصدقة للأهل والمحتاجين ليتربى الطفل على معنى العطاء والصدقة.

التكافل والتلاحم

وتوضح فاطمة بنت عامر السنيدية اخصائية ارشاد وتوجيه من جامعة السلطان قابوس: يغتنم الإنسان في شهر رمضان المبارك الفرص لتهذيب النفس وتغيير السلوكيات السلبية، وتفريغ المشاعر السلبية، شهر رمضان الفضيل يعلمنا قيم التسامح والعفو، وذلك هو شهر الخير والعطاء شهر الصيام يشعر فيه الفرد بحاجة الفقراء، كما أن الصيام يعلمنا قيم الكف عن الأذى والمعاملة الحسنة وذلك من خلال ضبط الانفعالات والغضب ويستطيع الإنسان ان يقوي نفسه على الحلم والعفو وكظم الغيظ عند الغضب، وكذلك من القيم والأخلاقيات الفضيلة التي يجب على الأباء غرسها في الأبناء هو التكافل والتلاحم بين الناس والتواصي بالوحدة والتعاون بين أبناء المجتمع ليكونوا كالبنيان المرصوص يشد بعضهم البعض، كما يكمن هنا دور الأب والأم في غرس هذه القيم في أبنائهم، وذلك من خلال اصطحاب الأب أبنائه الأولاد إلى المسجد وحثهم على الصلوات الخمس في أوقاتها، وأن يجتمع في أبنائه في المجلس ويحثهم على أهمية الصلاة والعبادات وأثرها في تهذيب النفس، وذلك من خلال الأنشطة والمعلومات أولاً يبدأ بالصلاة لأن الصلاة عمود الدين، وهي الوسيلة يتصل بها العبد لربه وكذلك يذكر أثر الصلاة على الجسم إذ أنها تزيدهم مرونة وتحسن النشاط في الجسم، وبالسجود بخضوع وخشوع يساعد على تفريغ المشاعر السلبية مثل القلق والتوتر وبذلك يهدئ قلبه ويشعر بالإطمئنان والراحة، وعمل مسابقة بين أبنائهم وأنشطة في شرح وتفسير القران بتدبر تشعرهم بالراحة في القلب وتساعدهم في التأمل والتفكر في مخلوقات الله، والتعرف على المبادئ والقيم من خلال قصص الأنبياء المذكورة في القران الكريم، ويساعد المحافظة على تلاوة القران يومياً في تخفيف قوة الأفكار والمعتقدات، وتزيدهم قوة في تفويض الأمور لله سبحانه وتعالى وتوكل عليه، كما أن تشجيع الأبناء على المشاركة معهم في الأعمال التطوعية والجمعيات الخيرية، وتوجيههم بأن شهر رمضان شهر الكرم والجود والنظر إلى حاجة الفقراء والشعور بهم والاستشعار بقيمة نعمة الله التي أنعمها الله عليهم والمحافظة عليها، كل هذا يعزز الشعور بالتسامح والعفو والشعور بالإنجاز والفخر وتقوي لديهم روابط الاجتماعية، كما أن اصطحاب الأبناء إلى القاءات العائلية أو الأصدقاء والأصحاب في وقت الإفطار وبعد صلاة التراويح تنمي لديهم رابطة العلاقات الاجتماعية واكتساب مهارات العلاقات الاجتماعية، فالأبناء يرون آبائهم قدوة لهم في التعليم والمحاكاة وخاصة الأطفال في عمر ثلاث سنوات إلى خمس سنوات من السهل تعليمهم وغرس فيهم المبادئ والقيم إذ تتصف هذه المرحلة بالقدرة على التعليم والتقليد والمحاكة الكبار.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: وذلک من خلال هذا الشهر شهر رمضان هذه القیم ومنهم من فی نفوس کما أن

إقرأ أيضاً:

قمة العشرين لمجموعة العشرين وأحادية العشرين(٢)

تناولنا فى المقال السابق أن مجموعة العشرين تقدم باعتبارها «لجنة إدارة العالم»، إلا أن هذا المشهد تغير جذريًا، حيث لم تعد قادرة على إنتاج توافقات سياسية، بينما يتشكل عالم جديد تتوزع فيه مراكز القوة خارج مظلتها.
وقد جاء الاجتماع العشرين لقمة مجموعة العشرين فى جوهانسبرج، بجنوب افريقيا، ليؤكد ما سبق خاصة بعد عدم مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن القمة مثلت نطقة إنطلاق نحو تدارك الإتجاهات السلبية السابقة عبر مناقشة مجموعة الأولويات أهمها النمو الاقتصادى الشامل، والحد من عدم المساواة. وقد استنتجنا أن العالم يدخل مرحلة انتقالية يتراجع فيها نموذج القيادة الموحدة، ويحل محله نظام متعدد الأقطاب يفتقر لجهة تنسيق مركزية، لذا فإن مستقبل المجموعة يعتمد على قدرتها على التحول إلى منصة للتفاوض الحقيقى، بدل الاقتصار على البيانات الختامية، وأن تكون الرسالة الأهم هى ضرورة أن تضطلع دول المجموعة بدور مؤثر لمواجهة التحديات العالمية الحالية. وإذا لم تتكيف المجموعة مع هذا الواقع، الذى يفرض إطار للمسئولية المشتركة، بصورة تجعل جميع الدول تواجه مصيرًا واحدًا، فإن قواعد النظام الجديد ستتشكل بالفعل خارج قاعاتها، خاصة أن الكثير من الدراسات تؤكد أن الفترة القادمة، من المحتمل أن تصبح اقتصادات الأسواق الناشئة أكثر عرضة للمخاطر، ولا سيما الاقتصادات ذات القدرة المحدودة على الحصول على السيولة قصيرة الأجل بتكلفة مقبولة خلال الأزمات، مع زيادة حالة عدم اليقين بسبب تفاقم التوترات الجغرافية-السياسية والصراعات التجارية الناجمة عن تحولات مفاجئة فى السياسات التجارية للاقتصادات الكبرى. وقد أدت زيادة التعريفات الجمركية إلى انخفاض الأجور الحقيقية وتعطيل سلاسل الإمداد العالمية. ويمكن لهذه الزيادات الجمركية أن تؤثر على اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية منخفضة الدخل أكثر من غيرها، نظرًا لمحدودية تنوعها الاقتصادى وزيادة اعتمادها على المدخلات المستوردة. وبالتالى أصبح لزامًا على مجموعة العشرين ضرورة تقديم المساندة الفعالة للدول النامية فى سعيها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، بما فى ذلك تيسير نقل التكنولوجيا إليها، وتوطين الصناعة، ودفع حركة الاستثمار الأجنبى إليها، فضلًا عن ضرورة التزام الدول المتقدمة بتعهداتها فى إطار اتفاقية باريس لتغير المناخ، وتمكين الدول النامية من زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة. وعلى الجانب الآخر يجب أن يدرك واضعو السياسات الاقتصادية فى مصر الآن، أنه فى ظل التطورات العالمية، يجب تصبح عملية صنع السياسات المحلية خط الدفاع الأول. فسياسات المالية العامة ينبغى لها حماية الاستدامة المالية، وإعادة بناء الهوامش الوقائية، ومواصلة دعم النمو، وتحفيز الاستثمارات العامة، والخاصة فى الإصلاحات المعززة للإنتاجية. وعلى ضوء السياسة النقدية ينبغى للبنك المركزى مواصلة بذل الجهود للحفاظ على استقرار الأسعار والاستقرار المالى، بما يتماشى مع المهام المنوطة له، مع تعديل سياساته فى ضوء مستجدات الأحداث المحلية والإقليمية والدولية. وندرك تمامًا أهمية الإصلاحات الهيكلية لتحقيق زيادة دائمة فى الإنتاجية والنمو والتصدى للتحديات الآخذة فى التفاقم، وتقوية شبكات الأمان الاجتماعى، لضمان تعزيز النمو الاقتصادى والتنمية المستدامة، والتصدى للتحديات العالمية بكفاءة، والتى يتعين معها التركيز على تعبئة الموارد المحلية وتقوية التعاون متعدد الأطراف بشأن الإصلاحات الضريبية والسياسات التجارية. نعم قد تكون قمة مجموعة العشرين الأخيرة قد نجحت من منظور دول الجنوب بعد أن تمكنت من توصيل رسالتها حول حاجتها إلى دعم تنموى حقيقى وتخفيف عبء الديون ورفع مستوى التعليم وإدخال التكنولوجيا فى الاقتصادات الناشئة. ولكن المطلوب الآن، وهو ما تنادى به مصر ليس مجرد عرض الأزمات بل إيجاد حلول عملية خصوصًا فى مجالات الاقتصاد الرقمى، تغير المناخ، التنمية البشرية، وإعادة هيكلة الديون.

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام

مقالات مشابهة

  • باقي كام يوم على شهر رمضان 2026.. موعد رؤية الهلال فلكيًا
  • أمانة ولن نسمح بإهدار المال العام.. الأوقاف توضح أسباب رفع القيم الإيجارية
  • أوبن إيه.آي تستحوذ على نبتون الناشئة للذكاء الاصطناعي
  • العد التنازلي بدأ.. موعد أول أيام شهر رمضان 2026 «فلكيا»
  • قمة العشرين لمجموعة العشرين وأحادية العشرين(٢)
  • لماذا أصبح المستثمرون يفضلون الأسواق الناشئة على المتقدمة؟
  • رمضان 2026.. كل ما تحتاج معرفته عن موعده وعدد ساعات الصيام
  • المسلمون يترقبون أيام الرحمة والمغفرة.. موعد شهر رمضان 2026 وفقا للحسابات الفلكية
  • العد التنازلي بدأ.. متى نصوم أول أيام رمضان 2026؟
  • الصين تُطلق شنتشو-22 في أول مهمة طوارئ لإنقاذ طاقم محطة تيانجونج