محللون: أهداف يمينية وعسكرية وراء توسيع الاحتلال ممر نتساريم
تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT
قال خبراء سياسيون وعسكريون إن هناك جملة من الأهداف السياسية والعسكرية وراء توسيع جيش الاحتلال الإسرائيلي محور نتساريم -الذي يفصل شمالي قطاع غزة عن وسطه وجنوبه- بعضها مرتبط بخطة اليمين الإسرائيلي.
ووفق الخبير بالشؤون الإسرائيلية محمود يزبك، يعتبر توسيع ممر نتساريم إنجازا يصب في الخطة التي رسمها اليمين الإسرائيلي بتقسيم القطاع والبقاء في محور فيلادلفيا لفصل غزة عن العالم العربي، إلى جانب تقليل عدد السكان في شمالي القطاع لأقل عدد ممكن.
ويضيف يزبك -خلال حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- أن اليمين الإسرائيلي يسعى لإقامة المستوطنات مجددا شمالي القطاع، ودفع أكبر قدر ممكن من الفلسطينيين بين محوري نتساريم وفيلادلفيا.
وبناء على ذلك، يريد اليمين الإسرائيلي حربا دائمة من أجل الاستمرار بتطبيق هذه الخطة، فضلا عن أن أسهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تزداد كلما طال أمد الحرب.
ويعتقد أن نتنياهو مرتاح حاليا من وضعه السياسي، بعدما روّج داخل المجتمع الإسرائيلي بأنه الوحيد القادر على مجابهة التحديات، في حين كان الفشل عنوان الجيش الإسرائيلي.
أهداف بالجملة
بدوره، يقول الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إن توجه القيادة السياسية الإسرائيلية بشأن توسيع نتساريم يأتي لتحقيق مجموعة من الأهداف من بينها المحافظة على الفصل بين شمالي القطاع وجنوبه، فضلا عن التحكم بعودة النازحين.
كما يحرم وجود الاحتلال قطاع غزة من 26 كيلومترا مربعا من الأراضي الزراعية -وفق الدويري- الذي قال إن جزءا كبيرا من سلة غذاء غزة باتت مهددة مع توسيع نتساريم.
ويبرز من ضمن الأهداف، تأمين سلامة القوات الموجودة فيه، إذ ثبت أنه غير آمن تاريخيا وعانت قوات الاحتلال فيه، حيث استحضر الدويري عمليات قصف المقاومة المكثفة للمحور عبر صواريخ رجوم وكاتيوشا وقذائف الهاون.
ووفقا لذلك، كان لا بد من زيادة عرض نتساريم من كيلومترين مربعين إلى 4 لجعل القوات الإسرائيلية في مأمن، وتخفيف عمليات الاحتكاك المباشر والتقليل من معركة المسافات القصيرة، كما يقول الدويري.
وأكد أن ما يحدث ترجمة للإرادة السياسية الإسرائيلية بالبقاء في محوري نتساريم وفيلادلفيا وجل المناطق الزراعية بما يعادل 100 كيلومتر مربع من أصل 360 كيلومترا مربعا هي مساحة القطاع الإجمالية.
وخلص إلى أن الهدف البعيد لتوسيع نتساريم يكمن في إعادة الاستيطان بغزة، لكن عسكريا فإن الهدف الأبرز هو حماية القوات وتخفيض درجة الخطورة، مؤكدا أنه سيبقى منطقة استنزاف ولكن بوطأة أخف.
هدفان مرتبطان بالحربمن جانبه، يعتقد الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي سعيد زياد أن احتلال نتساريم جاء لتحقيق هدفين اثنين مرتبطين باستمرار المعركة الحالية، وهما منع عودة النازحين من الجنوب للشمال، وتوفير موطئ عملياتي متقدم لتسهيل حركة القطاعات والوصول إلى عمق غزة.
وتساءل زياد عن كيفية تأقلم الاحتلال مع قصف المقاومة المكثف لنتساريم، خاصة أن الأخيرة تملك قدرات أكبر بكثير مما كان لديها قبيل الانسحاب الإسرائيلي عام 2005، حيث تكبد 10 قتلى آنذاك مقابل 28 قتيلا خلال 10 أشهر من الحرب الحالية.
وأشار إلى أن هذه الكلفة غير محتملة للاحتلال، مؤكدا أن أي إجراء دفاعي بتوسيع المحور وبناء تحصينات لن يقلق المقاومة، حيث سينسحب منه طال الزمان أم قصر.
ولم يستبعد زياد أن تشهد عمليات كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- في نتساريم تطورا مثل عملية الإغارة الأخيرة، مشيرا إلى أن المقاومة قد تشن هجوما مضادا عبر لواءي الوسطى وغزة لدحر القوات الموجودة هناك.
ويعتقد أن أي تصور لنتنياهو لإعادة احتلال غزة نابع من فشل كافة السيناريوهات السابقة كالنصر المطلق والحسم الكامل واستبدال قوة خائنة بقوة حماس العسكرية والحكومية.
وخلص إلى أن نتنياهو يحاول مغازلة اليمين الإسرائيلي بتسويقه أن البقاء بفيلادلفيا إنجاز إستراتيجي وأيديولوجي، لكنه قال إنها مجرد عقبة لنسف المفاوضات، حيث يتحرك في خطابه وفق مصلحته الشخصية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الیمین الإسرائیلی إلى أن
إقرأ أيضاً:
لانا.. طفلة فلسطينية شيبتها الإبادة الإسرائيلية
داخل خيمة مهترئة على أطراف أحد مخيمات النزوح بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، تجلس الطفلة الفلسطينية لانا الشريف متشبثة بما تبقى من طفولتها بعد 19 شهرا من حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل عاشت خلالها صدمات قاسية وأفقدتها معظم حقوقها.
فلم ينجح القميص الوردي الذي ترتديه الشريف وطبع عليه شخصية ميكي ماوس الكرتونية في إضفاء قليل من الفرحة على ملامحها التي بدت مثقلة بالحزن بعدما وُشم جسدها بندوب بيضاء أشبه بمرض البهاق وفق تقدير أطباء بغزة.
وعبر مرآة صغيرة، تتأمل الطفلة لانا شكلها الذي غيرته حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة إذ غزا شعرها الشيب الأبيض وهي لم تتجاوز سنواتها العشر بسبب تعرضها للخوف الشديد.
وتقول للأناضول بصوت يلفه الحزن: "كنت قبل الحرب حلوة"، في إشارة إلى تأثر حالتها النفسية بهذا المرض الذي لم يستجب للعلاج بغزة، معربة عن أملها بالسفر للخارج لاستعادة ملامحها الطفولية، كما أكد لها أطباء حاجتها إلى ذلك.
والأسبوع الماضي، قالت متحدثة منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس، في تصريحات نقلها بيان لوكالة الأونروا الأممية، إن أكثر من 10 آلاف و500 مريض في غزة بحاجة لإجلاء طبي عاجل، بينهم 4 آلاف طفل، تحول الإبادة الإسرائيلية المتواصلة دون مغادرتهم من القطاع.
إعلانوتواصل إسرائيل حرب إبادة واسعة ضد فلسطينيي قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 بما يشمل القتل والتدمير والتجويع والتهجير القسري، متجاهلة كافة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت تلك الحرب التي تدعمها الولايات المتحدة أكثر من 172 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
وعن إصابتها تقول الطفلة لانا إن هذه البقع بدأت الظهور تدريجيا على جسدها قبل عام ونصف حينما قصفت مقاتلات إسرائيلية منزلا مجاورا لبيتها في مدينة رفح جنوب القطاع.
وأضافت أنه بعد يومين من القصف ظهرت على وجهها أول بقعتين بلون أبيض بعدما تعرضت لحالة خوف شديد جراء القصف الإسرائيلي.
وفي وقت لاحق، تعرضت الطفلة لحالة هلع أخرى تسببت بزيادة البقع البيضاء على جسدها ومن ثم انتشارها في ظل عدم استجابة حالتها للأدوية التي وصفها أطباء.
حالة نفسيةهذه الحرب لم تترك ندوبا على جسد الطفلة ووجهها فحسب بل دفعتها أيضا إلى العيش في خيمة تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة وسط ظروف إنسانية متردية.
وهي تجلس داخل الخيمة، تقول الشريف إنها جميلة وتهوى الرسم فترسم الأشجار والزهور على الورق رغم الظروف الصعبة التي يمرون بها.
وأعربت عن أملها بالعودة إلى المنزل وانتهاء حرب الإبادة قريبا فضلا عن شفائها من هذا المرض الذي غيّر ملامحها الجميلة.
وأشارت إلى أمنيتها بالسفر من أجل تلقي العلاج المناسب الذي حرمت منه في غزة جراء تدمير إسرائيل للمستشفيات وإغلاقها للمعابر ومنعها دخول الأدوية والمستلزمات والأجهزة الطبية.
بدوره، يقول خليل الشريف، والد الطفلة، إن هذا المرض بدأ مع لانا جراء إصابتها بالهلع إثر قصف إسرائيلي مجاور لمنزلهم في مدينة رفح قبل عام ونصف.
إعلانوتابع للأناضول: بعد يومين من القصف ظهرت بقعتان بيضاوان، ومن ثم انتشر المرض.
وأوضح أن الأطباء رجحوا أن تكون هذه البقع ناجمة عن إصابة الطفلة بمرض البهاق، لكن الأعراض لا تتطابق مع ذلك، من دون الإشارة لأعراض صحية أخرى.
وذكر أن الطفلة لم تستجب للأدوية والعلاجات في غزة، لافتا إلى أنها وفق قول الأطباء تعاني حالة نادرة تستدعي السفر للعلاج بالخارج.
معاناة مركبةوعن الوضع الصحي للطفلة، يقول الشريف إن لانا تعاني جراء اجتماع عدة عوامل منها وضعها النفسي الصعب جراء إصابتها بهذا المرض يضاف إليه نقص العلاج وتعرضها لسوء تغذية بسبب المجاعة المنتشرة في القطاع.
ويضيف أن لانا بعد أن كانت مليئة بالحياة والحيوية قبل الحرب، أصبحت اليوم طفلة منطوية ترفض الحديث مع الآخرين.
إلى جانب ذلك، فقد تأثرت الطفلة لانا بالحياة الصعبة في خيام النزوح إذ باتت تمضي معظم أوقاتها بين طوابير الحصول على مياه أو وجبات طعام مجانية من التكايا، وفق قوله.
وأكد أن هذه الظروف القاسية مع سوء التغذية الذي تمر به كسائر سكان القطاع تضاعف حالة الهزال التي تعانيها، فضلا عن وضعها النفسي بسبب المرض والحرب.