حزب الجيش السوداني السياسي المسلح..

د. بشير إدريس محمدزين

* لابد من القول بوضوح إن جيشنا ليس جيشاً مهنياً محترفاً بمعنى الكلمة..
والحقيقة فإن هنالك جيشين: جيش في مخيلة الطيبين والبسطاء والمخمومين، وفي فهم بعض ضباطه المحترفين القدامى أو الجدد، وجيش آخر موجود على الأرض، يمشي بين الناس، ويعايشونه كل يوم، ويرونه بأمهات أعينهم رأي معرفةٍ وتحقيق!!

* وإذا كان الجيشُ جيشاً، وبمثل التصور المثالي المخيالي الذي يصفه به بعض المتخيلين والإسفيريين والتصويريين، فما الذي يجعل الناس منقسمةً في تأييده المطلق هكذا وإلى هذا الحد؟!!

* الواقع إن الجيش السوداني، ومنذ أول إنقلاب له في العام ١٩٥٩م على حكومة منتخبة أصبح حزباً سياسياً بالباب الواحد، ثم أصبح أقرب إلى الماليشيا الحزبية في الثلاثين سنةً الآخيرة.

.هذا توصيف مؤلم، ومتعب، ولكنه أقرب إلى الحقيقة فعلاً..

* وأما بعد الإطاحة بنظام الإنقاذ، ثم بعد فض الإعتصام، وبعد إنقلاب البرهان، ثم أثناء وبعد هذه الحرب التي نعايشها فلقد أصبح الجيش أيَّ شئ وكلَّ شئ ولكن ليس جيشاً نظامياً محترفاً..

* بعد إطاحة نظام الإنقاذ أصبح الجيش (لا يواري دقنو) في ممارسة السياسة البلهاء المفضوحة، فهو (يتخاطف) السلطة مع المدنيين، ويصنع السياسة الخارجية للدولة، ويقرر في علاقات الدولة السودانية المصيرية، ويتبنى الحواضن السياسية ويكوّنها، ويخرِج ويرعى المظاهرات السياسية والمناوئة (لغرمائه) السياسيين، ويشرف على، ويغلق الميناء بأمر حلفائه السياسيين لإسقاط حكومة مدنية عزلاء يخشاها، ثم هو يمارس القوة الغاشمة لإيقاف انتقال سلطة سياسية لجهة مدنية سياسية (شريكة) له، وهو آخيراً يجر البلاد لحرب طاحنة بلا تردد لأنه فقط يريد أن يتنصل من إتفاقٍ (سياسي) وقّع عليه قائده بالموافقة، ثم رأى أن يتنصل عنه (وهو الإطاري) كونه يريد أن يحكم منفرداً !!

* الجيش إذن أصبح مؤسسةً سياسية، ولكنها تمتلك السلاح، بعكس القوى المدنية والسياسية التي ينافسها في الحكم، وهذا كان ديدنه منذ أمد بعيد وحتى الآن !!

والخلاصة..
أن الجيش عندما إنبرى للسياسة (بالدرب العديل) فشل فيها، وفي العسكرية معاً، ومردود ذلك ما نشاهده الآن:

أصبح الجيش مسخاً عجيباً لا هو بالسياسي الحاذق الذرِب، ولا هو بالعسكري المنضبط المجوِّد، والنتيجة هي ما نرى من بؤس الأداء على الأرض عسكرياً، ومن إنكسارات وإنسحابات وإنسحاقات واستسلامات وفشل ماحق ..
وأما على مستوى السياسة فاكبر تبديات فشله أنه ليس له الآن صليحٌ ولا حليفٌ لا إقليمياً ولا دولياً إلا من الأنظمة المارقة والمنبوذة ..

وداخلياً فمؤسف أن من أكبر (صلحائه) الكيزان والأرادلة، ممن أسقطهم الشعب في ثورةٍ مشهودة دفع فيها دماءً غالية وأنفساً عزيزة وتحمل إنتهاكات لا حدود لها، وهاهم يحارب الجيش لهم، أو معهم، ليعودوا مجدداً وليفعلوا ما كانوا قد فعلوا، ومجدداً، بل سيكونون أبشع وأضل..

* الجيش السوداني هو بدقة شديدة حزبٌ سياسيٌ بالمعنى المكتمل للكلمة، وعندما تؤيده يا صديقنا، أو تعارضه أو حتى إذا عمِلت على اسقاطه (سياسياً) فأنت فقط تؤيد أو تعارض أو تعمل على إسقاط حزبٍ سياسي لا غير.. والمخاطرة الوحيدة في ذلك أنه لا يرتضي قواعد اللعبة السياسية حتى النهاية، وأنه مستعدٌ أن يقلبها إلى عنف في أي وقت لا تعجبه، لأنه يمتلك أدوات العنف.. وبس !!

الوسومالانقلابات العسكرية في السودان الجيش السودان حرب السودان

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش السودان حرب السودان

إقرأ أيضاً:

مسيرات الدعم السريع تلاحق النازحين الفارين الى الشمالية وتهاجم مروي ومضادات الجيش السوداني تتصدى

متابعات تاق برس- لاحقت مسيرات الدعم السريع النازحبن الفارين من ويل الحرب في الفاشر الى الولابة الشمالية، حيث اطلقت قوات “حميدتي” مسيرات انقضاضية استهدفت مدينة مروي شمالي السودان بصورة عامة.

وحسب الفرقة 19 مشاة مروي التابعة للجيش السوداني تصدت الدفاعات الجوية للمسيرات التي أطلقتها قوات الدعم السريع على المدينة.

 

 

وقالت قيادة الفرقة 19 مشاة مروي، في تعميم إن الدفاعات الارضية تتصدي لعدد من المسيرات الانتحارية التي اطلقتها مليشيا الدعم السريع المتمردة محاولة إستهداف مقر قيادة الفرقة 19 مشاة ومطار مروي وسد مروي وتصدت لها المضادات الارضية و إسقاطها جميعاً قبل أن تصل إلى هدفها.

 

واكدت قيادة الفرقة 19 مشاة الاستعداد التام للتصدي لأي تهديدات للولاية الشمالية.

 

 

وقالت مصادر ان الهجوم استهدف مدينتي دنقلا والدبة التي نزح اليها الاف المواطنين النازحين من الفاشر ومناطق في كردفان عقب سيطرة الدعم السريع عليها.

 

ولم يعرف حجم الخسائر حتى الآن وما اذا كان هناك خسائر في الأرواح.

 

وكانت الفرقة 19 مشاة قد شهدت حراكا كبيرا خلال الساعات الماضية بزيارة وفد رفيع من قيادة الجيش المركزية بقيادة نائب رئيس هيئة أركان إدارة بالقيادة العامة للقوات المسلحة السودانية الفريق الركن عبد الخير عبدالله ناصر.

 

وتأتي الزيارة بحسب إعلام الفرقة في إطار تعزيز التنسيق المشترك وتبادل الخبرات بين وحدات القوات المسلحة، وتعزيز الاتجاه الشمال الاستراتيجي و دعم التعاون وتطوير الأداء المؤسسي وتفقد مراكز التدريب.

 

مرويمسيرات الدعم السريعمضادات الجيش السوداني

مقالات مشابهة

  • سمير مرقص: الذكاء الاصطناعي الآن أصبح حالة مجتمعية واسعة
  • الجيش السوداني: الدعم السريع يشن ضربات بالمسيرات على مروي
  • الجيش السوداني يعلن التصدي لهجوم بطائرات مسيّرة استهدفت سد مروي
  • مسيرات الدعم السريع تلاحق النازحين الفارين الى الشمالية وتهاجم مروي ومضادات الجيش السوداني تتصدى
  • الجيش السوداني: النازحون من دارفور يختارون مناطق الدولة والأمم المتحدة تشيد بتسهيل وصول المساعدات
  • حاولت استهداف السد والمطار .. الجيش السوداني يعلن إسقاط مسيّرات في مروي
  • الجيش السوداني يدمر مسيرات لميليشيا الدعم السريع شمال البلاد
  • بسبب برامجها السياسية.. الجيش الإسرائيلي يقرر إغلاق إذاعته بحلول مارس 2026
  • مساعد قائد الجيش السوداني يتحدث عن معادلة الطريق الى السلام واستعادة الأمن
  • الجيش السوداني يرفض الهدنة ويتمسك بخيار الحرب