نظام آل سعود يحقق رقم قياسي في إعدام المعارضين خلال النصف الأول من هذا العام
تاريخ النشر: 22nd, August 2024 GMT
يمانيون – متابعات
بهدف قمع المعارضين لنظام آل سعود.. تصاعدت حدة الإعدامات في المملكة السعودية بشكل حاد في النصف الأول من العام الجاري، بزيادة بلغت 42 في المائة عن الفترة ذاتها من العام الماضي.
وفي أحدث إعدام لمعارضي نظام آل سعود شهدته المملكة تم تنفيذ حكم الاعدام بحق عبد المجيد النمر (59 عاما)، السبت الماضي، وهو أب لأربعة أطفال منحدر من القطيف، وهي محافظة تسكنها غالبية شيعية تقع في شرق المملكة، بعدما أدين بالانضمام إلى “خلية إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة”.
ونددت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان (غير حكومية) مقرها برلين، في بيان لها، الليلة الماضية، بتنفيذ حكم الإعدام بحق مواطن سعودي أدين “بالإرهاب”.. متهمة سلطات النظام السعودي بتزوير وثائق تؤكد انتماءه إلى تنظيم القاعدة.
وقالت المنظمة: إن هذا الإعدام “دليل جديد على انعدام أي ثقة في كافة مراحل نظام العدالة في السعودية”.. معتبرة أنه “رسالة واضحة تؤكد استخفاف السعودية التام بالتزاماتها ووعودها، ومضيها في عمليات القتل التي تنتهك القوانين الدولية”.
وأكدت المنظمة أن عدد الإعدامات في السعودية، تصاعد بشكل حاد، في النصف الأول من العام الجاري، بزيادة بلغت 42 في المئة عن الفترة ذاتها من العام الماضي.
ولطالما تعرّض النظام السعودي لانتقادات حادة من منظمات حقوق الإنسان بسبب عمليات الإعدام ونظامه القضائي.. وأعدمت السعودية بالفعل أكثر من 140 شخصا خلال العام الجاري 2024.. بحسب تعداد لوكالة الصحافة الفرنسية.
وفي العام الماضي 2023 أعدم النظام السعودي 172 شخصاً بعد أن أعدم 196 شخصاً في عام 2022، وهذا يعني مضاعفة العدد بثلاثة أضعاف مقارنة بعام 2021، وبسبعة أضعاف مقارنة بعام 2020.
وقبل أيام طالبت منظمة العفو الدولية “بالإفراج الفوري غير المشروط” عن مواطن سعودي ألغي حُكم الإعدام بحقه، وذلك بعدما أدين بذلك الحكم على خلفية تنديده بفساد وانتهاكات لحقوق الإنسان في المملكة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وكانت المحكمة الجزائية المتخصصة في السعودية، التي تأسست في عام 2008 للنظر في قضايا الإرهاب، حكمت في يوليو من العام الماضي على المدرس، محمد الغامدي، بالإعدام على خلفية اتهامات تتعلق بمنشورات فُسرت على أنها تدعو “للإخلال بأمن المجتمع والتآمر على الحكم” عبر حسابه على منصة “إكس”.
وقال حقوقيون في حينها: إن القضية مبنية جزئيا على الأقل على منشورات تنتقد الحكومة وتدعم “سجناء الرأي”، بمن فيهم رجلا الدين سلمان العودة وعوض القرني.. واكتسبت قضية الغامدي (56 عاما)، بعدا مختلفا بعدما أكد ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، بنفسه “صحة” تفاصيل قضيته، في مقابلة نادرة أجرتها معه شبكة “فوكس نيوز” الإخبارية الأمريكية، في سبتمبر الماضي.
ومنذ وصول بن سلمان إلى منصب ولي العهد في 2017، يتبع النظام السعودي أجندة إصلاحية تُعرف باسم “رؤية 2030″ تهدف إلى تحويل المملكة، التي كانت مغلقة سابقاً، إلى وجهة سياحية وتجارية عالمية وتعتمد إصلاحات اجتماعية.
لكن ذلك يترافق مع استمرار قمع المعارضة، حيث تتعرض المملكة لانتقادات بسبب سجلها في حقوق الإنسان والتضييق على الحق في التعبير على وجه الخصوص.. وفقا لـ”فرانس برس”.
وقال المدير التنفيذي السابق لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” كينيث روث والأستاذ الزائر حاليا في كلية الشؤون العامة والدولية في جامعة برينستون: “بعض الإعدامات لا تتم حتى بسبب جرائم عادية معترف بها، بل بسبب جرائم سياسية مثل تعريض الوحدة الوطنية للخطر أو تقويض الأمن المجتمعي، وترى منظمة العفو الدولية أن ثمة استخداما للقضاء لإسكات المعارضين”.
وكانت رئيسة هيئة حقوق الإنسان في السعودية هلا بنت مزيد التويجري، قالت في وقت سابق من هذا الشهر: إن “بلادها أبلغت مجلس حقوق الإنسان في جنيف بأن المملكة عازمة على المضي قدما نحو تحقيق أفضل المعايير الدولية في حماية وتعزيز حقوق الإنسان، انطلاقا من مبادئها وقيمها الراسخة، وإرادة قيادتها التي تضع الإنسان فوق كل اعتبار” لكن الزيادة في الإعدام تشير إلى عكس ذلك.
ويرى مراقبون أن الحملة على ذوي الرأي المختلف ومؤيدي حقوقهم تمثل تناقضاً مع “رؤية السعودية 2030″، وهذه الرؤية عبارة عن إصلاحات مجتمعية واقتصادية صارت بمثابة مشروع مدلَّل للزعيم الفعلي للمملكة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي كان قد قدم مجموعة الإصلاحات هذه في عام 2017 في محاولة للتنويع الاقتصادي وتقليص اعتماد السعودية على مبيعات النفط.
ويؤكد المراقبون أن ارتفاع عدد الإعدامات “يُظهِر أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ليس مُصلحاً سياسياً على الإطلاق”، كما يقول الخبير في مجال حقوق الإنسان كينيث روث.. كما أن الزيادة الأخيرة في عمليات الإعدام تتناقض مع تصريح هلا التويجري -رئيسة هيئة حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية- في وقت سابق من هذا الشهر.
ويرى علي الدبيسي -الذي يرأس المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان- أن هذه الكلمات تبدو جوفاء مفرغة من معناها، قائلاً: إن “حقوق الإنسان الفعلية من شأنها أن تسمح بالانتقاد والمراقبة والمساءلة في النظام السلطوي.. متسائلاً.. “أين وعود السعودية بالحد من استخدام عقوبة الإعدام في الجرائم غير العنيفة؟”.
وتقول لينا الهذلول -شقيقة الناشطة النسوية لجين الهذلول المفرَج عنها في الوقت مؤخراً- والتي تعمل مسؤولة الاتصالات والرصد في منظمة القسط الحقوقية التي تتخذ من لندن مقراً لها: “لو كانت هناك حرية تعبير في السعودية لبدأ الناس بالتعبير عن آرائهم في مختلف الأمور، وليس فقط في النظام” السياسي.. مضيفة: إنه كلما كانت هناك حرية في التعبير ازداد ليس فقط الانتقاد، بل النجاح أيضاً.. إن “هذا هو المطلوب لكي يكون المجتمع نابضاً بالحياة”.
وكانت “هيومن رايتس ووتش” و26 منظمة أخرى قالت في بيان مشترك مؤخراً: إن محكمة الاستئناف السعودية وافقت في أبريل 2024 على إعدام رجلين سعوديين بسبب جرائم تتعلق بالاحتجاجات يُزعم أنهما ارتكباها عندما كانا طفلين.. على السلطات السعودية وقف إعدام الأحداث الجانحين فوراً”.
فيما قالت جوي شيا، وهي باحثة سعودية في “هيومن رايتس ووتش”: “تستثمر السعودية مليارات الدولارات في الأحداث الترفيهية والرياضية الكبرى لصرف الانتباه عن بيئتها التي تقمع الحقوق، بينما المتهمون بارتكاب جرائم وهم أطفال ينتظرون تنفيذ أحكام الإعدام بحقهم.. على السعودية إلغاء قرار إعدام المناسف والمبيوق، والبدء في الوفاء بوعدها بإنهاء عقوبة إعدام الأطفال”.
وتتضمن “اتفاقية حقوق الطفل”، والسعودية طرف فيها، حظرا مطلقا لعقوبة الإعدام على الجرائم التي يرتكبها الأطفال.. وتعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام في جميع البلدان وجميع الظروف لأنها تتفرد في قسوتها ونهائيتها، كما أنها مشوبة حتما بالتعسف والخطأ.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: هیومن رایتس ووتش حقوق الإنسان فی النظام السعودی العام الماضی فی السعودیة ولی العهد من العام بن سلمان
إقرأ أيضاً:
برنامج تدريبي يجمع القومي لحقوق الإنسان والاتحاد الأوروبي.. هذه أهم أهدافه
انطلقت فعاليات البرنامج التدريبي حول "مبادئ الرصد والتوثيق في مجال حقوق الإنسان والإبلاغ عنها"، الذي ينظمه المجلس القومي لحقوق الإنسان بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، ومكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحضور السفير محمود كارم رئيس المجلس، والدكتور إسماعيل عبد الرحمن عضو المجلس، والدكتور هاني إبراهيم الأمين العام، وبمشاركة ممثلين عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان.
وأكد السفير محمود كارم، أن انعقاد الدورة التدريبية حول مبادئ الرصد والتوثيق يأتي في لحظة فارقة، ويجسد قناعة راسخة بأن بناء القدرات لم يعد ترفًا مؤسسيًا، بل ضرورة حتمية استجابة لتوصيات لجنة الاعتماد، خاصة فيما يتعلق بتعزيز التفاعل مع قضايا الاحتجاز وتطوير منظومة الإبلاغ وفقًا للمعايير الدولية.
الرصد والتوثيق في مجال حقوق الإنسانوأوضح أن المجلس يُولي أهمية كبيرة لمجال الرصد والتوثيق باعتباره الأساس الذي يُبنى عليه كل تحليل، وتنبثق عنه كل توصية أو مطالبة، مشيرًا إلى أن التدريب يستهدف ترسيخ منهجية دقيقة تبدأ من الميدان، وتعتمد على التحقق، وتستند إلى الحقيقة مهما كانت التحديات.
وشدد كارم على أن الكوادر العاملة في المجلس تُعدّ ركيزة أساسية في تطوير الأداء الحقوقي، لما تملكه من خبرات ميدانية تتيح جمع البيانات من مصادرها الأصلية، وصياغة تقارير تتسم بالتحقق والموضوعية وتحظى بالتقدير محليًا ودوليا.
وعلى صعيد، أخر أشار رئيس المجلس إلى أن الدولة تشهد تحولًا نوعيًا في فلسفتها تجاه السجون، إذ لم تعد مجرد أماكن للعقوبة، بل باتت مراكز لإعادة التأهيل قائمة على احترام الكرامة الإنسانية، وتوفير الدعم النفسي والقانوني، والتعليم، مع السماح بالزيارات المفاجئة وتفعيل آليات الشكاوى.
وأضاف أن المجلس يُجري زيارات منتظمة لأماكن الاحتجاز، ويقدّم توصياته للجهات المختصة، في إطار علاقة تطورت من المراقبة إلى التفاعل والتكامل.
من جانبه، أكد الدكتور إسماعيل عبد الرحمن عضو المجلس، أن انعقاد الدورة التدريبية المتخصصة في مجال الرصد والتوثيق يعكس التزامًا جادًا من المجلس بتعزيز قدراته المؤسسية في مجالات الرصد والتوثيق، مشيرًا إلى أن حقوق الإنسان باتت اليوم أحد أهم محاور السيادة الحديثة، وأن الدول تُقاس جديتها بمدى التزامها بحماية هذه الحقوق وتعزيزها.
وأضاف عبد الرحمن، أن المجلس باعتباره مؤسسة وطنية مستقلة يُولي أهمية قصوى لبناء قدرات كوادره والارتقاء بوعيهم ومهاراتهم، مؤكدًا أن لجنة التدريب بالمجلس تحرص على تبنّي تجارب دولية ناجحة، في إطار شراكات تقوم على التوازن والاحترام المتبادل.
وثمّن عضو المجلس الشراكة الممتدة مع مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، موضحًا بأنها تعاون راسخ مبني على احترام الخصوصية الوطنية والسعي المشترك لتطوير الأداء المؤسسي بما يواكب المعايير الدولية ويعزز التزام المجلس بمبادئ باريس.
وقد أكد الدكتور هاني إبراهيم الأمين العام للمجلس، أن الدورة التدريبية تأتي ضمن مسار إصلاحي متكامل يشهده المجلس، يهدف إلى تعزيز الأداء المؤسسي والارتقاء بمهارات العاملين فيه، لا سيّما في مجالات الرصد والتوثيق وإعداد التقارير، وهي الجوانب التي تمثل جوهر العمل الحقوقي، وأساس أي تدخل موضوعي وفعّال في قضايا حقوق الإنسان.
وأشار إبراهيم إلى أن الشراكة مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان هي شراكة استراتيجية تقوم على تبادل الخبرات والتعلم المتبادل، في إطار الاحترام الكامل للسيادة الوطنية والسياق الثقافي والاجتماعي المصري.
وأضاف أن المجلس يضع في مقدمة أولوياته بناء كوادر فنية قادرة على الرصد الميداني المهني، وتحليل البيانات وإعداد تقارير تستند إلى الأدلة والتحقق، مؤكدًا أن مواكبة التغيرات المتسارعة في المشهد الحقوقي تتطلب إرادة تحديث دائمة، وانفتاحًا على أفضل الممارسات الدولية دون التخلي عن الخصوصية الوطنية.
واعتبر إبراهيم، أن الدورة تمثل إحدى الركائز الأساسية في خطة تطوير العمل بالمجلس، بما يُرسّخ منهجية الوقاية والملاحظة الدقيقة والتحقق الميداني، مؤكدًا أن مخرجات التدريب ستكون محل متابعة وتفعيل ضمن خطة الارتقاء بالأداء المؤسسي وبناء الثقة المجتمعية في المجلس كجهة وطنية مستقلة تُعنى بحماية وتعزيز حقوق الإنسان.
ويهدف البرنامج إلى تعزيز قدرات باحثي المجلس في مجالات رصد وتوثيق أوضاع حقوق الإنسان، وإجراء المقابلات، وحماية الشهود، والتحليل القانوني والوقائعي، بما يسهم في دعم منظومة الحماية الحقوقية.
ويشارك في التدريب باحثون من مختلف لجان ووحدات المجلس ضمن منهجية تشاركية تتضمن عروضًا تقديمية، ودراسات حالة، وجلسات تفاعلية، تهدف إلى تعميق المعرفة وتطوير المهارات العملية.
ويعكس هذا البرنامج إيمان المجلس بأن الاستثمار في الكوادر هو استثمار في مستقبل حماية حقوق الإنسان، وأن الرصد الموضوعي يمثل أداة محورية لدعم المساءلة والوقاية، انسجامًا مع أفضل الممارسات الدولية ومبادئ باريس.