أبوظبي لخدمات البيانات الصحية تطلق مركز الصحة الرقمية الأردني
تاريخ النشر: 16th, October 2025 GMT
أطلقت شركة أبوظبي لخدمات البيانات الصحية، التابعة لمجموعة “M42″، مركز الصحة الرقمية “المستشفى الافتراضي” في المملكة الأردنية الهاشمية، وذلك بالشراكة مع شركة “بريسايت” التابعة لمجموعة “G42″، ووزارة الصحة الأردنية، ووزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، في خطوة رائدة على صعيد التحول الرقمي في قطاع الرعاية الصحية.
ويُعدّ المركز الجديد، الذي يربط خمسة مستشفيات نائية بمركز قيادة وتحكّم مركزي في مدينة السلط، نقلة نوعية في مجال الصحة الرقمية في الأردن، حيث يسهم في تعزيز الوصول إلى الخدمات الصحية التخصصية وتقليل أوقات التشخيص وتمكين المرضى من تلقي الرعاية بالقرب من منازلهم.
ويأتي تنفيذ المشروع في إطار شراكة موسّعة بين القطاعين العام والخاص، تهدف إلى دعم مسيرة التحول الرقمي لقطاع الرعاية الصحية في الأردن، وتسريع وتيرة الابتكار والارتقاء بجودة الخدمات الطبية في أنحاء البلاد.
وأحدثت المبادرة تحولًا ملموسًا في أسلوب تقديم الرعاية الصحية من خلال ثلاث خدمات رئيسية تشمل الرعاية المركّزة عن بُعد، والغسيل الكلوي عن بُعد، والأشعة التشخيصية عن بُعد، ففي السابق، كانت تقارير التصوير التشخيصي تحتاج إلى ما يصل إلى 14 يوما لإتمامها، في حين تنجز الآن خلال أقل من يومين، أي بانخفاض قدره 85% في الوقت اللازم للإنجاز.
ومكّنت خدمة الغسيل الكلوي عن بُعد ستة أطباء متخصصين في أمراض الكُلى من تقديم الرعاية الافتراضية لعدد من المرضى يفوق خمسة أضعاف ما كان ممكنًا سابقًا، بعد أن كانت خدماتهم تقتصر على 32 مستشفى من خلال ترتيبات سفر مكلفة.
ومن خلال خدمة الرعاية المركّزة عن بُعد، تُرسل المؤشرات الحيوية للمرضى في الوقت الفعلي إلى فرق طبية متخصّصة في مدينة السلط؛ حيث تُصدر أنظمة الفرز المدعومة بالذكاء الاصطناعي تنبيهات فورية تحدد الحالات الطارئة، ما يتيح المراقبة المستمرة دون الحاجة إلى نقل المرضى إلى العاصمة، مع ضمان حصولهم على الرعاية اللازمة في الوقت المناسب.
وقال معالي المهندس سامي سميرات، وزير الاقتصاد الرقمي والريادة في الأردن، إن المركز يشكل خطوة إستراتيجية ضمن رؤية التحديث الاقتصادي، من خلال ربط المستشفيات ببنية تحتية رقمية متطورة تسهم في تحسين حياة المواطنين ودفع مستقبل أكثر ذكاءً واستدامة، موضحا أن الوزارة تعمل على تسخير التكنولوجيا وتعزيز كفاءة الخدمات الحكومية عبر تطوير بنية رقمية شاملة تربط مركز الصحة الرقمية بنظام الحوسبة الصحية والمستشفيات الطرفية.
من جانبه، أكد معالي الدكتور إبراهيم البدور، وزير الصحة الأردني، أن المشروع لا يقتصر على توظيف الأدوات الرقمية الحديثة، بل يمثل تحولاً نوعيًا عميق الأثر في رفع كفاءة النظام الصحي وضمان الاستخدام الأمثل للموارد، مشيرًا إلى أنه يعكس التزام الحكومة بحق الإنسان في الحصول على الرعاية الصحية عالية الجودة في أي مكان وزمان.
من جهته أوضح كريم شاهين، الرئيس التنفيذي لمنصة الحلول الصحية الرقمية لدى مجموعة “M42″، أن هذا الإنجاز يجسّد ثمرة التعاون بين الابتكار التكنولوجي والعمل المؤسسي الطموح؛ إذ يشكل المركز الافتراضي محطة بارزة في مسيرة التحول الرقمي الصحي.
بدوره أكد الدكتور عادل الشرجي، المدير التنفيذي للعمليات في شركة بريسايت، أن المبادرة تُجسد رؤية الشركة في تسخير الذكاء الاصطناعي التطبيقي لخدمة الإنسان وتمكينه من الحصول على رعاية طبية متقدمة دون قيود المكان أو الزمان، مشيرًا إلى أن المشروع يمثل نموذجًا عمليًا للتحول الرقمي في القطاع الصحي.وام
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
عُمان الرقمية.. اقتصاد يقوده الابتكار والتحول الرقمي
عارف بن خميس الفزاري **
تخطو سلطنة عُمان بثبات نحو بناء اقتصادٍ رقمي (Digital Economy) يواكب التحولات العالمية المُتسارعة في مجالات التقنية والذكاء الاصطناعي، ويُسهم في تحقيق رؤية "عُمان 2040" التي تستهدف تنويع مصادر الدخل وتعزيز الاقتصاد القائم على المعرفة والتقنية والابتكار. وقد وضعت سلطنة عُمان هذا التوجه في صميم استراتيجياتها الوطنية عبر البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي الذي تشرف عليه وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، بوصفه خريطة طريقٍ طويلة المدى للتحول نحو اقتصادٍ رقمي متكامل ومُستدام.
يرتكز البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي على ثلاث ركائز رئيسة هي: الحكومة الرقمية ورقمنة الأعمال والمجتمع الرقمي، تمثل جميعها منظومةً مترابطة تهدف إلى تحويل الخدمات الحكومية إلى خدمات ذكية ومتكاملة وتمكين القطاع الخاص من تبني الحلول الرقمية وتعزيز جاهزية المجتمع العُماني في التعامل مع متطلبات الثورة الصناعية الرابعة (4.0)، وبما أنه من المؤمل أن يصبح الاقتصاد الرقمي رافدًا رئيسًا في هيكل الاقتصاد العُماني، فإن سلطنة عُمان تهدف إلى رفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 10% بحلول عام 2040.
وفي ضوء ما تحقق خلال السنوات الأخيرة، تواصل سلطنة عُمان ترسيخ أسس التحول الرقمي وتعزيز جاهزيتها للمستقبل التقني. ويمثل هذا التوجه نقلة نوعية في مسيرة التنمية في سلطنة عُمان، إذ تسعى الحكومة من خلال محاور البرنامج إلى تعزيز الابتكار ورفع كفاءة الأداء الحكومي وتحسين جودة الخدمات وتوفير بنية أساسية رقمية متقدمة. وقد حققت سلطنة عُمان تقدمًا ملموسًا في عددٍ من المؤشرات الدولية، إذ جاءت في المرتبة 45 عالميًا في مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي والمرتبة 41 في مؤشر تطوير الحكومة الإلكترونية، كما صنفت ضمن الفئة الأولى عالميًا في مؤشر الجاهزية للأمن السيبراني، وحصلت على المرتبة 50 في مؤشر جاهزية الشبكات لعام 2024.
ويُنفذ البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي على أربع مراحل، تبدأ بالحكومة الرقمية المتكاملة التي تركز على التحول الرقمي الحكومي وتبسيط الإجراءات وتبادل البيانات بين المؤسسات، ثم مرحلة رقمنة أهم القطاعات الاقتصادية كالنقل واللوجستيات والصناعة والسياحة والتعليم، تليها مرحلة تصدير خدمات الاقتصاد الرقمي، وصولًا إلى المرحلة النهائية المتمثلة في تحقيق اقتصاد رقمي قادر على المنافسة اقليميًا وعالميًا واستقطاب الاستثمارات التقنية.
ومن أبرز ممكنات هذا التحول، البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية المتقدمة الذي أُطلق في 2023، ويشمل 32 مشروعًا تُنفذها مؤسسات حكومية متعددة. ويركز البرنامج على تعزيز وتبني الذكاء الاصطناعي في القطاعات الاقتصادية والتنموية وتوطين تقنياته وضمان الاستخدام الأخلاقي والآمن لها. وقد أُنشئت ضمن هذا الإطار مبادرات نوعية مثل مشروع معين، وهو نموذج لغوي عُماني يخدم المؤسسات الحكومية واستوديو الذكاء الاصطناعي ومبادرة صُناع الذكاء الاصطناعي والبوابة الوطنية للبيانات المفتوحة (www.opendata.gov.om) التي تضم بيانات من أكثر من 40 مؤسسة حكومية.
وشهدت سلطنة عُمان تأسيس مركز الثورة الصناعية الرابعة (4.0) بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي وإطلاق تحالف الذكاء الاصطناعي الأخضر الذي يضم 34 شركة ومؤسسة حكومية، بهدف تعزيز الاستثمارات في مشاريع الذكاء الاصطناعي والطاقة المُستدامة. وفي السياق ذاته، تم الإعلان عن منطقة مخصصة للذكاء الاصطناعي بالقرب من مطار مسقط الدولي لتكون مركز جذبٍ للشركات التقنية الإقليمية، إلى جانب مشروع مثلث عُمان الرقمي الذي يهدف إلى إنشاء مناطق متكاملة لاستضافة مراكز بيانات (Data centers) تعمل بالطاقة الخضراء.
ورغم هذه المنجزات، فإنَّ الطريق نحو التحول الرقمي الكامل لا يخلو من التحديات، أبرزها الحاجة إلى تسريع التحول المؤسسي ورفع جاهزية الكفاءات الوطنية التقنية وتعزيز التكامل بين مؤسسات القطاع الحكومي والقطاع الخاص، فضلًا عن مواكبة التطورات التشريعية والتنظيمية في المجالات التقنية المتقدمة. ومع ذلك، فإن الخطط الوطنية الطموحة والبرامج التنفيذية الجاري تطبيقها تُظهر التزام سلطنة عُمان بتحقيق هذا التحول بوتيرة مدروسة ومُستدامة.
إنَّ رؤية عُمان الرقمية لم تعد طموحًا مستقبليًا، بل أصبحت مسارًا استراتيجيًا مدعومًا بإرادة سياسية وتخطيط مؤسسي ورؤية اقتصادية بعيدة المدى. ولرفع نسبة مساهمة الاقتصاد الرقمي في هيكل الاقتصاد العُماني، يتطلب الأمر توطين الصناعات التقنية والتقنيات المتقدمة (بما فيها الذكاء الاصطناعي) وتمكين الكوادر الوطنية وتدريبها، إضافة إلى تهيئة البيئة الداعمة لشركات التقنية وشركات الذكاء الاصطناعي الناشئة (AI Startups)، من خلال سن التشريعات وصياغة السياسات وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص والمؤسسات الأكاديمية والبحثية. ومع استمرار تنفيذ البرامج الوطنية في الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي، تمضي سلطنة عُمان بخطى واثقة نحو بناء اقتصاد قائم على المعرفة والتقنية والابتكار، يضع الإنسان والتقنية في قلب التنمية، لتحقيق مستهدفات رؤية "عُمان 2040".
** باحث في المعرفة