عدوّان يتنافسان في كراهيتهما للعرب
تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT
آخر تحديث: 8 يونيو 2024 - 9:13 صبقلم:فاروق يوسف قُدر للعالم العربي أن يقع بين دولتيْ حرب. السلام بالنسبة إليهما لا يعني مطلقا تمتع الآخرين بسلام وأمن ثابتين، بل هو سلامهما المرفق بشروط لا يمكن لدولة تتمتع بسيادة غير منقوصة أن تقبل بها.إيران وإسرائيل دولتان، الحرب أقرب إليهما من السلام. دولتان طبعتا كراهية جيرانهما إلى الحد الذي أصبحت فيه تلك الكراهية تقليدا تراثيا.
وفي ذلك قدر هائل من العنصرية. تعادي إيران جيرانها بسبب عقد تاريخية خاصة بها، جاء نظام الملالي ليضفي عليها طابعا طائفيا. أما إسرائيل فلأنها كيان أُقيم على أساس اغتصاب أرض شعب آخر فإنها تغطي على خوفها من تلك الحقيقة على الاستمرار بالتلويح بالقوة واستعمالها بإفراط. وبغض النظر عن لجوء بعض الأطراف العربية إلى إظهار نوايا حسنة صادقة من أجل تصفير المشكلات في منطقة تعبت شعوبها من الحروب فإن الدولتين لم تتخليا عن سياساتهما العدوانية التي تفقد الطرف الآخر، وهو هنا لسوء الحظ عربي، كل وسيلة للوصول إلى حل وسط. ما من حل بديل يرضيهما سوى خضوع الآخر واستسلامه.هل سيتمكن العرب من ترويض دولتي الحرب اللتين لا تنظران إلى المنطقة إلا بعيني التشاؤم؟ لا بد أن يكون مستقبل المنطقة متفائلا بعينين عربيتين وليس العداء المعلن بين الدولتين سوى واجهة لتعاون مستتر. إيران تعادي إسرائيل التي تفعل الشيء نفسه. وكما يبدو فإن الإثنتين متفقتان على حدود حمراء، تخترقها إيران بين حين وآخر في سوريا أو في لبنان وهما الدولتان الجارتان لإسرائيل فتتلقى العقاب المناسب، وهو عقاب محدود لا يؤثر على الهيمنة الإيرانية في مناطق نفوذها. يخطئ البعض حين يعقد مقارنة بين الطرفين بحثا لجواب على سؤال من نوع “أيهما أكثر خطورة على العالم العربي، إيران أم إسرائيل؟”، لا الماضي ولا الحاضر ولا المستقبل يمكنه أن يثبت أن واحدة منهما أقل خطرا من الثانية. فإذا كانت إيران قد تسللت إلى العالم العربي في إطار حملة أميركية لتدميره وإفساد هناءة العيش فيه فإن إسرائيل تستند في حروب الإبادة التي تشنها على الفلسطينيين على حائط أميركي لن ينهدم بها مهما فعلت. ولأن العقل السياسي الأميركي أغبى من أن يستوعب خطر السلوك الاستعماري على قدرته على إدارة ما يُسمى بالزمن الأميركي فإن الولايات المتحدة ماضية في دعم الدولتين وحمايتهما من أية عقوبات أو ملاحقة دولية، بل وتلطيف الأجواء أمامهما بما يساعدهما على القفز على القانون الدولي. أما كذبة العداء المتبادل بين إيران والولايات المتحدة فيمكن العثور على ما يفضحها بيسر في العراق. لقد تعاون الطرفان على أن يبقى العراق في الدرك الأسفل ويقيد بما يجعله غير قادر على العيش إن استغنى عن خدماتهما. فالمال العراقي موقوف في نيويورك وغذاء العراقيين يجب أن يأتي من إيران. ولكن العراق كان قد وضع تحت الهيمنة الإيرانية برعاية أميركية. كل الميليشيات الموالية لإيران التي تعمل في العراق وصارت لها اليد العليا في الدولة قد سُمح لها بالعمل يوم كان الاحتلال الأميركي قائما بشكل رسمي. أما حكاية المقاومة الإسلامية فهي عبارة عن لعبة إعلامية، تقوم على الدعاية التي تسرق الأنظار بعيدا عن رؤية الحقيقة. فها هي إسرائيل تفعل في غزة ما تشاء وفي المقابل اكتفت إيران بوضع عربها في مواجهتها. وهي مواجهة معروفة النتائج. ما يهم إسرائيل بالدرجة الأساس ألا تقوم دول حديثة من حولها لتبقى وحدها الدولة التي بُنيت وفق الأسس الأوروبية المتعارف عليها،ما يهم إسرائيل بالدرجة الأساس ألا تقوم دول حديثة من حولها لتبقى وحدها الدولة التي بُنيت وفق الأسس الأوروبية المتعارف عليها. ما يهمها أيضا أن تفتك الميليشيات بحياة المجتمعات العربية لتدفع بها إلى هاوية التخلف كي تظل هي الدولة التي يعيش مجتمعها في مستوى تعليمي ممتاز. كما يسرها أن تعمل تلك المجتمعات على تدمير نفسها بنفسها من خلال اشتباكها بالمرويات التاريخية التي لا قيمة لها على مستوى بناء الحياة المعاصرة. كل ذلك فعلته إيران وهي بطريقة أو بأخرى تخدم إسرائيل. ولا أحد في إمكانه أن يؤكد أو ينفي العلاقة بين الطرفين. ولكن العدو الواحد يمكن أن يسهل العثور على المعادلة. لا يمكن لإيران إلا أن تكون عدوة للعرب، ذلك هو قدرها الذي صنعته عقدها التاريخية، ولا يمكن لإسرائيل أن تحب العرب وهي تجد في قتلهم دعامة لبقاء دولتها التي صُنعت من حادثة اغتصاب أرضهم.هل سيتمكن العرب من ترويض دولتي الحرب اللتين لا تنظران إلى المنطقة إلا بعيني التشاؤم؟ لا بد أن يكون مستقبل المنطقة متفائلا بعينين عربيتين. ذلك ما يحتاج إلى إرادة وطنية عربية وهي من وجهة نظري قادرة على هزيمة المشروع الإيراني – الإسرائيلي. وهو الحلم الأميركي في المنطقة.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
تقارير عبرية: إسرائيل تستعد لحرب متعددة الجبهات مع إيران
في ظل تعثر المحادثات النووية غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، تصاعدت في الأيام الأخيرة مؤشرات الاستعداد العسكري الإسرائيلي لاحتمال نشوب حرب واسعة متعددة الجبهات، وفق تقرير نشرته صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية.
وقد أعلنت قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي أمس الجمعة عن إتمام تمرين عسكري كبير حمل اسم "باراك تامير"، جرى خلاله محاكاة اندلاع نزاع إقليمي يشمل أكثر من جبهة.
ويأتي التمرين وسط تقارير استخبارية أمريكية، نشرتها شبكة سي إن إن، تشير إلى أن إسرائيل باتت "جاهزة" لتنفيذ ضربة محتملة تستهدف المنشآت النووية الإيرانية. وقد تركز المناورات العسكرية الإسرائيلية على التنسيق بين فروع الجيش المختلفة، وحماية البنى التحتية الحيوية، واستمرارية الحياة المدنية داخل إسرائيل في حال تصاعد المواجهة إلى الداخل.
وفي رد فعل حاد، وجه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، حذر فيها من أن أي هجوم إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية "لن يمر دون تبعات قانونية على الولايات المتحدة أيضًا". كما أدان العراقجي "تسريبات إعلامية أمريكية" تتحدث عن مخططات إسرائيلية للهجوم، واصفًا إياها بأنها "مقلقة للغاية"، وطالب المجتمع الدولي، لا سيما مجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية، بإدانة واضحة لأي تصعيد محتمل.
وفي روما، اختتمت أمس الجمعة الجولة الخامسة من المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن بوساطة سلطنة عمان. وأكد وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي حدوث "بعض التقدم، لكن دون التوصل إلى نتائج حاسمة"، في حين وصف العراقجي المحادثات بأنها "معقدة"، مشيرًا إلى أن عمان قدمت عدة مقترحات لتقريب وجهات النظر.
لكن مصادر إيرانية مطلعة على سير المفاوضات أعربت لوكالة رويترز عن تشاؤمها إزاء تحقيق اختراق قريب، موضحة أن إصرار واشنطن على "تفكيك برنامج تخصيب اليورانيوم" الإيراني بالكامل هو أمر غير واقعي، وقد يؤدي إلى انهيار المفاوضات.
وفي موقف لافت، عبر المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، عن رفضه القاطع للمطالب الغربية بوقف تخصيب اليورانيوم، واصفًا إياها بـ"المبالغ فيها والمرفوضة". وقال خامنئي في خطاب بالعاصمة طهران: “لا أحد في إيران ينتظر موافقة أمريكية لتخصيب اليورانيوم. هذا قرار سيادي، ولن نقبل بهذه الابتزازات.”
يأتي هذا التصعيد المتزامن في الخطاب والتحركات العسكرية، في وقت تشهد فيه المنطقة توترات أخرى على الجبهات اللبنانية والسورية، وسط تقديرات إسرائيلية بأن أي ضربة على إيران قد تؤدي إلى فتح أكثر من جبهة، تشمل حزب الله في الجنوب اللبناني وفصائل المقاومة في غزة.
وبينما تواصل إيران تطوير برنامجها النووي، وتلوح إسرائيل باستخدام القوة، تتعثر الجهود الدبلوماسية في ظل غياب الثقة واتهامات متبادلة باستخدام المفاوضات كغطاء للضغط لا أكثر.