قبل ثمانية أشهر أعلن زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، إقالة الحكومة الانقلابية التي لا يعترف بها أحد، وأطلق وعوداً بإحداث تغييرات جذرية في منظومة الحكم التي تسيطر عليها الأجنحة المتصارعة على الأموال والنفوذ، لكنه فشل في ذلك ولم يقدم أسباباً مقنعة، فيما رجحت مصادر سياسية أن يكون الرفض الشعبي والسياسي لاستنساخ النموذج الإيراني هو سبب التراجع عن تلك الخطوة.

فمع إعلان الحوثي ما سمّاها «التغييرات الجذرية» ووصفه الأوضاع في مناطق سيطرة جماعته بـ«المزرية»، هللت مجموعة من المعارضين لنفوذ أحمد حامد، مدير مكتب مجلس الحكم الانقلابي، لذلك الإعلان وذهبوا للتبشير باجتثاث الفساد وقرب انتهاء هيمنته على كل مؤسسات الدولة.

إلا أنه وبعد مضي هذه المدة الزمنية أدرك معظمهم أن إقالة حكومة عبد العزيز بن حبتور التي لا تفعل شيئاً، كانت مخيِّبة لآمالهم وأظهرت أن أحمد حامد، الذي يُعرف بأنه الحاكم الفعلي، باقٍ في موقعه والجناح الذي يتزعمه يمتلك القدرات والإمكانات التي تجعله يحتفظ بسيطرته.

ويعتقد النائب المعارض أحمد سيف حاشد أن عدم القدرة على تشكيل حكومة انقلابية جديدة، يشي بوجود أزمة في قيادة السلطة هناك جعلت التغيير مكلفاً أو غير ممكن أو مهدِّد بخطر سيلحق بتلك السلطة، ويرى أن استمرار الحال على ما هو عليه سيؤدي إلى شلل هذه السلطة بشكل تام، وتعفنها بفسادها وصراعات وخلافات أقطابها.

لكنَّ سلطان السامعي، وهو عضو في مجلس الحكم الحوثي الذي لا يمتلك أي سلطة فعلية، اتهم قيادات في الجماعة بالعمل لمصلحة أجهزة استخبارات أميركية وإسرائيلية، وقال إن هذه الأجهزة اخترقت سلطة الجماعة، وتعهَّد بالكشف قريباً عن هذه القيادات ومحاكمتها وسجنها.

وسبق أن أطلق السامعي تصريحات أقوى من هذه، وتبين لاحقاً أن الغرض منها هو انتزاع موقف أو تحسين موقعه لأسباب تتعلق بانتمائه الجهويّ (تعز)، إذ يمثل الجهة الأضعف في سلطة الانقلاب التي يتحكم فيها المنحدرون من محافظة صعدة أولاً.

حكومة بلا صلاحيات

في خضمّ هذا الصراع بين الأجنحة الحوثية، ترى مصادر مطلعة في صنعاء تحدثت إلى صحيفة «الشرق الأوسط»، بشرط عدم الإفصاح عن هويتها، أن الحكومة المقالة حتى وإن جاءت خلفاً لها حكومة أخرى فإن الأخيرة لن تمتلك أي سلطة، لأن إدارة مؤسسات الدولة المدنية والمحافظات والقطاع التجاري ليست بيدها.

وأوضحت أن القطاعات المدنية يتحكم فيها مدير مكتب مجلس الحكم الانقلابي أحمد حامد، عن طريق ما تسمى اللجنة الاقتصادية وما تسمى وزارة المالية، في حين أن الجانب الأمني والعسكري يتحكم فيهما عم زعيم الجماعة عبد الكريم الحوثي الذي يتولى وزارة الداخلية في حكومة الانقلاب ويساعده فيها نجل مؤسس الجماعة علي حسين الحوثي، وعبد الحكيم الخيواني رئيس ما يسمى جهاز الأمن والمخابرات، وجميع هؤلاء ينحدرون من محافظة صعدة.

وذكرت المصادر أن الحوثيين وعقب إقالة حكومة بن حبتور (غير معترف بها) كانوا يخططون لتشكيل حكومة بديلة تشارك فيها فروع الأحزاب في مناطق سيطرتهم حتى يوهموا الرأي العام بأن لهم شركاء سياسيين وأنهم لم يقصوا أحداً، لكنهم فشلوا في ذلك خصوصاً أن جناح حزب «المؤتمر الشعبي» أظهر معارضة واضحة لترؤس حكومة جديدة ووضع اشتراطات لمشاركة حقيقية، كما أن بقية فروع الأحزاب لم تتحمس للفكرة لأنها تدرك مَن هو الحاكم الفعلي.

ويشير مصدر آخر إلى أن الصراع كبير والتغيير مستحيل، وتوقع أن تجري عملية تدوير للمناصب فقط لأن حجم المصالح التي تشكلت كبيرة وغير متخيَّلة، ولهذا فإن كل جناح من الأجنحة لديه ملفات ضغط وداعمون، وأنه ولذلك فإن زعيم الجماعة سيعمل على التوفيق بين هذه الأجنحة من خلال تدوير المناصب وتقاسم الحصص، ورجّح أنه في حال فشلت هذه الخطة فقد يضطر إلى التخلص من أحد الأجنحة لتجنب الصدام الداخلي.

نموذج إيراني

على خلاف هذه الرؤى يقدم سياسيٌّ رفيع يقيم في صنعاء قراءة مختلفة، ويقول إن الهدف من «التغييرات الجذرية» التي كان عبد الملك الحوثي قد أعلن نيته إجراءها، كانت تمس دستور الدولة وطبيعة نظام الحكم بحيث يتحول إلى نسخة مطابقة لنظام الحكم في إيران، إلا أن ردة الفعل الشعبية ورفض فروع الأحزاب مناقشة الفكرة أو القبول بها، كان وراء هذا التأخير، وتوقع أن يتم إخراج التغيير بطريقة لا تمسّ جوهر السلطة الحالية ولا تركيبتها.

ويذكر السياسي اليمني الذي اشترط عدم الإفصاح عن هويته لأسباب تتعلق بأمنه الشخصي، أن الحوثيين أقاموا سلطة تعتمد على الانتماء السلالي وينحدر عناصرها من محافظة صعدة، المعقل الرئيسي للجماعة الانقلابية، ولهذا تشكلت مصالح كبيرة وأصبح هؤلاء مسؤولين وقادة عسكريين وتجاراً أيضاً وامتلكوا أموالاً لم يكونوا يحلمون بها.

ولهذا تعمل الجماعة -وفق قوله- بدأب على تشكيل طبقة جديدة في المجتمع اليمني من التجار والأثرياء، إذ يمتلكون مساحات كبيرة من الأراضي وإقامة المشاريع التجارية لأنهم بذلك سيضمنون حضور هذه الطبقة في أي عملية تسوية قادمة.

كان زعيم جماعة الحوثي قد قال في 27 سبتمبر (أيلول) الماضي إن المرحلة الأولى من «التغيير الجذري» هي تشكيل حكومة كفاءات تجسّد ما سمّاها الشراكة الوطنية، ويتم فيها تصحيح السياسات وأساليب العمل، كما أعلن أن هذه المرحلة ستتضمن تصحيح وضع القضاء ومعالجة الاختلالات ورفده بالكوادر المؤهلة، وقال إنه متمسك بالشراكة الوطنية والمفهوم الإسلامي للشورى، حسب زعمه.

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

مصادر تكشف تفاصيل "الصفقة المرتقبة" بين إسرائيل وحماس

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية نقلا عن مصادر، تفاصيل تتعلق بالصفقة المرتقبة بين إسرائيل وحركة "حماس".

ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني إسرائيلي، وآخر فلسطيني مقرّب من حماس، قولهما إن الصفقة ستشمل إطلاق سراح 10 رهائن إسرائيليين أحياء، بالإضافة إلى نقل 18 جريحا، مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين.

وسيتم إطلاق سراح الرهائن ونقل الجثث على خمس مراحل خلال وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما.

ووفق المصدر الإسرائيلي فإنه بموجب الخطة، سيُطلب من حماس الامتناع عن إقامة "مراسم إطلاق سراح" مصوّرة، كما فعلت عند الإفراج عن رهائن خلال وقف لإطلاق النار تمّ التوصل إليه في وقت سابق من هذا العام.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد قال الثلاثاء، إن إسرائيل وافقت على الشروط اللازمة لهدنة في قطاع غزة مدتها 60 يوما.

وأضاف ترامب في منشور على حسابه في منصة "تروث سوشيال": "ممثلون عني عقدوا اجتماعا طويلا وبنّاءً مع الإسرائيليين اليوم بشأن غزة".

ولم يكشف ترامب عن ممثليه، إلا أن اجتماعا كان مقررا بين المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف ووزير الخارجية ماركو روبيو ونائب الرئيس جيه دي فانس مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر.

وأوضح أن إسرائيل: "وافقت على الشروط اللازمة لإتمام وقف لإطلاق النار لمدة 60 يوما، وخلال هذه الفترة سنعمل مع جميع الأطراف لإنهاء الحرب".

وتابع: "سيقدم القطريون والمصريون، اللذان عملا بجد لإحلال السلام، هذا الاقتراح النهائي".

واختتم قائلا: "آمل، لمصلحة الشرق الأوسط، أن تقبل حماس بهذا الاتفاق، لأن الوضع لن يتحسن، بل سيزداد سوءا".

وأعلن الدفاع المدني في غزة أن 47 فلسطينيا على الأقل قتلوا الأربعاء في غارات جوية شنّتها إسرائيل وبنيران قواتها.

واندلعت حرب غزة بعد هجوم مباغت شنته حماس في السابع من أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل وأسفر عن مقتل 1219 شخصا في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، وفقا لتعداد وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية.

وردّت إسرائيل بإحكام حصارها للقطاع الفلسطيني وبشن حرب مدمّرة قُتل فيها 57012 شخصا غالبيتهم مدنيون، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة في غزة.

مقالات مشابهة

  • ياسين سعيد نعمان: الحوثي كـ "الضبع" بقوته الغاشمة التي تعكس البطش المحمول على سيقان مرتعشة
  • تقارير تكشف خطورة الطريق الذي شهد مقتل ديوغو جوتا
  • مليشيا الحوثي تُجبر أسرة الشيخ حنتوس على دفن جثمانه دون تشييع
  • حكومة اليمن تدين قتل الحوثي معلم قرآن سبعيني والجماعة تتهمه بالتمرد
  • مصادر تكشف تفاصيل الصفقة المرتقبة في غزة
  • مصادر تكشف تفاصيل "الصفقة المرتقبة" بين إسرائيل وحماس
  • الإصلاح: استشهاد الشيخ حنتوس دليل فاضح على بشاعة الإرهاب الحوثي وعنصريته الكهنوتية
  • ٣٠/ يونيو، ليلة القبض علی جَمْرَة!!
  • نيويورك تايمز: ما الذي تتوقعه واشنطن من حكومة الشرع في سوريا؟
  • مصادر كردية:حكومة البارزاني إس أزمة رواتب الإقليم لأنها لا تستجيب لمطالب الحكومة الاتحادية