الفوسفور.. عنصر الحياة والموت والتعذيب!
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
أ. د. حيدر أحمد اللواتي **
بعد العملية البطولية التي قامت بها حركة "حماس" في السابع من أكتوبر 2023، واستخدمت فيها سلاحًا سهلًا وممتنعًا في اختراق القبة الحديدة للعدو الصهيوني، جن جنون العدو وقام باستخدام أسلحة فتاكة محرمة دوليًا في ضرب المدنيين العزل، ومن الأسلحة التي تم استخدامها ما يعرف بالقنابل الفوسفورية، وهي قنابل تتكون وبشكل أساسي من عنصر الفوسفور، ويدل استخدامها على الحقد الدفين وفقدان كل القيم الإنسانية فهذه القنابل لا تسعى إلى قتل الإنسان فحسب؛ بل تجعله يتعذب ويتعرض إلى آلام مبرحة قد تصاحبه لفترات طويلة.
والغريب في عنصر الفوسفور المستخدم في هذه القنابل، أنه يُعد من أهم العناصر الكيميائية التي تحتاج لها الكائنات الحيَّة؛ فهو عنصر أساسي يتواجد في كل كائن حي؛ إذ إنه مكون أساسي لمُركَّب "دي إن إيه"، كما إنه يؤدي دورًا مُهمًا في غلاف خلايا الكائنات الحيَّة، ويعد عنصرًا أساسيًا في الأسمدة، وأدى دورًا بارزًا في الثورة الزراعية، لكنه يتواجد في الطبيعة مرتبطًا بعنصر الأوكسجين، ولا يتواجد على شكل عنصر مُفرَد، كما هو الحال في هذه القنابل المدمرة، ومن هنا فلم يتم الكشف عنه إلا في القرن السابع عشر في قصة عجيبة من قصص تاريخ العلوم ، فلقد لعبت الصدفة دورًا مُهمًا في ذلك؛ ففي عام 1669 راودت رجل يدعى "براندت" وذلك في أثناء تفكيره للحصول على الذهب، فكرة مجنونة، مفادها أنه قد يتمكن من الحصول على الذهب من البول، وذلك لأنَّ لون البول أصفر كالذهب! فما كان منه إلّا أن قام بغلي كميات كبيرة من البول ونتج عن هذا الغليان مادة حمراء كثيفة وسائلة وبقايا مواد سوداء صلبة، فقام بخلط الإثنين معًا وتسخينهما مرة أخرى، ونتج عن هذا الخلط والتسخين مادة شمعية تفوح منها رائحة شبيهة برائحة الثوم وتوهُّج بلون قرمزي، لكن المهم في الأمر أن المادة كانت شديدة الاشتعال وينتج عند احتراقها ألق أبيض اللون، وهو ما حدا بـ"براندت" إطلاق اسم الفوسفور على هذه المادة الجديدة.
وكانت هي المرة الأولى التي يتم فيها إنتاج عنصر الفوسفور الأبيض دون أن يكون مرتبطًا بالأوكسجين، وبعدما فطن الإنسان إلى بعض خواص هذا العنصر الذي استخرجه من بوله، تم استخدامه في الحروب بشكل متكرر وخاصة في الحربين العالميتين الأولى والثانية؛ ففي هذه القنابل يتم تخزين الفسفور بعيدا عن الأوكسجين، وعندما يُطلق الفسفور في الهواء ونظرًا لتواجد الأوكسجين في الهواء، فإنه يتفاعل مع الفسفور وبشدة، ويولد هذا التفاعل حرارة كبيرة للغاية مولدًا لهبًا أصفر اللون ودخانًا كثيفًا، ولا يتوقف التفاعل مُطلقًا، الّا إذا نفدت مادة الفسفور؛ لأن كميات الأوكسجين في الهواء كبيرة، ومما يزيد من السوء أن الأوكسجين يتواجد في الماء أيضًا ولذا فعندما يتعرض المصاب إلى الاحتراق بالفسفور، فإن تعريضه للماء يزيد من شدة الاشتعال، كما إن الفسفور مادة تذوب في الدهون بسهولة ويسر، لذا فيمكنه النفاذ من جلد الإنسان إلى أعضائه الداخلية، مسببًا حروقًا كيميائية مؤلمة، فهو لا يقتصر على حرق الجلد؛ بل ينفذ إلى الأعضاء الداخلية، ولذا فإن التعذيب الذي يتعرض له المصاب لا يُطاق ولا يحتمل، فكيف بالأطفال والشيوخ والعجزة؟
ومن هنا، فإن الإسلام وجّه أتباعه إلى العلم النافع والذي يجلب الخير والنفع للإنسان، وحذّر من استغلال العلم في إنتاج اختراعات تحوله إلى وحش كاسر، فكل علم لكي يكون ذا قيمة في الإسلام، فلا بُد أن يكون نافعًا ومفيدًا؛ سواءً كان في الأمور الدينية أو في غيرها.
يقول المفكر الإسلامي الكبير مرتضى مطهري "كل علم ينفع المسلمين وشؤونهم ولازم لهم، يعتبر من العلوم الدينية، فلو أخلص امرؤ نيته لخدمة الإسلام والمسلمين وتعلم علمًا لشمله الثواب والأجر اللذين قيلا لتحصيل العلم، ولكن ممن ينطبق عليهم الحديث (وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم)".
المعرفة العلمية تمنح الإنسان قدرات جديدة لم يكن يمتلكها فيما مضى، لكن العلم لا يُحدد طرق الاستفادة من هذه المعرفة العلمية؛ فذلك يرجع إلى الإنسان والى القيم والمبادئ التي تحكمه، فكما أن الله تعالى منح الإنسان القدرة على عمل الخير والشر، وعلى الإنسان أن يختار بينهما، فان الله تعالى وهب له عقلًا، وهذا العقل ومن خلال المعرفة العلمية التي توصل لها وسّع من هذه القدرات، فأصبح يملك قدرات هائلة يمكنه الاستفادة منها في أعمال تجلب الخير والنفع للبشرية ويمكنه بالمقابل القيام بأبشع الجرائم وإبادة البشرية؛ بل وتدمير كرتنا الأرضية برمتها.
لذلك لا يُنعت العلم بالإجرام، ولا يُلام على ما لحق من ضرر بالبشرية؛ بل المُجرم هو ذلك الإنسان الذي استخدم العلم لتعذيب وقتل أخيه الإنسان.
** كلية العلوم، جامعة السلطان قابوس
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
نيجيريا تحقق إنجازا مزدوجا تاريخيا وتتوج بأول ألقاب بطولة أفريقيا لكرة قدم العلم
توِج منتخبا نيجيريا للرجال والسيدات بأول ألقاب بطولة أفريقيا لكرة قدم العلم (Africa Flag) التابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم الأمريكية (IFAF) في محطة مفصلية على طريق إدراج اللعبة للمرة الأولى ضمن أجندة الألعاب الأوليمبية في أولمبياد لوس أنجلوس 2028.
ففي نهائي مثير لفئة الرجال، حسم منتخب نيجيريا اللقب بفوز صعب على أصحاب الأرض منتخب مصر بنتيجة 13-12 أمام الجمهور الذي حضر المباراة في ملعب “كلوب وان” بالمعادي، القاهرة بحضور عدد من الشخصيات البارزة من بينهم معالي وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي.
أما في منافسات السيدات، فقدمت نيجيريا أداء قويا وتغلبت على المغرب بنتيجة 26-12 بفضل تمريرتين حاسمتين في الشوط الثاني من اللاعبة أنوولوابو بيلو حيث علقت على اللقاء قائلة : " أنه لإنجاز عظيم لنا، وأنا فخورة بكل فتاة هنا فنحن لدينا الآن فرصة للوصول إلى بطولة العالم وإثبات ما يمكننا تحقيقه " .
كما اكتمل التتويج التاريخي بحصول تونس (رجال) ومصر (سيدات) على الميداليات البرونزية، لتستكمل بذلك منصة التتويج الأولى في تاريخ كرة قدم العلم الأفريقية.
وشهدت البطولة مشاركة 11 منتخبا من 8 دول من مختلف أنحاء القارة، لتكون أولى البطولات القارية ضمن أجندة الاتحاد الدولي لكرة القدم الأمريكية لعام 2025 وتمثل انطلاقة نحو الدورة التنافسية الأضخم في تاريخ اللعبة والتي تتوّج بمشاركة مرتقبة في أولمبياد لوس أنجلوس 2028.
وبهذا الإنجاز، تأهل منتخبا نيجيريا للرجال والسيدات مباشرة إلى بطولة العالم لكرة قدم العلم IFAF لعام 2026، كما حصلت 10 منتخبات أفريقية على تصنيف عالمي رسمي لأول مرة.
ومن جانبه، قال هايز أوبينا أوزوه، كواترباك منتخب نيجيريا للرجال: “أنه أمر لا يصدق .. لقد صنعنا التاريخ" بينما أضاف محمود أبو شادي، كواترباك منتخب مصر قائلا: “قاتلنا حتى النهاية لكننا خسرنا بفارق نقطة وأود أن أوجه التحية للجمهور الرائع وأجواء البطولة لا تنسى" .
وفي السياق ذاته قالت سونيا مؤمن، لاعبة منتصف الملعب بمنتخب المغرب للسيدات: “نادراً ما نشاهد جمهورا بهذا الحجم وهذا التفاعل إلا في مباريات كرة القدم وأنا فخورة بفريقي كثيرا ".
وتعد كرة قدم العلم واحدة من أسرع الرياضات نموا في العالم، وتحقق توسعا سريعا في أفريقيا حيث سجلت العديد من الاتحادات الأعضاء في IFAF نموا تجاوز 100% في نسب المشاركة خلال العام الماضي.
وجرى تنظيم بطولة Africa Flag 2025 بالشراكة مع رابطة الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية (NFL)، التي تعمل مع الاتحاد الدولي على توسيع قاعدة ممارسة اللعبة في أفريقيا.
وضمن أنشطة الحدث في القاهرة، تنظم NFL سلسلة من الفعاليات المصاحبة تهدف إلى ترسيخ إرث دائم لكرة القدم الأمريكية في القارة، وتشمل:
•بطولة قارية لفئة تحت 12 سنة للبنين والبنات ضمن منافسات “NFL Flag”.
•جلسة كشف مواهب للاعبين الواعدين من أفريقيا، تؤهلهم للالتحاق بأكاديمية NFL أفريقيا-أوروبا أو برنامج International Player Pathway.
•ورشة تأهيل للمدربات الشابات في أفريقيا بالتعاون مع IFAF، وبمشاركة سفيرة اللعبة العالمية إليسا دي سانتيس من فرنسا.كما شارك في الفعاليات كل من نجمي NFL ، بوبي أوكيركي من نيويورك جاينتس وذو أصول نيجيرية، وتانوه كاباسانيون من نيو أورلينز ساينتس، ويحمل جنسيتي ساحل العاج وأوغندا، وكانا حاضرين في النهائي التاريخي إلى جانب النجم أوسي يومينيورا، الفائز مرتين بالسوبر بول والمشرف على مشروعNFL في أفريقيا.
ومن ناحيته ، علق أوسي يومينيورا قائلا: “لقد حققت البطولة القارية الأولى نجاحا باهرا وكانت مصر المضيف المثالي لهذه الانطلاقة التاريخية. لقد ألهمتنا رؤية المواهب الشابة من مختلف أنحاء القارة وهي تتألق على مدار يومين استثنائيين ،ونحن فخورون في NFL بهذه الشراكة مع IFAF لدفع نمو اللعبة نحو أوليمبياد LA28 " .
وفي سياق متصل ، أضاف رئيس الاتحاد الدولي، بيير تروشيه: "كل من شارك في هذا الحدث سواء لاعبا أو مسؤولا يملك اليوم جزءا من هذا التاريخ و لكن الأهم من التاريخ هو المستقبل، وما كشفته هذه البطولة هو عمق الشغف والموهبة في أفريقيا فهذه هي البداية فقط ومع شركائنا في NFL سنحرص على أن تكون هذه الانطلاقة قاعدة لتنمية طويلة الأمد.”
وعلى صعيد متصل، عبر علي رفيق، رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم الأمريكية، عن فخره قائلا: “لا يمكن للكلمات أن تعبّر عن مشاعرنا في هذه اللحظة فقد كانت البطولة على أعلى مستوى من التنافس، وشهدت طاقة استثنائية ونحن ل عملنا بجد مع IFAF والاتحادات الأخرى للوصول إلى هذه اللحظة، واليوم يمكننا أن نقول بثقة أن أفريقيا دخلت رسميا خريطة كرة قدم العلم، وهذه هي مجرد البداية " .
كما شهدت البطولة إطلاق الشراكة الجديدة بين IFAF والوكالة الدولية لفحص المنشطات حيث نظمت جلسات توعوية للاعبين والمدربين لتعزيز التثقيف حول مكافحة المنشطات.
ومن المقرر أن تستأنف سلسلة البطولات القارية التابعة للاتحاد الدولي خلال سبتمبر المقبل، مع إقامة بطولة EURO FLAG 2025 في العاصمة الفرنسية باريس.النتائج والترتيب النهائي
بطولة أفريقيا لكرة القدم العلم 2025 – بطولة الرجال
مباراة الميدالية الذهبية
نيجيريا 13 – مصر 12
مباراة الميدالية البرونزية
تونس 36 – المغرب 14
مباراة المركز الخامس
الكاميرون 45 – السنغال 13
مباراة المركز السابع
جنوب أفريقيا 60 – أوغندا 0
نصف النهائي
مصر 21 – المغرب 12
، تونس 18 – نيجيريا 40
الترتيب النهائي للرجال
1. نيجيريا
2. مصر
3. تونس
4. المغرب
5. الكاميرون
6. السنغال
7. جنوب أفريقيا
8. أوغندا
بطولة أفريقيا لكرة القدم العلم 2025 – بطولة السيدات
مباراة الميدالية الذهبية
نيجيريا 26 – المغرب 12
مباراة تحديد الترتيب
مصر 13 – المغرب 19
الترتيب النهائي للسيدات
1. نيجيريا
2. المغرب
3. مصر