د. بسام روبين لا شك أن العالم يشهد جملة من المتغيرات الإستراتيجية على الساحة الدولية، فَطرد فرنسا من إفريقيا لا يمكن أن يكون بمحض الصدفة ،وإنما هنالك مخططات معدّة مسبقا بإحكام ويجري تنفيذها بعد أن فشل الغرب بإزدواجيته للمعايير في التعامل مع الشعوب وتوجيه زعمائِها بطرق خاطئة تستهدف خيرات شعوبهم ،فالنيجر والتي تعد من أفقر دول العالم هي من تزود فرنسا بثلثي الطاقة النووية التي تحتاجها الأخيرة، ومع ذلك تتنعم فرنسا بخيرات الدول الإفريقية ولا ينعكس ذلك إيجابا على أياً منها سوى منافع شخصية محدودة لبعض القادة الموالين لها.

ويبدو أن المشهد الأوكراني بدأ يغيب عن الواجهة الدولية في ظل هذه التطورات ،وما ينتظر العالم من قادم أصعب نتيجة لسوء إدارة القطب الواحد وإنحسار الدول المستفيدة بقليل من ذوي العيون الزرقاء ،وبالرغم من كل ذلك نرى الغرب يحرص على إستمرار الحرب في أوكرانيا ظناً منه أن ذلك قد يستنزف الدولة الروسية بعد أن ظهر للعالم أن حجم الضرر الذي يعاني منه الغرب يفوق ما تعرضت له روسيا نتيجة للحصار  الإقتصادي الأضخم في التاريخ ،ففي كل مرة تأتي ردود الفعل الروسية الأمنية ،ولا يكترث لها الغرب برغم خطورتها وربما جديتها فقد تعوّد الغرب على التضليل والكذب السياسي حتى أنهم باتو يعتقدون أن روسيا والصين تشاطرهم نفس تلك الإستراتيجيات الكاذبة، فهم يؤكدون وفي مقدمتهم بريطانيا إحدى دول العيون الخمسة بعدم وجود أي مؤشرات لدى روسيا لاستخدام السلاح النووي ،وهذا التأكيد يدفع بهم للتصعيد والتحدي فقد مر تصريح المسؤول الروسي ديمتري ميدفيديف بأن روسيا ستستخدم السلاح النووي إذا نجح الهجوم الأوكراني المضاد. ومع هذا نرى الغرب يزيد من حجم الدعم لأوكرانيا فالعقيدة الروسية النووية واضحة جدا ويمكن الوصول لها من خلال محرك البحث جوجل ،وهي تؤكد أنها لن تستهدف دولة ضعيفة غير نووية وربما أصبح هنالك تصوراً حقيقيا لدى القائمين على العقيدة الروسية النووية يوضح ملامح الدولة الأشد خطرا على روسيا من غيرها ،وبنفس الوقت لا تشكل وزناً إستراتيجيا عسكريا أمام ضخامة وتنوع القوة الروسية، وقد تصنف  بريطانيا وبحسب ما يرى بعض المحللين بأنها محواساً للشر الذي يحرك الناتو ويوجه السياسة الأمريكية في كثير من الأحيان لمعاداة روسيا ،مما قد يتسبب في إطلاق الرؤوس النووية الروسية كوجبة أولى نحو بريطانيا لإسكاتها وإخراجها من المشهد السياسي العالمي  اذا اضطرت روسيا وتحت ضغط غير مدروس للناتو حتى تكون عبرة لباقي دول العالم ،فالموقع الجغرافي لبريطانيا يساعد كثيرا في عدم تسرب الإشعاعات المنبعثة إلى باقي الدول الأوروبية أي أنه وفي حال حدوث هذا السيناريو التحليلي   قد تكون  روسيا حريصة ،وتتأمل مستقبلا  في بناء علاقات جديدة مع الغرب خالية من الدهون البريطانية ،فالدور الذي تقوم به باقي الدول يعتبر ثانويا إذا ما قورن بالدور الأمريكي والبريطاني ،وربما لن يكون بمقدور دول الناتو الرد على أي ضربة محتملة لبريطانيا نتيجة لصغر حجمها جغرافياً وعسكرياً مقارنة مع روسيا. وكعادة العالم فقد يكتفي الناتو  بالتضحية بأحد وأبرز أعضائه مقابل سلامة الآخرين والعالم ،ولا نتفاجأ من مصالحة شاملة مع روسيا ترحيباً واقراراً بشكل العالم الجديد لما سبق وقبل حدوث ما لا يُحمد عقباه أن صحت  التحليلات أتمنى على الساسة البريطانيين أن يهتموا جيدا بما يصدر من تصريحات عن القادة الروس ويتابعوا بمحملٍ من الجد توقعات المحللين الإستراتيجيين بهذا الشأن ،فالجمل لا يرى سنامه ولكنه يضحك عندما يرى سنام أخيه ،فالشر من شراره وظلم الشعوب واستعمارها وإفقارها سينعكس سلباً على تلك الدول المستعمرة وهذا هو قانون الحياة. حفظ الله هذا العالم من الزوال. عميد اردني متقاعد

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

تغييب أثر الرأي العام العالمي خطرٌ داهم

صراحة نيوز ـ حاتم الكسواني

رغم تشكل الرأي العام لصالح عدالة القضية الفلسطينية ، وقضايا الشعوب المقهورة المتطلعة للعدالة الإجتماعية والخروج من حالة الفقر والسيطرة ورفض الإستقواء . وتبقى الهمجية الصهيونية والإستقواء الأمريكي خير مثال على تغييب الرأي العام العالمي لسلوكهما وضربهما عرض الحائط لمواقف الشعوب وقرارات الشرعية الدولية .

فمثلا لم يحقق الرأي العام العالمي أي أثر في قرارات المستوى السياسي لليمين الإسرائيلي المتعلقة بشن حرب الإبادة في غزة ، أو في تعامل المستوى السياسي الأمريكي مع الدول ذات السيادة في كندا وامريكا اللاتينية وأوروبا والدول العربية في آسيا وأفريقيا من خلال إعلانها نيتها ضم كندا وجرينلاند وقناة بنما لسيادتها أو نيتها الاستيلاء على غزة والطلب من مصر عدم تقاضي أية بدلات عن مرور سفنها من قناة السويس والطلب من دول الخليج العربي والسعودية للإستثمار بمليارات الدولارات في الإقتصاد الأمريكي، وفرض تسوية على روسيا واوكرانيا في حربهما وإجبار اوكرانيا بغقد صفقة المعادن النفيسة مقابل ما صرفته أمريكا في دعمها لحربها مع روسيا .

ونجد أيضا أن الرأي العام العالمي لم يحقق مطالب الجماهير العالمية في إلتزام الدول بمعايير الديمقراطية وحقوق الإنسان بصورة شكلت إنفلاتا دوليا تمثل بعدم الإستجابة لقرارات هيئة الأمم المتحدة ، ومحكمة العدل الدولية ، بل أن الدول المعتدية عسكريا لم تتورع عن إرتكاب جرائم الإبادة الجماعية وضرب المرافق الحيوية المحرم الاعتداء عليها وفق شرعة الأمم المتحدة وقراراتها كمرافق الطاقة والمياه والمرافق الصحية من مستشفيات وعيادات ومراكز صحية ، والمرافق التعليمية والمطارات المدنية ودور العبادة ، أو إستخدام أسلحة الحصار والتجويع والتعطيش للمدنيين العزل … وغيرها .

وقد كان من أسباب ذلك نمو التطرف في معظم دول العالم ، ووصول الأحزاب اليمينية لسدة الحكم في كثير من دول العالم حيث نجد ذلك جليا في إسرائيل وأوروبا وامريكا ، وفشل كل محاولات الشعوب في الدول ذات الحكم الشمولي ” دول حكم الحزب الواحد ” أو دول حكم العسكر من إنجاح ثورات الربيع الهادفة لإحداث الإصلاح الديموقراطي، والإحتكام لصناديق الإقتراع المفضية لحكم الشعب .

ويرسم هذا الأمر صورة سوداء قاتمة لمآلات التطور السياسي والاجتماعي والإقتصادي للدول ، ومآلات اماني الشعوب بالحرية والاستقلال والتحرر من التبعية وتقرير المصير .

ونحن نرى بأن حال العالم ينذر بالخطر وبتدهور معايير السلم العالمي والامن المجتمعي ، الذي سيقودنا لا محالة إلى حرب عالمية ثالثة لا تبقي ولا تذر في ظل إمتلاك عديد من الدول لأسلحة الدمار الشامل حيث سيتشكل بعدها عالم مدمر مهزوم بلا ضوابط أو قيم ياكل فيه القوي الضعيف ولا تحكمه معايير إنسانية ولا منظمات دولية … عالمٌ تسود فيه شريعة الغاب .

كل ذلك يدعونا إلى قرع ناقوس الخطر والدعوة إلى إحترام رأي الشعوب ومواقفها إتجاه قضايا العالم ، لأن الرأي العام للشعوب هو المقياس الحقيقي الذي يجب أن تعتمده دول العالم في إتخاذ قراراتها العسكرية والاقتصادية والاجتماعية

مقالات مشابهة

  • الجبهة الوطنية: مشاركة الرئيس السيسي في احتفالات النصر تجسّد عمق العلاقات المصرية الروسية
  • سفير روسيا الاتحادية بمصر: ندعم دائما الاعتراف بدولة فلسطين
  • هذا هو البابا الجديد الذي يحتاج إليه العالم اليوم... يخلف أهم ثلاثة بابوات
  • سفير روسيا بمصر: ندعم جهود وأنشطة مصر لوقف الصراع في قطاع غزة
  • سفير روسيا: محطة الضبعة النووية ستكون رمزًا جديدًا للعلاقات مع مصر
  • روسيا والصين تدعوان لاستقرار الوضع في الشرق الأوسط
  • أحفاد محرري أوروبا من النازية يدافعون عن العالم اليوم ضد الإمبريالية الروسية
  • خبراء أمميون: على العالم أن يتحرك فورًا لمنع القضاء على فلسطينيي غزة
  • نكايةً في ترامب.. الرئيس الصيني يثني على متانة التعاون الإستراتيجي مع روسيا
  • تغييب أثر الرأي العام العالمي خطرٌ داهم