بعد أقل من أسبوعين من تدشين اتحاد يجمع القبائل العربية في مصر تحت قيادة رجل النظام وذراعه العسكري في شمال سيناء إبراهيم العرجاني، أعلن الاتحاد سعيه للحصول على ترخيص وتمثيله بشكل رسمي وفتح مقرات له في كافة المحافظات.

ومنذ اللحظات الأولى للإعلان عن تأسيس اتحاد القبائل العربية في شمال سيناء واختيار رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، رئيسا شرفيا له بدعم من أجهزة الدولة الأمنية تحول إلى حدث هام يثير العديد من التساؤلات والنقاشات حول دوافعه وتأثيراته المحتملة على المجتمع المصري.



تباينت ردود الفعل حول الهدف من إنشاء الاتحاد العربي القبلي غير المسبوق، والذي يبلغ عدد المنتسبين إليه نحو 10 ملايين مصري، في وقت تمنع فيه السلطة المصرية تنظيم أو تشكيل أي تجمعات أو أحزاب أو منظمات مدنية غير تابعة لها.

ويرى بعض مؤيدي النظام أن إنشاء هذا الاتحاد يأتي في سياق تزايد الاهتمام بتمثيل الشرائح الاجتماعية المختلفة في المجتمع المصري، ورغبة في إحياء الهوية القبلية التي تمثل جزءا من تراث البلاد. ومع ذلك، تثير هذه الخطوة مخاوف من أنها قد تؤدي إلى تقسيم المجتمع على أساسات قبلية وتهديد الوحدة الوطنية والهوية المصرية المتنوعة.

انقسامات وأجندات
تطرح الخطوة أيضا تساؤلات حول دوافع النظام الحالي لدعم مثل هذا الكيان القبلي، خاصة في دولة حضارتها فرعونية وأقباطها المصريون (مسلمون ومسيحيون) غير عرب، وترى بعض التحليلات أن هذه الخطوة جزء من إستراتيجية لتوسيع قاعدة الدعم الشعبي للنظام، أو ربما محاولة للحصول على دعم إضافي من قبل شرائح معينة في المجتمع.


ويعتقد بعض السياسيين والمحللين الذين تحدثوا إلى "عربي21" أن تأسيس الاتحاد تم بدعم من الحكومة المصرية، بهدف تعزيز قبضتها على المجتمع القبلي، أو لخدمة أجندة سياسية معينة. لكنها قد تفضي إلى تعزيز النزعة القبلية، وتهميش الهوية المصرية الجامعة، وخلق انقسامات بين مختلف مكونات المجتمع، وتقويض أسس النظام الديمقراطي والدولة المدنية.

ويضم التحالف 30 قبيلة، منها: الترابين، والسواركة، والمساعيد، والعيادية، والسماعنة، والسعديون، والرميلات، والبياضية، والعقايلة، والدواغرة، والرياشات، والعبايدة، والتياهة، والحوات، والنجمات، وبلي، والأخارسة، والصفايحة، وبنو فخر، وأولاد سليمان، والأغوات، وحجاب، والحويطات، وغيرها.

وهدّدت الحركة المدنية الديمقراطية، أكبر كيان مدني معارض، في بيان، باللجوء إلى القضاء لمواجهة إنشاء كيانات تخالف الدستور والقانون، وتخلق كيانات موازية أو بديلة لمؤسسات الدولة أو تقوم بعملها.

وانتقدت الحركة ما وصفته بـ"التخفي والاختباء وراء مسميات مجهولة، للبحث عن مبررات للدفاع عن الأراضي المصرية والأمن القومي في مواجهة المعتدين".

ما دلالة تغير التعامل الأمني للنظام مع القبائل؟
يقول الناشط السيناوي من قبيلة الأخارسة المنضوية تحت اتحاد قبائل سيناء، أبو الفاتح الأخرسي: إن "توسيع قاعدة اتحاد قبائل سيناء إلى اتحاد القبائل العربية يجعلنا نستحضر تاريخ النظام المصري في تعامله وسياسته وإستراتيجيته مع القبائل العربية وهي قائمة منذ عقود على فكرة واحدة وهي تفكيك نسيج المجتمع القبلي لأنه يعتبرها منافسا له في السيادة والسيطرة".

وأوضح الأخرسي لـ"عربي21": "النظام المصري لطالما اقتصر تعامله مع القبائل من منطلق أمني استخباراتي بحت وهناك حالة من الذوبان شبه الكامل لها الآن لذلك لا يمكن توقع أن يحتفل النظام بالقبائل وإذا قام كيان من هذا النوع مباشرة نستطيع أن نقول إنه أحد أذرع النظام لتنفيذ أجندته الخاصة بمعنى أداة لتنفيذ المهام القذرة والقيام بدور ما في غزة مستقبلا".

وأشار الأخرسي إلى أن "الاتحاد يقوم الآن بدور ما من خلال إدخال المساعدات ودخول الفلسطينيين من خلال شركات تابعة للعرجاني أو مواجهة النازحين المحتملين من غزة إلى مصر وتصدير القبائل بدلا من الجيش لحمايته من أي تداعيات محتملة".


أما بخصوص تهديد اتحاد القبائل للنسيج المجتمعي المصري فقد استبعد الناشط السيناوي ذلك على المدى القصير، قائلا: "لا أظن ذلك لأنها منضبطة تماما بأجندة النظام السياسي ولا يمكن أن تتحرك في أي ملف إلا بأوامر واضحة ومباشرة من السلطة المصرية".

تقسيم مصر
حذر السياسي المصري، محمد شريف كامل، من مغبة إنشاء هذه الكيانات، وقال: "تمر مصر في هذه الأيام بأمور غريبة تنذر بكارثة حقيقية تفوق الكوارث التي نراها الآن، حيث بدأ تقسيم مصر بإنشاء كيانات على أساس قَبلي بدأ بإنشاء تجمع قَبلي من قبائل سيناء وتنصيب محترفي إجرام على رأسه واليوم يمتد الأمر وتبدأ مرحلة تأسيس مقرات بالمحافظات مما يفتح الباب أمام أمرين في غاية الخطورة".

وأوضح لـ"عربي21": "أولهما تشكيل تجمعات أخرى على أسس قبلية وخلق وهم من العرقيات التي سعى الاستعمار لتأصيلها خلال القرون الماضية، وثانيهما أن تلك التجمعات سوف تتحول لمراكز قوى ونواة لصراع قبلي تغذيها العصبيات".

وأعرب كامل عن اعتقاده "أن كل ذلك يمهد لصراع هوية ينتج ثقافة جديدة تمهد لتمزيق الهوية المصرية التي تشكلت عبر العصور من اندماج الشعب بكل أصوله مما ينتج عنه حرب أهلية تمزق الوطن، مما يتيح للنظام إحكام السيطرة ويتيح للعصابات الصهيونية والاستعمار الفرصة للسيطرة على ما تبقى من المنطقة سياسيا واقتصاديا".


بوابة قذرة للنظام
اعتبر مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية والإستراتيجية في إسطنبول، ممدوح المنير، أن "الكيان الجديد تم صنعه خصيصا، ليشكل ميليشيا موازية داخل الدولة المصرية هدفها تعميق الاستقطاب وليكون بوابة خلفية للعمليات القذرة للنظام كما يفعل العرجاني الآن بمعبر رفح وبيزنس المتاجرة في دماء الفلسطينيين وأدوات للانتقام. فلا يمكن أن يظهر الجيش المصري بشكل مباشر في صورة كهذه، لذلك يستخدم واجهات كالعرجاني واتحاد القبائل لهذه المهمات".

مضيفا لـ"عربي21": "ويمكن أن نلخص الهدف منه فضلا عما سبق في عدة نقاط منها التجسس واختراق القبائل والعشائر في سيناء والسيطرة عليها. كذلك خلق حالة انقسام وتشظٍّ مجتمعي جديدة فبعد اللعب على وتر الطائفية بين المسلمين والأقباط وتقسيم الشعب إلى أغنياء وفقراء بعد اختفاء الطبقة الوسطى، وتعليم أجنبي لا يمت لقيمنا وثقافتنا بصلة في مقابل تعليم أزهري ديني على الطرف الآخر، الآن هو يقسم المجتمع على أساس قبائلي وجهوي لتقسيم المقسم وتفتيت المفتت".

ويرى المنير رئيس الأكاديمية الدولية للدراسات والتنمية أن "النظام بذلك يجعل هناك حالة احتقان مجتمعي وتربص بين شرائحه المختلفة تنتهي باحتراب أهلي مع تفجر الأوضاع الاقتصادية يوما ما وهذا ما يسعى إليه لتحقيق مخطط غربي تاريخي معروف وموثق بتقسيم مصر. وبالتالي اتحاد القبائل العربية ما هو إلا الجزء الظاهر من جبل الجليد والذي يمثل شقه الغاطس مؤامرة تستهدف إنهاء الدولة المصرية التاريخية".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصر سيناء العرجاني النظام المصري اتحاد القبائل العربية مصر سيناء النظام المصري العرجاني اتحاد القبائل العربية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اتحاد القبائل العربیة مع القبائل

إقرأ أيضاً:

عاجل. بوتين: روسيا تريد سلاما دائما ومستقرا في أوكرانيا

بوتين: روسيا تريد سلاما دائما ومستقرا في أوكرانيا اعلان

أكد الرئيس فلاديمير بوتين الجمعة أن روسيا تريد سلاما دائما ومستقرا في أوكرانيا، قبل أن يضيف أن شروطها لتحقيق السلام لم تتغير.

وقال بوتين للصحافيين: "نحتاج إلى سلام دائم ومستقر قائم على أسس متينة، يرضي روسيا وأوكرانيا، ويضمن أمن البلدين، الشروط ما زالت كما هي بالتأكيد" من الجانب الروسي.

الصحفيون يعملون على تحرير هذه القصة، سيتم التحديث بأسرع وقت بالمزيد من المعلومات فور ورودها

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة أخبار اعلان اعلان اخترنا لك هيومن رايتس ووتش: إسرائيل حوّلت توزيع المساعدات في غزة إلى "مصيدة موت" بين تقشف واشنطن وتحرك أوروبا: هل تنتقل قيادة الأبحاث البيئية إلى القارة العجوز؟ زيلينسكي يدعو لتصعيد العقوبات.. 31 قتيلًا بينهم أطفال جراء ضربات روسية على كييف باحث إسرائيلي يؤكد وقوع إبادة جماعية في غزة: على أوروبا التدخل فورًا لوقفها مشروع "رايزوتوب": تقنية مشعة لمكافحة صيد وحيد القرن في جنوب أفريقيا اعلان اعلان الاكثر قراءة 1 بعد اتهامات غربية بالتحضير لمحاولة قتل واختطاف معارضين.. إيران ترد: اتهامات لا أساس لها 2 بلد عربي على رأس القائمة.. ترامب يفرض رسوماً جمركية جديدة على عشرات الدول 3 سرايا القدس تبثّ "رسالة أخيرة" لأسير إسرائيلي في غزة: "أموت جوعًا.. أدخلوا الطعام" 4 تزامناً مع لقاء نتنياهو وويتكوف.. أهالي الأسرى لدى حماس يتظاهرون في القدس للمطالبة باتفاق لإعادتهم 5 بلجيكا تحيل جنديين إسرائيليين إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب اعلان اعلان

Loader Search

ابحث مفاتيح اليوم

غزة المساعدات الإنسانية ـ إغاثة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قطاع غزة إسرائيل حركة حماس دونالد ترامب سوريا مجاعة فرنسا بنيامين نتنياهو أحمد الشرع الموضوعات أوروبا العالم الأعمال Green Next الصحة السفر الثقافة فيديو برامج خدمات مباشر نشرة الأخبار الطقس آخر الأخبار تابعونا تطبيقات تطبيقات التواصل الأدوات والخدمات Africanews عرض المزيد حول يورونيوز الخدمات التجارية الشروط والأحكام سياسة الكوكيز سياسة الخصوصية اتصل العمل في يورونيوز صحفيونا لولوجية الويب: غير متوافق تعديل خيارات ملفات الارتباط تابعونا النشرة الإخبارية حقوق الطبع والنشر © يورونيوز 2025

مقالات مشابهة

  • عاجل. بوتين: روسيا تريد سلاما دائما ومستقرا في أوكرانيا
  • «عمومية القوى» تستعرض تعديلات النظام الأساسي ولائحة الانتخابات
  • رئيس الكيانات المصرية بأوروبا: نطالب بتوسيع مقار التصويت في لندن
  • شكّال يشكو التهميش في شبيبة القبائل ويطالب بتسريحه
  • إسرائيل تريد طمس الحقيقة من الجو.. حظر التصوير في رحلات إسقاط المساعدات
  • سعر الريال مقابل الجنيه المصري والعملات العربية اليوم الخميس 6-2-1447
  • إدارة شبيبة القبائل تعلن تعاقدها مع بلول
  • سعر الريال السعودي مقابل الجنيه المصري والعملات العربية اليوم الأربعاء 5-2-1447
  • مختص: جريمة الاتجار بالأشخاص تمس أمن المجتمع والنظام يغلظ العقوبات إذا كان الضحية طفلا أو امرأة
  • هل تهدد التحولات الكبرى في الأسواق العمالة المصرية؟ خبراء يشرحون