تخشى الدول التي كانت تخضع سابقا لسيطرة موسكو خلال فترة الاتحاد السوفييتي من عودة الهيمنة الروسية، وتدلل التطورات الأخيرة التي حدثت في بعض بلدان ما يعرف باسم "الفناء الخلفي" لروسيا على محاولات للفكاك من روسيا، وخشية ما ستسفر عنه نتائج الحرب التي تخوضها في أوكرانيا.

وقالت بلومبيرغ في تقرير بعنوان "كفاح عميق للهروب من ظل بوتين" إن "المعركة بين روسيا والغرب من أجل النفوذ في مجموعة من البلدان التي تعتبرها موسكو ساحتها الخلفية تتصاعد بالتزامن مع الحرب في أوكرانيا".

واشتبكت شرطة مكافحة الشغب في جورجيا، مساء الثلاثاء، مع متظاهرين يعارضون قانونا حكوميا يستهدف التمويل الأجنبي للمنظمات غير الحكومية.

وأعلنت السلطات الجورجية، الأربعاء، توقيف 63 متظاهرا من المؤيدين لأوروبا خلال تجمع ليلي للاحتجاج على مشروع قانون بشأن "التأثير الأجنبي" يقول معارضوه إنه مشابه لقانون روسي استخدمته موسكو ضد المعارضة.

وانحاز رئيس البلاد إلى جانب المتظاهرين في وصفه القانون بأنه "قانون روسي"، على غرار تشريع "العملاء الأجانب" الذي استخدمه بوتين لسحق معارضيه المحليين.

وتشهد هذه الدولة الواقعة في القوقاز تظاهرات حاشدة مناهضة للحكومة منذ 9 أبريل، عندما أعاد حزب "الحلم الجورجي" الحاكم تقديم مشروع القانون الذي يعتبر مخالفا لطموحات الدولة في الانضمام إلى الاتحاد الاوروبي.

واعتبر رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، أن النص لا يتوافق مع رغبة جورجيا في أن تصبح عضوا في الاتحاد.

وسعت حكومات جورجية إلى تقريب البلاد من الغرب، لكن الحزب الحاكم الحالي متهم بالسعي لإعادة هذه الجمهورية السوفيتية السابقة إلى الفلك الروسي.

وفي ديسمبر الماضي، منح الاتحاد الأوروبي البلاد وضعية "مرشح رسمي" لعضوية الاتحاد، مع تحذيرها في الوقت نفسه من أنه عليها إجراء إصلاحات قبل أي مفاوضات.

وفي تطور آخر، تكثف روسيا الضغوط على أرمينيا بعد أن أجرى رئيس الوزراء، نيكول باشينيان، محادثات أمنية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، الشهر الماضي، وهددت موسكو "بعواقب وخيمة" إذا تخلت أرمينيا، التي تستضيف القاعدة العسكرية الأجنبية الوحيدة لموسكو في المنطقة، عن تحالف دفاعي تقوده روسيا وتحولت إلى الغرب.

وفي الوقت ذاته، تحذر مولدوفا من محاولات الكرملين لتخريب ديمقراطيتها بينما تسعى الرئيسة المؤيدة للغرب، مايا ساندو، إلى إعادة انتخابها هذا العام.

وتجري الدولة، الواقعة بين أوكرانيا ورومانيا، استفتاء على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، بعد أن منحتها الكتلة الأوروبية صفة مرشح، في يونيو 2022، في لفتة رمزية بعد أشهر قليلة من بدء الغزو الروسي.

وأشارت رئيسة المفوضية الأوروبية، فون دير لايين، إلى أن مولدوفا أجرت إصلاحات "مهمة".

ويحدث كل هذا مع بدء أوكرانيا في تلقي أسلحة جديدة من حلفائها في الغرب، بهدف استعادة زمام المبادرة من روسيا في ساحة المعركة بعد أشهر من التأخير في تسليم هذه الأسلحة.

وتقول بلومبرغ إن الدول التي كانت تخضع سابقا لهيمنة موسكو خلال الاتحاد السوفييتي تخشى من عودة الهيمنة الروسية إذا كسب بوتين الحرب في أوكرانيا.

ووسط الصراع الدائر في أنحاء المنطقة، تحاول هذه الدول الهرب من روسيا الآن بينما لايزال بوتين منشغلا بالحرب، وفق التقرير.

وتواجه القوات الأوكرانية، التي تفتقر إلى العناصر البشرية والذخيرة، تقدما روسيا بطيئا منذ سيطرت موسكو على مدينة أفدييفكا في فبراير.

وأعلن وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، الجمعة، عن حزمة جديدة من المساعدات لأوكرانيا بقيمة 6 مليارات دولار، محذرا من أنه "إذا انتصر بوتين في أوكرانيا فإن العواقب ستكون عالمية وكبيرة، وأوروبا ستواجه تهديدا أمنيا لم نره من قبل".

وأقر رئيس الأركان الأوكراني، أولكسندر سيرسكي، الأحد، بأن الوضع على الجبهة "تدهور" مع تحقيق القوات الروسية "نجاحات تكتيكية" في مناطق عدة.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: فی أوکرانیا

إقرأ أيضاً:

ما الذي اتفق عليه بوتين وشي في لقائهما؟

أنهى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زيارته للصين التي استغرقت يومين في 17 مايو، وهي الأولى له منذ توليه منصبه للمرة الخامسة. وفي اليوم السابق، وقع هو والرئيس الصيني شي جين بينغ على بيان مشترك حول تعميق علاقات الشراكة الشاملة والتفاعل الإستراتيجي، كما وقع الوفدان الروسي والصيني على 10 وثائق مشتركة. 

ونشرت صحيفة "فيدوموستي" تقريرًا، ترجمته "عربي 21"، استعرضت فيه عددًا من آراء الخبراء حول هذه الزيارة، حيث يقول فاسيلي كاشين، مدير CKEMI NRU HSE: "لقد نوقش موضوع الأزمة الأوكرانية على نطاق واسع في الصين. ويأتي هذا نتيجة للمساحة التي خصصها بوتين لهذا الموضوع في المؤتمر الصحفي الأخير. الاستنتاج الرئيسي هو أن الجهود الدبلوماسية التي تبذلها كافة الأطراف بشأن الأزمة الأوكرانية تتكثف الآن وتقوم روسيا والصين بالتنسيق بشكل وثيق في هذا الصدد". 




وأضاف كاشين:" من الواضح، من وجهة النظر الروسية، أن الصين يجب أن تلعب دوراً بالغ الأهمية في حل الصراع. إن السبب الجذري للأزمة الأوكرانية، من وجهة نظر بكين، يتلخص في الفشل في وضع المصالح الأمنية المشروعة لروسيا في الاعتبار. ومن ناحية أخرى، لا تتخلى الصين عن موقفها المتمثل في كونها "فوق النزاع".

وذكر كاشين أن حل الأزمة الأوكرانية تديدخل الآن مرحلة حاسمة. وبالعودة إلى عام 2023، عندما أجرى الممثل الخاص للحكومة الصينية للشؤون الأوراسية، لي هوي، جولته الأولى لحفظ السلام، لم يفهم سوى القليل لماذا كان ذلك ضروريًّا. وكان هذا مجرد تحضير لما يحدث الآن: التحالف المناهض لروسيا يعقد قمة في سويسرا، وروسيا والصين تتخذان خطواتهما. وإذا لعبت بكين دورًا حاسمًا في حل الصراع الأوكراني، الذي ستحدد نتائجه فعليًّا النظام العالمي الجديد وتحدد السياسة لعقود قادمة، فسوف تصبح الصين واحدة من البناة الرئيسيين لهذا النظام الجديد. ومن الواضح أن جمهورية الصين الشعبية تهدف إلى تحقيق هذا الهدف، ومن المفيد لموسكو أن تلعب الصين مثل هذا الدور.

وأكد كاشين على أن "الديناميكيات التصعيدية من جانب الولايات المتحدة، والتي تم التعبير عنها في النشر الأخير لصواريخ أمريكية متوسطة المدى في وقت واحد في الفلبين وجزيرة بورنهولم الدنماركية، لا تؤدي إلا إلى المزيد من التقارب بين روسيا والصين. إنها عملية طويلة، وفي المرحلة التالية سوف يطرح السؤال حول خطوات الولايات المتحدة في مجال الردع النووي: إنهم يتجهون نحو قبول مفهوم حيث يتعين عليهم أن يتمتعوا بإمكانات مماثلة للإمكانات المشتركة لروسيا والصين. وهذا سيبدأ دولاب الموازنة لسباق التسلح وسيؤدي إلى ضرورة التنسيق بين موسكو وبكين في هذا المجال الحساس”.

ونقلت الصحيفة عن ألكسندر لوكين، المدير العلمي لمعهد الصين وآسيا الحديثة التابع لأكاديمية العلوم الروسية، قوله: "إن حقيقة أن البيان المشترك لروسيا والصين يشير في كثير من الأحيان إلى السياسة الأمريكية في سياق سلبي أمر طبيعي تمامًا؛ حيث تعتبر سياستهم من قبل بكين وموسكو واحدة من أهم المشاكل الدولية. ولكن النقطة الرئيسية في زيارة بوتين الحالية كانت على وجه التحديد تنمية العلاقات الثنائية بين روسيا والصين. ويحدث هذا بسرعة وبنجاح كبيرين، سواء في مجال الأمن أو على الصعيد التجاري والاقتصادي. في الوقت نفسه، يمكن اعتبار الزيارة نفسها مخططة، ويتم تذكر مثل هذه الأحداث من خلال الاتفاقيات الموقعة: في 16 أيار/مايو، وقعت مختلف الإدارات والوزارات والشركات في روسيا والصين 10 وثائق مشتركة. وهذا بالضبط ما يتكون منه تعميق علاقة التفاعل الإستراتيجي".




وتابع لوكين قائلًا إنه مع هذا التطور الكبير في العلاقات بين الدول، لم يعد من الممكن التوقيع على وثيقة واحدة فقط، مما سيعني خطوة نوعية إلى الأمام. وفي هذا الصدد، من الناحية النظرية، يمكن أن تكون الخطوة التالية هي إبرام اتحاد رسمي، لكن لا موسكو ولا بكين تريد ذلك. لكن نمو التجارة بينهما مهم للغاية، ففي عام 2023 بلغ 240 مليار دولار ومن المرجح أن يكون أكبر في عام 2024، وكذلك نمو المشاريع الاستثمارية.

واختتمت الصحيفة التقرير بتصريحات ألكسندر لومانوف نائب مدير معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية الروسي،  والتي أشار فيها إلى قيام روسيا والصين - كجزء من دعمهما المتبادل - بإثارة المخاوف بشأن العواقب على الاستقرار الإستراتيجي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ (APR) نتيجة لتنفيذ مشروع "اوكوس" (الولايات المتحدة الأمريكية - المملكة المتحدة - أستراليا)، وكذلك خطط لنشر صواريخ أرضية متوسطة وقصيرة المدى (INF) في آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا. لافتًا إلى أن روسيا والصين تتعرضان للتهديد من خلال إنشاء اتحادات مغلقة وهياكل تكتل في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، واستراتيجية "الهند والمحيط الهادئ" التي تنتهجها الولايات المتحدة، والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية في أفغانستان، التي تركها الأمريكيون وراءهم، وما إلى ذلك". 

مقالات مشابهة

  • أوكرانيا تدمر كاسحة ألغام روسية وتتبادل مع موسكو بيانات إسقاط صواريخ ومسيرات
  • أوكرانيا ترفض «هدنة أولمبية»
  • ما الذي اتفق عليه بوتين وشي في لقائهما؟
  • لافروف: موسكو منفتحة على الحوار مع الغرب من موقع المساواة والمصالح المتبادلة
  • لافروف: أوروبا لن تكون شريكة لروسيا لجيل واحد على الأقل
  • القائد الأعلى للناتو: الحرب في أوكرانيا أجبرت الحلف على إعادة تقييم أهدافه
  • حليف لبوتين يوبخ الاتحاد الأوروبي لحظر توزيع 4 وسائل إعلامية روسية
  • زيلينسكي: هذا ما نحتاجه لتحقيق "تكافؤ جوي" مع روسيا
  • مقتل وإصابة 9 أشخاص في هجوم روسي على أوديسا الأوكرانية
  • قراء "لوفيغارو" يقدرون عاليا التزام روسيا والصين بحل الأزمة الأوكرانية سلميا