25 أغسطس، 2024

بغداد/المسلة: تعد مشكلة الكهرباء في العراق واحدة من أبرز القضايا التي تؤرق المواطنين وتثير استياءهم على مدار سنوات طويلة.

ورغم الثروات الطبيعية الهائلة والميزانيات الكبيرة المخصصة لهذا القطاع، إلا أن الوضع الكهربائي لا يزال يعاني من تدهور شديد.

ويعاني العراق من نقص حاد في الكهرباء مع تزايد الطلب عليها، مما يؤثر بشكل مباشر على الحياة اليومية للمواطنين ويعوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

وتتجلى معضلة الكهرباء في العراق من خلال انقطاع التيار الكهربائي المستمر وعدم استقرار الشبكة الكهربائية، الأمر الذي يتسبب في استياء واسع بين المواطنين.

ويثير هذا الوضع تساؤلات عديدة حول كيفية إنفاق الأموال المخصصة لتحسين قطاع الكهرباء، خاصة مع التزايد المستمر في التخصيصات المالية لهذا القطاع.

وفي عام 2023، بلغت تخصيصات وزارة الكهرباء حوالي 15 تريليون دينار، بينما ارتفعت إلى حوالي 19 تريليون دينار في عام 2024. ومع ذلك، لا تزال مستويات إنتاج الطاقة في البلاد في أدنى مستوياتها.

المهندس الكهربائي المتقاعد، علي الحسين، تحدث عن الأسباب التي تؤدي إلى هذه الأزمة المتفاقمة قائلاً: “من خلال خبرتي في هذا المجال، يمكنني القول إن المشكلة الرئيسية تكمن في الفساد وسوء الإدارة. هناك مشاريع تم الإعلان عنها ولكنها لم تنفذ على أرض الواقع، وأخرى نفذت بتكاليف باهظة دون تحقيق نتائج ملموسة. بالإضافة إلى ذلك، هناك نقص في التخطيط الجيد وتوزيع غير عادل للطاقة المتوفرة، مما يؤدي إلى تضرر المناطق الأكثر احتياجاً للطاقة مثل كربلاء، التي استقبلت ملايين الزوار خلال الأربعينية ولم تتمكن من توفير كهرباء مستقرة”.

وأعرب المواطن أحمد العلي عن استيائه من الوضع الحالي قائلاً: “نحن ندفع ثمن سوء الإدارة والفساد. كيف يمكن أن ننفق كل هذه الأموال ولا نرى أي تحسن في وضع الكهرباء؟ أصبحت الحياة صعبة للغاية مع الانقطاعات المتكررة، وأطفالنا يعانون في الحر الشديد في الصيف والبرد القارص في الشتاء. نحن نطالب بمحاسبة المسؤولين وتقديم حلول جذرية لهذا الوضع الكارثي.”

الفساد وسوء الإدارة

تشير تصريحات عضو اللجنة القانونية النيابية، محمد الخفاجي، إلى وجود شبهات فساد كبيرة في إدارة ملف الكهرباء في العراق، حيث وصف تخصيصات وزارة الكهرباء بأنها “سرقة قرن”.

وطالب الخفاجي باستجواب وزير الكهرباء للتحقيق في وضع الطاقة المتردي في البلاد، وهو ما يعكس حالة من الاستياء العام من الأداء الحكومي في هذا المجال. الفساد وسوء الإدارة لا يتوقفان عند حدود الإنفاق غير الفعال، بل يمتدان إلى عدم وجود آليات رقابة فعالة تضمن توجيه الأموال بشكل صحيح وتنفيذ المشاريع بكفاءة.

و مع استمرار تدهور وضع الكهرباء في العراق، يظل الحل بعيد المنال ما لم تتم مواجهة الفساد وسوء الإدارة بجدية. هناك حاجة ماسة لإصلاحات هيكلية شاملة في قطاع الكهرباء تتضمن وضع خطط استراتيجية طويلة الأمد وتفعيل دور الرقابة والمحاسبة لضمان تحسين خدمات الكهرباء للمواطنين فيما العراق بحاجة إلى قيادة حكيمة وقرارات جريئة لإنقاذ هذا القطاع الحيوي من الأزمات المستمرة وتحقيق التنمية المستدامة.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: الکهرباء فی العراق

إقرأ أيضاً:

التصعيد الإيراني ـ الإسرائيلي يُفرمل الخروج الأميركي من أرض الرافدين

16 يونيو، 2025

بغداد/المسلة: ظهر مجددا ملف الوجود العسكري الأجنبي في العراق كعنوان رئيسي للنقاشات السياسية والأمنية، مع تصاعد التوترات الإقليمية بين طهران وتل أبيب، وإعلان خطط الانسحاب الأميركي التدريجي بحلول 2026.

ويُعرقل التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل خطط الانسحاب الأميركي من العراق، مع تحوّل الساحة العراقية إلى جزء من معادلة الردع الإقليمي غير المعلنة.
ويُخشى في واشنطن من أن يؤدي الخروج المتسرع إلى فراغ تستغله القوى المعادية للولايات المتحدة أو خلايا التنظيمات المتطرفة.

ويُعيد التوتر الإقليمي ترتيب أولويات الإدارة الأميركية، التي باتت تفضل البقاء الاستخباري واللوجستي المؤقت كضمانة لاستقرار هش في المنطقة.

ويُراقب العراق هذه التحولات بقلق، مدركًا أن أمنه الداخلي بات رهينًا لصراعات لا تُدار من بغداد، لكنه يسعى لتثبيت معادلة السيادة المشروطة.

وأكد مسؤولون عراقيون أن القوات العراقية باتت على درجة عالية من الجهوزية، معززة بتدريبات نوعية وتكنولوجيا متقدمة، مستفيدة من الدعم الأميركي والأوروبي الذي استمر لقرابة عقدين.

وانتقد نواب في البرلمان ما وصفوه بـ”العرقلة المقصودة” لتزويد العراق بمنظومات دفاع جوي متطورة، لافتين إلى أن واشنطن لم توافق حتى الآن على بيع منظومات “باتريوت” أو “ناسامز”، رغم الطلبات الرسمية المتكررة منذ 2019.

وشددت التصريحات الحكومية على أن الخطة المعلنة تستهدف انسحابا منظما لا يُحدث فراغا أمنيا، فيما كشفت مصادر غربية أن عدد القوات الأميركية في العراق لا يزال يتراوح بين 2,500 و2,700 جندي، يتركزون في قواعد عسكرية ضمن مهمة التحالف الدولي.

وأفاد دبلوماسيون أن واشنطن تسعى لإعادة تموضع قواتها في المنطقة من خلال تعزيز الحضور الاستخباري واللوجستي في أربيل، دون التورط مجددا في عمليات ميدانية، في وقت تشهد فيه سوريا انسحابا تدريجيا لقوات التحالف، مع الحفاظ على وجود رمزي في التنف ودير الزور.

وأشار نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي إلى أن الاتفاقية الإطارية الموقعة مع واشنطن عام 2008 ما زالت تمثل الأساس القانوني لأي وجود عسكري أميركي، محذرا من أن أي وجود خارج هذا الإطار سيكون موضع رفض سياسي وشعبي واسع.

ورأى مراقبون أن الانسحاب الكامل يبدو مؤجلا بفعل التطورات الإقليمية، خصوصا بعد التصعيد الأخير في غزة، الذي دفع الإدارة الأميركية إلى مراجعة خياراتها في الشرق الأوسط، وسط ضغوط داخلية تطالب بتقليص الانخراط الخارجي.

وأكد خبراء عسكريون أن العراق بات يعتمد على قواته المسلحة بدرجة كبيرة، مشيرين إلى أن جهاز مكافحة الإرهاب والفرقة الذهبية والشرطة الاتحادية تواصل تنفيذ عمليات نوعية ضد فلول تنظيم داعش، الذي خسر نحو 95% من قدراته منذ عام 2017 بحسب تقارير استخباراتية محلية.

وأظهرت بيانات وزارة الدفاع العراقية أن البلاد نفذت أكثر من 400 غارة جوية ضد أهداف إرهابية خلال عام 2024، باستخدام طائرات “إف-16″ و”سكان إيغل” المسيرة، في إطار استراتيجية أمنية داخلية متكاملة تعتمد على الجهد الاستخباري المحلي.

وانطلقت مباحثات عراقية أوروبية جديدة مطلع 2025 حول اتفاقيات تعاون ثنائي في مجالات الدفاع والصناعات العسكرية، تشمل برامج تدريب وتبادل خبرات وتحديث منظومات التسليح، في ظل رغبة بغداد في تقليل الاعتماد على حلف الناتو دون خسارة الدعم الفني اللازم.

وأجمع محللون سياسيون على أن مستقبل الشراكة الأمنية مع الغرب بات رهن معادلة دقيقة: تعزيز السيادة من جهة، والحفاظ على الاستقرار عبر تنسيق أمني غير قتالي من جهة أخرى، خصوصا في ظل ملفات إقليمية مفتوحة مثل سوريا واليمن ولبنان.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • تحولات استراتيجية تؤثر على العراق بعد الانسحاب الأمريكي من سوريا 
  • صوت الواقعية في زمن القنابل..الانتخابات على الأبواب والمدافع خلف الجدار
  • المالكي للسفير الإيراني: العراق يقف الى جانبكم
  • 100 دينار شهرياً سقف مكافآت عضوية مجالس الإدارة للموظفين
  • إسرائيل تدمن انتهاك الأجواء العراقية: من 1981 إلى 2025
  • التصعيد الإيراني ـ الإسرائيلي يُفرمل الخروج الأميركي من أرض الرافدين
  • تحذير من انهيار الكهرباء في وسط العراق بسبب تراجع الغاز الإيراني
  • سفارة واشنطن لدى العراق تحذر من ازدياد احتمالات استهداف الأميركيين
  • العراق: إغلاق مضيق هرمز قد يرفع برميل النفط إلى 300 دولار
  • الإعلام وصناعة الأوهام والآثام