لا حلّ رئاسيًا إلا بالحوار وتطبيق الدستور بالتوازي
تاريخ النشر: 13th, June 2024 GMT
ما يقوم به كل من رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب تيمور جنبلاط ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل من تحرّك رئاسي سيفضي إلى نتيجة واحدة لا ثاني أو ثالث لها. وهذه النتيجة – الخلاصة ستفرض نفسها على الجميع عاجلًا أم آجلًا، على الفريق "الممانع" المتمسك بترشيح رئيس تيار "المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية، أو على الفريق "المعارض" الرافض جزئيًا أو كليًا مبدأ ترؤس رئيس مجلس النواب نبيه بري بصفته رئيسًا لحركة "أمل" جلسات الحوار، التي ستسبق الجلسات الرئاسية المفتوحة وبدورات متتالية حتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
إلّا أن هذه النتيجة المتفَق عليها نظريًا لا تزال تحتاج إلى المزيد من الوقت لكي تصبح واقعًا لا بدّ منه لكي يفسح في المجال أمام الجميع ليتمكنوا من النزول عن شجراتهم، والتخّلص من أسر أنفسهم داخل اقفاص مواقفهم المتشنجة، بعد أن يقتنعوا بأن المكابرة لن توصل إلى أي حل، الذي يحتاج في نهاية المطاف إلى تنازلات متبادلة من الجميع من دون استثناء.
وإذا لم يقتنع جميع الأطراف، "ممانعين" و"معارضين" بأن التوافق هو النتيجة الحتمية للخروج من عنق زجاجة الأزمات المتراكمة والمستعصية، فإن كل هذا الحراك السياسي لن يؤدي إلى أي مكان، مع استمرار تمترس كل فريق وراء أكياس متاريس مواقفه المتصلبة وغير القابلة لأي نقاش.
فلا الرئيس بري سيتخّلى عن موقفه القائم على فرضية تعذّر انتخاب رئيس للجمهورية إن لم تسبق عملية الانتخاب جلسات حوارية يدعو إليها شخصيًا ويترأسها بصفته المجلسية، فيما تصرّ "المعارضة"، وعلى رأسها "القوات اللبنانية"، على تطبيق الدستور، نصًّا وروحًا، من دون أي اجتهادات، مع رفضها اشتراط إلزامية إقامة أي حوار لإتمام العملية الانتخابية، وذلك خشية أن يصبح هذا الأمر عرفًا قد يصبح أقوى من النصّ الدستوري، خصوصًا أن نغمة تأجيل الاستحقاق الرئاسي قد أصبحت "موضة دارجة" بالنسبة إلى البعض، الذي يسعى بحسب رأي "القوات"، إلى الانقلاب على الطائف.
وتقول أوساط سياسية متابعة في هذا المجال إنه كان على فرنجية أن يعلن انسحابه من المعركة الرئاسية بدلًا من أن يكرّس ثنائية رئاسية محصورة بينه وبين رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع باعتبار أن هذا الطرح يعقدّ الأمور أكثر من تسهيلها، خصوصًا أن المسار الانحداري للتفاعل السلبي للشغور الرئاسي يؤثّر على عمل كل السلطات الأخرى تعطيلًا وتسويفًا واهتراء. وهذا ما بدأت مفاعليه السلبية تظهر على الحياة اليومية لجميع اللبنانيين المكتوين بنار الغلاء المستشري، والذي يطال كل السلع التي يحتاجون إليها كأساسيات لتأمين مستلزمات العيش بحدوده الدنيا.
فما سمعه كل من النائبين باسيل وجنبلاط، ومعهما وفود من "التيار الوطني الحر" و"اللقاء الديمقراطي" من تطمينات مباشرة من الرئيس بري بالنسبة إلى الضمانات الخاصة بالجلسات المفتوحة وبدورات متتالية لم يُقنع "القوات اللبنانية"، التي بقيت عند موقفها المبدئي، والداعي إلى التقيّد بالنصّ الدستوري، الذي لا لبس فيه بما خصّ العملية الانتخابية.
فهل يمكن أن يدعو الرئيس بري إلى جلسة حوارية يشارك فيها المقتنعون بما قد تحقّقه من تفاهمات رئاسية، ويقاطعها غير المقتنعين بجدواها، وهم يرون أنه ما دام "الفريق الممانع" ذاهبًا إلى هذا الحوار بمرشحّ واحد ووحيد، وهو غير مستعد لمناقشة خياره الأوحد، وعدم قبوله بمنطق التنازل عنه، مقابل تنازل "الفريق المعارض" عن مرشحه، الوزير السابق جهاد ازعور، والقبول بمرشح ثالث لا يشكّل أي تحدٍّ لأي مكّون من المكّونات اللبنانية؟
وفي رأي بعض المقربين من "معراب" أن الوصول إلى هذه النتيجة لا يحتاج إلى أي حوار على غرار ذاك الذي يطالب به "الثنائي الشيعي" لغايات في نفس يعقوب، بل جلّ ما تحتاج إليه هو الدعوة إلى جلسة انتخابية لا ضير بأن يتخللها تشاور ثنائي أو ثلاثي، وبالأخصّ إذا تبيّن أن لا مرشح من المرشحين قادر على الحصول على 65 صوتًا، فيتمّ حينذاك اللجوء إلى فرضية انسحاب المرشحين الأقّل حظًا لمصلحة الأكثر حظًّا. وهذا ما يمكن تسميته نوعًا من التوافق الضمني تمهيدًا لانتخاب الشخصية، التي تلقى اجماعًا نيابيًا أكثر من غيرهما من بين المرشحين الطبيعيين والمحتملين. وهكذا يكون الحلّ التشاوري هو الأمثل في العملية الانتخابية الديمقراطية من دون الإطاحة بالدستور وتجاوز نصوصه. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
"حيرة".. مابعد النتيجة
توتر وقلق وترقب، هكذا كان حال أولياء أمور طلاب الثانوية العامة مساء الثلاثاء الماضي انتظارا لاعتماد وزير التربية والتعليم لنتائج امتحانات شهادة الثانوية العامة، هذه اللحظات الصعبة لايدركها الا من عايشها، وبالتأكيد مرت غالبية الأسر المصرية بهذا الموقف العصيب على مدى تاريخ هذه الشهادة المصيرية والفارقة فى مستقبل الأبناء، وفى جنى الآباء لثمار جهودهم المادية والمعنوية فى دعم وتحفيز أبنائهم الطلاب، نتعشم أن يقضي نظام التعليم الجديد، الذى استحدث شهادة البكالوريا التى تتيح خيارات وفرصا متعددة لتحسين المجموع، جنبا إلى جنب مع نظام الثانوية العامة القديم، على هذه الظاهرة التى باتت معها الثانوية العامة "بعبع" يرهب أولياء الأمور والطلاب معا.
فور إعلان النتائج والتى أصيب فيها الناجحون وليس الراسبون أو طلاب الدور الثاني، بخيبة أمل خاصة طلاب القسم العلمي من تدني نسب المجاميع التى كانت محبطة للكثيرين، بدأ التفكير فى مكان لاستكمال الدراسة الجامعية، وسارع كثير من أولياء الأمور الى البحث عن مكان فى جامعة خاصة أو أهلية، وحتى لايضيع جهد من اجتهد ولم يوفق فى الالتحاق بكلية من كليات القمة، وحتى يعزز موقف من لم يحصل على مجموع يؤهله للالتحاق بإحداها، الحكايات التى يمكن ان تروي فى هذا الموضوع كثيرة وغريبة ويتم ابتكار المزيد منها عاما بعد عام.
واذا بدأنا بالتسجيل بالجامعات الخاصة، الذى كان يتم فيما سبق فور اعلان نتائج الثانوية العامة، يتم الآن والطالب ما زال فى الثانوية العامة ولم ينته من الامتحانات، ومن دون ان يعرف حتى المجموع الذى يحصل عليه، ناهيك عن المبالغ التى تدفع مقابل هذا التسجيل، وبالتالي فإن الطالب الذى قام بالتسجيل فى كلية ولم يحصل على الحد الأدني للقبول فيها، يرفض طلبه ناهيك عن ضياع المبلغ الذى تم دفعه..
هناك أعداد غفيرة تلتحق سنويا بالجامعات الخاصة، وهذه الأعداد تقوم بالتسجيل فى الكليات المتاحة أمامهم وفقا للمجموع، عن طريق ملء استمارة معدة لذلك نظير رسوم قد تصل الى خمسة آلاف جنيه، ولنا أن نتخيل إجمالي دخل هذه الجامعات من هذا البند فقط، واذا افترضنا ان بعض الطلاب غيروا رغباتهم أو قبلوا فى كليات حكومية، فإن هذه المبالغ لاترد بالتأكيد، كما أن المصروفات التى يتم دفعها قبل بدء الدراسة بفترة، لا يتم استردادها باي حال الا بعد خصم جزء كبير منها.
يكابد أولياء الأمور من متوسطي الدخل المعاناة فى رحلة البحث عن كلية، وكأنه لا يكفي ماعانوه طوال السنة الدراسية بالثانوية، وما أنفقوه على الدروس الخصوصية، لتستمر رحلة المعاناة بحثا عن ضمان تخصص يؤهل أبناءهم لسوق العمل.
واذا ألقينا نظرة على مصروفات الجامعات الخاصة والأهلية لوجدنا أرقاما تعتبر فلكية لغالبية الشعب المصري، فقائمة المصروفات الدراسية لبعض الجامعات الخاصة والاهلية والتى نشرها موقع صحيفة يومية، وصلت فيها مصروفات كليات الطب البشري على سبيل المثال الى 230ألف جنيه سنويا فى الجامعات الخاصة، بينما وصلت فى بعض الجامعات الاهلية إلى ما يتراوح ما بين 150و120ألف جنيه سنويا، فى حين بلغت مصروفات كلية طب الأسنان الى 274 ألف جنيه، والهندسة 226 ألف جنيه فى إحدى الجامعات الاجنبية.
بعد انخفاض الحد الادني للقبول بكليات المجموعة الطبية وكذلك كليات الهندسة، أصبح أولياء الامور يلثهون خلف منح ابنهم لقب طبيب أو مهندس، وهم بالطبع معذورون فى ذلك، فهذه التخصصات وحدها تمنح فرصا متميزة فى العمل، وتضطر الاسر لضغط إمكاناتها المادية، بل وبيع بعض الممتلكات فى سبيل توفير النفقات التعليمية، وهكذا تستمر الدوامة التى لا يبدو أنها ستنتهي.