زهير عثمان

جريمة الاغتصاب في الحرب الأهلية السودانية تُعتبر واحدة من أبشع الانتهاكات التي ارتكبت ضد المدنيين، وتعكس الطبيعة المدمرة والعنيفة للصراع في السودان. هذا الاستخدام الممنهج للعنف الجنسي في سياق الحرب الأهلية يهدف إلى تحقيق أهداف عسكرية وسياسية ونفسية على حساب الضحايا والمجتمعات المحلية.
السياق العام , السودان عانى من عدة نزاعات مسلحة، بدءاً من الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب التي استمرت لعقود، وصولاً إلى الصراع في دارفور والمواجهات المستمرة بين القوات الحكومية والجماعات المتمردة.

خلال هذه الصراعات، كان الاغتصاب يُستخدم كأداة حرب لإرهاب المدنيين، وخاصة في المناطق الريفية التي يصعب الوصول إليها.
دوافع وأهداف الاغتصاب في الحرب الأهلية السودانية , إرهاب المدنيين: يستخدم الاغتصاب لإرهاب المجتمعات المحلية وإجبارها على النزوح من مناطقها. هذا الأسلوب يهدف إلى تفريغ الأراضي من السكان لتحقيق أهداف عسكرية أو سياسية معينة.
التطهير العرقي في بعض الحالات، تم استخدام الاغتصاب كجزء من استراتيجية أوسع للتطهير العرقي. الهدف هو إذلال جماعات عرقية معينة وكسر نسيجها الاجتماعي من خلال الاعتداء على النساء والفتيات.
الإذلال والسيطرة أن الاغتصاب في الحرب يستخدم كوسيلة للإذلال وإثبات السيطرة. يتم استهداف النساء لأنهن يُعتبرن رمزاً لشرف المجتمع، والاعتداء عليهن يُنظر إليه كوسيلة لتدمير روح المجتمع وقيمه.
تحطيم الروابط الاجتماعية أن سلاح الاغتصاب يخلق حالة من العار والخوف داخل المجتمعات، مما يؤدي إلى تفكك الروابط الاجتماعية والأسرية، ويعزز من تأثير الحرب النفسية على المدنيين.
الحالات الموثقة , وخلال حرب دارفور، كان هناك العديد من التقارير والشهادات التي وثقت استخدام الاغتصاب بشكل منهجي ضد النساء والفتيات. جماعات حقوق الإنسان والأمم المتحدة وثقت هذه الانتهاكات، حيث أشارت التقارير إلى أن الميليشيات المدعومة من الحكومة السودانية كانت مسؤولة عن العديد من هذه الجرائم.
الآثار المدمر , تدمير المجتمعات: الجرائم الجنسية مثل الاغتصاب تؤدي إلى تدمير المجتمعات بشكل غير مباشر، حيث أن الضحايا غالباً ما يعانون من النبذ الاجتماعي، مما يزيد من معاناتهم النفسية والجسدية.
الأثر النفسي والجسدي الضحايا يعانون من صدمات نفسية عميقة، بالإضافة إلى العواقب الجسدية مثل الأمراض المنقولة جنسياً والحمل غير المرغوب فيه.
الإفلات من العقاب رغم وجود بعض الجهود لمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم، إلا أن العديد من المسؤولين عن ارتكاب جرائم الاغتصاب في السودان لم يُحاسبوا، مما يعزز من ثقافة الإفلات من العقاب.
الرد الدولي , المجتمع الدولي، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية، حاول التعامل مع هذه الجرائم من خلال إصدار مذكرات توقيف ضد قادة سودانيين متورطين في ارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك الاغتصاب. لكن التنفيذ الفعلي للعدالة لا يزال محدوداً بسبب التعقيدات السياسية.
الاغتصاب في الحرب الأهلية السودانية يعكس الوحشية والعنف الذي يمكن أن يصل إليه النزاع المسلح. هذه الجريمة ليست مجرد اعتداء جسدي، بل هي أداة من أدوات الحرب التي تستهدف تدمير المجتمعات وإذلالها. التصدي لهذه الجريمة يتطلب جهوداً دولية ومحلية جادة، بما في ذلك محاسبة المسؤولين عنها وتقديم الدعم الشامل للضحايا.
الترويج لسلاح الاغتصاب يحمل مخاطر جسيمة، سواء من الناحية الإنسانية أو السياسية أو الاجتماعية. استخدام الاغتصاب كسلاح في النزاعات والحروب هو بالفعل أمر مروع، لكن الترويج له أو التقليل من خطورته يمكن أن يزيد من هذه المخاطر بشكل كبير.
زيادة العنف والوحشية أن خطورة الامر في التطبيع مع العنف الجنسي: الترويج لسلاح الاغتصاب أو قبوله كجزء من الصراع يساهم في تطبيع العنف الجنسي، مما يجعل من الأسهل ارتكاب هذه الجرائم على نطاق واسع. يمكن أن يُشجع الفصائل المسلحة على استخدام هذا السلاح بشكل متكرر، مما يؤدي إلى تصاعد مستويات العنف.
زيادة الوحشية: عندما يُروج لسلاح الاغتصاب كأداة فعالة في الحرب، يمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة مستوى الوحشية في النزاع، حيث يسعى المتقاتلون لاستخدام أكثر الوسائل ترويعًا لفرض السيطرة أو تحقيق أهدافهم.
تفكيك النسيج الاجتماعي و المقصود تدمير المجتمعات: استخدام الاغتصاب كأداة حرب يؤدي إلى تدمير الروابط الاجتماعية والمجتمعية. النساء اللواتي يتعرضن للاغتصاب قد يواجهن النبذ الاجتماعي أو العنف من أسرهن ومجتمعاتهن، مما يفاقم من معاناتهن ويؤدي إلى تفكك المجتمعات.
نقل العار والإذلال في العديد من الثقافات، يُعتبر الاغتصاب ليس فقط جريمة ضد الفرد، بل ضد العائلة والمجتمع بأكمله. الترويج لهذا السلاح يعزز هذا المفهوم، مما يؤدي إلى معاناة جماعية ومجتمعية أكبر.
إطالة أمد النزاعات , والهدف تعميق الكراهية والانقسام: استخدام الاغتصاب بشكل منهجي يزيد من مشاعر الكراهية والانقسام بين الجماعات المتحاربة. يمكن أن يصبح من الصعب التوصل إلى مصالحة أو سلام دائم عندما تكون مثل هذه الجرائم الوحشية جزءًا من الصراع.
تعزيز الانتقام الضحايا ومجتمعاتهم قد يسعون للانتقام، مما يؤدي إلى دائرة مستمرة من العنف الذي يمكن أن يستمر حتى بعد انتهاء النزاع.
تدهور الوضع الإنساني
زيادة معاناة النازحين واللاجئين: الضحايا الذين يفرون من مناطق النزاع بعد تعرضهم للعنف الجنسي يواجهون تحديات كبيرة في الحصول على الدعم النفسي والاجتماعي. الترويج لاستخدام الاغتصاب كأداة في الحرب يؤدي إلى تفاقم معاناة هؤلاء الأشخاص ويزيد من العبء الإنساني.
تفاقم الأزمات الصحية: الاغتصاب الجماعي والممنهج يمكن أن يؤدي إلى انتشار الأمراض المنقولة جنسيًا، وزيادة حالات الحمل غير المرغوب فيه، والمضاعفات الصحية النفسية والجسدية.
انتهاك القانون الدولي
تقويض العدالة الدولية الترويج لسلاح الاغتصاب يتعارض مع القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان. يمكن أن يؤدي إلى تقويض الجهود الدولية لمكافحة العنف الجنسي في النزاعات وإضعاف المؤسسات القانونية التي تعمل على محاسبة مرتكبي هذه الجرائم.
إضفاء الشرعية على العنف
إضفاء الشرعية على الجرائم: الترويج لاستخدام الاغتصاب في الحروب يمكن أن يضفي شرعية ضمنية على استخدام العنف الجنسي كأداة سياسية أو عسكرية، مما يعزز من ثقافة الإفلات من العقاب ويشجع المزيد من الجرائم.
. تهديد السلام والاستقرار
عرقلة جهود السلام عندما يتم استخدام العنف الجنسي كأداة في النزاع ويتم الترويج له، يصبح من الصعب بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة. هذا يمكن أن يعرقل عمليات السلام ويطيل من أمد الصراع.
في المجمل، الترويج لسلاح الاغتصاب هو جريمة في حد ذاته ويشكل تهديدًا خطيرًا للسلامة الإنسانية والاستقرار العالمي. يجب أن يتم التصدي له بقوة من قبل المجتمع الدولي من خلال تعزيز الوعي، وتقديم الدعم للضحايا، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
من الضروري أن تواصل المنظمات والناشطون تكثيف جهودهم لتوعية العالم بخطورة الانتهاكات الجسيمة التي تحدث في الحرب السودانية، بما في ذلك الجرائم الجنسية مثل الاغتصاب. هذه الجهود تشمل توثيق الانتهاكات، ونشر القصص والشهادات، وضغط المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات فعالة لمحاسبة المسؤولين وحماية المدنيين. إن إلقاء الضوء على هذه الجرائم والضغط المستمر من قبل المجتمع الدولي يمكن أن يسهم في تحقيق العدالة ومنع تكرار مثل هذه الفظائع في المستقبل. تظل مهمة إيصال صوت الضحايا والتأكيد على معاناتهم ضرورة ملحة لتحفيز العالم على التحرك الفوري لوقف هذه الانتهاكات وإنهاء الحرب.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الاغتصاب فی الحرب المجتمع الدولی الحرب الأهلیة العنف الجنسی مما یؤدی إلى هذه الجرائم الاغتصاب ی بما فی ذلک فی النزاع العدید من یمکن أن ی

إقرأ أيضاً:

هل تذكي العملات المهترئة العنف في السوق المحلي؟

بين ركام المنازل والخيام المتهالكة، داخل سوق معسكر الشاطئ غرب مدينة غزة ، يسير المواطن محمد الحسيني (28 عاما) بخطوات متثاقلة نحو بائع الخضار. تحت أشعة الشمس الملتهبة، وجبينه يتصبب عرقاً محاولاً إقناع بائع البسطة أخذ ورقة نقدية من فئة " 20شيقل" ، تبدو قديمة، لتبوء محاولته بلا جدوى.

"يا بتشوف غيرها يا بتمشيها بمعرفتك يا معلم هاي ما بتمشي"، تلك العبارة التي أصبحت تكرر صباحاً ومساءً على ألسنة الباعة والسائقين، في وجه من يعرض عليهم العملة الورقية المهترئة.

وقال أحد المواطنين: "هالجملة صرت حافظها بصم اكتر من اسمي"، مشيراً إلى أنها تحولت إلى هاجس وكابوس يومي بين المواطنين في قطاع غزة بسبب منع تدفق السيولة بفعل الحرب وإغلاق المعابر، مما يعكس أزمة اقتصادية في ظل غياب البنوك المصرفية.

اهتراء العملات الورقية وتآكل المعدنية، جراء تناقلها بين الأيدي المرهقة منذ عامين من الحرب، خلق أزمة بين السكان وزاد من حدة الاحتقان في المعاملات المالية وبخاصة البيع والشراء.

وزادت تلك العملات من الأعباء الملقاة على كاهل السكان، وسط الغلاء الفاحش وانعدام فرص العمل، فكل ورقة مهما كانت قيمتها قليلة إلا أنها، قد تعني وجبة غداء كاملة، أو أجرة مواصلات ليومين، لعائلة لاحول لها ولا قوة، تحاول التعايش مع الواقع الأليم .

ونشب خلاف بين زبون وبائن على بسطة معلبات في سوق الزاوية وسط مدينة غزة، نتيجة عرض رفض الأخير التعامل مع فئة العشرين شيكل الورقية. وقال الزبون: "إذا كنتم ترفضون أن تتعاملون فيها نحن كمواطنين مغلوب على أمرهم من أين نأت لكم بالعملات السليمة؟.

وذلك ليس الخلاف الأول، ولن يكون الأخير، لاسيما أن المركبات أيضا باتت تشهد مشاحنات بين الركاب والسائقين على خلفية الامتناع عن تداول العملات المتهالكة.

وللتحايل على هذا الموضوع، برزت مهن جديدة في غزة ألا وهي مهنة مصلح العملات الورقية الذائبة أو المتهالكة.

أمام بسطةٍ صغيرة عل مفترق السرايا وسط مدينة غزة، يقول العم أبو وسيم ( 55 عاماً)، "حتى الورقة الدايبة بنردلها الروح وبتصير تقاوم زي الناس اللي بغزة بالزبط"، جاءت فكرة تصليح العملات الورقية بعد أن أصبح من المستحيل الحصول على عملة جديدة في السوق .

وبيّن أهمية هذه المهنة كبديل مؤقت حالياً، رغم أنّه لا غنى عن العملة السليمة، لكن يعين الناس على تجاوز المشكلات البسيطة ، بعد إجراء عمليات صيانة لها بشكل دقيق ( تلصيق ، تلوين ،ترميم) محاولةً إعادتها إلى حالة مقبولة للاستخدام اليومي .

ويرى الباحث الاقتصادي معين أبو شمالة أنّ العملة بغزة أصبحت رمزاً للأزمة المركبة، ليس فقط الاقتصادية، بل الاجتماعية، لأن التعامل بها بات مشحونا بالتوتر وعدم الثقة.

وأشارت سلطة النقد الفلسطينية، إلى نظام المدفوعات والحوالات الفورية وتنفيذ المعاملات المالية من خلال خدمات الدفع الإلكتروني الأمر الذي يواجه صعوبات عدّة خاصة في انقطاع الكهرباء والإنترنت عن معظم أنحاء القطاع.

ومع تزايد الأزمة الاقتصادية، يصبح المواطن الغزي عالق بين مطرقة حرب لا تنتهي وسندان عملة متهالكة، لتبقى " العملة الممزقة" صورة عن واقع تآكلت فيه الحياة كما تآكلت النقود.

ملاحظة : هذا النص مخرج تدريبي لدورة الكتابة الإبداعية للمنصات الرقمية ضمن مشروع " تدريب الصحفيين للعام 2025" المنفذ من بيت الصحافة والممول من منظمة اليونسكو.

المصدر : وكالة سوا - رغد الغصين اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين كيف أصبحت الطاقة الشمسية أكسجين الغزيين؟ بعد استقالة مديرها - "إغاثة غزة" تبدأ توزيع المساعدات في القطاع اليوم فتوح يدين مجزرة "حي الدرج" ويدعو إلى تدخل دولي لوقف العدوان الأكثر قراءة هذه ليست «أمّ المعارك» ولا آخرها انهيار غير مأسوف عليه نتنياهو: على إسرائيل أن تمنع حدوث مجاعة في غزة "لأسباب دبلوماسية" ألوية الناصر: استشهاد القائد أحمد سرحان بعد إفشاله عملية إسرائيلية خاصة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • العنف الجنسي في السودان.. خطر دائم على المواطنين في ظل الحرب
  • الإعدام شـ.نقا لـ متهم في إحدى قضايا العنف
  • الشهابي: جرائم الاحتلال تجري بدعم أمريكي وصمت دولي
  • اختتام أنشطة الدورات الصيفية في سحار بصعدة
  • نتنياهو: غزة سجن كبير وحدودها مغلقة.. ولا يمكن إطلاق سراح الرهائن دون نصر عسكري
  • نادين نسيب نجيم تلوّح باللجوء للقضاء بعد واقعة التحرش: "كفى كذبًا من أجل الترويج للشركة"
  • نيكوسور دان يؤدي اليمين رئيساً لرومانيا
  • “صمود” في كمبالا- محاولة لخلق طريق مدني ثالث وسط ركام الحرب السودانية
  • الحرب على كرسي السلطة الخالي
  • هل تذكي العملات المهترئة العنف في السوق المحلي؟