محمود داغر: العراق بحاجة إلى صندوق ثروة سيادي لحماية مستقبله الاقتصادي
تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT
يوليو 28, 2024آخر تحديث: يوليو 28, 2024
المستقلة/- أكد الخبير المالي والمصرفي المخضرم الدكتور محمود داغر أن العراق، برغم كونه من الاقتصادات الريعية، الا انه لا يمتلك حتى الآن صندوق ثروة سيادي يمكنه من تعزيز نموه الاقتصادي وضمان استقراره في مواجهة الأزمات المحتملة.
وأشار داغر في مقطع فيديو قصير تابعته “المستقلة” اليوم الاحد، إلى أن معظم الدول التي تعتمد على الموارد الريعية القابلة للنضوب وتتعرض لتقلبات أسعارها، قد اتخذت خطوات استباقية بإنشاء صناديق ثروة سيادية تجاوزت أرصدتها مجتمعة أكثر من عشرة تريليون دولار أمريكي.
قال داغر: “شرعت كل الدول ذات المورد الريعي القابل للنضوب، والتي تشهد تقلبات في أسعار هذه الموارد، في إنشاء صناديق سيادية لحماية اقتصادها وتعزيز نموها، بعيداً عن الموازنة العامة وسياسة الحكومة. هذه الصناديق تلعب دوراً حيوياً في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتحوط الدول ضد الأزمات المالية العالمية والمحلية.”
وأضاف داغر أن غياب صندوق الثروة السيادي في العراق يعد قصوراً كبيراً في السياسة الاقتصادية للبلاد، خصوصاً في ظل الاعتماد الكبير على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات. وأوضح أن إنشاء مثل هذا الصندوق سيمكن العراق من تأمين مستقبل أجياله وتجنب الهزات الاقتصادية التي قد تنتج عن انخفاض أسعار النفط أو الأزمات الاقتصادية العالمية.
ودعا داغر السلطة التنفيذية والتشريعية في العراق إلى الإسراع في تأسيس صندوق ثروة سيادي. وقال: “يجب على العراق أن يحذو حذو الدول الأخرى التي أنشأت صناديق سيادية لتحصين اقتصادها وضمان مستقبلها. إن تأسيس صندوق سيادي سيكون خطوة استراتيجية هامة لحماية الاقتصاد العراقي وتأمين مستقبل الأجيال القادمة.”
وأشار داغر إلى أن الصناديق السيادية تلعب دوراً مهماً في دعم السياسات الاقتصادية المستدامة، حيث توفر الموارد اللازمة للاستثمارات طويلة الأمد بعيداً عن تقلبات الإيرادات الحكومية السنوية. وأكد أن الاستفادة من التجارب الدولية في هذا المجال يمكن أن تسهم بشكل كبير في تصميم صندوق ثروة سيادي يلبي احتياجات العراق الخاصة ويعزز استقراره الاقتصادي.
رابط الفيديو https://www.facebook.com/reel/
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: صندوق ثروة سیادی
إقرأ أيضاً:
جواز العراق الدبلوماسي Spam في صندوق العلاقات الدولية
آخر تحديث: 9 غشت 2025 - 12:45 مبقلم:مسار عبدالمحسن راضي الجواز الدبلوماسي في العراق رغم السمنة المُفرِطة في الأعداد الصادرة منه – تجاوزت الـ35 ألفاً – لكنه نحيف القيمة الدولية. ترتيب هذه الوثيقة عالمياً هو 104. وبحسب هذا الترتيب فإن الدبلوماسي العراقي يستطيع زيارة خمسين دولة فقط بدون تأشيرة مسبقة. 173 دولة تفرض على العاملين في السلك الدبلوماسي العراقي الحصول على “فيزا” قبل زيارة بلدانهم، للحديث عمّا يحتاجهُ عمود إنارة السياسات الخارجية من طاقةٍ دولية. الجواز الدبلوماسي يتفوَّق على نظيره العادي بسبع مراتب فقط، حيثُ يقع الأخير في الترتيب الـ97 بحسب المؤشِّرات العالمية. العادي يُتيح للمواطن العراقي السفر إلى ثلاثين دولة دون فيزا مُسبقة، أو الحصول عليها عند الوصول أو بشكلٍ إلكتروني. إذاً، الفرق بين الأحمر (الدبلوماسي) والأزرق (العادي) لا يعدو سوى عشرين دولة، لكنهما قريبان معاً من قاع الترتيب الأسوأ عالمياً. ما السبب إذاً وراء ضجة إقرار تمتع البرلماني العراقي وعائلته بجوازٍ دبلوماسي مدى الحياة وبأثرٍ رجعي؟ دعاية انتخابية أم مكافأة نهاية الخدمة؟
تثبيت سمة مدى الحياة في الجواز الدبلوماسي العراقي، يعني وجود شعبين يعيشان على الأرض العراقية. شعب سوبر أو “قوم نوح” أمّا الآخر فهو الشعب العادي الذي يتمتع بكهرباء وكرامة طيلة 24 ساعة في اليوم
إقرار تمتع حامل الجواز الدبلوماسي وعائلته بمزايا هذه الوثيقة الرسمية مدى الحياة، كان في يناير الماضي من عام 2025. نائبان طعنا قانونياً بهذا الامتياز في مارس ونهاية يوليو 2025. المحكمة الاتحادية حكمت ببطلان الدعوة بحجة عدم امتلاك المُدَّعي لـ”الأهلية القانونية.” الدعايات السياسية من أجل التحضير لانتخابات نوفمبر القادمة بدأت مُبكِّرة – تقريباً منذُ مارس الماضي – عكس السنوات السابقة، حيثُ تنطلق قبل 90 يوماً كمُعدَّل. أهم الأسباب وراء الاستيقاظ الدعائي المُبكِّر هو الضغط الأميركي، الراغب بتصفية الأذرع الإيرانية في المنطقة سواء بالتشريعات المحليَّة للدولة التي تتواجد فيها تلك الأذرع، أو التصفية الجسدية. واشنطن عبَّرت كذلك عن جديَّة نهجها التصفوي، برفضها الشديد لمأسسة الميليشيات العراقية بالتشريعات النيابية – قانون الحشد الشعبي تحديداً – الذي جاء في مكالمةٍ هاتفية ساخنة بين ماركو روبيو وزير الخارجية الأميركي ومحمد شياع السوداني رئيس الحكومة العراقية في 22 يوليو 2025. بعد أربعة أيام كانت هناك مكالمة أخرى لتبريد أثر الأولى إعلامياً. في الـ31 من يوليو الماضي رفضت المحكمة الاتحادية النظر بسمة مدى الحياة لحامل الجواز الدبلوماسي. العملية السياسية في العراق تستعد كما يبدو للقيام بإخراج مسرحي كبير على الأقل إن لم يكن جذرياً. الحِفاظ على مستقبلها يحتاجُ إلى مغادرة عدد كبير من السياسيين الحاليين وإبدالهم بآخرين. الراحلون عن خشبة المسرح يجب أن يضمنوا عدم مطاردتهم من قبل الصاعدين الجُدُد. هنا تأتي أهمية حمل جواز دبلوماسي مدى الحياة فهذه الوثيقة تُحصِّن حاملها في الخارج بحسب ميثاق فيينا للعلاقات الدبلوماسية. كذلك إن أراد القادمون إلى اللعبة السياسية مُطاردة مسؤول فاسد فلن يستطيعوا ما دام مُتمتِّعاً بالحصانة الدولية و بالقوانين العراقيَّة. أهمية الجواز الدبلوماسي لبعض السياسيين في البلاد، تنبع بحسب الباحث الأميركي مايكل روبن من إمكانية “نقل البضائع المُهرَّبة والأموال المسروقة بطرقٍ غير مشروعة.” روبن وجد أيضاً أن العراق يحتاج إلى “500” جواز دبلوماسي لتأدية مهام السياسة الخارجية، لا 15 ألفاً بحسب مقالٍ له في عام 2022. وزارة الخارجية العراقية أصدرت من 2019 وإلى حد مايو 2023 “عشرة آلاف جواز دبلوماسي لغير العاملين في السلك الدبلوماسي.” المفارقة اللطيفة أن العراق كان لديه قبل العام 2022، عدد بعثات دبلوماسية تصِلُ بالكاد إلى ربع عدد دول العالم تقريباً، ولم تصِل نسبة “الثُلث” إلَّا في سبتمبر العام نفسه إذا اعتمدنا كلام روبن. وظيفةُ كثير أو قليل من هؤلاء العشرة آلاف تتعلَّق بغسيل الأموال وتهريبها إضافة إلى التهرُّب الضريبي. بحسب سوابقٍ دولية فإنَّ هذه الجرائم هي الأكثر شيوعاً بين الحاملين لجوازٍ دبلوماسي على طريقة العشرة آلاف العراقية. البلاد عموماً تمتلكُ تقييماً بدرجة (20) في مؤشر ضرائب يستخدم عالمياً لتقييم جوازات السفر للدول. تلك الدرجة تعني “السماح للمواطنين بالتهرُّب الضريبي من خلال تغيير مكان إقامتهم.” مؤثِّرةً على الترتيب الدولي لجواز السفر العراقي وإبقائه في أسفل القوائم. طبعاً، وظيفة غسيل المال وجعله نظيفاً ستختفي مع منح سمة مدى الحياة لحامل الجواز الدبلوماسي. أموال المسؤولين العراقيين للأمانة نظيفة جدّاً وشرعيَّة بحكم القوانين الساريَّة. لهذا أنا لا استطيع تفسير سبب اعتراف (68 في المئة) من العراقيين بالانتماء إلى الطبقتين الدنيا والوسطى الدنيا، أو لماذا لا يثق 54 في المئة منهم بسُلطة القضاء – كانت 70 في المئة عام 2021 – بحسب استطلاع “المجموعة المستقلة للبحوث”عام 2022. تثبيت سمة مدى الحياة في الجواز الدبلوماسي العراقي، يعني وجود شعبين يعيشان على الأرض العراقية. شعب سوبر أو “قوم نوح” على حدِّ تعبير أحد الدبلوماسيين العراقيين. ذكر لي هذا الدبلوماسي الذي فضَّل عدم ذِكر اسمه بسبب تعقيدات عمله الحالي “لا توجد حالة مثل حالة العراق التي منحت جوازا دبلوماسيا للبرلمانيين بقانون مدى الحياة، لهم ولعوائلهم.” أمّا الآخر فهو الشعب العادي الذي يتمتع بكهرباء وكرامة طيلة 24 ساعة في اليوم. إعطاء الامتياز نوح إذا جاز التعبير، يتعارض مع المادة الـ14 في الدستور العراقي التي تضمن “المساواة بين العراقيين وعدم التمييز بينهم.” لذا أنصحُ ذلك القيادي في إحدى الأحزاب العراقية بعد مُباركتي له بإمكانية حصوله على جوازٍ دبلوماسي – إن لم يكُن قد حصل عليه – ألاّ ينتظر حتى عمر الـ49 ، ليرى إن كان ترتيب الجواز العراقي سيتحسن بمعجزة ما بعد عشرين عاماً. عبَّر عن تلك الأمنية عام 2023 عندما كان بعمر التاسعة والعشرين. أعتذر له أيضاً باسم الشعب العادي عن “الصُدفة الجغرافية” التعسة التي جعلتهُ مواطناً عراقياً، وصعَّبت عليه مباهج السفر. أقترحُ كذلك على الشعب العادي تقييم ما كتبت كرسالة مزعجة وردت إلى صندوق Spam في بريده الإلكتروني، لأن مؤشِّر الحريات المعتمد أيضاً في تقييم جواز سفره يعطي العراق الدرجة (10)؛ أي أنكَ أيها العادي تتمتع بحرية محدودة ساهمت بفوز جوازك عالمياً بلقب الأسوأ – بين المرتبة الثانية والثالثة – طيلة العشرين عاماً الماضيَّة. ملاحظة: لم تستجب رئاسة الحكومة، المحكمة الاتحادية، ولا وزارة الخارجية للأسئلة التي أرسلتها إليهم إلى حين ساعة النشر. وعليه أتمنى من حامل الجواز العادي أن يؤمن بأنَّ مؤسسات العراق الرسمية تتعامل بمهنيَّة عالية ومسؤولية عظيمة فأنا لم أنتظر سوى خمسة أيّام والله خلق الدنيا في ستة.