كيف سيتعامل بزشكيان مع الاقتصاد المتهاوي والعجز البنكي في ايران؟
تاريخ النشر: 7th, July 2024 GMT
بغداد اليوم - متابعة
قدمت وسائل إعلام ايرانية، اليوم الاحد (7 تموز 2024)، موضوع الاقتصاد على غيره من الملفات فيما يتعلق بمصيرها مع الحكومة الجديدة برئاسة مسعود بزشكيان، كون الملف الاقتصادي هو الشغل الشاغل لاذهان الايرانين، وذلك بعد يوم واحد من اعلان فوز مسعود بزشكيان بمنصب رئيس البلاد.
وذكرت وسائل إعلام ايرانية، أنه "انتهى أخيرا ماراثون الدورة الانتخابية الرئاسية الإيرانية الرابعة عشرة الحابس للأنفاس، وسيقوم الرئيس الجديد قريبا بتشكيل حكومة.
اقتصاد متهاوي
كان متوسط النمو الاقتصادي للبلاد قريباً من الصفر في عام 2011. وتظهر مراجعة تقارير البنك المركزي ومركز الإحصاء أن دخل الفرد لكل إيراني في ذلك العام كان أقل بمقدار الثلث عما كان عليه في عام 2024. وفي الوقت نفسه، تظهر هذه التقارير أن تدفق رأس المال إلى الخارج من البلاد قد تكثف وأن هجرة القوى العاملة الماهرة كان لها نفس الوضع أيضًا. واستمر هذا الوضع على مدى السنوات الثلاث 2021 و2022 و2023، وفي عام 2024 أجريت انتخابات أخرى للرئيس الجديد.
وقال الخبير الاقتصادي وحيد شقاقي شهري، عن المطالب الاقتصادية للحكومة المقبلة: أي |فصيل يأتي إلى العمل يجب أن يحل القضايا الدولية بسرعة، إذ ليس لدينا أي فرصة، فبدون خطة العمل الشاملة المشتركة وفريق العمل المالي واقتصاد مغلق وتجارة لا تتجاوز حد المقايضة ومع المغامرات التي تخوضها البلاد على السفن، لن تتقدم إيران إلى الأمام إطلاقا وسنتخلف عن المنطقة وسنعاني أكثر من هذا ولن يبقى لدينا مجال لتسديد نفقاتنا".
وأضاف: من ناحية أخرى، "إذا وصل ترامب إلى منصبه، فإننا نعلم أنه سوف يضغط بسرعة على الصين وأوروبا لوقف بيع النفط، ولن تظل مناقشة التخفيضات النفطية حلاً. إن الوضع اليوم في إيران معقد وخطير للغاية، وقد شهدنا نموًا منخفضًا جدًا لأكثر من عقد من الزمن. في عام 2010 كان اقتصاد إيران بنفس حجم اقتصاد تركيا والسعودية، أما الآن فإن اقتصاد تركيا يبلغ ضعف حجم اقتصاد إيران، كما أن اقتصاد السعودية أكبر بنسبة 40% من اقتصاد إيران. وهذا الخطر ينذرنا بأننا إذا تأخرنا كثيرا، فسوف نقصى من العلاقات السياسية والاقتصادية في المنطقة".
وواصل الخبير الاقتصادي قوله: إن "عمل الحكومة الـ14 سيكون صعبا للغاية، لأن حكومة رئيسي قد حالفها الحظ وجاءت في نفس وقت ترأس بايدن لعرش أمريكا. وأيضا بدأت الحرب بين روسيا وأوكرانيا واتجه اهتمام المجتمع الدولي نحو هذه القضية. وهذا ساعد قطاع النفط في إيران وفنزويلا، وهذه الحالات كانت فرصة للحكومة الـ13 التي لم تستغلها وأهدرت الفرص".
العجز البنكي
تعد مسألة العجز في موارد البنك المركزي الإيراني ونفقاته أحد التحديات المهمة التي يواجهها اقتصاد البلاد، والتي ذكرها الخبراء عدة مرات.
وفي هذا السياق قال الخبير المصرفي بهاء الدين حسيني الهاشمي لموقع "بنكر" المتخصص: إنه "بغض النظر عمن سيكون رئيس الحكومة المقبلة، علينا أن نتقبل حقيقة أن اقتصادنا مصاب بالعجز، وهو ما تسبب في خلق عجز في الشبكة المصرفية في البلاد، ولا ينبغي اعتبار الشبكة المصرفية مستقلة عن اقتصاد البلاد. ويجب اتخاذ قرارات اقتصادية للخروج من هذا الوضع. فإذا تم تغليب الاعتبارات السياسية على القرارات الاقتصادية وتركنا الاقتصاد السياسي جانباً، فيمكننا المضي قدماً نحو تحسين وتصحيح العجز بين اقتصاد البلد والمصارف".
واضاف ان "الخطوة الأولى والأكثر أهمية لحل وتصحيح العجز المصرفي هو أن امتلاك القدرة على الوصول إلى الموارد المالية العالمية، ويتطلب ذلك الدخول في مجموعة العمل المالي وغيرها من المعاهدات والاتفاقيات النقدية والمالية في العالم حتى نتمكن من التواصل إلى الشبكة المصرفية الدولية، وبدلاً من إجراء تحويلاتنا من خلال البورصات كما كان الحال في الماضي، دعونا نعود إلى الشبكة المصرفية العالمية والدولية".
مأزق الاقتصاد
وقال خبير الاقتصاد الكلي كامران ندري لوكالة "إيسنا" للأنباء، فيما يتعلق بمسألة المطالب الاقتصادية من الرئيس المقبل والحكومة الرابعة عشرة: إن "ظل اقتصاد شبه الدولة يلقي بثقله على البلاد ويجب إزالته. تتطلب الإصلاحات الاقتصادية شخصًا غير أناني يقف في وجه من يقاوم الإصلاحات الاقتصادية بهدف إصلاح هيكل الاقتصاد. ويجب على الرئيس المقبل أن يتحمل تكاليف الإصلاحات الاقتصادية؛ لأن الظروف الاقتصادية ليست مواتية اليوم. بالإضافة إلى الحالات المذكورة، فإن الممارسات الإدارية التي عفا عليها الزمن وبيئة الأعمال غير الفعالة مقارنة بالإمكانيات الموجودة في البلاد جعلتنا نشهد وضعًا اقتصاديًا معقدًا متجذرًا في عدة عقود من الإدارة الاقتصادية غير الفعالة".
وأوضح "اقتصاديا، إذا أردنا فحص الجذور، فإن جزءًا من المشكلة الاقتصادية يعود إلى علاقاتنا الخارجية. إذا لم نتمكن من حل مشكلة العقوبات، وأعدنا تعريف العلاقات مع الدول بطريقة جديدة، وحصلنا على الموارد الواسعة والرخيصة الموجودة في العالم، فلن نتمكن من أن نكون شاهدين على التحول الاقتصادي في إيران. وتظهر تجارب العقد الماضي أننا متخلفون عن العديد من البلدان التي تتقدم وتتطور بسرعة".
وفي إشارة إلى النموذج الاقتصادي الذي تم التخطيط له في العقد الماضي، قال نداري أننا "لم نتمكن من استخدام القطاع الخاص في اقتصاد البلاد، والآن تم تشكيل جزء من اقتصادنا، وهذا الجزء أقل كفاءة حتى من القطاع العام، والمشكلة الأساسية هي أن هذا القطاع لا يستجيب لأي مؤسسة ونظام، وقد احتكر مساحة الإنتاج والأسواق الاقتصادية ودفع الاقتصاد نحو الريع. وفي هذه الحالة، أصبحت بيئة الأعمال معيبة وخلقت اقتصاداً ريعياً".
المصدر: وكالات
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
«الاقتصاد الدائري: مسار مستدام للنمو الاقتصادي في سلطنة عُمان»
مع تسارع التغيرات البيئية والاقتصادية في العالم، باتت الحاجة إلى إعادة النظر في نماذج الإنتاج والاستهلاك التقليدية ضرورة مُلحّة. من بين أبرز النماذج التي اكتسبت زخمًا عالميًا في السنوات الأخيرة هو مفهوم «الاقتصاد الدائري»، الذي يطرح بديلا مستدامًا للاقتصاد الخطي القائم على الإنتاج، والاستهلاك، ثم التخلص. في الاقتصاد الدائري، يُعاد تصميم العمليات والمنتجات بحيث يمكن إعادة استخدامها، وتدويرها، أو تحويلها إلى موارد جديدة، مما يخلق دورة مغلقة تُقلل الهدر وتعظّم القيمة.
ويعتمد الاقتصاد الدائري على أربعة مبادئ مترابطة كما حددها تقرير الفجوة الدائرية لعام 2023: أولها استخدام أقل (Narrow) لتقليل الموارد والطاقة المستخدمة، وثانيها الاستخدام لأطول فترة ممكنة (Slow) من خلال التصميم للمتانة وسهولة الإصلاح، وثالثها التجديد (Regenerate) عبر استخدام مصادر حيوية متجددة والتقليل من المواد السامة، وأخيرا إعادة الاستخدام والتدوير (Cycle) للحفاظ على القيمة القصوى للمواد لأطول فترة.
الزخم العالمي: من سياسات الاتحاد الأوروبي إلى تقرير الفجوة الدائرية 2024
أدركت العديد من الدول أهمية الاقتصاد الدائري، فاعتمد الاتحاد الأوروبي خطة عمل شاملة في عام 2020 تهدف إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050 (الاتحاد الأوروبي - خطة الاقتصاد الدائري 2020)، وتضمنت هذه الخطة لوائح لإطالة عمر المنتجات وتعزيز التدوير. في الصين، تم إدراج الاقتصاد الدائري كجزء من خطط التنمية الوطنية منذ عام 2008.
ووفقًا لتقرير «الفجوة الدائرية» لعام 2024، فإن الاقتصاد العالمي أصبح أكثر استهلاكًا للموارد مقارنة بالسنوات السابقة، حيث يتم استهلاك حوالي 101.4 مليار طن من الموارد سنويًا. من هذا الحجم الضخم، لا تتم إعادة تدوير سوى 7.2% فقط إلى الاقتصاد، مما يسلط الضوء على اتساع «الفجوة الدائرية» مقارنة بنسبة 9.1% المسجلة في عام 2018. وتشير الدراسة إلى أن النشاطات البشرية تستهلك الآن أكثر من 1.7 ضعف ما يمكن أن يجدده الكوكب بشكل طبيعي كل عام، مما يؤدي إلى تجاوز خطير للحدود البيئية.
وتبرز خطورة الوضع بشكل أكبر عندما نعلم أن استهلاك المواد في السنوات الست الأخيرة فقط يعادل استهلاك القرن العشرين بأكمله. كما يتوقع التقرير أن يصل استهلاك المواد عالميًا إلى 190 مليار طن سنويًا بحلول عام 2060 ، إذا استمرت الممارسات الحالية. وأكد التقرير أن ستة من الحدود الكوكبية التسعة -مثل تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي- قد تم تجاوزها بالفعل بفعل أنماط الإنتاج والاستهلاك الحالية.
مجالات النمو في الاقتصاد الدائري
يوفر الاقتصاد الدائري فرصًا ضخمة في القطاعات التالية:
• إدارة النفايات: كتحويل النفايات إلى وقود بديل (RDF) أو سماد عضوي.
• البناء والتشييد: باستخدام مواد دائرية مثل الأخشاب والهياكل الخفيفة بدلًا من الإسمنت والصلب.
• الصناعة التحويلية: بإعادة تصميم المنتجات لتدوم أطول ويمكن إصلاحها بسهولة.
• الزراعة: عبر تقنيات الزراعة التجديدية وتدوير المغذيات.
ويشير تقرير الفجوة الدائرية إلى أن تنفيذ 16 حلًا دائريًا في 4 أنظمة رئيسية: (الغذاء، البيئة المبنية، السلع المصنعة، والنقل) يمكن أن يؤدي إلى خفض استخراج المواد بنسبة 34%، مما يسهم في إعادة الكوكب إلى حدود بيئية آمنة، ويتيح تلبية احتياجات البشر باستخدام 70% فقط من المواد المستخدمة حاليًا.
خطوات عمانية طموحة نحو اقتصاد مستدام
تتبنى سلطنة عُمان نهجًا طموحًا لتعزيز الاقتصاد الدائري، مع التزام واضح بتحقيق معدلات تحويل للنفايات تصل إلى 60% بحلول 2030 و80% بحلول 2040. تلعب الشركة العمانية القابضة لخدمات البيئة «بيئة» دورًا محوريًا في هذا التحول عبر عدة مشاريع موثقة في تقريرها السنوي لعام 2024، منها:
• مشروع تحويل الغاز الحيوي إلى كهرباء في مرادم بركاء والملتقى.
• مبادرة تحويل زيت الطهي المستعمل إلى وقود حيوي بالتعاون مع شركاء محليين.
• نشر آلات إعادة تدوير البلاستيك الذكية (RVMs).
• مشروع «النفايات إلى طاقة» المتوقع أن يعالج 3000 طن يوميًا ويوفر بين 75 إلى 100 ميجاواط.
• تعزيز تدوير إطارات السيارات المستعملة.
• إطلاق مشاريع لإعادة تدوير النفايات الخضراء والأسماك والورق والكرتون.
كما قامت «بيئة» بمعالجة أكثر من 19668 طنا من النفايات الصناعية في عام 2024 (تقرير بيئة السنوي 2024)، وتعاملت مع 4100 طن من النفايات الطبية عبر منشآتها المتخصصة.
عالميًا، يقدر تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2023 أن تطبيق مبادئ الاقتصاد الدائري يمكن أن يضيف 4.5 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030.
ولا تزال هناك تحديات تحول دون التحول الكامل نحو الاقتصاد الدائري، أهمها ضعف الوعي المجتمعي، ونقص البنية الأساسية المتخصصة، والحاجة إلى تشريعات تلزم الشركات بتطبيق نماذج دائرية.
وعليه من المهم دمج مفاهيم الاقتصاد الدائري في التعليم، ودعم الشركات الناشئة بالمنح والتمويل، وإصدار تشريعات ملزمة للمؤسسات، وتسهيل التمويل الأخضر، وتطوير المهارات في قطاعات مثل البناء والزراعة، إضافة إلى تعزيز الاستثمار في مشاريع التحول مثل النفايات إلى طاقة وإعادة تدوير الموارد الصناعية، ودعم الشراكات مع المؤسسات البحثية لتطوير حلول مبتكرة.
لم يعد الاقتصاد الدائري مجرد خيار، بل ضرورة استراتيجية للنمو المستدام في سلطنة عُمان والعالم. بتضافر جهود الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع، ويمكن لعُمان أن تكون نموذجًا إقليميًا رائدًا في هذا التحول.
د مهاب بن علي الهنائي نائب الرئيس للاستدامة والاقتصاد الدائري - الشركة العمانية القابضة لخدمات البيئة "بيئة"