جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-21@00:24:59 GMT

"من أَمِنَ العقوبة..."!

تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT

'من أَمِنَ العقوبة...'!

 

آمال الهرماسي

 

لطالما رأيت في مقولة "من أَمِنَ العقوبة" انتقاصًا لذاتنا البشرية التي جبلت على السُّمو وخلقت لرحلة قصيرة في هذه الحياة من أجل إثبات إنسانيتنا؛ بما تحمله الكلمة من معاني الرحمة والرقي والتعايش في كنف اللُحمة والتعاون من أجل مجتمعات تنعم بالرخاء والعيش الكريم.

"من أَمِنَ العقوبة أساء الأدب".

. هكذا قول ينفي كل القيم الإنسانية ليُحولنا إلى مرتبة أعجز عن قول إنها حيوانية؛ فقانون عيش الحيوان المُجرَّد من الفكر والتفكير هو قانون الطبيعة ولا تجوز مقارنته بالعقل البشري الواعي الذي يسيء أدبه قصدًا وعمدًا، ويلحق به ضررًا لأطراف أخرى لا ناقة لها ولا جمل في كمية العقد الموروثة لدى المسيء.

مشاهد العنف لدى فئة المراهقين التي نراها اليوم تتفشى في مجتمعنا المعروف بالسلم والسلام والأمن والأمان.. والذي قبل كل ذلك وبعده هو مجتمع إسلامي.. عريق.. يتشبث بقيمه وأصالته.. وهي منبع فخر له في زمن تهاوت فيه القيم.. واندثر فيه صدق المشاعر.. وتشتت فيه أواصر العلاقات العائلية والأسرية والتي هي أساس كيان البشرية وكنهها وجلها وكلها.. هذه الظاهرة تحتاج إلى دراسات نفسية وعلمية دقيقة تحدد الأسباب وتحصر المسببات.. وتدرس تداعيات الظاهرة على المجتمع ككل؛ بما تخلفه من عاهات دائمة لكلا الطرفين المتضرر والمتسبب في الضرر.

ظاهرة العنف بصفة عامة جسديًا كان أو جنسيًا، أو حتى لفظيًا، ليس وليد يوم أو موقف حيني أو مؤقت، وإنما هو وليد تراكمات أدت إلى لحظة الانفجار، والاكتئاب، والقلق، وتخزين مشاهد عنف أسرية، والتأثر بألعاب الفيديو والأفلام التي تتضمن مشاهد عنف أو إخلالًا بالآداب العامة، وغيرها من الأسباب الكثيرة التي يتحمَّل مسؤوليتها ولي الأمر في المقام الأول، الذي أخطأ أو تهاون في حسن تربية الأبناء، قصدًا، لأنه انشغل بظروف الحياة، وأهمل مسؤولياته الأسرية، وأوعز تربية أطفاله للمساعِدَات في البيوت، وشَغَل فراغهم بما يضرهم ولا ينفعهم من ألعاب إلكترونية وهواتف نقالة مفتوحة على عوالم الفساد والعنف واللاأخلاقيات، دون حسيب أو رقيب، وبغير قصد.

وإذا اعتبرنا أنَّ ولي الأمر نفسه جاهلًا أو أميًّا، لكن أليس الحرص على تنشئة الأطفال غريزة خلقت فينا لا تحتاج إلى تعليم أو توعبة. ومع هذا فإنَّ وسائل الإعلام تتحمل مسؤولية كبيرة في توعية الأفراد من كبار وصغار بخطر الألعاب الإلكترونية والهواتف النقالة على فكر الطفل ونشأته.

ثم تأتي المدرسة.. الحرم العظيم الذي يُبجَّل فيه المعلم، وتُقدَّس فيه الذات والصفات، ألم نكن جيلًا يُوقِّر المدرسة ويُعظِّم المُعلم.. بقدر وقار الوالدين وأكثر.. فما قول المربين في ما يحدث في مدارسهم من تجاوزات.. ألا يشعرون بشيء من التقصير في وضع القواعد والحرص على اتباعها.. أم أن القصور في القوانين التي جردت المعلم من هيبته وسطوته.. فأصبح الطالب لا يُراعي حضوره ولا يحترم غيابه.. فيأتي ما يأتيه من سوء تصرف دون أن يرف له جفن.

الضرب الذي رأيناه كان إجراميًا وفي قمة العنف والضغينة، فمن المسؤول؟ وهل هناك أي تحرك من الجهات التربوية لإصدار أي قوانين ردعية تدرأ هذا الخطر المُلم بأطفالنا؟

ألف سؤال يطرح نفسه، وكثير من الخوف يعترينا، لو علمنا أنَّ هذا الموقف يتجاوز بكثير الضرر الجسدي البليغ الذي رأيناه.. ليحول المجتمع إلى غاب.. ينهش فيه الضعيف، ويتجبر فيه القوي.

نحن صامتون أمام جريمة في حق أطفالنا ستُفرِز شخصيات مهزوزة ومُعقَّدة، وشخصيات أخرى عنيفة وربما إجرامية إن لم يتم مُعالجتها.

كلا الطرفين بحاجة إلى جلسات نفسية في قمة المهنية لمعالجة الضرر الذي نراه اليوم حدثًا عابرًا، ونتجاوزه ليندثر في طي النسيان، لكنها لأصحاب الضمائر معضلة تدعو إلى وقفة صارمة وقوانين رادعة ومُعالجة ضافية.

وهنا أعود لأقول لأصحاب الاختصاص، هذا الأمر يحتاج إلى دراسة علمية ضافية، ومنابر نقاش واسعة، يساهم فيها أطراف المجتمع كافة باختلاف تخصصاتهم، وقفة الرجل الواحد، للخروج بتوصيات حازمة ترفع إلى المعنيين بالأمر للتنفيذ دون أي تأخير.

باختصار.. أطفالنا بحاجة إلى لفتة حازمة من كل أطراف المجتمع، واضع القوانين، رجالات التربية، علماء النفس، وخاصة أولياء الأمور؛ فنحن في النهاية مثلنا كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

حفظ الله مجتمعاتنا من الأمراض والعاهات ومن الغفلة وما تُورِثُه من تداعيات.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

غدا.. أولى جلسات طعن المخرج عمر زهران على حبسه في قضية مجوهرات شاليمار شربتلي.. خاص

تنظر غدا الأربعاء محكمة النقض أولى جلسات طعن المخرج عمر زهران على حكم حبسه عام في اتهامه بسرقة مجوهرات الفنانة التشكيلية شاليمار شربتلي زوجة المخرج السينمائي خالد يوسف.

تأجيل محاكمة إعلامية بتهمة سب وقذف المخرج خالد يوسفتهديد ومحضر.. مكالمة مسربة تكشف خلافات واتهامات بين بسمة وهبة وخالد يوسفأول تعليق من هالة صدقى على حفظ التحقيق من اتهامات خالد يوسف وشاليماركلاكيت ثالث مرة.. هالة صدقي بريئة من اتهامات خالد يوسف وشاليمار

وقدم المستشار مرتضى منصور والمستشار شريف حافظ هيئة دفاع المخرج عمر زهران مذكرتين بأسباب الطعن على الحكم ملتمسين براءته وقبول الطعن.


كانت أودعت محكمة جنح مستأنف الجيزة، حيثيات حكمها بتخفيف عقوبة الحبس الصادرة بحق المخرج عمر زهران إلى سنة واحدة مع الشغل بدلًا من السنتين، في القضية المتهم فيها بسرقة مجوهرات شاليمار شربتلي، زوجة المخرج خالد يوسف، والتي بلغت قيمتها حوالي 2.5 مليون دولار.  

وقالت المحكمة أنها انعقدت يوم الأربعاء 8 يناير 2025، وقامت بتعديل الحكم الابتدائي في قضية سرقة المنقولات، حيث قررت المحكمة تخفيف العقوبة ضد المتهم عمر زكريا إمام زهران من سنتين إلى سنة واحدة مع الشغل، في حين تم تأييد الحكم الصادر في الدعوى المدنية والذي يلزم المتهم بدفع تعويض للمدعية بالحق المدني قدره 40 ألف جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت.

وكانت النيابة العامة قد أسندت إلى المتهم وزميله تهمة الاشتراك في سرقة المنقولات المملوكة للمدعية شاليمار حسن عباس شربتلي، والتي تمت خلال قيام المتهم بأداء خدمة عامة في منزل المجني عليها. وقد أصدرت محكمة أول درجة حكمها بحبس المتهم سنتين مع الشغل والنفاذ، مع إلزامه بدفع التعويضات.

وتقدم المتهم بطعن استئنافي تم النظر فيه في جلسة 25 ديسمبر 2024، حيث دفع محامو الدفاع ببطلان الإجراءات وطلبوا تعديل القيد والوصف القانوني للاتهام، كما طالبوا بالبراءة. وفي جلسة 1 يناير 2025، قدم الدفاع دفوعاً متنوعة تتعلق ببطلان القبض والتفتيش وعدم تطابق المسروقات مع البلاغ المقدم من المجني عليها.

من جانبه، طالب وكيل المدعية بالحق المدني بتأييد الحكم الابتدائي، حيث قررت المحكمة في النهاية قبول الاستئناف شكلاً، وتأييد الحكم في الدعوى المدنية، مع تعديل العقوبة في الدعوى الجنائية إلى سنة واحدة مع الشغل، بالإضافة إلى تأكيد إلزام المتهم بالمصاريف الجنائية والمدنية.

وفي هذا السياق، أكدت المحكمة الاستئنافية أنه وفقًا للفقه القضائي والقانوني، فإنه ليس من الضروري أن تذكر المحكمة الاستئنافية أسباب الحكم في قضائها الجديد، بل يكفيها الإحالة إلى أسباب الحكم الابتدائي.

وقد جاء في حيثيات الحكم أن المحكمة إذا رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بني عليها، فلا يلزمها ذكر تلك الأسباب في حكمها الاستئنافي، بل تكفي الإحالة إليها، إذ إن الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها كما اعتبرت المحكمة أن القرار الذي أصدرته محكمة أول درجة جاء متماشيًا مع مقتضيات القانون.

وأكدت المحكمة أن الدفع المقدم من الدفاع حول "تلفيق التهمة" لا يتطلب ردًا صريحًا من المحكمة، حيث تم الرد ضمنًا من خلال الإدانة، بناءً على الأدلة المقدمة في التحقيقات.

كما تطرقت المحكمة إلى سلطتها في تقدير الأدلة والشهادات، مؤكدة أنها تعتمد على ما يتوافق مع التحريات والأدلة المقدمة، ولا يجوز للطعن في هذه الأمور أمام محكمة النقض ما دام الحكم صادرًا بناءً على وقائع ثابتة في التحقيقات.

وخلصت المحكمة إلى أن التهمة ثابتة بحق المتهم بناءً على الأدلة المقدمة، حيث أكدت أن دفاع المتهم لم يقدم جديدًا يمكن أن يؤثر على سلامة الحكم، ليتم تأييد الحكم في الشق الجنائي مع تعديل العقوبة كما تم ذكره.

ومتى كان ذلك وكان الثابت للمحكمة وقد تبين للمعلمة ابان المحاكمة الجنائية أن المتهم يعاني من سوء حالته الصحية ونظرا لكبير السن كما انه لم يكن لديه ثمة سوابق جنائية و ما شاهدة من إجراءات تحقيق و محاكمة وتوقيع العقوبة، عليه الأمر الذي ترى معه المحكمة أن تأخذ المتهم بعين الرأفة، وتقضى بتخفيف العقوبة المقضي بها في الحكم المستأنف، وذلك بالاكتفاء بحبس المتهم سنة مع الشغل عملًا بالحق المخول لها بنص المادة 3/117 من قانون الإجراءات الجنائية.

المستشار شريف حافظ طباعة شارك المخرج عمر زهران محكمة النقض المخرج السينمائي خالد يوسف النقض اخبار الحوادث

مقالات مشابهة

  • احذر .. المعاكسات الهاتفية تعرّضك للحبس وغرامة 20 ألف جنيه
  • وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة في تغريدة عبر X: تلقى الشعب السوري اليوم قرار الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات المفروضة على سوريا، وإننا نثمن هذه الخطوة التي تعكس توجهاً إيجابياً يصب في مصلحة سوريا وشعبها، الذي يستحق السلام والازدهار، كما نتوجه بال
  • غدا.. أولى جلسات طعن المخرج عمر زهران على حبسه في قضية مجوهرات شاليمار شربتلي.. خاص
  • تحديد جلسة عاجلة لـ 5 متهمين في انفجار خط غاز أكتوبر
  • بين التزاماتها الدولية والوطنية.. هل تفعّل الجزائر عقوبة الإعدام؟
  • يوسف إدريس.. أيقونة الأدب الواقعي الذي اقتحم الشاشة الكبيرة
  • ارتكب فعلا فاضحا في المدرجات.. مشجع كفر الزياتيواجه هذه العقوبة
  • غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء
  • الحبس سنة عقوبة تكدير الأمن أو السكينة العامة وفقا للقانون
  • خط السيطرة في كشمير فاصل الأمر الواقع الذي فرضته الحروب