الجوف.. حصار مليشيا الحوثي على "الفقمان" يدخل أسبوعه الثاني .. وشيخ قبلي يحذر
تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT
يدخل حصار مليشيا الحوثي الذي تفرضه على منازل المواطنين في مديرية الخَلَق جنوب غرب محافظة الجوف الخاضعة لسيطرة الانقلابيين اسبوعه الثاني على التوالي ضمن حرب عقابية جماعية على السكان والنساء والاطفال.
وقالت مصادر قبلية لوكالة خبر، ان مليشيا الحوثي تواصل للاسبوت الثاني فرض طوقاً أمنياً خانقاً على السكان من قبائل "الفقمان همدان" في مديرية الخَلَق من عدة اتجاهات بعد استقدامها من صنعاء ارتال عسكرية تابعة لما يسمى بالمنطقة العسكرية المركزية التي يقودها شقيق زعيم المليشيا "عبد الخالق الحوثي" لمحاصرتها.
وقامت المليشيا بشن حملة اختطافات للعديد من ابناء قبائل الفقمان واقتادتهم الى جهة مجهوله كما تسبب حصار المليشيا بعشرات الدبابات والأطقم والآليات العسكرية مدججة بالاسلحة المتوسطة والثقيلة في مداخل ومخارج المنطقة في تفاقم معاناة السكان ومنعت ادخال الغذاء والدواء لهم واسعاف المرضى وتقييد تحركات الاهالي.
وبحسب المصادر فأن قبائل "الفقمان همدان" سلمت عدد من الرهائن لمليشيا الحوثي عبر الوساطة المحلية لتهدئه الوضع وحكمتها قبلياً بضمانة عدد من الوجهاء والمشائخ جراء حادثة مقتل القيادي "محمد أحمد المراني" المكنى "أبو صابر"، وإصابة أخر التي قالت انها وقعت بالخطأ لكن المليشيات تواصل تعنتها وغطرستها رافضة كل الجهود القبلية لرفع الحصار عن المدنيين مما قد يؤدي الى انفجار شرارة المواجهة العسكرية.
ويوم الجمعة 17 مايو الجاري، قتل قيادي في ميليشيا الحوثي يدعى "محمد أحمد المراني" وهو احد القيادات المقربة من شقيق زعيم المليشيا "عبدالخالق الحوثي"، برصاص مسلحين قبليين في مديرية الخلق، وذلك أثناء مروره في الطريق العام بالتزامن مع اشتباكات بين قبيلتي "الفقمان" من مديرية الخلق، و"آل حمد" من مديرية المتون، نتيجة ثأر قديم بين القبيلتين مما تسبب في إصابة طقم لقيادي حوثي "المراني" ما أسفر عن مقتله وإصابة مسلح آخر كان على متن الطقم، وفقا لمصادر محلية.
دعوة قبلية
الشيخ عبد الخالق عبدان احد مشائخ قبائل دهم في منشور له على صفحته في منصة "فيسبوك":"الفقمان جزء من قبيلة دهم الحمراء فإن غلطوا عدلناهم وان كان الغلط عليهم نصرناهم لهذا نطالب الدوله بحل المشكله سلمياً لأن الحرب مواشيرها عوج والمنتصر فيها خسران".
احد مشائخ القبائل - فضل عدم ذكر اسمه لدواع أمنية - أشار في اتصال لمحرر وكالة خبر، الى ان اعتداءات الحوثيين المتكرره بحق قبائل الجوف سواءً على ممتلكات ذو حسين في منطقة سلبة أو على محاصرة اخواننا قبيلة الفقمان في الخلق ما هي إلا بداية نهايتهم وطردهم من الجوف.
ودعا جميع ابناء قبائل دهم حسيني وهمداني وكل قبائل الجوف المتواجدين في المحافظة توحيد صفهم ونجدت اخوانهم الفقمان في حال اندلاع الحرب ولو بقطع الخطوط على هولاء المعتدين والمتغطرسين "الحوثيين" الذين لن يسلم منهم اي دهمي - حد قوله.
وأختتم حديثه:"على الحوثيين ان يرفعوا حملاتهم قبل ان يقع الفأس في الرأس، مؤكدا ان الفقمان تحملوا باطل ماتحملة دول وانهم صابرين والصبر بدء ينفذ ومن الصعب لملمة الموقف اذا انفجر الحرب بين القبائل والحوثيين، وعلى الحوثي أن يعرف أن قبيلة الفقمان ليسوا لقمة صائغة وأن ثمن هذه الحرب سيكون تحرير ثلاث مديريات الخلق والحزم والغيل".
ومؤخرا كثفت مليشيا الحوثي من انتهاكاتها ضد أبناء قبائل الجوف وغذت صراعات داخلية وقضايا ثأر، وقادت عمليات تهجير وحروب منتظمة ضد القبائل، التي تقاوم انتهاكاتها وترفض الانصياع للمليشيا ومخططاتها الإرهابية.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: ملیشیا الحوثی
إقرأ أيضاً:
الفلك في خدمة الحرب.. تسخير العلوم السماوية في النزاعات العسكرية
في مايو من عام 585 قبل الميلاد وبينما كانت الحرب بين الليديين والميديين في آسيا الصغرى في أشدها حدث كسوف شمسي مفاجئ حوَّل النهار إلى ليل مظلم نشر الرعب بين الطرفين فاعتبر الكسوف نذيرا ورسالة إلهية لوقف الحرب، ما جعل الطرفين يقبلان بالهدنة بوقف القتال بشكل نهائي. والمثير هنا حسب ما يذكر المؤرخ اليوناني القديم هيرودوت فقد تنبأ الفيلسوف اليوناني طاليس بهذا الحدث ما يعد من الأمثلة الأولى لاستخدام علم الفلك في التنبؤ بحدث طبيعي أثَّر بشكل مباشر في حدث عسكري وغيَّر مسار الأحداث.
إن الطريقة التي استخدمها طاليس في تنبؤه المزعوم لا تزال مجهولة مع وجود تكهنات تشير إلى أنه ربما استعار تقنيات من المصريين أو البابليين، أو ربما استخدم طاليس دورة ساروس البابلية المُستخدمة للتنبؤ بالكسوف، وهي نمط فلكي بين الأرض والقمر مدته 223 شهرًا قمريًّا، أي 18 عامًا و11 يومًا وثلثًا، أو 6585.3 يومًا. الشهر القمري هو المدة التي يستغرقها القمر للعودة إلى حالته الحالية. إن تنبؤ طاليس يمثل معلمًا مهمًّا في تاريخ العلم؛ إذ يعكس محاولة مبكّرة لفهم العلم والظواهر السماوية، وقد حاز هذا التنبؤ إعجاب الكثير من العلماء في ذلك الوقت مثل ديمقريطس وهيراقليطس؛ فمنذ فجر التاريخ لم يكن علم الفلك مجرد أداة لفهم الكون، بل أدّى دورًا حاسمًا في الصراعات البشرية، سواء من خلال الملاحة، أو التوقيت، أو الاستطلاع، أو حتى الهيمنة التقنية. فالنجوم لم تكن فقط مصدر إلهام شعري، بل دلّت الجيوش، ووجّهت السفن، وحدّدت مصائر حروب، وأكسبت الشعوب التي ركزت جهدها لدراسة جوانبها المختلفة تفوقا كبيرا.
ورغم التداخل الكبير الذي حدث بين علم الفلك والعلوم الأخرى والتحريف الذي لحق بهذا العلم وظهور ما يعرف بالتنجيم؛ فإن استخدام علم الفلك استمر عبر التاريخ القديم حيث من الصعب إيجاد حضارة من الحضارات القديمة لم تستفد من هذا العلم في جوانب الحياة العامة، لكن الحملات العسكرية كانت من أكثرها تأثرا واستغلالا للمعرفة الفلكية؛ فقد استخدمتها الأساطيل البحرية لمعرفة الاتجاهات في البحر، واعتمدت عليها الجيوش في التنقل ومعرفة مواقع العدو. وقد ذكر المؤرخ اليوناني بوليبيوس كيف اعتمدت الحملات العسكرية على التنبؤات الفلكية المرتبطة بحالات الطقس والفصول، وهو ما مكّن القادة من تفادي العواصف أو استغلال الرياح الموسمية. وهنا لا بد من توضيح الخلط بين المعرفة المبنية على مطالع النجوم وربطها بظواهر معينة تحدث على الأرض في التوقيت ذاته، لتكون النجوم بذلك علامة على هذا الحدث كظهور نجم سهيل عند أهل الجزيرة العربية، وانكسار شدة الحر في هذه البقعة من العالم، فنجم سهيل هنا علامة لهذا الحدث وموقت لحدوثه، وبين استخدام النجوم لمعرفة أحداث مستقبلية فهذا ليس من الفلك في شيء بل هو تنجيم غير قائم على معرفة ولا علم، وما كان يحدث في تلكم الفترات من الاعتماد على علم الفلك يندرج في هذا الباب، أي: تحديد المواسم وربط حدوثها بنجم معلوم المطلع. فالمعروف لدى الفراعنة أن فيضان نهر النيل مرتبط ارتباطًا وثيقًا بطلوع نجم الشعرى اليمانية، وبالتالي؛ فإن بداية الحراك الزراعي والعسكري مرتبط بهذا التوقيت.
الفلكي، وهو ما يشرحه بوليبوس حين يقول: « ان الفرص والحوادث التي تصاحب الحملات العسكرية تتطلب حذرًا كبيرًا، ومن الممكن الاستعداد لها بدقة بشرط ان يكرس المرء ذهنه لتخطيط حملته.
وفي هذا السياق يشير المؤرخون إلى أنه خلال الحرب التي دارت بين روما وقرطاج واستمرت لفترات طويلة والتي عرفت بالحروب البونيقية كان التفوق البحري عاملاً حاسمًا للقرطاجيين؛ بفضل معرفتهم الدقيقة بتقنيات الملاحة واستخدموا المعرفة الفلكية لتوجيه أساطيلهم عبر البحر الأبيض المتوسط، ما منحهم ميزة استراتيجية في التنقل والإمداد واستخدام النجوم لتحديد المواقع.
وقد أسهم هذا بشكل مباشر أحيانا وغير مباشر أحيانا كثيرة في التطور المعرفي والتقني لعلم الفلك سواء على صعيد الأجهزة الفلكية كالإسطرلاب وغيره من الوسائل التي سهلت معرفة الاتجاهات ورصد النجوم والكواكب أو من خلال المعارف الفلكية التي ظهرت على شكل مؤلفات على شكل خرائط سماوية أو كتب مفصلة لمواقع كل مصر من الأمصار في جميع بقاع الأرض المختلفة.
وقد ازدهر علم الفلك والمراصد الفلكية بشكل عام في عصور الدولة الإسلامية؛ فهناك من المراصد ما وصل صيتها إلى كل مكان لما لها من مكانة بحثية وقيمة علمية كمرصد مراغة الواقع في شمال غربي بلاد فارس أو ما يعرف بإيران حاليا، ويرتفع المرصد حوالي 1560 مترا فوق سطح البحر، ويعتبر أضخم المراصد في التاريخ الإسلامي؛ حيث أشرف على تأسيسه علماء فلك بارزون أشهرهم نصير الدين الطوسي، ومحيي الدين المغربي، وعلي نجم الدين الإسطرلابي الذين كانت لهم إسهامات كثيرة ومهمة في الفلك والهندسة والرياضيات. وقد استفاد القادة العسكريون من الخرائط الفلكية أو ما عرفت عند العرب بجداول الأزياج، وهي عبارة عن جداول تعيّن شروق الشمس وغروبها يوميا، وشروق القمر وغروبه يوميا، وشروق وغروب الكواكب السيارة يوميا، وكذلك خسوف القمر وكسوف الشمس (مثل «الزيج الإلخاني» و«زيج البتاني»)؛ لتحديد المواقع والاتجاهات بدقة في الحملات العسكرية الصحراوية والبحرية.
ومن المعروف أن الخلفاء في الدولة الإسلامية كانوا يطلبون من علماء الفلك معرفة الأوقات المناسبة للغزو بناء على مواقع الكواكب والنجوم، وهو كما ذكرنا سابقا يؤخذ من باب معرفة الظروف المناخية وأحوال الطقس لا من باب التنجيم وضرب الحظ، وهو ما كان شائعا أيضا عند البحارة العمانيين والنواخذه في الخليج العربي، من عدم ركوب البحر في أوقات محددة تحدث فيها ضربات البحر أو «الأعاصير»؛ إذ يتجنب البحارة الترحال خلال هذه الفترات نظرا لهيجان البحر والابتعاد عن المخاطر حفظا للمال والنفس. وساعدت هذه المعرفة الأئمة في عهد الدولة اليعربية في حربهم ضد البرتغاليين في المحيط الهندي، والانتصارات المتتالية التي حققها العمانيون في شرق إفريقيا والسواحل الهندية، كالانتصار في معركة ديو البحرية التي استغل فيه الإمام سيف بن سلطان الرياح الموسمية لتسيير أسطوله ومحاصرة قلعة ديو قرب خليج بومباي سنة 1670م التي كانت من أكبر مراكز البرتغاليين في الشرق. واستولى العمانيون في هذه الحملة على غنائم وثروات كبيرة.
كما عُرف عن المستكشف كريستوفر كولومبس باستخدامه الذكي والدقيق للمعرفة الفلكية في أثناء رحلاته الاستكشافية في أماكن كثيرة. ومن أبرز الأمثلة على ذلك استغلاله لظاهرة الخسوف القمري الذي وقع في 29 فبراير عام 1504 أثناء وجوده في جزيرة جامايكا في رحلته الرابعة إلى العالم الجديد. ففي تلك الفترة كان كولومبس يواجه أزمة حادة تمثلت في انقطاع الدعم والتموين من قبل السكان المحليين الذين تراجعوا عن تزويد طواقمه بالمؤن والغذاء؛ نتيجة لتدهور العلاقة بينهم وفقدان الثقة بالمستعمرين الأوروبيين.
وبفضل امتلاكه لمخطوطة فلكية دقيقة وضعها الفلكي أبراهام زاكوتو؛ كان كولومبس على دراية تامة بالظواهر الفلكية القادمة، ومن ضمنها موعد حدوث خسوف كلي للقمر. وبدلاً من الاكتفاء بالملاحظة الفلكية كأداة علمية؛ لجأ كولومبس إلى توظيفها كأداة للتأثير النفسي والسياسي، فأخبر زعماء السكان المحليين بأن الرب غاضب عليهم بسبب توقفهم عن دعم رجال البعثة، وأن علامة هذا الغضب الإلهي ستظهر في السماء حين يُظلم القمر وتختفي أنواره، محذرًا من أن القمر لن يعود إلى حالته الطبيعية إلا إذا قدموا الدعم مجددًا.
وبالفعل حين بدأ القمر بالخسوف وبدأ ظله يغمره تدريجيًا أصيب السكان المحليون بالذعر، وهرعوا إلى كولومبس طالبين الغفران، ووعدوه باستئناف تقديم الدعم والمؤن. وعند انتهاء الخسوف اعتبر السكان أن كولومبس قد «استرضى الرب» ما عزز مكانته وسلطته في أعينهم.
هذا الحدث يُعد مثالًا فريدًا على التوظيف النفعي للعلم في السياقات الاستعمارية، ويبرز كيف يمكن للمعرفة الفلكية أن تُستخدم لتحقيق مكاسب سياسية وميدانية، خصوصًا حين يكون الطرف الآخر يفتقر إلى الإلمام الكافي بهذه العلوم.
وفي المقابل فإن الحروب أسهمت أيضا بشكل كبير في خلق نقلة نوعية في تقنيات علم الفلك وتطوره المتسارع منذ الحرب العالمية الأولى وصولا إلى عصر الفضاء في أيامنا هذه، فعلم الفلك الراديوي استفاد من تقنيات الراديو التي تطورت عن استخدام الرادارات في الحرب العالمية الثانية. كما أن السباق المحتدم بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي أثناء الحرب الباردة للوصول إلى الفضاء والسيطرة عليه لكسب المعارك على الأرض أسهم بشكل مباشر في إيجاد الوسائل المناسبة للوصول إلى الفضاء والهبوط على القمر.
ثم تطورت صناعة الأقمار الصناعية لأغراض سلمية وعسكرية ووصلت في أيامنا هذه إلى ما يعرف بالأقمار الصناعية المكعبة التي يسهل تصنيعها وإرسالها إلى الفضاء بأعداد كبيرة في مهمة واحدة بأقل تكلفة؛ حيث إن ما يميز هذا النوع من الأقمار أنها ذات كلفة منخفضة وقادرة على القيام بمهام محددة. ورغم الطبيعة المعرفية والبحثية لعلم الفلك؛ إلا أن التاريخ على امتداد العصور أثبت أن علم الفلك كان على الدوام حليفًا خفيًا للحرب. فمنذ العصور القديمة حتى النزاعات الحديثة لعب هذا العلم دورًا محوريًا في توجيه الجيوش، وتحديد مواعيد الحملات، ورسم خرائط الملاحة البحرية، والتفوق على الخصوم معرفيًا وتقنيًا؛ حيث لم يكن علم الفلك أداة لتأمل ومعرفة خبايا الكون فحسب، بل أصبح سلاحًا منح أصحابه الأفضلية في ميدان المعركة. ويمكن القول: إن الحروب أسهمت في تسريع وتيرة تطور علم الفلك بما فرضته من تقنيات وابتكارات، فأصبح بذلك إحدى الركائز الأساسية في التخطيط العسكري والسيطرة التقنية. وهكذا؛ فإن العلاقة بين النجوم وميادين القتال ليست مجرد تقاطع عابر، بل هي تحالف عميق ومستمر منذ عقود طويلة من الزمن، ولا يزال يسهم في تشكيل ملامح الصراع البشري حتى في عصر الفضاء.
د. إسحاق بن يحيى الشعيلي / رئيس مجلس إدارة الجمعية العمانية للفلك والفضاء