هناك مقولة جميلة راقت لي «كن سببا في جعل شخص يؤمن بوجود الخير في الناس»، ولكن دائما المواقف تكون في الحفظ والصون.
في العمل التربوي سواء كنت معلما، مدير مدرسة، مشرفا، مدير إدارة... إلخ؛ نمر بكثير من المواقف والصعاب، التي نكون فيها مؤتمنين أمام الله على أمانات عظام ومسؤوليات جسام تخص أمل وطن ومستقبل أمة؛ يتعرض فيها التربوي لاختبارات حقيقية تتحدى ضميره ووجدانه قبل فكره، فعملنا يتخطى حدود إنجاز الورق ومجاراة كل ما هو مهم وعاجل وتوثيق المطلوب، هو عمل مخافة الله ومراقبته في السر والعلن هما أساسه، وخلق المسلم هو أبرز تعاملاته والحس الإنساني هو أسمى صفاته في التعامل مع البشر على اختلاف شخصياتهم واهتماماتهم، ولاسيما وأنت قائد تكون ملزما بالتعايش السلمي والإيجابي مع تقلبات مزاجهم وإقناع فكرهم والتعاطف مع ظروفهم وتحقيق أهداف المنظومة بسلاسة وذكاء، فنجد أن الجميع يجاهد في الحفاظ على دفتي الميزان في إدارة المهام ما بين الحنكة والحكمة والتعاطف الحقيقي في حدود الرحمة والألفة التي هي أساس نجاح كل مؤسسة تعليمية.
ولكن القلة من ينجح في تحقيق هذا الاتزان وكسب القلوب قبل العقول، جميل أن تكون مبدعا في عملك وإنجازك ولكن الأقرب لاستمرارية النجاح هو خلق بيئة عمل آمنة يسودها الاحترام وتقدير الآخر، وتذكرك بالخير بعد رحيلك.
في الأيام القليلة الماضية ودع المجتمع التعليمي في محافظة حفر الباطن الأستاذة سميرة بنت صالح الشهراني، وهي تربوية قديرة خدمت في القطاع التعليمي سنوات طوال وقدمت الكثير لخدمة التعليم ومنسوباته في المحافظة، عاصرت الحراك العلمي الذي شهده قطاع التعليم في السنوات الأخيرة وما ترتب عليه من تغييرات جذرية في المناهج وطرق التدريس وأساليب التقويم والأساليب الإشرافية وتمكين المدرسة، وهي تترأس قسم الإشراف التربوي، البوصلة الحقيقية لتوجيه التعليم وتقويم مساراته، والذي ينصب على عاتقه إعداد الخطط والبرامج وتنفيذها، ومؤشر إنجازه مرتبط بواقع الميدان وصدق نتائجه.
قادت الأستاذة سميره هذا الصرح بكل تفاني وإخلاص وعقل مدبر وهدوء ملفت وإنسانية ملحوظة، تتزاحم الأعمال وتتزايد المعوقات وتضيق السبل ونفقد الحيلة ويداهمنا الوقت، ولكن سرعان ما تهدأ فوضى العاصفة وتتبدل الأحوال وتتغير الأوضاع ليس بفعل عصا سحرية، ولكن من عمل في قسم الإشراف التربوي يفهم أن تصوير المشهد السابق لم يكن مبالغة أو تضخيما للأحداث، ولكن هو عمل دؤوب مخلص أدارته أم عبدالله بحكمة وتعامل إنساني واحتواء راقٍ يسوده روح الفريق.
لن ننسى في كل اجتماع وهي تنقل لنا بكل لطافة رسائل تربوية، تؤكد فيها على الألفة وقيم التسامح وحق الزمالة، كم زميلة ضاقت بها ضغوط العمل وهموم الحياة لتنصت لها وتهون عليها الأمر، فالإنصات بحد ذاته إنسانية راقية، أي خبيئة لك يا أم عبدالله والتي جعلت الجميع يتفق على حبك وتقدير شخصك الكريم.
لا نملك لك سوى دعوات صادقة بظهر الغيب أن تكون السعادة مستقرها قلبك، والعافية يستوطنها جسدك مع من تحبين وأن يكون القادم من أيامك كله سعادة وخير وبركة تنعمين بها بذكرى طيبة مشرفة سيذكرها تعليم حفرالباطن طويلاً.
المشرفة التربوية
النيرة غلاب المطيري
@aln2513
المصدر: صحيفة عاجل
إقرأ أيضاً:
«لمسة وفاء» تجمع سريلانكية بعائلة إماراتية بعد 4 عقود
عجمان: «الخليج»
حققت القيادة العامة لشرطة عجمان أمنية امرأة سريلانكية بلقاء عائلة إماراتية كانت قد عملت لديها كعاملة مساعدة منذ أكثر من أربعة عقود، لترتسم لحظة اللقاء بدموع الفرح وعبق الذكريات الجميلة.
وفي تفاصيل المبادرة التي حملت عنوان «لمسة وفاء»، أفاد العقيد غيث خليفه الكعبي، رئيس مركز شرطة المدينة الشامل، أن القصة تعود إلى عام 1982، حيث عملت المرأة التي تدعى روجينا لدى عائلة علي عبدالله سنان الشحي في عجمان، وذلك حتى عام 1987 عادت بعدها إلى موطنها، إلا أن الودّ والاحترام الذي لقيته من أفراد العائلة بقي محفوراً في ذاكرتها.
وفي عام 2025، وأثناء زيارتها لدولة الإمارات لحضور حفل زفاف ابنتها، تولّدت لديها رغبة عميقة في لقاء العائلة التي احتضنتها بكل محبة طوال فترة عملها، وعلى الرغم من مضي أكثر من 40 عاماً، لم تثنِها السنين عن محاولة الوصول إليهم، فتوجهت برسالة عبر حساب شرطة عجمان على تطبيق «انستغرام»، تروي فيها قصتها وتطلب المساعدة في الوصول إلى العائلة.
وأوضح النقيب سلطان بن محمد النعيمي، مدير فرع التحقيق والبحث الجنائي، أن المركز تجاوب بشكل فوري مع هذا النداء الإنساني، حيث باشر فريق البحث عمله بتفانٍ ومهنية عالية، حتى تمكنوا من تحديد موقع الأسرة والتواصل معها، لترتسم بذلك واحدة من أجمل لحظات الوفاء والإنسانية.
وتم تنظيم اللقاء في أجواء مفعمة بالدفء والتأثر في ضيافة العائلة الإماراتية، حيث استقبلوا المرأة بمشاعر غامرة من المحبة والفرح تعبر عن أخلاق وصفات أبناء الإمارات في لحظة وثّقت بالدموع والابتسامات الصادقة، عبر خلالها الجميع عن فخرهم وشكرهم العميق لشرطة عجمان لتحقيق هذا اللقاء وخلق مشاعر الألفة والمحبة.