قالت الممثلة الخاصة للأمين العام للعنف الجنسي أثناء الصراعات براميلا باتن إن انتهاكات العنف الجنسي المرتبط بالنزاع ارتفعت بنسبة 50 في المئة عام 2023 مقارنة بالعام الذي سبقه، منبهة إلى أن تلك الزيادة المقلقة تأتي في خضم سياق عالمي يظل فيه الوصول الإنساني مقيدا بشدة.

جاء هذا في إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي الثلاثاء لاستعراض التقرير السنوي الخامس عشر للأمين العام حول العنف الجنسي المتصل بالنزاع والذي يغطي الفترة ما بين يناير وديسمبر 2023.

 

وأظهر التقرير أن اندلاع النزاع وتصاعد حدته عام 2023 أدى إلى تعرض المدنيين لمستويات عالية من العنف الجنسي المتصل بالنزاع، الذي يؤججه انتشار الأسلحة وزيادة العسكرة، وأن حاملي السلاح من الجماعات المسلحة التابعة للدولة وغير التابعة للدولة على حد سواء استهدفوا المدنيين بالاغتصاب والاغتصاب الجماعي والاختطاف وسط مستويات قياسية من التشريد الداخلي وعبر الحدود.

وقالت باتن إن التقرير رصد 3688  حالة عنف جنسي متصل بالنزاع تحققت منها الأمم المتحدة، وأن النساء والفتيات شكلن 95 في المائة من تلك الحالات، مقارنة بخمسة في المئة بالنسبة للرجال والفتيان.

وأوضح التقرير أن 32 بالمئة من تلك الحالات الموثقة كانوا من الأطفال، أغلبهم من الفتيات بواقع 98 في المئة.

إسرائيل والأراضي الفلسطينية

وأفادت الممثلة الخاصة للأمين العام للعنف الجنسي أثناء الصراعات بأن التقرير يتضمن لأول مرة هذا العام قسما مخصصا لإسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.

وتطرقت إلى زيارتها لإسرائيل في أعقاب الهجمات التي شنتها حماس وجماعات أخرى في إسرائيل في 7 أكتوبر، مشيرة إلى أنها أكدت وفريقها أن هناك أسبابا معقولة للاعتقاد بأن العنف الجنسي المرتبط بالنزاع قد حدث في ثلاثة مواقع على الأقل، وأن العنف الجنسي وقع ضد الأفراد المحتجزين كرهائن وقد يكون مستمرا.

وأشارت كذلك إلى ما ورد في التقرير فيما يتعلق بالضفة الغربية المحتلة، حيث أكدت المعلومات التي تحققت منها الأمم المتحدة التقارير التي تفيد بأن عمليات اعتقال واحتجاز النساء والرجال الفلسطينيين من قبل قوات الأمن الإسرائيلية في أعقاب هجمات السابع من أكتوبر، كانت مصحوبة في كثير من الأحيان بالضرب وسوء المعاملة والإذلال بما في ذلك أشكال العنف الجنسي. 

وأضافت أنه وفقا لكيانات الأمم المتحدة، ظهرت ادعاءات مماثلة في غزة بعد وقت قصير من بدء العمليات البرية التي تقوم بها القوات الإسرائيلية.

وقالت باتن "هذه النتائج لا تبرر بأي حال من الأحوال أو تضفي الشرعية على المزيد من الأعمال العدائية، وما زلت أردد نداءات الأمين العام من أجل وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية وإنهاء المعاناة التي لا توصف للمدنيين الفلسطينيين، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن".

ليبيا واليمن

وأوضحت المسؤولة الأممية أن التقرير أظهر أن العنف الجنسي يظل جزءا من أساليب القمع السياسي يستخدم لإرهاب ومعاقبة الخصوم، وكتكتيك لإسكات النساء اللاتي يشاركن بنشاط في الحياة العامة والسياسية وخصوصا في دول مثل ليبيا واليمن.

وذكر التقرير أن وقوع اشتباكات متفرقة عام 2023 بين الجماعات المسلحة وانتشار الأسلحة بشكل غير مشروع، واستمرار الانقسامات بين الجهات الفاعلة السياسية الليبية، وأوجه القصور في الحوكمة، أدى إلى إيجاد بيئة ارتكب فيها العنف الجنسي المتصل بالنزاع في ظل إفلات الجناة من العقاب. 

وفي اليمن، ساهمت الأزمة الإنسانية المستمرة وانهيار سيادة القانون في نشوء بيئة تتعرض فيها النساء والفتيات للعنف الجنسي المتصل بالنزاع، بحسب ما جاء في التقرير.

وأضاف أنه بسبب الوصم بالعار والأعراف الذكورية المتعلقة بالشرف والخوف من الانتقام، لا يزال الإبلاغ عن جريمة العنف الجنسي ناقصا بشكل كبير.

السودان 

وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام للعنف الجنسي أثناء الصراعات إن التقرير أظهر مستوى غير مسبوق من استخدام العنف المميت لإسكات الناجين من الاعتداءات الجنسية.

وأشارت إلى أن مقدمي الخدمات على خطوط المواجهة والمدافعات عن حقوق الإنسان لم يسلموا من تلك الهجمات، حيث هددت الأطراف المسلحة العاملين في مجال الصحة في السودان وشنوا أعمالا انتقامية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في جنوب السودان. 

ووثق التقرير عام 2023 حالات عنف جنسي متصل بالنزاع في السودان ضد 98 امرأة و18 فتاة ورجل واحد وفتى واحد، وقعت في ولايات الخرطوم وجنوب دارفور وشمال دارفور.

كما ورد في التقرير أن الأمم المتحدة تلقت معلومات موثوقة عن اختطاف أكثر من 160 امرأة وفتاة، بما في ذلك تقارير عن اغتصاب نساء وفتيات واحتجازهن في ظروف أشبه بالعبودية.

وأشارت إلى زيارتها للحدود بين السودان وجنوب السودان حيث كانت النساء والفتيات هدفا للاغتصاب والاغتصاب الجماعي والاختطاف.

ودعت أطراف الصراع في السودان إلى اتخاذ إجراءات محددة لمنع العنف الجنسي ومعالجته.

العراق وسوريا

وتطرق التقرير كذلك إلى حالات العنف الجنسي في العراق حيث قال إن الأمم المتحدة تحققت من العنف الجنسي الذي ارتكبه تنظيم داعش ضد 11 فتاة، اختطفت ثلاث منهن عام 2014 وأنقذن في عام 2023.

ورصد التقرير كذلك أن تصاعد الأعمال العدائية في سوريا، إلى جانب المصاعب الاقتصادية، أدى إلى تعريض النساء والفتيات إلى مستويات عالية من مخاطر العنف الجنسي، لاسيما في أماكن النزوح والاحتجاز.

أثر مخيف

وقالت باتن إن توافر الأسلحة يسهل بشكل مباشر تلك الهجمات، وأن ما بين 70 و90 في المئة من الحالات المرتبطة بالعنف الجنسي المتصل بالنزاع ينطوي على استخدام الأسلحة، وخاصة الأسلحة النارية.

وأفادت المسؤولة الأممية بأن التقرير أدرج 58 طرفا يشتبه في ارتكابهم أو في مسؤوليتهم عن أنماط من العنف الجنسي، أغلبها أطراف غير تابعة للدولة.

وفيما يتعلق بالوصول إلى العدالة أشارت إلى أن "العديد من مرتكبي العنف الجنسي في وقت الحروب يفلتون بفعلتهم، بينما تعيش النساء والفتيات في خوف".

ولفتت كذلك إلى أن التدفق غير المشروع للأسلحة له "أثر مخيف" على قدرة النساء على الحشد من أجل السلام.

وأكدت باتن أنه "لا يمكن معالجة العنف الجنسي دون تحويل ديناميات السلطة. بدءا من اليوم، نحتاج إلى نساء في هذه الغرفة، وأسلحة خاضعة لتنظيم وحظر، وأموال على الطاولة للمدافعين عن حقوق الإنسان، وتغيير على الأرض".

وأضافت "تحتاج النساء في أركان العالم التي تمزقها الحرب لرؤية الأمل في الأفق السياسي".

قصص مروعة

وتحدثت أمام مجلس الأمن نعمات أحمدي، رئيسة ومؤسسة منظمة مجموعة عمل نساء دارفور التي تطرقت تحديدا عن الوضع في السودان قائلة إن الاغتصاب وغيره من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي أصبح "سمة مميزة" للحرب الحالية في السودان.

وأضافت "أشعر بالرعب من التقارير المروعة عن العنف الجنسي التي أسمعها في كل يوم".

وأطلعت المجتمعين على قصة الفتاة السودانية، نورا التي تعرضت لاغتصاب جماعي وهي في الثانية عشرة من عمرها فقط، مما تركها في حالة صحية حرجة.

وقالت "كان على أسرتها التي تكافح من أجل البقاء أن تتخذ قرارا مستحيلا، إما طلب العلاج لها أو إطعام شقيقها الأصغر. عند سماع ذلك، نظرت نورا إلى الأعلى وهي تبكي، وأخبرت والدتها بأنها لم تعد ترغب في العيش".

وشددت أحمدي على أن تلك الخيارات "ينبغي ألا تتخذها أي أسرة وألا يتحملها أي طفل".

ولفتت إلى أن قصة نورا واحدة من قصص كثيرة جدا، حيث تعرضت نساء وفتيات للاغتصاب مرات عدة، وأحيانا أمام آبائهن وأزواجهن وأبنائهن، في محاولة لتحطيم معنوياتهم وتدمير كرامتهم.

وأنهت أحمدي كلمتها بالقول "إن فشل المجتمع الدولي في التحرك في بلدي السودان، وفي جميع هذه البلدان الأخرى، ينبغي أن يكون وصمة عار على ضميرنا الجمعي".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: النساء والفتیات الأمم المتحدة للعنف الجنسی للأمین العام التقریر أن فی السودان فی المئة إلى أن عام 2023

إقرأ أيضاً:

السودان.. ميليشيا الدعم السريع تستهدف بورتسودان بطائرات مسيرة

 أفادت مصادر رسمية بأن، الدفاعات الجوية السودانية تصدت فجر اليوم لمسيرات أطلقتها ميليشيات الدعم السريع على بورتسودان.

وفي وقت سابق، اعتمد مجلس الأمن الدولي، الخميس، قرارًا بتمديد تفويض بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان حتى 30 أبريل 2026، داعيًا إلى وقف شامل وفوري للقتال الذي تجدد خلال الأسابيع الأخيرة، وأثار مخاوف دولية من انزلاق البلاد مجددًا نحو حرب أهلية.

القرار الذي حظي بموافقة 12 دولة، امتنع عن التصويت عليه كل من روسيا، والصين، وباكستان، وسط انتقادات للمجتمع الدولي بعد تقارير عن استخدام "عشوائي" للأسلحة الفتاكة ضد المدنيين.

ودعا القرار كافة الأطراف المسلحة في جنوب السودان إلى الانخراط في حوار سياسي شامل يهدف إلى إنهاء الصراع، مع التشديد على ضرورة وضع حد لأعمال العنف ضد المدنيين.


وتزامن ذلك مع تقارير مقلقة نشرتها منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اتهمت فيها الجيش باستخدام طائرات لإسقاط قنابل حارقة على مناطق في شمال شرق البلاد، ما أسفر عن مقتل العشرات من المدنيين. هذا التصعيد أعاد إلى الواجهة ذكريات الحرب الأهلية السابقة التي مزقت البلاد عقب الاستقلال.

بحسب نص القرار، سيظل قوام بعثة الأمم المتحدة عند 17 ألف جندي و2101 شرطي، مع فتح المجال أمام إجراء "تعديلات" على العدد والمهام بحسب تطورات الوضع الأمني الميداني. 

وشدد المجلس على أهمية إزالة العقبات التي تعترض عمل البعثة وتهيئة مناخ سياسي وأمني مناسب يمهد الطريق نحو انتخابات حرة ونزيهة، كان من المفترض إجراؤها هذا العام، لكن تأجلت إلى 2026.

الاتجاهين بالتناوب.. غلق جزئي بكوبري 26 يوليو أعلى شارع السودانجامعة الدول العربية: أمن السودان جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربيسفير مصر بـ روسيا: الرئيسان سيبحثان الأوضاع في السودان وليبيا وسوريا لتعزيز استقرار المنطقةغارات جوية جديدة على شرق وجنوب السودان طباعة شارك السودان ميليشيات الدعم السريع بورتسودان مجلس الأمن الدولي الأمم المتحدة

مقالات مشابهة

  • السودان: الأمم المتحدة تدعو إلى ضمان الوصول الإنساني الآمن والمستدام للنازحين
  • مسيّرات تهاجم بورتسودان لليوم السابع و14 قتيلا في شمال دارفور
  • بوتين: التبادل التجاري بين مصر وروسيا ارتفع بنسبة 30% العام الماضي
  • وزارة الخارجية: لا صفة رسمية لسفير السودان السابق لدى ابوظبي واحيل للتقاعد منذ اكتوبر الماضي
  • السودان.. ميليشيا الدعم السريع تستهدف بورتسودان بطائرات مسيرة
  • مجلس الأمن يمدد مهمة حفظ السلام في جنوب السودان
  • بسبب المعارك.. 60 ألف طفل يعانون سوء التغذية في جنوب السودان
  • الأمم المتحدة تستعد لتصويت حاسم بشأن حظر الأسلحة على جنوب السودان
  • وزارة الخارجية “لا صفة رسمية لسفير السودان السابق لدى ابوظبي” واحيل للتقاعد منذ اكتوبر الماضي
  • قلق أممي إزاء استمرار قصف بورتسودان بالمُسيرات وأثره على جهود الإغاثة