تقدمت حكومة الأمر الواقع، لمجلس الأمن بأول شكوى ضد أبوظبي في أواخر مارس الماضى، تطالب فيها المجلس، باتخاذ ما يلزم لإجبار الإمارات على الامتناع الفوري عن تقديم الرعاية والدعم والإسناد

كمبالا: التغيير: سارة تاج السر

اتخذت التوترات بين الخرطوم وأبوظبي، منحى دوليًا باتجاه مجلس الأمن، مع تصاعد الاتهامات، بدعم الإمارات لقوات الدعم السريع.

في حين تنفي الدولة الخليجية هذه الادعاءات.

مواجهة

منذ بدء الحرب في السودان قبل نحو عام بين الجيش والدعم السريع، تقدمت حكومة الأمر الواقع، لمجلس الأمن بأول شكوى ضد أبوظبي في أواخر مارس الماضى، تطالب فيها المجلس، باتخاذ ما يلزم لإجبار الإمارات على الامتناع الفوري عن تقديم الرعاية والدعم والإسناد للقوات شبه العسكرية التي يتزعمها محمد حمدان دقلو، غير إن سفير الإمارات لدى الأمم المتحدة محمد أبو شهاب، كتب إلى مجلس الأمن في 25 أبريل الماضي، قائلاً : “الإمارات  لا تقدم أي أسلحة أو ذخيرة لأي فصيل منخرط في الصراع الدائر في السودان”.

تدخل.. وإرجاء

الشكوى التي كان من المقرر مناقشتها في جلسة أمس الأول، (الثلاثاء) أرجئ اتخاذ أي قرار بشأنها لشهر يونيو القادم. ووفق مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، فان بريطانيا تدخلت لتغيير طبيعة الجلسة التي طالبت بها بلاده بشأن الشكوى، وقال:” التدخل البريطاني حوّل الجلسة من جلسة يحق للسودان المشاركة فيها إلى جلسة تشاور خاصه بأعضاء المجلس حصراً”.

وتاسفت وزارة خارجية حكومة الأمر الواقع، من تنكر بريطانيا لواجبها الأخلاقي والسياسي بصفتها عضوا دائما بمجلس الأمن وما تلزم به نفسها للتصدي لقضايا السودان في المجلس، وذلك مقابل مصالحها التجارية مع الدولة الخليجية. واعتبرت أن حماية بريطانيا لأكبر ممولي الحرب في السودان، مقرونة مع ما كشفته صحافة بلادها من أن حكومة ريشي سوناك أجرت لقاءات سرية مع الدعم السريع، مما تجعلها شريكة في المسؤولية عن الفظائع التي ترتكب وداعمة للإفلات من العقاب.

والتدخل البريطاني الذي تحدث عنه مندوب السودان جاء بعد ما ذكرته  صحيفة التايمز اللندنية، يوم الأحد، أن أبوظبي “ألغت 4 اجتماعات وزارية مع لندن بسبب عدم إيقاف جلسة مجلس الأمن ” التي طالبت بها حكومة السودان.

وقال المحلل السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والمساعد الأول في برنامج أفريقيا بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية “CSIS Africa” كاميرون هدسون، إن مصادر مطلعة على الأمر أخبرته أن الإمارات تضغط على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأعضاء آخرين في مجلس الأمن لإلغاء الاجتماع الطارئ بشأن دور الإمارات بالسودان.

كاميرون هدسون: إذا كانت الإمارات مصرة إلى هذا الحد في إنكار دعمها لحميدتي، فلماذا تنفق الكثير من رأس المال الدبلوماسي لمنع المناقشة؟

وتساءل هدسون في تصريح لموقع Middle East Eye البريطاني: “إذا كانت أبوظبي مصرة إلى هذا الحد في إنكار أنها تدعم الدعم السريع، فلماذا تنفق الكثير من رأس المال الدبلوماسي لمنع المناقشة؟”.

بالمقابل تحدثت بلومبيرغ نقلا عن مصدر مطلع، عن إلغاء، زيارة العمدة الفخري لمدينة لندن إلى دولة الإمارات في اللحظة الأخيرة، التي كانت مجدولة الأسبوع الجاري، ضمن مخطط لعقد اجتماعات مع مسؤولين ظبيانيين، مثلما تم وبشكل منفصل، إلغاء دعوة لوزير العلوم البريطاني أندرو غريفيث لزيارة الإمارات لمناقشة التعاون في مجال الفضاء، وعزت مصادر بلومبيرغ الخلاف الدبلوماسي، الى انضمام  لندن إلى واشنطون في زيادة الضغط على أبوظبي بغية سحب دعمها لقوات دقلو .

أدوات التأثير وأوراق اللعب

وفقا لآراء محللين سياسيين استنطقتهم «التغيير» فإن ما يحكم مجلس الأمن من قواعد لعب دولية، وتوازنات تقوم على المصالح، يجعل من الصعب علي الدول الأعضاء ترجيح كفة العاصمة المؤقتة “بورتسودان” على أبوظبي التي تمتلك الكثير من أدوات التأثير، وأوراق اللعب الفاعلة، على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وقال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الجميل الفاضل لـ«التغيير»: لا يوجد تكافؤ في فرص التأثير علي مجلس الأمن، وأشار إلى أن هذا بدا جليا في التغيير المباغت الذي طرأ على رزنامة وأجندة المجلس الذي أنحى جانبا وعلى نحو مفاجئ شكوى حكومة الأمر الواقع في السودان ضد دولة الإمارات، لينخرط في جلسة مغلقة دون حضور مندوب السودان، لبحث ما يكتنف أوضاع مدينة الفاشر المحاصرة من قبل الدعم السريع، مما يعكس توازنات القوى والمصالح الدولية التي تحكم قرارات المجلس.

محلل سياسي: أي منازلة مكشوفة بين بورتسودان وأبو ظبي على المستوى الدولي، ستكون خسارة للطرف الأضعف في المعادلة

وأوضح الفاضل إنه وبغض النظر عن صحة حيثيات الشكوى من عدمها، فإن أي منازلة مكشوفة ومباشرة بين بورتسودان وأبوظبي على المستوى الدولي الأرجح أنها ستكون منازلة خاسرة للطرف الأضعف في هذه المعادلة.

سذاجة سياسية

خطاب مندوب السودان الدائم إلى رئيس مجلس الأمن في 26 أبريل كان محاولة فاشلة بحسب تقدير المفكر والباحث السياسي النور حمد. وفي مقابلته مع «التغيير»، أوضح أن الطلب الذي قدمه المندوب لعقد اجتماع عاجل لمناقشة ما أسماه “العدوان الإماراتي” يعبر عن سذاجة سياسية، مشيرًا إلى أنها لم تحقق أي كسب دبلوماسي على مدى السنوات الـ35 الماضية.

النور حمد: خطاب حكومة الأمر الواقع لمجلس الأمن يعبر عن سذاجة سياسية

واشار إلى أن المجتمع الدولي يقف على مسافة واحدة من قيادة الجيش  والدعم السريع التي تقاتلها. وأضاف حمد أن النزاعات في المنطقة تشهد تدخلات ودعمًا ماليًا وعسكريًا من مختلف الأطراف العربية، مشيرًا إلى الأحداث في سوريا، ليبيا، اليمن، والسودان.

وأكد  أن النظام الحالي في السودان فاقد للشرعية، لأنه نشأ عن انقلاب على الوثيقة الدستورية، وبالتالي لا يمثل الأمة السودانية كما أن المجتمع الدولي لا يفوته ان حكومة بورتسودان تستورد السلاح من روسيا وإيران، مما يفسر فشل محاولتها في مجلس الأمن.

بينما يعتقد الكاتب الصحفي علاء الدين بشير، إن التصعيد فى الجانب السوداني ضد الإمارات له علاقة بخلافات وجهات النظر داخل قيادات الجيش وحكومة الأمر الواقع حيال مفاوضات جدة وترتيبات ما بعد الحرب، وبالنسبة للإمارات فإن دعمها لحميدتي والدعم السريع هو استثمار في خططها الإستراتيجية وتكتيكاتها من أجل البقاء رغم إنكارها لهذا الدعم، كما ذكر في حديثه لـ«التغيير».

 

الوسومأبوظبي الامارات الدعم السريع السودان بريطانيا حميدتي مجلس الأمن

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أبوظبي الامارات الدعم السريع السودان بريطانيا حميدتي مجلس الأمن

إقرأ أيضاً:

مجلس الأمن الدولي يطالب بإنهاء حصار مدينة الفاشر السودانية

طالب مجلس الأمن الدولي، الخميس، بإنهاء "حصار" الفاشر من جانب قوات الدعم السريع في السودان، ووضع حد للمعارك حول هذه المدينة الكبيرة في إقليم دارفور وحيث يحتجز مئات آلاف المدنيين.

والقرار الذي أعدته المملكة المتحدة وحظي بتأييد 14 عضوا في المجلس مع امتناع روسيا عن التصويت، "يطالب بأن تنهي قوات الدعم السريع حصار الفاشر ويدعو الى الوقف الفوري للمعارك ونزع فتيل التصعيد داخل الفاشر وحولها".

ومنذ أبريل عام 2023، يشهد السودان حربا دامية بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق في رئاسة مجلس السيادة محمد حمدان دقلو، الملقب بـ "حميدتي".

والفاشر هي العاصمة الوحيدة لولايات دارفور الخمس التي لم تسيطر عليها قوات الدعم السريع، وقد ظلت بمنأى نسبيا عن القتال منذ فترة طويلة. وكانت المدينة التي تستضيف العديد من اللاجئين بمثابة مركز إنساني للإقليم الشاسع في غرب السودان المهدد بالمجاعة.

لكن في 10 مايو المنصرم، اندلع قتال عنيف، ما أثار مخاوف من حدوث تحول جديد "مثير للقلق" في النزاع، بحسب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش.

وقالت السفيرة البريطانية لدى الأمم المتحدة، باربرا وودورد، إن "تبني هذا القرار يوجه رسالة واضحة"، لافتة إلى أن غايته "المساعدة في ضمان وقف موضعي لإطلاق النار حول الفاشر وتأمين ظروف أوسع دعما لنزع فتيل التصعيد في البلاد وإنقاذ أرواح".

ويدعو القرار أيضا إلى "انسحاب جميع المقاتلين الذين يهددون أمن المدنيين"، مع دعوة جميع الأطراف إلى السماح بخروج المدنيين الراغبين في مغادرة الفاشر. 

كما يطلب النص من الأمين العام للأمم المتحدة، غوتيريش، تقديم "توصيات" لتعزيز حماية المدنيين في السودان.

مقالات مشابهة

  • حاكم دارفور: قرار مجلس الأمن بخصوص الفاشر لا يعبر عن الحقيقة
  • مجلس الأمن يطالب "الدعم السريع" بإنهاء حصار مدينة الفاشر السودانية
  • السودان..مجلس الأمن يصوّت على قرارٍ يطالب الدعم السريع بالتوقف عن حصار الفاشر
  • طالب مجلس الأمن الدولي يطالب برفع الحصار عن مدينة الفاشر
  • مجلس الأمن يطالب قوات الدعم السريع برفع الحصار عن مدينة الفاشر
  • مجلس الأمن الدولي يطالب بإنهاء حصار مدينة الفاشر السودانية
  • السودان.. مجلس الأمن يطالب بإنهاء "حصار" مدينة الفاشر
  • مجلس الأمن يصوت على مشروع قرار بشأن الفاشر السودانية  
  • مجلس الأمن يعتزم التصويت على المطالبة بوقف حصار مدينة الفاشر السودانية
  • اليوم مجلس الأمن الدولي يصوت على مشروع قرار قدمته بريطانيا حول الفاشر