تجنب استخدام فلسطين أو الأراضي المحتلة.. «نيويورك تايمز» تأمر الصحفيين بالانحياز للرواية الإسرائيلية
تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT
نشر موقع إنترسبت الأمريكي مذكرة مسربة من صحيفة نيويورك تايمز تطالب فيها الصحفيين الذين يغطون الحرب الإسرائيلية علي غزة تجنب استخدام كلمات ومصطلحات محددة في تغطيتهم للعدوان الإسرائيلي المستمرة علي القطاع منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وتفضح التسريبات المعركة الداخلية حول تغطية "نيويورك تايمز" للعدوان الإسرائيلي علي القطاع.
وبحسب المذكرة الداخلية التي حصل عليها موقع إنترسبت، أصدرت "نيويورك تايمز" تعليمات للصحفيين الذين يغطون الحرب على غزة بتقييد استخدام مصطلحي "الإبادة الجماعية" و"التطهير العرقي" و"تجنب" استخدام عبارة "الأراضي المحتلة" عند وصف الأراضي الفلسطينية.
وطلبت المذكرة أيضًا من المراسلين عدم استخدام كلمة فلسطين "إلا في حالات نادرة جدًا" والابتعاد عن مصطلح "مخيمات اللاجئين" لوصف مناطق غزة التي يسكنها الفلسطينيون النازحون الذين طردوا من بيوتهم خلال الحروب الإسرائيلية السابقة.
ونقل موقع إنترسبت عن بعض المحررين العاملين بصحيفة "نيويورك تايمز" قولهم "بينما يتم تقديم الوثيقة كمخطط عام للحفاظ على المبادئ الموضوعية في تغطية حرب غزة، إلا أن بعض محتوياتها تظهر دليلاً على تبني الصحيفة للروايات الإسرائيلية فقط."
وقال مصدر في غرفة الأخبار بـ"نيويورك تايمز" لموقع إنترسبت إن هذه الوثيقة "تبدو احترافية ومنطقية فقط في حالة غياب المعرفة بالسياق التاريخي للقضية الفلسطينية".
وأوضح بعض العاملين بالصحيفة الأمريكية إنهم يعتقدون أن "نيويورك تايمز" كانت تبذل قصارى جهدها للإذعان للرواية الإسرائيلية.
في يناير الماضي، نشر إنترسبت تحليلاً لتغطية نيويورك تايمز وواشنطن بوست ولوس أنجلوس تايمز للحرب في الفترة من 7 أكتوبر إلى 24 نوفمبر وهي الفترة التي سبقت إصدار توجيهات التايمز الجديدة.
وأظهر تحليل إنترسبت أن الصحف الكبرى احتفظت بمصطلحات مثل "مذبحة" و"مروعة" بشكل شبه حصري للإسرائيليين الذين قتلوا على يد الفلسطينيين، وليس للمدنيين الفلسطينيين الذين استشهدوا في العدوان الإسرائيلي.
ووجد التحليل أنه حتى 24 نوفمبر الماضي، وصفت "نيويورك تايمز" الوفيات الإسرائيلية بأنها "مذبحة" في 53 مناسبة، واستشهاد الفلسطينيين مرة واحدة فقط.
وكانت نسبة استخدام "الذبح" 22 إلى 1، حتى مع ارتفاع العدد الموثق للضحايا الفلسطينيين إلى حوالي 15 ألف شهيدًا حينها.
ويصل أحدث تقدير لعدد الشهداء الفلسطينيين إلى أكثر من 33,000، بما في ذلك ما لا يقل عن 15,000.
ولا تصف "نيويورك تايمز" هجمات إسرائيل المتكررة على المدنيين الفلسطينيين بأنها "إرهاب"، حتى عندما يتم استهداف المدنيين والمستشفيات.
وفيما يتعلق بمصطلح "فلسطين"، أمرت "نيويورك تايمز" بشكل صريح الصحفيين بـ "عدم استخدام لفظ فلسطين بين السطور أو العناوين الرئيسية، إلا في حالات نادرة جدًا."
وتقول تعليمات "نيويورك تايمز" بشأن استخدام "الأراضي المحتلة"، "عندما يكون ذلك ممكنًا، تجنب المصطلح وكن محددًا مثل غزة والضفة الغربية".
وقال أحد العاملين بـ"نيويورك تايمز" لموقع إنترسبت إن مثل هذه التحذيرات من استخدام مصطلح "الأراضي المحتلة" يحجب حقيقة القضية التارخية، مما يغذي إصرار الولايات المتحدة وإسرائيل على أن الحرب بدأ في 7 أكتوبر الماضي.
وقال مصدر بغرفة الأخبار في "نيويورك تايمز": "الصحيفة تقوم بإخراج الاحتلال من التغطية، وهو الجوهر الفعلي للقضية".
ولفت إنترسبت إلى أنه تم توزيع الإرشادات لأول مرة على صحفيي نيويورك تايمز في نوفمبر الماضي، كما تم تحديثها بانتظام على مدى الأشهر التالية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأراضی المحتلة نیویورک تایمز
إقرأ أيضاً:
غزة تُتوج بدوري أبطال أوروبا.. وريمونتادا باهرة للرواية الفلسطينية
بعد أن "اطمأن" البعض واعتقد واهما بأنه نجح في تطويق وحصار اسم "غزة" في المدرجات والملاعب العربية تحت حجج وذرائع واهية؛ ها هي تباغت الجميع وتطل عليهم في أهم ليلة كروية في القارة العجوز والعالم بأسره؛ الذي يترقب كل موسم المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا ومن سيحصد اللقب الغالي الذي يتوق إليه الجميع ويفتح أبواب المجد لمن يعانقه.
بدون مبالغة، تُوجت غزة هذا العام وهي تكسر الحواجز وتلقي بالقرارات الجائرة إلى مزابل التاريخ، وتنبعث كطائر الفينيق لتواجه العالم بالحقيقة المرة التي يجاهد ويكابد لحجبها. والمفارقة الملفتة أنها حضرت في قلب ميونيخ، وما يمثله ذلك من دلالات لدولة تعد من أكبر الداعمين للكيان الصهيوني وجرائمه.
لم تكتف جماهير باريس سان جيرمان برفع لافتة "أوقفوا الإبادة الجماعية في غزة" في مدرجات ملعب "اليانز أرينا" فقط، بل ومنذ وطأت أقدامها أرض الألمان جابت الشوارع طولا وعرضا وهي تصدح بالهتافات للقطاع الصامد مرددة: "نحن أطفال غزة" بصوت مزلزل، وتواصل ما بدأته عند ولوج الملعب وأثناء الاحتفالات الصاخبة بنيل فريقها للبطولة للمرة الأولى في تاريخه، بعد سلسلة من المحاولات الفاشلة.
رغم كل التضييق الممنهج الذي لطالما اتخذته السلطات الألمانية منذ السابع من أكتوبر، والذي دفع ثمنه العديد من النشطاء وحتى الإعلاميين المفصولين من وظائفهم بسبب دعمهم للقضية الفلسطينية؛ لم تتوقع البتة أن تتلقى الطعنة هذه المرة من حيث لم تحتسب وهي تتأهب لاستضافة المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا
غزة تهزم ميونيخ وأمستردام:
رغم كل التضييق الممنهج الذي لطالما اتخذته السلطات الألمانية منذ السابع من أكتوبر، والذي دفع ثمنه العديد من النشطاء وحتى الإعلاميين المفصولين من وظائفهم بسبب دعمهم للقضية الفلسطينية؛ لم تتوقع البتة أن تتلقى الطعنة هذه المرة من حيث لم تحتسب وهي تتأهب لاستضافة المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا، حيث من المفترض أن يقتصر التحدي والرهان على بعض الشبان بين جماهير إنتر ميلان والفريق الباريسي؛ لكن جماهير الأخير جاءت لألمانيا وهي تتبنى صرخة أطفال قطاع غزة لتحرج الألمان والاتحاد الأوروبي لكرة القدم؛ "الحنون" فقط مع أصحاب البشرة الشقراء والعيون الخضراء والذي يحتفظ في الدرج بقرارات حازمة وعقوبات صارمة كلما تعلق الأمر بقضايا العرب والمسلمين ولا سيما فلسطين وأهلها؛ لذلك ليس غريبا أن يستل سيفه تجاه رابطة مشجعي "بي اس جي" في أقرب فرصة ممكنة.
ويذكرنا ما حدث في ميونيخ بالليلة التاريخية التي شهدتها العاصمة الهولندية أمستردام، وهي الأخرى معروفة بروابطها الوطيدة مع الطرف الصهيوني، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، لذلك جاءت الصدمة مضاعفة لديهم؛ فكلنا يعي تغلغل الأفكار السامة داخل جدران نادي أياكس تحديدا، حيث كان الفريق الهولندي حتى سنة 1990 يستقبل مبارياته على أرضية ملعب "ديمير" المتواجد في شرق المدينة والتي تعتبر المعقل الرئيسي لليهود، وكان هناك رؤساء كثر تولوا قيادة أياكس مع لاعبين يهود كذلك، مع العلم أن أكثر من 80 ألف يهودي كانوا يعيشون هناك قبل الحرب العالمية الثانية؛ دون إغفال ما تعرض له الثنائي المغربي حكيم زياش ونصير مزوراي من هجوم من لدن الجماهير بسبب موقفهما المشرف تجاه القضية الفلسطينية، رغم أنهما كانا من نجوم النادي وحققا معه إنجازات تاريخية إلا أن ذلك لم يشفع لهم.
لكن الدرس البليغ الذي تلقوه من لدن الشباب المغربي والعربي هناك بعد "طوفان الأقصى" غيّر الكثير من المعادلات، لتقهر غزة كل القلاع الحصينة التي احتضنت الرواية الصهيونية ودافعت عنها لعقود طويلة.
المدرجات العربية تئن:
بينما يجتاح اسم غزة أهم المدرجات والمحافل العالمية التي تخطف الأنظار؛ نشهد موجة خفوت ملحوظة في المدرجات العربية التي تفاعلت في بداية الطوفان ورفعت لوحات معبرة من لدن أغلب روابط المشجعين العرب، من المغرب إلى الجزائر وتونس وصولا لمصر وليبيا وغيرها، وتميزت بالجرأة والشجاعة وعكست الموقف الشعبي مما يحدث على الأرض.
بينما يجتاح اسم غزة أهم المدرجات والمحافل العالمية التي تخطف الأنظار؛ نشهد موجة خفوت ملحوظة في المدرجات العربية
لكن في الآونة الأخيرة اقتصرت الأمور على التواجد التقليدي للعلم الفلسطيني دون أن تنجح روابط الألتراس في رفع "تيفوهات" تواكب تصاعد حدة المجازر الصهيونية؛ ما يضع هؤلاء أمام سلسلة من الأسئلة الملحّة، لا سيما في ظل رفع نظرائها في أوروبا وأمريكا الجنوبية للسقف ووضعهم النقاط على الحروف؛ ومن ثم نتساءل: هل تخلت هذه الروابط عن دورها بفعل الضغوط والتضييق المتزايد؟ ام ان الهاءها في مشاكل داخلية وأزمات لا تنتهي فرضت عليها المهادنة حتى إشعار آخر؟
المؤكد ان "الاختراق" الهائل للخطاب الفلسطيني، الذي خرج عن الدائرة المعتادة مثل الأندية المتواجدة في اسكتلندا وأيرلندا الشمالية وحتى إسبانيا، وبات يشمل أهم الجماهير الأوروبية، يمثل عامل ضغط للجماهير العربية التي ما فتئت تبدع وتنشد؛ لكنها في الوقت الحالي تعيش فترة "خمول" يجعلها خارج الصورة في ظرف حساس تحتاج فيه القضية الفلسطينية لكل الأصوات الداعمة له. ونحن هنا لن نستبق الأحداث ونتهمها بالاستسلام، غير أن ذلك لن يمنعنا من النبش في أسباب وحيثيات هذا التراجع المريب.
"ريمونتادا" الرواية الفلسطينية:
لطالما أننا نتحدث عن الشق الرياضي فمن الأجدر استخدام مصطلحات كروية بحتة؛ ومن هذا المنطلق نرى أنها بحق "ريمونتادا" فلسطينية مهمة في التوقيت المناسب، إذ لم يعد الأمر يقتصر على الحضور الشعبي في الشوارع والمناسبات النخبوية الثقافية واللقاءات الفنية التي لا يحضرها أحد؛ نحن أمام انتفاضة شاملة قهرت وهزمت الرأي الرسمي المتصلب المتجذر لعقود وفرضت عليه مراجعة أرواقه رغما عن أنفه، وها هي تصل لأعلى وأهم المناسبات، ما يُلحق بالسردية الصهيونية هزيمة ساحقة ماحقة.
سأختم بواقعة شخصية تلخص ما وصلنا إليه اليوم، حيث في سنوات خلت كان بعض رؤساء التحرير في بعض المنابر العربية الذائعة الصيت يلومونني على حرصي الشديد في طرح مواضيع فلسطينية، ولا زلت أتذكر كلام أحدهم -وهو فلسطيني بالمناسبة- حين قال بالحرف الواحد: "لا تكتب عن فلسطين لأن لا أحد مهتم بقراءة مواضيعها".
انظروا أين وصلنا الآن، وكيف عادت فلسطين لتجتاح العالم وتعيد الاعتبار لعدالة قضيتها!.. والقادم أعظم.