مئتا يوم.. نفاق غربي وتآمر عربي وغزّة صامدة
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
يمانيون – متابعات
مئتا يوم على حرب إبادة غزّة، لم تبقِ حجرًا على حجر.. مجازر جماعية، لم يشهد التاريخ نظيرًا لها، تجاوزت فظاعتها ما خلفته قنبلتا “هيروشيما” و”ناكازاكي” اليابانيتين بأشواط.. عشرات آلاف الأطنان من المتفجرات انهمرت، بما يعادل 4 قنابل نووية، أحرقت الأخضر واليابس في القطاع الفلسطيني، لكنّها مع ذلك لم تنل من عزيمة أهله المقاومين المضحين الصابرين، ولم تبدل موقفهم، فلا هانوا ولا وهنوا، وهزموا الاحتلال بدمائهم، وحطّموا جبروته تحت أقدامهم، وداسو “أساطير قوته” الفولاذية وصهروا “ميركافاته” الحديدية على عتبة قطاعهم الضيق، فلا هو قادر على إبقاء جيشه في أزقة غزّة وزواريبها ولا على تحقيق أهداف العدوان التي شطح بسقوفها، ولا هو قادر على التراجع المذل أمام مقاومة أبنائها الجبارين، خشية نهاية أمن كيانه المؤقت وزواله القريب.
وبالرغم من وحشية العدوان الصهيوني على غزّة، ظلّ العالم المتحضر صامتًا متفرجًا، ما هاله قتل آلاف الأبرياء العزل من الأطفال والنساء (أكثر من 22 ألف شهيد وشهيدة)، فبراءة الطفولة في غزّة لا تعنيه، ليذرف عليها دموع التماسيح التي ذرفها يومًا على طفل درعا حمزة الخطيب الذي قتل في العام 2011 بظروف غامضة، فجعلوا منه رمزًا لإشعال وقود “ثورتهم” المزعومة في سورية.. ثمّ ما بال غزّة وشأنها باتفاقية حقوق الطفل الدولية، كي يحرك الغرب منظومة الأمم وينقذ أطفالها.. وما بال غزّة وشأنها بحقوق المرأة وحرياتها.. نساؤها لسن “مهسا أميني” ليجعلوا منهن أيقونة وقضية رأي عام عالمي، كما فعلوا يوم قادوا حربهم التركيبية لإشعال الفوضى في إيران انطلاقًا من وفاة الإيرانية المذكورة بعارض طبي، ثمّ ما شأنهم حتّى تهتزّ هيئة المرأة في الأمم المتحدة.. وترى نفسها معنية بالدفاع عن حقهم المشروع بالحياة حتّى؟
لم يكتف العدوّ بما ارتكب من مجازر، يندى لها جبين البشرية، فهو لم يوفر مؤسسة طبية (استهداف 159 مؤسسة طبية – تدمير 32 مشفى بالكامل – إخراج 53 مركزًا صحيًا عن الخدمة – تدمير نحو مئتي سيارة إسعاف..) ولا تربوية (قصف 443 مدرسة وجامعة منها 100 دمرت بالكامل) ولا دينية (تعرض 539 مسجدًا للقصف والتدمير و3 كنائس) ولا معلمًا أثريًا وتراثيًا (203)، ومع ذلك؛ وقفت كلّ أجهزة منظومة الأمم بكلّ تشريعاتها ومعاهداتها ومحاكمها ومجالسها موقف المتفرج على أفظع المجازر، ولم تحرك ساكنًا، كأنّ ما يجري مباراة، وليس حرب إبادة وجريمة ضدّ الإنسانية، والأدهى أن منظومة الأمم تلك، والتي يتشدّق البعض بأنها تحمي فلسطين ولبنان، لم تستطع أن تحمي مباني منظماتها ولا حتّى موظفيها.. فأين مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية والجنائية الدولية؛ وأين مجلس جنيف لحقوق الإنسان، وأين المنظمات المعنية بحقوق المرأة ومنظمات “اليونيسيف” و”اليونيسكو”، وأين المنظمات العالمية لحماية حرية الإعلام والصحافة التي لم تستطع أن تمنع العدوّ عن استهداف الصحفيين وتصفيتهم خوفًا من نقل صورة ما يرتكب؟ وأين منظمة الصحة العالمية إزاء تصفية الكوادر الطبية؟ وأين منظمة الأغذية العالمية من حصار وتجويع أهل غزّة الشرفاء؟ باختصار أين دعاة الحرية والتحضر وموطن الحداثة وموئل الديموقراطية؟ أين الضمير العالمي مما يجري في غزّة، وهل ثمة بصيص أمل بأن يستفيق.. أو انه مات وشبع موتًا؟!
اليوم؛ عرت غزّة الغرب ونفاق أميركا التي دأبت على بيعنا الشعارات الفارغة لشراء الوقت، في ما كانت تخصص جسرًا جويًا وبحريًا لمد “إسرائيل” بترسانة الأسلحة، وترسل بوارجها إلى المنطقة لحماية الاحتلال من حزب الله أولًا، ثمّ تشكّل تحالفًا دوليًا (حارس الازدهار) لحماية إيلات ومنع اليمنيين من إغلاق البحر الأحمر بوجه السفن المتوجهة إلى كيان الاحتلال، لتتوج ذلك لاحقًا بتزويده بمساعدات بـ٢٦ مليار دولار.
لعل سلوك المجتمع الدولي المنافق تجاه غزّة ليس غريبًا علينا، فقد انفضح وتعرى سابقًا في قضايا مماثلة، وأطفال غزّة لن يشذوا عن قواعده، بنظر الغرب هم مجرد “إرهابيين” ذنبهم فقط أنهم يواجهون الاحتلال المقيت..، ونساء غزّة “إرهابيات” ذنبهن أنهن أمهات يحملن في بطونهن أجنة مقاومين.. أما الحل بنظر المحتل فهو استئصال تلك الأجنة علّه يمد بعمر كيانه المؤقت ويغير مصيره المحتوم بظلّ عقدة عقد الثمانين، ويتفادى بذلك أن يخرج له من رحم غزّة أبطال بواسل كفارس عودة وآخرين ممن شبوا على قهر نخبة جيش العدوّ وشيّبوا رؤوس قادته.
قد يكون نفاق الغرب مفضوحًا لدينا.. لكن العرب ذوي القربى ظلمهم أشد مظاظة..، فاللافت هنا أننا لم نسمع طوال أيام العدوان على غزّة باسم “جامعة الدول العربية”.. ولكأن غزّة ليست في قاموسها أو ليست عربية، كأنها ليست من أراضي دولة فلسطين المفترض أنها عضو في تلك الجامعة، لربما معذورة تلك الجامعة التي ما عادت جامعة ولا عادت عربية..، معذورة لربما ليس لديها الوقت الكافي لعقد القمم والمؤتمرات.. لربما لا تستأهل إبادة شعب غزّة برأيها أن تكون بندًا أولًا على جدول أعمالها كما كانت سورية من قبل، يوم كان جلّ اهتمام العرب ليس ردع المؤامرة الكونية عنها، بل تأدية الأدوار المنوطة بهم شريكًا في التآمر والعدوان على دولة شقيقة حتّى بلغ الحد تعليق عضويتها في الجامعة بدلًا من الوقوف إلى جانبها بوجه موجات الإرهاب التي اجتاحتها.
اليوم؛ وبعد مئتي يوم من العدوان على غزّة تتكشف وتنفضح بالفعل أهداف كلّ محاولات أبلسة المقاومة على مدى ربع قرن.. اليوم يتكرّر النفاق الغربي والتآمر العربي الصامت على غزّة لإسقاطها، واليوم يتضح الخيط الأبيض من الأسود؛ فغزّة هاشم فرزت العالم بأسره ما بين محور شر وباطل تقوده أميركا و”إسرائيل” وتنخرط فيه أنظمة التطبيع أو “عرب الاعتدال” وفقًا للتصنيف الأميركي، ومحور خير وحق تقوده حركات المقاومة في فلسطين ولبنان وسورية واليمن والعراق، وعلى رأسه الجمهورية الإسلامية الإيرانية..
وعلى شعوب العالم أن تتّخذ موقفها وتختار، إلى جانب من تقف، إلى جانب غزّة بما تمثله من رأس حربة لتحرير فلسطين من البحر إلى النهر أو كيان الاحتلال المعتدي المجرم وعديم الإنسانية وشركائه الغربيين.
موقع العهد الإخباري / علي عوباني
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: على غز ة
إقرأ أيضاً:
بريطانيا تفجّر مفاجأة هذا الأسبوع: خطة للاعتراف الرسمي بدولة فلسطين تهز الداخل والخارج
وبحسب ما نقلته الصحيفة، فإن الخطة الجديدة ستكون الأوضح حتى الآن من جانب بريطانيا بشأن الشروط المطلوبة للاعتراف بالدولة الفلسطينية، ومن المتوقع أن تتضمن دعوات لهدنة شاملة في غزة وإطلاق سراح الرهائن كشرط مسبق لأي اعتراف رسمي.
وتتزامن هذه الخطوة البريطانية مع تحركات دولية مماثلة، إذ سبق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن أعلن عن نية بلاده الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، في خطوة لاقت ترحيباً عربياً واسعاً وأثارت حفيظة كل من إسرائيل والولايات المتحدة.
وتُظهر الإحصاءات الأخيرة أن نحو 147 دولة من أصل 193 عضوًا في الأمم المتحدة تعترف بالفعل بدولة فلسطين، أي ما يعادل 75% من دول العالم.
وتشمل قائمة الدول التي انضمت حديثاً للاعتراف بفلسطين كلًا من آيرلندا، إسبانيا، النرويج، أرمينيا، وسلوفينيا، إلى جانب دول من الكاريبي مثل جزر البهاما وترينيداد وتوباغو.
وفي ظل استمرار الحرب في غزة، دعت مجموعة من خبراء الأمم المتحدة عام 2024 جميع دول العالم إلى الاعتراف الفوري بفلسطين، كخطوة أساسية لتحقيق وقف إطلاق نار دائم، وتخفيف الكارثة الإنسانية المتفاقمة في القطاع.
وبينما تُترقب تفاصيل الخطة البريطانية، تتجه الأنظار إلى لندن لترى إن كانت هذه المبادرة ستكون مجرد خطوة رمزية، أم أنها ستشكل تحولاً استراتيجياً في دعم الحق الفلسطيني على الساحة الدولية.