سودانايل:
2025-12-08@20:28:33 GMT

ازالة القيح من الجرح القديمّ

تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT

بسم الله الرحمن الرحيم
سابل سلاطين
ها أنا أخيراً أغمض عينيّ الساهرة وأصحو على أطلال الذكريات المسكونة بالألم القديم، الغارقة بالوجع والدموع والانهيار، وحنانك المُدمِر يا وطني بأيدي الطغاة يدون داخل الذاكرة وجع بطعم النهاية حيث لا توجد علاقة حقيقية مع المكان وذبذبات ايقاعات الزمان، قلت في نفسي ليت تلك الأيام تعود حاملةً بين طياتها الكثير من الذكريات المعتقة بعبيق ورود تلك الاصالة، عندما كبرت اكتشفت أن هذه الحياة ما هي إلا سراب، في طياته حلم جميل مدثر بالأماني.

نعم! سراب لأنك كلما كبرت تكبر معك همومك وأحزانك، تنمو وطموحاتك الصغيرة تكبر وتجرحها السنين العجاف وأحيانا تصيبها في مقتل.
عودي يا طفولتي الجميلة واحمليني الي أفاق حالمة أحيل منها صحراء الحب حقلاً أخضر جميل أرتع فيه من جديد، ليتك تعود أيها الزمان السرمدي لكي أشتاق لذلك الألق الذي كنت أؤمن فيه أن كل مشاكلي الشخصية والقبلية والسياسية والحزبية يمكن أن تحل بقطعة شوكولاتة أو حضن أم حنون رؤوم أو كلمة من خالة أو عم أو جار حنين.
الان شارعِ الحلة القديمِ أصبح ذكرياتْ وأطلال ببرقة ثهمد تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد , ودكان الحلة أصبح واهن كعش العنكبوت , وقدرة الفول التي كنا نعد منها ( البوش ) أصبحت صدأ يغلي فيها دماء الأبرياء من البشر , ومخبز الحي اصبح يحمص فيه جثث الأطفال والابرياء والمقتولين بأيدي التتار بتهمة (الفلولية والكوزنه ) المزعومة وبيوتنا المهجورة أصبحت يسكنها القطط كما قال ( أبولهب) في احدي خطاباته السياسية الغاضبة ( وتبت يدا أبي لهب وتب ) ومساجدنا التي كنا نؤدي فيها الصلاة والعبادة أصبحت مخازن لأسلحتهم الفتاكة وذخائرهم المدمرة ونساؤنا الحرائر أبيحت لهم .
مرة عام من الالام الحزينة والاحداث الموجعة وفي كل أطراف بيت في بلادي يئن من وجع الفواجع والمحن والقاتلون السارقون يعبثون بمقدرات الوطن والمواطن , تذبحني تفاصيل القضية لأنني أري في عيون الأطفال الأبرياء جيل المستقبل ينظرون الي الوطن بانه قاتل وتتطاير من عينيه شرار الموت قد أصبح حبهم للوطن كحزمة من القش تأكلها النيران حيث أصبحت لا تعني لهم فرحة العيد شيا ولا تعني لهم الشوارع شيا ولا الحانة شيا ولا تبهرهم أضواء المدينة ولا سراجات الحي الشعبي قتلوا في دواخلهم كل التفاصيل الجميلة عن الوطن وادخلوهم في نفق أسود قاتم ولكنهم في نهاية النفث وجدوا علم الوطن ملقي علي ارض نهاية النفق وكلمات مبعثرة علي التراب قاموا بكل عزم نفضوا التراب من العلم وتأكدا انه رمزهم وجمعوا أحرف الكلمات المبعثرة ووجدوا تنشد :
نحن أسود الغاب أبناء الحروب
لا نهاب الموت أو نخشى الخطوب
نحفظ السودان في هذي القلوب
نفتديه من شمال أو جنوب
بالكفاح المُرُّ والعزم المتين
وقلوب من حديد لا تلين
نهزم الشرَّ ونجلي الغاصبين
كنسورٍ الجوِّ أو أُسْد العرين
ندفعُ الرّدَى
نصدُّ من عدا
نردُّ من ظلم
ونحمي العلم
فحب المكان هو ذلك الإحساس الخفي الذي يُحركنا للتعلق به، والإحساس بالانتماء إليه مهما بعدت بنا المسافات، فهو شعور فطري ينمو ويكبر مع تقدمنا بالعمر، وإحساسنا بأنّ لا شيء يُضاهي دفء الأرض التي خُلقنا من ترابها، وترعرعنا في روابيها مهما رأينا وأحببنا من بلاد اخري، إنّه حب تناقلناه من الأجداد للآباء، فاستقرّ في قلوبنا ولا زال يكبر و يصارع الضَّجر المسكون فينا حاملين حقائبنا المثقلة بهموم الفرقة والشتات بين موانئ ومرافئ بلدان العالم الأخرى غير أبهين بجراح الوطن الغائرة في عمق التراب المدفونة لمواقيت المستقبل القادم .
حب الوطن لا يحتاج لمساومة، ولا يحتاج لمزايدة، ولا يحتاج لمجادلة، ولا يحتاج لشعارات رنانة، ولا يحتاج لآلاف الكلمات، أفعالنا تشير إلى حبنا، حركاتنا تدل عليه حروفنا، وكلماتنا تنساب إليه، أصواتنا تنطق به، وآمالنا تتجه إليه. تشربت أرواحنا حب الوطن، لتشتاق أرواحنا العودة إليه إن سافرنا، للقريب أو البعيد، مطالبون بكل نسمة هواء، ونقطة ماء تسللت لخلايا أجسادنا، مطالبون بكل خطوة خطتها أقدامنا، على كل ذرة من تراب أرض وطننا الغالي نحو تقدمه ونموه ، يخطو أبناء الوطن الشرفاء نحو رفعت اسم الوطن، تخطو خطاهم ويتشمرون دائما الي الامام للدفاع عن حمى، وحدود أرض الوطن الحبيبة .
لا يوجد سعادة لنا دائما أكثر من حرية موطني الجريح بأيدي المتمردين القتلة .
أطلب المغفرة يا وطني، فمهما جاد القلم وحضرت القريحة لن أجد حرفًا ينصفك ويمتلك التعابير والكلمات التي تليق بجلالك الميمون ،و بسهلك النيلي الأخضر الطويل بشقيه الأبيض والازرق ، وجبالك العالية الشماء، الراسخة كرسوخ تاريخك المدجج بالبطولات ومجد أجدادك التليد والعريق ، وسمائك التي تقطر عسلًا وماءً وتخرج من بين مسامات الأرض زرعا وخضرا ، كل جدار فيك يروي قصة تعب وكفاح وغربة وشتات من جروح قديمة قيحها تعفن بحروب السنين حتي ان بترت اليد اليمني ( جنوب السودان ) في مؤامرة قذرة خططها المستعمر ونفذوها عملاء من أبناء الوطن المأجورين . وجاءه ثورة الحق الثورة التي زهقت ظلم السنين الغابرة التي دنست تراب الوطن وزرعت فيه أشجار الكراهية والبغض وطغوا وتجبروا وعاثوا فسادا وأنجبوا لنا أبن غير شرعي ووضعوا له وافسحوا له المكان ودللوه ومهدوا له طريق الحياة الوثير واخرجوا له شهادة الميلاد ليكون ابن شرعيا يتبناه رحم الوطن وقواته المسلحة ولكنه حينما أشتد ساعده (تفرعن) (ومكر مكرا كبارا) ونادي وقال بصوت عالي( انا ربكم الأعلى)، فقد صوروا له اباليس الظلام (قحت وتقدم ) بانه يمكنه هو وأله بان يكونوا القادة والسادة والأمراء , وحشد جيشة و بدأ الغزو والنهب و السرقات في أملاك المواطنين وقبل ذلك قد أرسلوا له قادته أن (يتزكى) ويعود الي رشده ويسحب قواته من (مروي) وطلبوا منه الهداية والرشد ( فكذب وعصي ثم ادبر يسعي) فحشر جنوده من كل البلاد المجاورة مستظل بهم من أمطار مؤامرة دولية كبيرة تشترك فيها معظم دول العالم العربي والاجنبي والاتحاد الأوروبي وفرنسا بصفة خاصة .ولكن دعاوي الشعب المظلوم والمكلوم وتضافره ووقفته الجسورة مع قواته تجسدت في قوله تعالي ( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ). ترسبات جراحات الماضي ولدت لنا جراحات قابعة على جسد الوطن الكبير لا نداويها بالعقار المناسب بل نضمدها بقيحها ونتركها لحقبة الازمان القادمة بل نضيف عليها جراحات أكثر ونعمق الم الجراحات الماضية ونتركها للزمن الي ان تنفجر هكذا.
دعوات المظلومين وأمهات الشهداء وأبناؤهم وعوائلهم دائما يرفعون أكفهم الي الواحد الاحد بان يلعن الظالمون وينصر المظلومين الشرفاء من العباد.
وعد بالبقاء مهما عصفت بنا الأيام، وتحاملت علينا الأعوام، وحيكت حولك ألف حيلة، فإنّ أرضك راسخة لن تهتز أبدًا، كيف لها أن تهتز وفوقها صغار وكبار ونساء وشيوخ كلهم جنود يحملون في دمهم شرف التضحية من أجلك، كيف تهتز وقد رضعنا الدفاع عنك يا وطني مرةً بعد مرة، وكبرنا سنةً بعد سنة، وعلى صدى أنفاسك الذكية أصبحنا رجالًا علي أكتافك الحنونة يا وطن يا غالي .
ولي وطنٌ آليتُ ألا أبيعَهُ وان لا اتأمر علية وان لا أكيد المكر فيه ولا أحرق أحرق اعشاش بنوه ولا اشرد اطفاله واستحي نساؤه اللاتي هم الأمهات اللائي ينجبن ألف ثائر .
‏اشتقت إليك ‏ يا وطني فعلمني ألا أشتاق ..... ‏علمني كيف أقص جذور هواك ‏من الأعماق ‏علمني كيف تموت الدمعة في ‏الأحداق ‏علمني كيف يموت ‏القلب وتنتحر الأشواق!!!!
كل الأماكن يا وطني لا تُشبهك، لا تُشبهك بأيّ شيء من تفاصيلك التي تمتاز بها، أنت وحدك الوطن، وكل ركن فيك هو وطن بحد ذاته، عذرًا يا وطني، لن أكون الابن العاق لأم بذلت كل ما في وسعها لتُربي أبناءها أفضل تربية، ضحت بشبابها من أجل الآتي في آخر المطاف، وأُلقي كل ما فعلت هباء في الريح، وأرحل عنها، لأتركها طريحة الفراش وأُصبح بلا وطن !!!!!.
نحن جند الله جند الوطن
إن دعا داعي الفداء لم نخن
نتحدى الموت عند المحن
نشتري المجد بأغلى ثمن
هذه الأرض لنا
فليعش سوداننا علماً بين الأمم
يا بني السودان هذا رمزكم
يحمل العبء ويحمي أرضكم..

[email protected]  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: ولا یحتاج لا یحتاج

إقرأ أيضاً:

مجدي طلبة: منتخب مصر الثاني يحتاج لصانع ألعاب في كأس العرب

أكد مجدي طلبة محلل برنامج "البريمو" أن منتخب مصر الثاني بقيادة حلمي طولان لم يستعد جيداً للمشاركة في بطولة كأس العرب المقامة حالياً في العاصمة القطرية الدوحة.

وقال مجدي طلبة محلل برنامج "البريمو" عبر برنامج "البريمو" على قناة تن مع الإعلامي محمد فاروق :" من وجهة نظري أن المنتخب الثاني لم يستعد جيدًا للمشاركة في بطولة كأس العرب وهو ما وضح من شكل المنتخب في مباراتي الكويت والإمارات في أول جولتين بالبطولة ".

تشكيل منتخب الإمارات أمام مصر في كأس العرب مروان حمدي وميسي يقودان تشكيل منتخب مصر أمام الإمارات

وواصل طلبة:"المنتخب الثاني كان يحتاج لصانع ألعاب في كأس العرب لأنه يفتقد الربط بين خط الوسط والهجوم في مباراتي الكويت والإمارات ".

توروب مستاء من عدم تجديد عقد ديانج ورحيله عن الأهلي 

أكد الإعلامي محمد فاروق أن المدير الفني لفريق الأهلي الدنماركي ياس توروب، أبدى غضبًا شديدًا عندما علم بخطط إدارة النادي بعدم تجديد عقد النجم المالي أليو ديانج واقتراب رحيله المحتمل خلال فترة الانتقالات الشتوية في يناير المقبل.

وقال الإعلامي محمد فاروق عبر برنامج "البريمو" على قناة "تن":" توروب يتمسك ببقاء ديانج مع فريق الأهلي وتجديد عقده  الذي يعتبره ركيزة أساسية في خططه الفنية، خاصة بعد استعادة ديانج لمستواه تحت قيادته".

وواصل:" مفاوضات النادي الأهلي مع ديانج للتجديد متعثرة بسبب المطالب المالية للاعب المالي، الذي يتمسك بالحصول على راتب سنوي يبلغ 2 مليون دولار، وهو ما يتعارض مع سقف الرواتب الذي وضعته الإدارة.

مقالات مشابهة

  • تدشين برنامج وطني لتعزيز سلامة العاملين والإنتاجية المستدامة
  • عقل: موازنة 2026 “عبء على المواطن” والحل حوار اقتصادي وطني جريء
  • إطلاق دليل وطني لتوحيد الممارسات الطبية وتحسين رعاية النساء الحوامل والأطفال
  • بذكرى سقوط الأسد.. قسد تدعو لحوار وطني وضمان عودة مهجري 3 مناطق
  • السوداني:حصر سلاح الفصائل الحشدوية يحتاج الى حوار سياسي !!
  • الراعي: لبنان يحتاج إلى رحمة على مستوى السياسة كي تتحوّل السلطة إلى خدمة
  • مجدي طلبة: منتخب مصر الثاني يحتاج لصانع ألعاب في كأس العرب
  • هشام الجخ: الأهلي يتجاوز الرياضة ليُصبح رمزًا وطنيًا إلى جانب الفن والمسرح والأوبرا
  • برج الأسد حظك اليوم السبت 6 ديسمبر 2025..الحب الكبير يحتاج إلى الاهتمام
  • وزير الداخلية التركي: صمت العالم على مأساة غزة يعمّق الجرح الإنساني