فنان يحول الأطباق المكسورة إلى أعمال فنية فريدة
تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT
أبدع الفنان الأمريكي روبرت ستراتي في رسم مشاهد تبدو وكأنها تنفجر من الأطباق الخزفية المكسورة التي يبيعها بمبالغ كبيرة. يعمد ستراتي إلى استخدام أطباق خزفية مزينة بنقوش بألوان الأزرق والأحمر والرمادي، ويكسر جزءاً منها ليبقيها على خلفية من ورق. يمزج ببراعة الحبر مع التصميمات الأصلية للأطباق، ويوسع القصة الموجودة على الطبق إلى الورق، مما يخلق مشاهد أحادية اللون كبيرة الحجم تبدو وكأنها جزء من التكوين الأصلي.
استلهم ستراتي أعماله من طبق خزفي كان يخص والدة زوجته الراحلة، باربرا، والذي تحطم يوماً ما. بعد أن تحطم الطبق، بدأ ستراتي في استكشاف إمكانيات الأشياء المكسورة والقصص التي يمكن أن تتطور من القطع المتروكة. هذه الاستكشافات قادته إلى ابتكار أعمال فنية فريدة تجمع بين الرسم والنحت، حيث تبرز تفاصيل دقيقة تنبثق من الأطباق المكسورة.
وُلد روبرت ستراتي في بوسطن، ماساتشوستس عام 1970، ونشأ في كولومبوس، أوهايو، وحصل على درجة في تاريخ الفن من جامعة أوهايو. عُرضت أعماله على المستوى الوطني والدولي، بما في ذلك المعارض في معرض شيري فرومكين في لوس أنجلوس، ومعرض كاثرين كلارك في سان فرانسيسكو، ومركز ويكسنر للفنون في كولومبوس، أوهايو، ومركز الطباعة الدولي في نيويورك.
حالياً، يعيش ستراتي في نيويورك ويدير استوديو فيها، حيث يستمر في إنتاج أعماله المبتكرة التي تثير الإعجاب والتقدير في مختلف أنحاء العالم. يعكس عمله الفريد قدرته على تحويل الأشياء اليومية المكسورة إلى قطع فنية مبهرة، مما يجعل كل طبق يروي قصة جديدة ويضفي قيمة فنية على الأشياء المتروكة.
المصدر: أخبارنا
إقرأ أيضاً:
د. منال إمام تكتب: الإنسان المصري.. حالة فريدة عبر الزمن
وأنا أراجع كتابي "الدبلوماسية المصرية عبر العصور" استعدادًا لإصدار الطبعة الثانية، استوقفني الإنسان المصري في مختلف العصور: قديمًا ووسيطًا (العصر الإسلامي) وحديثًا، بشخصيته المتفردة في رقيها وبساطتها وروحه المرحة في أصعب الظروف، والأهم حبه لوطنه الذي لا يدانيه أحد. يظلّ الإنسان المصري، منذ فجر التاريخ وحتى يومنا هذا، لغزًا جميلًا يأسر القلوب قبل العقول، ويمضي عبر العصور بملامح ثابتة من الطيبة والصلابة والكرامة وحب الوطن. هو إنسان لم ينقطع عنه دفء الروح ولا نقاء القلب، مهما تبدّلت الظروف وتغيّرت الأزمنة وتباينت الحقب. وكأن نهر النيل، وهو يمنح الحياة لأرضه، منح أبناءه أيضًا سكينة خاصة، ورُقيًا أصيلًا، وإيمانًا عميقًا بالإنسانية.
لقد وقف المؤرخون مندهشين أمام هذا الإنسان منذ الدولة القديمة. كيف يمكن لشعبٍ أن يجمع بين القوة والرقة؟ بين الحكمة والعمل؟ بين حب الأرض والتفاني من أجلها؟ كتب عنه هيرودوت منذ آلاف السنين مشيدًا بصفاته، متسائلًا بإعجاب عن هذا الشعب الذي يتمسّك بالخير ويتقن بناء الحضارة كما لو كان ينسج من الحجارة قصائد خالدة.
وحين دخل المسلمون مصر، سُحر القادة العرب بأخلاق المصريين، ببساطتهم وكرمهم، وبقدرتهم العجيبة على احتواء الآخر. بلغت دهشتهم حدّ الإعجاب الذي سجله التاريخ، حتى إن الخليفة عمر بن الخطاب لم يتردد في طلب المساعدات لأهل الجزيرة وقت القحط، واثقًا أن المصريين لن يبخلوا بأخوّة ولا بعطاء، فهذه طبيعتهم التي لا يعرفون غيرها، وكان المصريون عند حسن ظنه فأرسلوا القوافل، أولها في جزيرة العرب وآخرها في مصر.
وجاءت الحملة الفرنسية، يحمل علماؤها أدواتهم وفضولهم، فكتبوا في "وصف مصر" الكثير عن الآثار، لكن الجزء الأجمل كان ذاك الذي تحدّثوا فيه عن الإنسان المصري ذاته: عن صبره، ونبله، وخفة ظله، وميله الفطري إلى الحكمة. لقد رأوه ليس مجرد فرد من شعب عريق، بل مرآة لروح حضارة كاملة.
حتى في زمن الاحتلال الإنجليزي، حين كتب اللورد كرومر وملنر وغيرهم مذكّراتهم، لم يستطيعوا تجاوز حقيقة هذا الإنسان، سواء كان بسيطًا يعمل في الحقل أو مثقفًا يدوّن أفكاره. وجدوا فيه شخصية تجمع بين الوقار والصبر، بين العناد النبيل والروح المتسامحة، بين الرغبة في الحرية والإصرار على الكرامة.
وفي العصر الحديث، حين بدأت مصر تعيد علاقاتها الدبلوماسية مع الولايات المتحدة قبيل حرب أكتوبر، كان الانطباع ذاته يتكرر. فالرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون لم يُخفِ انبهاره بشخصيات مصرية لامعة مثل حافظ إسماعيل أو إسماعيل فهمي، تلك الشخصيات التي حملت الوقار المصري الأصيل، وتحدثت بحكمة وهدوء وثقة، فأدهشت العالم كما أدهشت من قبلهم شعوبًا كثيرة.
نعم… الإنسان المصري، غنيًا كان أو فقيرًا، متعلمًا أو بسيطًا، يظل حالة فريدة في هذا العالم. حالة تستحق التأمل، وتستحق الحب، وتستحق التقدير. فهو يجمع في ملامحه تاريخًا طويلًا من النبل، وفي صوته صدى حضارة لا تنطفئ، وفي قلبه محبة تتسع للجميع.
هو المصري… ابن النيل، وابن الحضارة، وابن الإنسانية كلها.