يونامي: رحلةٌ في دهاليز الفساد العراقي تنتهي بانسحابٍ مُشين
تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT
5 يونيو، 2024
بغداد/المسلة الحدث: مع اقتراب موعد انسحاب بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) من البلاد نهاية عام 2025، يزداد الجدل حول ملفات فساد تُتهم بها البعثة، وسط مطالبات بفتح تحقيقات جدية ومحاسبة المتورطين.
وكانت هيئة النزاهة العامة في العراق قد أعلنت في فبراير الماضي عن بدء فريق تابع لها بالتحقيق في معلومات وردت في تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية حول تلقي موظفين في يونامي رشاوى من مقاولين عراقيين في مشاريع تابعة لصندوق إعادة إعمار المناطق المُستعادة من تنظيم داعش.
وتناولت تقارير إعلامية أخرى مزاعم فساد إدارية ومالية تورطت فيها بعثة يونامي، من بينها اتهامات لرئيستها، جينين بلاسخارت، بتلقي أموال طائلة من جهات معادية .
وفي ظلّ هذه الاتهامات، يطالب العديد من العراقيين بفتح تحقيقات شاملة ومحاسبة المتورطين، سواءً من موظفي البعثة أو من المسؤولين العراقيين المتواطئين.
ويرى عضو ائتلاف دولة القانون، الشيخ حيدر اللامي، أنّ “يونامي ورئيستها شريكان في ملفات فساد كبيرة بالعراق”، وأنّ “اغلب هذه الملفات إدارية ومالية”.
ويُشير اللامي إلى أنّ بلاسخارت “تلقت أموالاً طائلة بعد لقائها ببعض الشخصيات المعادية للحكومة العراقية”.
من جهتها، تُؤكّد يونامي على التزامها بمبادئ الشفافية والمساءلة، وأنّها تُخضع لعمليات تدقيق ومراجعة داخلية وخارجية بشكلٍ دوري.
وتُشدّد البعثة على أنّها تتعاون بشكلٍ كامل مع تحقيقات هيئة النزاهة، وأنّها ستُقدم كلّ ما يلزم لتسهيل سير التحقيقات وكشف الحقيقة.
ومع اقتراب موعد انسحاب يونامي، تبقى ملفات الفساد هذه مفتوحة، ممّا يثير قلق العراقيين ويُطرح تساؤلات حول جدوى وجود البعثة في ظلّ هذه الاتهامات.
والسؤال: هل ستُحاسب يونامي على ما تُتهم به من فساد؟ وهل ستُجرى تحقيقات جدية لكشف الحقيقة؟.
هذه أسئلةٌ تنتظر إجابةً من الجهات المعنية، لضمان تحقيق العدالة ومحاسبة الفاسدين، أينما كانوا.
و صوت مجلس الأمن الدولي بالإجماع على سحب بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) من البلاد بحلول نهاية عام 2025. ويأتي هذا القرار بناءً على طلب من الحكومة العراقية، التي ترى أن العراق قد أصبح قادراً على إدارة ملفه الأمني بشكل مستقل، وأن وجود البعثة لم يعد ضرورياً.
و رحبت العديد من القوى السياسية العراقية، خاصة الشيعية، بقرار الانسحاب، معتبرين إياه انتصاراً لسيادة العراق على قراره وسياساته وموارده. كما اعتبروا أن إنهاء عمل يونامي يعكس قدرة العراق على الانفتاح على محيطه الإقليمي والدولي وتعزيز دوره في المحافل الدولية.
و أبدت بعض الأحزاب الكردية والسُنية امتعاضها من قرار الانسحاب، وطالبت ببقاء البعثة. ويرى البعض أن العراق ما زال بحاجة إلى الدعم الدولي، وأن خروج يونامي قد يعرض البلاد ل مخاطر أمنية.
و أثار انسحاب يونامي جدلاً حول ملفات فساد متهم بها موظفو البعثة. حيث اتهمت بعض الجهات موظفين في يونامي بتلقي رشاوى من مقاولين عراقيين في مشاريع تابعة لصندوق إعادة إعمار المناطق المستعادة من تنظيم داعش.
وبعض القوى السنية والكردية متخوفة من أن يؤدي انسحاب يونامي إلى زيادة نفوذ إيران في العراق، حيث تسعى إيران إلى تعزيز علاقاتها مع الحكومة العراقية.
كما تزعم هذه القوى ان ابتعاد يوماني سوف يؤدي الانسحاب إلى تراجع الاستقرار الأمني في بعض المناطق، خاصة في المناطق المتنازع عليها بين الحكومة العراقية والحكومة الكردية.
و انسحاب بعثة يونامي يمثل نقطة تحول مهمة في تاريخ العراق الحديث. سيعتمد مستقبل العراق على قدرة الحكومة العراقية على إدارة ملفاتها الأمنية والاقتصادية والسياسية بشكل مستقل وفعّال. كما سيكون من المهم للعراق الحفاظ على علاقات جيدة مع جيرانه والمجتمع الدولي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: الحکومة العراقیة
إقرأ أيضاً:
المشهد الانتخابي في العراق: أزمة ثقة وتكرار الفشل
آخر تحديث: 11 يونيو 2025 - 12:38 م بقلم: ادهم ابراهيم العملية الانتخابية في العراق تمثل حالة من التكرار المزمن لأزمة الثقة بين الشعب والنظام الحاكم ، حيث تتعثر العملية الديمقراطية بين وعود الإصلاح وإلفشل المستمر . وعلى الرغم من مرور اكثر من عشرين عاما على سقوط النظام السابق، إلا أن الانتخابات المتعاقبة لم تنجح في تجسير الهوة بين المواطن والسلطة، بل زادت من اتساعها بسبب تفشي الفساد وتلاعب النخب الحاكمة بإرادة الناخبين. هذه الأزمة المتجددة تطرح أسئلة مصيرية حول جدوى الانتخابات المقبلة ، وقدرتها على احداث تغيير جوهري في العملية السياسية لتحقيق الاستقرار والحكم العادل . فهل يمكن كسر حلقة الفشل هذه؟ أم أن العراق محكوم بدوامة من الانتخابات الشكلية التي تكرس الأزمات بدلاً عن حلها؟ تتاثر الانتخابات في العراق بجملة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي تشكل ملامح المشهد الانتخابي بشكل عميق. ولا يثير الدهشة أن نسبة المشاركة ستكون منخفضة، كما حدث في الانتخابات السابقة ، التي بلغت فيها النسبة 20% حيث لم يجد المواطن العراقي مبررًا لاختيار أحزاب لم تقدّم سوى الفساد، وسوء الإدارة، ونهب المال العام، في ظل تدهور مستمر بالخدمات منذ أكثر من عقدين . ان النظام الحاكم في العراق يخوض الانتخابات مجددًا، مدفوعا برغبته في استمرار الفساد ونهب موارد الدولة . وهذا ما يفسر الإصرار على إجراء الانتخابات في موعدها، رغم العقبات القانونية والسياسية، فالفوز في هذا الاستحقاق يضمن له النفوذ والمال . في المقابل، يظهر العزوف الشعبي وعدم الحماسة كدليل على الإحباط العام وانعدام الثقة بالنظام السياسي . فالأغلبية اليوم تبدو رافضة للاندماج في منظومة تعتبرها فاسدة، بينما تعوّل الأحزاب الحاكمة على قواعدها الموالية فقط، وغالبيتهم ممن يتلقون رواتب ومنافع من الكيانات الحزبية أو الفصائل المسلحة التابعة لها . وتواجه العملية الانتخابية الجديدة تحديات متزايدة، أبرزها مقاطعة التيار الصدري ، إلى جانب فئات مدنية وشبابية نشأت بعد احتجاجات تشرين 2019. وتعبّر قوى شعبية أخرى عن شكوكها في نزاهة الانتخابات، وسط استياء واسع من استمرارية الفساد، وتغوّل الطبقة السياسية على مفاصل الدولة.
ان الدعوة المطروحة لمقاطعة الانتخابات تاتي لاسباب عديدة لعل اهمها؟ – عجز الانتخابات عن تغيير البنية الأساسية للعملية السياسية الخاضعة للمحاصصة الطائفية والعرقية ، مع تكرار الوجوه القديمة ، ولا تحمل القوائم الانتخابية أي جديد، بل تُعيد تدوير شخصيات أثبتت فشلها، منذ عهد مجلس الحكم حتى الآن . – الخذلان الشعبي الذي بلغ اشده نتيجة الحكم الفاسد والمحسوبية . – كثير من المرشحين ينتمون لفصائل مسلحة أو مدعومين منها، مما يجعل المرشحين المستقلين عاجزين عن المنافسة . – قانون الانتخابات قد تم تفصيله لصالح الكتل الحاكمة التي تهيمن على السلطة والثروة والإعلام، وترتبط بأجندات خارجية . – ترسّخ الفساد الذي لم يعد حالة شاذة بل صار قاعدة ثابتة في العمل السياسي، مما جعل التغيير شبه مستحيل ضمن هذا الإطار . – التزوير الممنهج للانتخابات في كل مرة ، مما زاد من عزوف المواطنين . – استمرار وجود السلاح بيد الجماعات المسلحة رغم وعود الحكومة بحصر السلاح ، ما يفقد العملية الانتخابية من عنصر الأمان ويزرع الخوف في الشارع . هذه المعطيات تجعل من ضعف الإقبال قضية جوهرية، تمس شرعية النظام برمّته. فبدلاً من أن تعزز الانتخابات من مشروعية الحكم فاقمت من أزمته. وفي ظل الجهود الحثيثة التي تبذلها بعض القوى النافذة—لا سيما في “الإطار التنسيقي”—لإضعاف القوى المدنية وتهميش بعض الكتل، فإن الانتخابات تعيد إنتاج السلطة نفسها، دون إحداث أي تحول جذري في المشهد السياسي. ان الدعوات المطروحة للمقاطعة لا تعني اللامبالاة، بل هي موقف واعٍ ورافض لمنظومة لم تعد تمثل طموحات الشعب العراقي. ومع تصاعد الرفض الشعبي، تتراجع شرعية النظام أمام الداخل والخارج، وترتفع احتمالات انفجار شعبي واسع في المستقبل.