عربي21:
2025-12-10@01:12:04 GMT

بعد حرب الطوفان: ماذا بقي من النظام الرسمي العربي؟

تاريخ النشر: 5th, July 2024 GMT

نكتب ساخرين رغم آلام غزة، وحُق لنا أن نسخر من النظام الرسمي العربي، وخاصة ما كان يسمى بالدول المؤثرة أو ذات الثقل، ولا نظنه بعد الطوفان إلا ثقل شحوم ودهون (ونحفظ للمقال رائحة طيبة). سقطت إلى الأبد مؤسسة كانت تسمى الجامعة العربية، وتلك الجملة التي تليها في نشرات الأخبار مؤسسات العمل العربي المشترك.

يحق لنا طرح السؤال، فقد عشنا طيلة أكثر من نصف قرن بوهم تحرير فلسطين عبر العمل العربي المشترك، فإذا بالأنظمة العربية تشترك كلٌّ بما استطاعت من وسائل في تأبيد احتلال فلسطين، وفوق ذلك لا يستحون أن يفضح العدو تحريضهم إياه على تدمير المقاومة.



بماذا سيحكمون شعوبهم الآن وقد انفضح تآمرهم على المقاومة وعلى من يناصرها ولو بالكلمة؟ ستكسب المقاومة الكثير من حربها، وهي الآن فاعل مركزي في المنطقة، فكيف ستفعل الأنظمة التي تكلمت ذات يوم باسم فلسطين وتحرير المقدسات؟

عشنا طيلة أكثر من نصف قرن بوهم تحرير فلسطين عبر العمل العربي المشترك، فإذا بالأنظمة العربية تشترك كل بما استطاعت من وسائل في تأبيد احتلال فلسطين، وفوق ذلك لا يستحون أن يفضح العدو تحريضهم إياه على تدمير المقاومة. بماذا سيحكمون شعوبهم الآن، وقد انفضح تآمرهم على المقاومة وعلى من يناصرها ولو بالكلمة؟ 
لم نعد نر إلا أجهزة القمع

منذ أول انقلاب عسكري عربي، كان خطاب الشرعية السياسية يقوم على معركة تحرير الأمة، بدءا بتحرير فلسطين، ولا نحصي كم حج خطباء الانقلابات إلى القدس الشريف. لكن بعد حرب الطوفان والتآمر على المقاومة، هل مازال يمكن تسويق هذا الخطاب للجمهور الذي عاش المعركة، ومُنع بكل السبل من المشاركة فيها، أو حتى التبرع لها بالدم؟

هذه الذريعة لبناء الشرعية سقطت، بل تعرت ككذبة وفضيحة، وصارت مطعنا في الشرعية السابقة؛ فقد صحح الطوفان إذن الأكاذيب السابقة، وسحب الأكاذيب الراهنة، ومنع أكاذيب في المستقبل. الأنظمة العربية إلا الاستثناء القطري، لم تعد تملك الكذب باسم فلسطين، ولن يمكنها إسناد كراسيها على المعركة القومية التي خذلوها. وما يسري على الأنظمة، يسري على الحركات السياسية القومية واليسارية، التي تدافع عن هذه الأطروحة وتبني عليها وجودها، ومن أجلها وقفت مع كل انقلاب حتى صارت مجرد حركات انقلابية.

وإذا أضفنا هذا الخذلان السياسي والعسكري للمقاومة إلى فشل الأنظمة العربية في كل معارك التنمية المعلنة، ودفعها بلدانها إلى درجات من التداين التي تكبلها الآن وفي المستقبل، فبماذا ستسند شرعيتها؟ علما أن لا أحد منها وصل إلى الحكم بانتخابات نزيهة أو تقف وراءه كتلة شعبية محترمة، أو خاض معركة حقيقة حتى ضد وباء كورونا. لم تبق إلا أجهزة القمع بكل عتادها، ونظنه العتاد الوحيد الصالح للاستعمال في ثكنات الأنظمة.

وتيرة القمع سترتفع

تآكل عناصر الشرعية لم يُبق للأنظمة العربية أسسا تحكم بها غير أن تغتصب إرادة شعوبها لمدة أخرى بوتيرة قمع أشد وأنكي. تقف معها الآن فئات من الطامعين في الفيء، ولكن هذا الفيء نفسه يتقلص باستمرار، ولن يكون بالإمكان رشوة أجهزة إعلامية عالمية ذات مصداقية للدفاع عنها. وحتى الصحف الغربية ذات الصيت التي كانت تنشر لها مقالات دعاية مدفوعة الأجر، فقدت مصداقيتها في حرب الطوفان، ولن يمكن ترويج المزيد من الأكاذيب عن نجاحات سياسية عربية أمام شعوبها أو أمام العالم. لقد مسح بها نظام جنوب أفريقيا البلاط.

وقد استعمل الكيانُ الأنظمةَ قبل الطوفان ثم استنزفها حتى العظم في هذه المعركة، وباركت الأنظمة الغربية دور هذه الأنظمة وأسندتها بالمال والسياسة. ولكن الأنظمة الغربية فقدت الكثير من المصداقية أمام شعوبها، وستناور في المدة القريبة -بمجرد الوصول إلى وقف إطلاق نار- من أجل ترميم علاقتها بشعوبها الثائرة، ومن أجل إعادة تسليك قنوات العمل لشركاتها التي تضررت بالمقاطعة. ومن أجل ذلك، ستتخلى عن كثير من دعم الأنظمة العربية وتمارس تمثيليات دعم الديمقراطية، وهي عادة تتقنها، ولهذا ثمن مالي وسياسي في مدى منظور.

استعمل الكيانُ الأنظمةَ قبل الطوفان ثم استنزفها حتى العظم في هذه المعركة، وباركت الأنظمة الغربية دور هذه الأنظمة وأسندتها بالمال والسياسة. ولكن الأنظمة الغربية فقدت الكثير من المصداقية أمام شعوبها، وستناور في المدة القريبة -بمجرد الوصول إلى وقف إطلاق نار- من أجل ترميم علاقتها بشعوبها الثائرة، ومن أجل إعادة تسليك قنوات العمل لشركاتها التي تضررت بالمقاطعة. ومن أجل ذلك، ستتخلى عن كثير من دعم الأنظمة العربية وتمارس تمثيليات دعم الديمقراطية.
سنسمع في منتديات الغرب السياسية حديث دعم الحريات والديمقراطية في مصر وتونس والجزائر، وحتى في حقول النفط السعودية، وتترجم هذه الخطابات بابتزاز وضغط، قد تفلح نخب مقموعة في الاستفادة منه والخروج إلى الشوارع (وإن كان هذا أملا ضعيفا). كل هذا سيدفع الأنظمة إلى المزيد من القمع والفشل الاقتصادي، بما يجعلها في مواجهة شوارع مفقرة ومقهورة، ترى في يحيى سريع بطلا قوميا، وتسخر من السيسي وتبون وسعيد.

شرعية المقاومة تعود وتوجه الشارع العربي

هذه نتيجة مباشرة وسريعة لمعركة الطوفان؛ فقد اتضحت الصفوف وتعمق الفرز، حتى لم يعد هناك مجال للتراجع. توقعاتنا -وهي متفائلة- أن لن تطير الطائرات فوق غزة وترجمها، فقد استقلت غزة، وستعاني إعادة الإعمار بالروح نفسها التي قاومت بها تسعة شهور (نرجح تواصل المناوشات حتى نهاية السنة). وستتكلم المقاومة وأنصارها في الشعوب عن مكاسب المقاومة وتبني عليها، وسيكون خطابها القادم: القدس محررة دون تدخل الأنظمة المتواطئة.

شرعية أخرى قامت على الأرض وخارج الخطاب القومجي المخادع للأنظمة وللحركات القومية التي تخلفت عن المعركة. لقد خاب ظننا وقت المعركة من درجة التعاطف الشعبي الضعيفة، وعدم تثوير الشوارع العربية مع المقاومة، ولكن هبة الأردنيين للتبرع بالدم عندما نادى المنادي بذلك، كشفت مقدار الإخلاص للمقاومة، وهذه أرصدة كامنة سيكون لها أثر وفعل في قادم الأيام.

ترك الربيع العربي أثرا في النفوس، وطعم الحرية لم يغب عن ألسنة تذوقته، وقد أعقبته مرارة الانقلابات والخيبة، ولكن رُب خيبة تعلم. سيخوض التونسيون انتخابات مغشوشة ويزداد وعيهم بالحرية، وستكون لأزمات الكهرباء وانقطاع مياه الشرب وتجميد الرواتب وإغلاق باب التشغيل، وحتى انعدام أعلاف الدواب؛ أثر في النفوس. وهذه التراكمات مضافة إلى انتصار غزة واستقلالها لن تكون بلا تأثير، إنما الأمر متعلق بقادم لا يمكن توقعه.

في انتظار هذا القادم المجهول، الذي قد يكون صفعة أمنية أخرى على وجه فقير مثل البوعزيزي، فإننا أيقنّا أن لا نظام من أنظمة الحكم العربية يملك شرعية البقاء وشرعية الحكم، لقد كشفتهم حرب الطوفان، فتعرّت بقية العورات التنموية والسيادية. نحن الآن محكومون بأجهزة قمعية تحمي أنظمة فاشلة ومعادية لشعوبها، وهذا وضع مؤقت كلما رفع من درجة القمع ليبقى، انكشف أكثر مثل ضرس أصابه سوس.

السياسي العربي المعارض الذي سيرتب جمله وأفعاله على نتائج حرب الطوفان، سيكون له الحق في قيادة شعبه نحو نصر ديمقراطي عظيم. متى ذلك؟ لقد علمتنا غزة الصبر.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة المقاومة غزة المقاومة العالم العربي طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأنظمة العربیة الأنظمة الغربیة حرب الطوفان ومن أجل من أجل

إقرأ أيضاً:

"العربية لحقوق الإنسان": اقتحام الاحتلال لمقر الأونروا في القدس تصعيد خطير يهدد النظام الدولي

 

تدين المنظمة العربية لحقوق الإنسان اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لمقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" #UNRWA في مدينة القدس الشرقية المحتلة، ومصادرة معدات مملوكة للوكالة وطاقمها، بما في ذلك هواتف عناصر أمن الأمم المتحدة.

وقامت قوات الاحتلال برفع علمها على مقر الوكالة في تحد سافر لقواعد القانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة للعام 1946، وهي الاتفاقية التي يشكل خرقها سبباً في مراجعة عضوية كل دولة بالتعليق أو الطرد.

وتعتبر المنظمة أن التهاون الدولي في اتخاذ المواقف الحازمة تجاه الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان قد شجع الاحتلال على المضي قدماً في جرائمه، ويؤدي إلى إضعاف الالتزام بإنهاء الاحتلال، ويقود إلى زعزعة الإيمان بالقانون الدولي ومنح الفرص للمعتدين لتكرار تلك الآثام التي دفعت الإنسانية أثماناً باهظة لتجنبها.

وأكد المحامي علاء شلبي، رئيس مجلس أمناء المنظمة، أن عدم وفاء الاتحاد الأوروبي بالتزاماته بموجب ىاتفاقية الشراكة مع الاحتلال يشكل ممراً آمناً لاستمرار جرائم الاحتلال وإفلات الجناة من العقاب، كما ندد "شلبي" بالدعم الأمريكي للاحتلال والذي وضع الحكومة الأمريكية في مرتبة الشريك الكامل في الفظاعات التي ارتكبها الاحتلال بما في ذلك جرائم الحرب والإبادة الجماعية.

وأضاف "شلبي" أنه ومنذ العام 1995، تحذر المنظمة العربية لحقوق الإنسان من محاولات تقويض وكالة الأونروا بهدف تقويض ما ترمز إليه الوكالة من حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض، مشدداً عل أهمية الاحتضان العربي والدولي للوكالة وتوفير الدعم الضروري لبرامجها التي تشمل خدمة غالبية السكان في أراضي فلسطين المحتلة في العام 1967.

وتود المنظمة التأكيد مجدداً على الإدانة والرفض القاطع لكافة محاولات التنصل من القواعد الآمرة للقانون الدولي في سياق تطبيق قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2803، محذرة من أن أية محاولات للالتفاف على القانون الدولي في سياق مساعي تفعيل القرار تصبح مشوبة بالبطلان إذا خالفت القواعد المستقرة، وأن إنهاء الاحتلال في أقرب وقت يجب أن يكون ويبقى في صلب العمل لتنفيذ القرار.

كما تدين المنظمة الاقتحامات المنهجية الإسرائيلية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس والضفة الغربية، مع التحذير من أن الانتهاكات الإسرائيلية في القدس والضفة باتت قريبة للغاية من توفير أركان جريمة إبادة جماعية كاملة في ضوء عمليات الهدم والتهجير القسري والملاحقة والقتل خارج نطاق القانون والاعتقال، وفي القلب منها الاستيطان غير القانوني.

مقالات مشابهة

  • ذكرى رحيل يحيى حقي .. أيقونة الأدب العربي التي لا تغيب
  • ماذا تملك المقاومة في غزة اليوم لردع الاحتلال؟
  • "العربية لحقوق الإنسان": اقتحام الاحتلال لمقر الأونروا في القدس تصعيد خطير يهدد النظام الدولي
  • أمينة خليل تفتح خزائن أسرارها مع بلال العربي.. ماذا قالت؟
  • عام على سقوط الأسد.. ماذا حقق السوريون؟ وهل نجحت حكومة الشرع في إعادة بناء سوريا؟
  • 300 شخصية تُوقع وثيقة تُؤكد الهوية العربية للقدس وحق المقاومة
  • 300 شخصية يوقعون وثيقة تؤكد الهوية العربية للقدس وحق المقاومة
  • الوزن العربي في التأثير على قرارات ترامب
  • “المنطقة تدرك نوايا إسرائيل”.. ماذا وراء التحرك العربي والإسلامي لدعم مصر؟
  • العرض العربي الأول لفيلم «فلسطين 36» بمهرجان البحر الأحمر السينمائي