أمريكا ترسل أساطيل حربية وتدق طبول الحرب وصنعاء تحذر
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
ويرى خبراء عسكريون بأن "أمريكا" وحلفائها "الإنجليز" و" الصهاينة" يعلنون بذلك دق طبول حرب جديدة على أبواب اليمن البحرية بعد ان فشلت حربهم وعدوانهم على اليمن واليمنيين طيلة تسع سنوات تقريبا والذي استقدموا فيه شركات أمريكية مثل "بلاك ووتر" واساطيل جوية وبحرية هزمت جميعها ولم تحقق أهدافها في بسط نفوذ دول تحالف العدوان على كامل الأراضي اليمنية.
وفي السياق أكدت وسائل إعلام خارجية وصول تعزيزات عسكرية أمريكية إلى البحر الأحمر و "باب المندب" والسواحل اليمنية خلال الساعات القليلة الماضية وبما يؤكد وبشكل مباشر التدخل الأمريكي في العدوان المتواصل على اليمن.
وفي أخبار على وسائل إعلام أمريكية: أعلن الأسطول الخامس الأمريكي الذي يتخذ من "البحرين" مقرا له، التي يتخذها قاعدة عسكرية بالمنطقة.. أعلن عن إرسال أكثر من ثلاثة ألف بحار وعنصر من مشاة البحرية الأمريكية من قبل ما يسمى بمجموعة " باتان البرمائية (ARG) والوحدة الاستكشافية البحرية السادسة والعشرين، ونشر سفينتا هجوم برمائي وإنزال في البحر الأحمر.
ويأتي هذا التصعيد والإعلان الأمريكي لنشر القوات الجديدة بعد يوم واحد فقط على إعلان وزارة الدفاع الامريكية عن نشر أكثر من ثلاثة ألف جندي وبحار أمريكي في الشرق الأوسط، لتذكر لاحقا أنهم متجهين تحديدا لمضيق "باب المندب" في البحر الأحمر.
وبحسب تقارير دولية: استقبلت "البحرين" خلال السنوات الأخيرة معدات أمريكية وقطع بحرية مفككة تم تركيبها في عاصمة البحرين "المنامة"، وتستخدم كقواعد لإطلاق الطائرات الحربية والبحرية، وتزايد استقبال المنامة للخبراء العسكريين الأمريكيين وضباط من كيان الإحتلال الإسرائيلي في السنوات الأخيرة خاصة بعد إعلان "البحرين" التطبيع مع كيان الإحتلال الإسرائيلي.
ومع أن القوات الأمريكية تتمركز في البحر الأحمر وتحديدا في "باب المندب" تحت مسمى "القوات المشتركة” والتي تضم أكثر من 63 بلدا إلا أن نشر المزيد من التعزيزات يشير - بحسب عسكريين وسياسيين - إلى ترتيبات أمريكية جديدة في اليمن خصوصا وأن هذا الانتشار يأتي قبل أيام قليلة على جلسة لمجلس الامن الدولي الذي تترأس واشنطن دورته لهذا الشهر وتسعى من خلالها إدارة "جو بايدن" لتمرير مشروع قرار جديد يعزز قبضة واشنطن في الملف اليمني من خلال تواجدها العسكري في المياه الإقليمية اليمنية.
كما أن تزامن انتشار القوات الجديدة مع ترتيبات لعودة رئيس ما يسمى بالمجلس الرئاسي وحكومة معين إلى عدن يشير أيضا إلى أنها ضمن الترتيبات التي يقودها ما يسمى بالسفير الأمريكي "ستيفن فايجن" منذ زيارته عدن برفقة قوات أمريكية قبل أسابيع وتهدف لتامين عودة السلطة المرتزقة الموالية لتحالف دول العدوان الأمريكي - السعودي - الإماراتي.
وبحسب وسائل إعلام محلية وخارجية: كان قائد ما يسمى بالأسطول الخامس الأمريكي "كوبر" مع ما يسمى بالسفير الأمريكي في اليمن "ستيفن فاجن" قد وصلا إلى مطار الغيضة بمحافظة المهرة ضمن مخطط وذلك - بحسب مراقبين - لشرعنة تواجد المليشيات الأجنبية بذريعة مكافحة التهريب والإرهاب.
وكان ما يسمى بالسفير الأمريكي باليمن "ستيفن فاجن" قد وصل ايظا مع خبراء عسكريين وضباط امريكيين الى محافظة عدن قبل اسابيع.
وبحسب انباء معلنة فقد زار "فاجن" عدد من المواقع العسكرية بعدن والتقى بقيادات من حكومة الإرتزاق الموالية للرياض ومن ما يسمى بالإنتقالي الموالي للإمارات، وتبعتها زيارات مماثلة ل "فايجن" الى محافظات "حضرموت" و "شبوة" و "أبين".
وفي ظل التطورات التي يراها مراقبون بأنها تزيد من فضح التواجد والغزو الأجنبي في اليمن.. تزايدت في الأونة الأخيرة الزيارات للقيادات الأمريكية - البريطانية - الصهيونية للمحافظات الجنوبية ومدينتي المخا وباب المندب التابعتان لمحافظة تعز على وَقْعِ التحَرّكاتِ التصعيديةِ المكثّـفةِ للسفير الأمريكي لدى حكومة المرتزِقة "ستيفن فاجن".
ويرجح محللون سياسيون وعسكريون أن تكثيف تلك زيارات مؤخرا يأتي في سِياقِ إصرارِ أمريكا على مواصلة العدوان والحصار على اليمن وعرقلة جهود عملية السلام في بلد تكالبت عليه تحالف دولي بقيادة أمريكا لأجل تنفيذ مطامع استعمارية ولم يتمكن هذا التحالف خلال تسع سنوات من إعادة البنية التحتية التي دمرها ولا من اعادة أعضاء الحكومة الموالية له الى المحافظات الواقعة تحت سيطرته ولا حتى من تثبيت دعائم الأمن أو إيقاف نزيف العملة المحلية، وتدهور الإقتصاد الوطني وبقية الخدمات الأساسية التي بات يفتقر إليها المواطنين في مناطق سيطرة تحالف دول العدوان، الذي تتكشف مزاعمه وأباطيله بشكل يومي أكثر فأكثر.
ويرجع عسكريون ما وصفوه ب" الرعونة" التي تصرفت بها امريكا عبر ارسال المزيد من الطائرات والسفن الحربية الى المنطقة، إلى سبب نجاح "ايران" في كسب ثقة جيرانها العرب وخاصة تقاربها الأخير مع السعودية، ودعوة "إيران" لجيرانها الى تشكيل قوة بحرية مشتركة، من أجل الحفاظ على امن مياه الخليج الفارسي، وهي دعوة - يراها دبلوماسيون - أنها ستبطل السحر الامريكي وتكشف زيفه، بعد أن تبين، لحلفاء أمريكا أن الأزمات التي شهدتها المنطقة، خلال العقود الماضية هي صناعة امريكية اسرائيلية بامتياز.
وتبرر أمريكا وبريطانيا تواجدهما بالمياه الإقليمية اليمنية تارة بحجة حماية المياه الدولية وتارة أخرى بحماية اليمنيين من خطر "إيران" في شماعة أضحت -بحسب مهتمن بالشأن اليمني - أمرا غير متقبل ومبررات واهية.
وعلاوة الى تلك المبررات فيتحجج الأمريكان بحماية مصالح اليمنيين وفي هذا الإطار كانت مصادر مطلعة قد كشفت في وقت سابق عن تحركات ومساعي تبذلها قيادات نافذة فيما يسمى زورا ب"الشرعية" لتسليم حماية حقول وآبار ومنشأت النفط والغاز اليمنية لشركات مرتزقة أجنبية.
وقالت المصادر أن القيادي "حميد عبدالله حسين الأحمر" وهامور النفط "أحمد صالح العيسي" ونافذين آخرين تقدموا بمقترحات لإسناد وتسليم حماية حقول النفط والغاز لأربع شركات أجنبية مرتزقة وهي: (بلاك ووتر الأمريكية) و (فاجنر الروسية) و (شركة ثالثة تركية) و (شركة رابعة فرنسية).
وحيال التطورات الأخيرة كانت صنعاء قد حذرت تحالف دول العدوان الأمريكي - السعودي - الإماراتي من مغبة الاستمرار في "اللا سلم واللا حرب" وقال رئيس المجلس السياسي الأعلى "مهدي المشاط": ان الصبر لن يطول حيال جرائم دول العدوان المستمرة ومماطلتها في تنفيذ عملية السلام مطالبا بخروج كل أدوات الإحتلال الأجنبي من الأراضي اليمنية، وحذر "المشاط" في وقت سابق دول العدوان على اليمن وفي طليعتها "أمريكا".. من الاستمرار بعرقلة عملية السلام في اليمن، ومن البقاء في الأراضي والمياه اليمنية تحت أي مبرر، مؤكدا أن ذلك الأمر لن يطول.
من جانبه قال نائب وزير الخارجية بصنعاء "حسين العزي" على حسابه في تويتر:حرصًا على السلم والأمن الدوليين، والحفاظ على سلامة الملاحة في البحر الأحمر، يتوجب على القوات الأمريكية أن تبتعد عن مياهنا الإقليمية.
وأضاف "العزي" بقوله:أي إقتراب باتجاه مياهنا الإقليمية "فقط مجرد إقتراب" قد يعني بداية المعركة الأطول والأكثر كلفة في التاريخ البشري.
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: فی البحر الأحمر دول العدوان على الیمن تحالف دول فی الیمن ما یسمى
إقرأ أيضاً:
تضحيات النصر القادم
حاتم الطائي
◄ نصر غزة يتجلى في الصمود الأسطوري أمام آلة الإبادة الصهيونية
◄ المنظمات الدولية فقدت مكانتها بصمتها المُخزي إزاء الجرائم الإسرائيلية
◄ على الولايات المتحدة أن تكُف عن التواطؤ في جرائم الحرب بغزة
لا يُمكن لأي مقاومة أن تحقق النصر دون تضحيات، ولا نضال بلا فداء، ولا استرجاع حقوق دون أثمان، وهذا هو الحال في غزة الجريحة العصيَّة الأبيَّة المُقاوِمة لكل جرائم الإبادة، الرافِضة لكل محاولات التهجير القسري غير المشروع، غزة التي يواجه أهلها أقوى الأسلحة والذخائر بصدور عارية وإيمان صلب لا يتزعزع بأن النصر قادم لا محالة، غزة التي تنزف دمًا منذ قرابة العامين، دون أن يهتز الضمير العالمي، ويصرخ في وجه الظالمين المتكبرين.
والنصر الذي نتحدث عنه هو ذلك الصمود الأسطوري الذي لا نقرأ ولا نسمع عنه سوى في الروايات، صمود لا مثيل له على وجه الأرض، فكيف بشعب يعيش تحت الحصار الإسرائيلي منذ عقود، ويرزح تحت نيران القصف العشوائي الهمجي من القوات الإرهابية الإسرائيلية لمدة تقارب العامين، استُشهِد منه عشرات الآلاف وأصيب مئات الآلاف، وغيرهم من آلاف أخرى لا يعلم أحد مصيرهم، وآخرون يقبعون في سجون الاحتلال، يتجرعون مرارة الأَسْر لدى جيش ظالم إرهابي، يصبرون على الجوع القاتل؛ إذ لا يجدون كسرة خبز تسد جوعهم، ولا شربة ماء تروي عطشهم؛ ففي ظل هذا العدوان الإجرامي الشنيع والحصار المُفضي للموت، يئن أبناء غزة، يستصرخون العالم، ولكن لا حياة لمن تنادي، قد عُميت الأبصار، وخرست الحناجر، وتوقفت القلوب، ومات الضمير.. نعم مات الضمير العالمي الذي لم يعد يشعر أو يرى كل تلك المذابح التي يرتكبها أحقر جيش في العالم، وإلّا أين مجلس الأمن، وأين الأمم المتحدة، وأين الجامعة العربية، وأين مجلس التعاون الخليجي، وأين وأين كل هذه المنظمات التي صدّعت رؤوسنا بالحديث عن حقوق الإنسان، وعن الكرامة الإنسانية، وعن استقلال الدول، وعن حق الإنسان في العيش الآمن دون خوف من موت أو اعتقال؟!
الآن وبعد مرور أكثر من عشرين شهرًا، على بدء العدوان الصهيوني على غزة، نسأل ما الذي تغيّر؟ وما الذي طرأ على أوضاع أهل غزة الأبرياء؟
الحقيقة الواحدة التي لا تقبل الشك، هي أن المقاومة ما تزال صامدة في وجه هذا العدوان الوحشي، المقاومة ما تزال ترفع سلاحها الأبيّ الرافض لكل محاولات الإذلال والتركيع، المقاومة ما تزال تُكبِّد الصهاينة خسائر تؤلمهم وتُفرحنا؛ إذ لا يمر يوم إلّا وتأتي البشريات من غزة الصامدة، بمقتل جنود أو تفجير دبابة أو إحكام كمين لعناصر الجيش الإرهابي الإسرائيلي. لم تتراجع المقاومة قيد أنملة عن أهدافها المشروعة في مقاومة المُحتل، مهما نفذت آلة التدمير والقتل الصهيونية أبشع الذابح، لم تركع المقاومة، ولم تقبل بالمساومة على حقوق الشعب الفلسطيني الأبيّ. ورغم الاغتيالات المُمنهجة لقياداتها، لم تتفكك المقاومة أو تعاني من التشتت؛ بل حافظت على تماسكها ووحدتها حسبما أُتيح لها من قوة.
لم تتوقف المقاومة لحظةً عن التفاوض عبر الوسطاء لإنهاء هذه الحرب المأساوية، حمايةً للشعب الفلسطيني ودمائه الطاهرة، لكنه تفاوض دون تركيع، وتفاوض بلا إذلال؛ بل تتفاوض المقاومة ورأسها مرفوعة شامخة، لا ترتضي الذل ولا الخنوع، ولا تقبل بالاستسلام أو المذلة. ولذلك يجب أن ننظر إلى الانسحاب الأمريكي من مفاوضات وقف إطلاق النار، على أنه تحرك خبيث من الرئيس دونالد ترامب لممارسة ضغوط شديدة على المقاومة لكي تقبل بأي اتفاق يُفرض عليها، لأنه بالطبع سيكون في صالح الطرف الإسرائيلي. وما يؤكد ذلك تصريحات الوسطاء قبل الانسحاب الأمريكي، والحديث عن إمكانية التوصل لاتفاق، وإعلان تلقي رد إيجابي من حركة "حماس" إزاء المقترحات التي يتضمنها الاتفاق. غير أن التواطؤ الأمريكي في العدوان على غزة، وانصياع الرئيس الأمريكي لكل المطالب الإسرائيلية بقيادة مجرم الحرب بنيامين نتنياهو، يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك ما يُحاك لغزة من مخططات ما تزال قائمة، ولم يتراجع عنها أي طرف. فما يزال المخطط التآمري لتهجير أهل غزة قسريًا قائمًا وساري المفعول، حتى في ظل الرفض الإقليمي والدولي؛ لأن إسرائيل -ومن ورائها أمريكا- كيان إرهابي يمارس البلطجة والتمرد في كل تحركاته وقراراته.
إن هذا التورط الأمريكي المباشر وغير المباشر في العدوان على غزة، يؤكد أن الطرف الأمريكي لم يكن يومًا مُحايدًا في وساطته في أي اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة؛ بل كان طرفًا أصيلًا في صالح الطرف المُعتدي وهو إسرائيل، ومن المؤسف أن نجد رئيسين أمريكيين مُتتابعين، وهما جو بايدن ودونالد ترامب، يركعان أمام إسرائيل ويسعيان بكل حرص على تنفيذ الأحلام المريضة والأفكار الخبيثة والعدوانية لمجرم الحرب نتنياهو. لقد قدمت الولايات المتحدة لإسرائيل أسلحة وذخائر قتالية مميتة بمليارات الدولارات، ووفرت لها الغطاء الدبلوماسي عبر استخدام "الفيتو" في مجلس الأمن ضد أي قرار أممي يطالب بوقف إطلاق النار، كما قدمت الغطاء السياسي من خلال الزيارات المتكررة للمسؤولين الإسرائيليين إلى واشنطن، أو زيارات المسؤولين الأمريكيين إلى تل أبيب، وهي زيارات وصلت لأعلى مستوى، وليس فقط على مستوى وزراء الخارجية أو ما يناظرهم.
والرئيس ترامب كعادته السيئة، يُمارس كُل الحِيَل والألاعيب لمزيد من التواطؤ الأمريكي في هذا العدوان الإجرامي على غزة وعلى الشعب الفلسطيني بأكمله، والعالم بأسره على يقين بأن ترامب إذا ما أراد وقف إطلاق النار في غزة، سيأمر إسرائيل بذلك فورًا، دون تردد، لكنه لا يزال يعمل على تحويل أحلام مجرم الحرب نتنياهو إلى واقع، وما حدث في حرب الـ12 يومًا بين إيران وإسرائيل خير دليل، فبعد أن دكّت إيران كل المدن الإسرائيلية بصواريخها الباليستية ونجحت في تكبيد الصهاينة أشد الخسائر غير المسبوقة في تاريخها بأكمله، سارع ترامب لإنقاذ إسرائيل من الفناء الحتمي، وقرر التظاهر بضرب المفاعلات النووية الإيرانية، ليُقنع إسرائيل بأن هذه هي خاتمة الحرب! لكن الحقيقة التي يعلمها كثيرون أن إسرائيل تعرضت لهزيمة نكراء أمام إيران، ولم تنجح في تحقيق أي من أهدافها المُعلنة مثل تدمير البرنامج النووي الإيراني أو البرنامج الصاروخي لإيران؛ بل إنها أتاحت الفرصة لإيران لكي تكتشف قوتها الحقيقية والفعلية، وقدرتها على دك إسرائيل بلا هوادة.
لقد كان نتاج هذا الانحياز الأمريكي السافر لإسرائيل، مزيدا من التطرف والعربدة الصهيونية، وآخرها إقرار البرلمان الإسرائيلي "الكنيست" لمشروع قانون بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية (المحتلة أصلًا) وغور الأردن، وهو ما يعني استمرارًا لمشاريع الضم واقتطاع الأراضي، وإذا ما دخل هذا المشروع حيز التنفيذ، فإن إسرائيل ستكون بذلك قد احتلت جميع الأراضي الفلسطينية، في ظل احتلالها القائم حاليًا للقدس الشريف ولقطاع غزة.
وفي ظل الصورة القاتمة عن الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، إلا أننا متمسكون ببصيص الأمل القادم من نضال المقاومة، ومن تحركات بعض الدول لإنصاف الفلسطينيين، فهناك الكثير من المواقف الدولية المشرفة والتي تحتاج إلى دعم أكبر لتكوين جبهات ضاغطة على نتنياهو المطلوب للعدالة، ومن هذه الدول إسبانيا وأيرلندا وجنوب أفريقيا وغيرهم، كما أن إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده ستعترف رسميًا بدولة فلسطينية خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر المقبل، يعد خطوة مهمة لنسف المخططات الصهيونية الشيطانية لإقامة دولتهم الكبرى المزعومة، وفي حال ما نفذت فرنسا وعدها ستكون أول قوة غربية كبرى تعترف رسميًا بالدولة الفلسطينية.
هذا فيما يخص بعض الدول الأجنبية التي اتخذت خطوات فاعلة لدعم القضية، ليبقى لنا السؤال: ماذا عن دولنا العربية والإسلامية؟ وما هي خطواتهم الفاعلة على الأرض بعيدا عن تصريحات الإدانة؟! بل إن خطابات الإدانة أيضا باتت منظور في أمرها، فها هو شيخ الأزهر الشريف الأستاذ الدكتور أحمد الطيب ينشر بيانا يوجه فيه صرخة للإنسانية وللعالم أجمع بإيقاف المذابح في غزة وإدخال المساعدات للمجوّعين، لنفاجأ جميعا بعد وقت قليل بحذف البيان، وسط حديث عن ضغوط أمنية وسياسية دفعته لذلك، وهو ما أثار جدلا كبيرا في الشارع المصري والعربي والإسلامي. وبعد ذلك نشر الأزهر أن حذف البيان كان هدفه الحرص على مسار المفاوضات حتى لا يكون سببا في تعثرها، وها هي المفاوضات تهدمها أمريكا بتصريحات مبعوثها ستيف ويتكوف الخبيثة حيث حمّل المقاومة سبب تعثرها، وذلك خلافا لتصريحات الوسطاء الذين أكدوا أن رد المقاومة إيجابيا ويُنتظر موافقة إسرائيل عليه.
ويأتي حذف هذا البيان من أكبر مؤسسة دينية سنية في العالم ليكشف لنا مدى الخذلان العربي والإسلامي لأشقائنا الفلسطينيين، ويضع عالمنا العربي والإسلامي أمام مفترق طرق سيتحدث عنه التاريخ، إما الإسراع في إنقاذ أهل غزة، أو تركهم للجوع وآلة القتل الصهيونية، والتاريخ سيكون شاهدا.
الأيام المقبلة قد تحمل الكثير من التطورات، لكن ما يعنينا هنا هو أهمية محاسبة مجرمي الحرب أمثال نتنياهو وسوموتريتش وبن غفير، ولذلك يجب أن يعود الزخم إلى مجريات قضايا جرائم الحرب والإبادة الجماعية المرفوعة في كلٍ من محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، مع مطالبة كل دول العالم، بتنفيذ مذكرة الاعتقال بحق مجرم الحرب نتنياهو ومساعديه، مع استمرار الضغط العالمي لإدانة الاحتلال الإسرائيلي وجرائم الحرب في غزة والضفة، وجرائم انتهاك السيادة في كلٍ من سوريا ولبنان واليمن، كي لا تظل إسرائيل كيانًا مُتمردًا غير خاضع للقانون الدولي.
إننا وعبر هذه السطور، نُخاطب كل شرفاء وأحرار العالم، نناشد الضمير الإنساني في كل مكان، أن يواصلوا المسيرات المُنددة بالعدوان وجرائم الحرب، ألا يتوقفوا عن المطالبة بإتاحة إدخال المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية، لأهل غزة المحاصرين في بضع كيلومترات؛ فالخناق يضيق على أهل غزة الأبرياء، والجوع يفتك بهم، ونخشى ما نخشاه أن يفقدوا الأمل في النصر بعد كل هذه التضحيات الجسام.
ويبقى القول.. إنَّ الجرائم الصهيونية في غزة وفي كل الأراضي العربية، لن تمر دون عقاب أو محاسبة، طال الزمن أو قصر، ويقيننا في العدل الإلهي لا حدود له، لأن الله العدل لا يرضى بالظلم، لكن في المقابل، علينا أن نواصل التعبير بالكلمة وبكل ما أوتينا من قوة -كلٌ حسب استطاعته- لنقول لا بصوت عالٍ في وجهة الطغيان والجبروت الإسرائيلي والأمريكي، وعلى الولايات المتحدة أن تحافظ على ما تبقى لها من مصداقية وأن تتوقف عن التواطؤ في هذا العدوان الإجرامي، وأن تقوم بمسؤوليتها الأخلاقية والإنسانية، لوقف نزيف الدماء في كل فلسطين.
عاشت فلسطين حُرّة أبيّة.. ولا نامت أعين الجبناء!
رابط مختصر