بعض الكلمات تُصبح مأثورة، لا لعظمة قائلها فقط، لكن لأنها تعبّر بصورة نقية وبلا رتوش عن الحقيقة، والحقيقة هذه المرة قالها يورجن كلوب، مدرب ليفربول التاريخى، وأحد العقليات المهمة فى تاريخ الساحرة المستديرة، حين قال: «كرة القدم هى أهم الأشياء غير المهمة فى التاريخ»، رغم فلسفة الجملة التى قد تبدو للبعض غير مفهومة، لكن الرجل ببساطة أوضح أن كرة القدم، أو الرياضة عموماً، تظل تسلية فى المقام الأول، حتى لو حاول البعض تحميلها بأكثر مما تستحق.
ورغم أن هذه بديهية، لكن لم يتورع «كلوب» أن يُذكّر بها، منطلقاً من أن البديهيات تحتاج أحياناً إلى التذكير بها، بل والإلحاح عليها إذا شعرنا أنها بدأت تغيب لتحل محلها قيم أسوأ، ومؤخراً، لم تعد الرياضة فى مصر مجرد منافسة شريفة فقط، بل صارت ميداناً للتصارع وتصفية للحسابات، وساحة لكيل الاتهامات دون دليل أو سند، والأسوأ أن كل ذلك بات يُدار عبر صفحات السوشيال ميديا، حيث لا توجد خطوط حمراء للأدب، ولا يوجد سقف محدد لاحترام الغير.
ورغم بعض الخطوات التى حدثت من أجل التأكيد على أخلاق الرياضة، وعلى رأس هذه الخطوات ذهاب الكابتن حسين لبيب، رئيس نادى الزمالك، للنادى الأهلى فى تأبين الراحل العامرى فاروق، وقبلها زيارة مجلس الأهلى للأبيض، ما أحدث نوعاً من الهدوء النسبى بين جماهير قطبى الكرة المصرية، بعد فترة استغل فيها البعض المنافسة الشريفة ليحوّلها إلى ما يشبه العداء، لكن بالزيارات المتبادلة صارت الأمور أفضل، لكن هذا الأفضل لم يكن كافياً لأن تهدأ جماهير الرياضة التى ظلّت على دأبها مدفوعة بحب التشجيع أحياناً، وبمن يروّجون الشائعات أحياناً أخرى، والنتيجة اغتيال الرياضيين معنوياً بل وغياب القيم.
ولأن الرياضيين هم جزء من المجتمع أيضاً، يتعرضون لنفس البيئة، وتصيبهم نفس الأمراض، لم يكن غريباً أن نرى الحادثة التى وقعت بين جنة عليوة وشهد سعيد، والأخيرة لاعبة دراجات دفعت زميلتها الأولى أثناء سِباق طمعاً فى الفوز، فكانت النتيجة تعرض جنة عليوة لفقدان مؤقت فى الذاكرة بسبب سقوطها نتيجة الجروح التى أصابت جسدها، وفعل الدكتور أشرف صبحى خيراً حين تدخل بين اللاعبتين، وعقد صلحاً تم الإعلان عنه على لسان جنة عليوة التى سامحت «شهد»، بحسب تصريحاتها.
نعم «الرياضة أخلاق».. يجب أن يكون هناك خطاب إعلامى يركز على أخلاقيات الرياضة.. ولا مانع من وجود أطباء نفسيين فى كل نادٍ رياضىولن أكون كاذبة حين أقول إن حادثة «شهد وجنة» ليست الأولى، رغم أملى أن تكون الأخيرة، لكن مثل هذه الحوادث منتشرة بين رياضيينا للأسف، وكثيرون منهم يتبعون طرقاً غير سوية للنيل من خصومهم، وهو ما يؤكد ضرورة التأكيد على مفهوم الرياضة كأخلاق، وكمنافسة، حيث لا أحد سيأخذ مكان أحد، ولا أحد سيحصد مجهود غيره، ولخطوات عملية أكثر، فلا مانع من وجود أطباء نفسيين فى كل نادٍ رياضى وليس على مستوى كرة القدم فقط، تكون مهمته تقويم أى مرض نفسى أو ضعف إنسانى يتعرض له اللاعب أو اللاعبة، كما تكون مهمة هذا الطبيب جعل الرياضى يُركز على نفسه ويطور من أدواته للنجاح، فليس أفضل من الانشغال بالنفس.
على الجانب الآخر، وبالتوازى مع هذه الإجراءات، يجب أن يكون هناك خطاب إعلامى رياضى يركز على أخلاقيات الرياضة، ويُعلى من قيمتها، وذلك إما بتسليط الضوء على النماذج المشرفة والإيثار داخل الملاعب وجولات التنافس، أو بنبذ أصحاب الخطاب المتطرف الذين يركزون حديثهم على مهاجمة شخص أو النيل من بطل، ويبقى المحور الأخير، ضبط خطاب «السوشيال ميديا» ورفض أى حديث مسىء.
وأخيراً، علينا أن نعرف أن الرياضة فى النهاية مُنتج بشرى، أى الأخطاء فيه واردة، ولدينا أكبر مثل فى كأس العالم 1986 حين تم احتساب هدف سجّله مارادونا باليد، وعلينا أيضاً التعلّم من بطولتى اليورو وكوبا أمريكا الأخيرتين، كان فيهما من الأخطاء التحكيمية الكثير، وكان فيهما من التنافس الشرس الأكثر والأكثر، لكن فى النهاية خرج المهزوم بعد أن صافح المنتصر، وقدّما للعالم صورة نزيهة عن التنافس الشريف، دون أن يؤكد «مبابى» أن هناك مؤامرة ضده، أو يحاول «بيلينجهام» إصابة «يامال» متعمداً، وهذا لا يعنى أنهم أفضل، ولكن يعنى أنهم يُدركون ما يقدمونه، ويحافظون على صورة بلادهم، ويعرفون أن الرياضة أخلاق، وكنّا ذات يوم مثلهم، ونأمل أن نعود.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الرياضة الرياضة المصرية
إقرأ أيضاً:
رئيس شركة روساتوم يحذر من تكرار تشيرنوبيل حال استهداف محطة بوشهر الإيرانية
أكد رئيس شركة "روساتوم" الروسية للطاقة النووية أليكسي ليخاتشوف، أنه لم يتم تسجيل انبعاثات إشعاعية جراء استهداف إسرائيل للمنشآت النووية الإيرانية.
وقال المسؤول الروسي، في تصريحات له نقلتها وسائل إعلام، إن معظم المرافق العاملة في إيران لم تتضرر لأنها تقع على عمق كبير تحت الأرض.
وشدد رئيس شركة "روساتوم" الروسية للطاقة النووية على أنه إذا استُهدفت محطة بوشهر فسيكون الحادث مماثلا لتشيرنوبيل، ولا يمكن السماح بذلك.
كانت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أعلنت أن جيش الاحتلال الإسرائيلي استهدف المفاعل البحثي والمجمع النووي للماء الثقيل في خنداب.
وذكرت المنظمة، في بيان لها، أن القصف لم يُسفر عن أي ضحايا، لكنه يمثل "انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية التي تحظر استهداف المنشآت النووية"، وفق تعبيرها.
وشددت المنظمة على أن هذا الهجوم هو جزء من سلسلة اعتداءات تهدف إلى تقويض قدرات إيران النووية السلمية، مؤكدة أن طهران تحتفظ بحق الرد، وستواصل أنشطتها النووية تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي زعم في وقت لاحق أنه قصف موقعا في نطنز يستخدم لتطوير أسلحة نووية، وذلك خلال الساعات الماضية.
وقال إن الموقع الذي تم قصفه في نطنز يحتوي معدات متطورة تساهم في تسريع البرنامج النووي الإيراني.
وأشار جيش الاحتلال، في تصريحات له نقلتها وسائل الإعلام، إلى أنه تم قصف مواقع صناعية عسكرية تابعة للنظام الإيراني، شملت مصانع مواد أولية وأجزاء صواريخ باليستية.
كما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي تدمير أنظمة دفاع جوي ومواقع تخزين صواريخ رادارات ووسائل استشعار تابعة للنظام الإيراني.
وفي وت لاحق، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، أنه رصد إطلاق صواريخ من إيران باتجاه إسرائيل.
وقالت الجبهة الداخلية الإسرائيلية في بيان لها: "نظرا لرصد إطلاق صواريخ من إيران باتجاه إسرائيل، ستنطلق صفارات الإنذار خلال الدقائق القليلة القادمة في تل أبيب ومحيطها".
ومساء أمس، الأربعاء، قال جيش الاحتلال إنه ضرب مواقع لتطوير الأسلحة النووية في العاصمة الإيرانية طهران.