تونس- رفضت هيئة الانتخابات تنفيذ قرارات المحكمة الإدارية بإرجاع 3 مترشحين لسباق الانتخابات الرئاسية، كانت أسقطتهم الهيئة أوليًا بدعوى عدم استيفاء الشروط، مما جعل البعض يتهمها بالدوس على القانون والمؤسسات لتعبيد الطريق أمام الرئيس قيس سعيد لولاية ثانية.

وبرر رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر خلال نقطة إعلامية اليوم بثت مباشرة على التلفزيون الرسمي، دون أن يُستدعى إليها الصحفيون، أن المحكمة لم ترسل أحكامها إلى الهيئة في ظرف 48 ساعة من صدور قراراتها، وأن المرشحين تلاحقهم قضايا تزوير تزكيات.

والمرشحون الثلاثة -الذين قبلت المحكمة الإدارية طعونهم ضد الهيئة بينما أصرت بدورها على استبعادهم- هم القيادي السابق بحركة النهضة عبد اللطيف المكي، والقيادي السابق بحزب المؤتمر من أجل الجمهورية عماد الدائمي، والوزير السابق قبل الثورة منذر الزنايدي، وهم جميعا معارضون لسياسة الرئيس سعيد.

وكانت هيئة الانتخابات قد رفضت ملفات المرشحين الثلاثة في بداية فترة التقديم لها لعدة اعتبارات منها: عدم تقديمهم بطاقة السوابق العدلية، أو عدم جمع العدد الكافي من التزكيات، أو عدم توزيعها بالعدد المطلوب حسب الدوائر الانتخابية.

لكن المرشحين طعنوا في قرارات هيئة الانتخابات لدى المحكمة الإدارية المخولة قانونا بفض النزاعات الانتخابية بين الهيئة والمرشحين، حيث قدموا الأدلة على وجود تضييقات كبيرة على ترشحاتهم وأثبتوا سلامة ملفاتهم، وهو ما جعل المحكمة تعيدهم للسباق الانتخابي، لكن دون جدوى.

"وصاية على الناخبين"

وصف المعارض والقيادي في حزب التيار الديمقراطي، هشام العجبوني، قرار هيئة الانتخابات الرافض لإعادة إدراج هؤلاء المرشحين بالسباق الانتخابي بأنه "انقلاب على قرار المحكمة الإدارية الضامنة لسلامة العملية الانتخابية، وانقلاب على إرادة الناخبين".

وقال العجبوني للجزيرة نت، إن هيئة الانتخابات نصبت نفسها "وصية على إرادة الناخبين"، لأنها قامت باختيار مرشحين وإقصاء آخرين، بحجج واهية ودون وجود أحكام قضائية ضدهم، منتقدا تبريرها لإقصائهم بوجود قضايا منشورة ضدهم بتزوير تزكيات، "رغم أنها غير نهائية".

وواجه العديد من المرشحين -سواء الذين رفضت الهيئة ملفاتهم أو قبلتها- العديد من القضايا المتعلقة بتزوير الانتخابات، لكن قضاياهم لم يصدر بشأنها حكم قضائي نهائي يمنعهم من الترشح.

وفي آخر هذه الحالات، قامت فرقة أمنية اليوم باعتقال المرشح العياشي الزمال، بشبهة تزوير تزكيات، وتم تمديد فترة توقيفه 48 ساعة، بعد أن قدم نفسه بديلا للرئيس سعيد تحت شعار "لنطوي الصفحة"، وأعلن عن تعليق رئاسته في حركة "عازمون" سعيا لتجميع القوى السياسية من حوله، كما تم مؤخرا سجن أمينة مال حزبه بشبهة تزوير التزكيات.

وحول تبعات قرار هيئة الانتخابات، يرجح العجبوني أن يطعن المرشحون الثلاثة الذين تم استبعادهم في قرارها الأخير، لدى المحكمة الإدارية لوقف تنفيذ قراراتها، مضيفا أنه من "المفروض أن تحكم المحكمة لصالحهم، ولكن البلاد ستدخل في صراع قانوني وفي نفق مظلم للأسف".

وحتى إن فاز الرئيس المنتهية ولايته مجددا في الانتخابات المفترض إجراؤها في السادس من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، يقول العجبوني فإنه "سيكون رئيسا غير شرعي، ولن يتمتع بأي مشروعية"، متهما إياه باستغلال كل أجهزة الدولة لإقصاء خصومه، ليبقى رئيسا رغم فشله.

جريمة تستوجب العقاب

من جانبه، يقول المحامي والناشط الحقوقي العياشي الهمامي للجزيرة نت ردا على قرار هيئة الانتخابات رفض جميع أحكام المحكمة الإدارية واستبعاد المرشحين الثلاثة من سباق الانتخابات، إن الهيئة ارتكبت جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن، وبغرامة لعدم تنفيذ قرارات قضائية.

وحول تبرير هيئة الانتخابات لرفضها تطبيق قرارات المحكمة الإدارية، بحجة عدم احترام موعد إرسال أحكامها في ظرف 48 ساعة، يقول العجبوني إن الهيئة قدمت تبريرات واهية مردودة عليها، باعتبار أن المحكمة الإدارية سلمت شهادة في منطوق الحكم في الآجال القانونية.

وينص الفصل 23 من القانون الانتخابي أن تتولى هيئة الانتخابات تنفيذ الأحكام الصادرة عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية، شرط توصلها بالحكم أو بشهادة بمنطوق الحكم، وكان الناطق باسم المحكمة قد أكد أنها سلمت شهادة بمنطوق الحكم في الآجال القانونية.

ويضيف الهمامي للجزيرة نت أن قرار هيئة الانتخابات هو "اغتصاب لإرادة التونسيين، وإلغاء غير مباشر للانتخابات، وتنفيذ لإرادة السلطان"، معتبرا أن الهيئة ارتكبت "جريمة لفائدة الرئيس سعيد، الذي يرفض أن تتم منافسته بجدية في الانتخابات، لأنه يعتقد أنه الوحيد الذي يمتلك الحقيقة".

لكن المحامي يرى أن الرئيس سعيد انهزم في إجراء انتخابات تقع فيها منافسة شريفة مع بقية المترشحين، الذين كانوا في البداية 17 مترشحا، ولم يبق منهم سوى 3 فقط، قائلا "الظاهر أن سعيد سيبقى بمفرده في السباق، وبهذه اللحظة تصبح مقاطعة الانتخابات ضرورية".

وأعرب عن استيائه من النقصان الذي يحصل يوما بعد يوم في قائمة المرشحين، خاصة وأنه لم يبق في السباق سوى الرئيس قيس سعيد، وأمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي، ومؤسس حركة عازمون العياشي الزمال الذي تم توقيفه فجر الاثنين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المحکمة الإداریة

إقرأ أيضاً:

تدقيق المرشحين ضمانة الديمقراطية وحماية للعراق من اختراقات الماضي

10 أغسطس، 2025

بغداد/المسلة: تأتي قضية تدقيق قوائم المرشحين للانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق لتضع هيئة المساءلة والعدالة في قلب نقاش دستوري وقانوني وسياسي حيوي يتعلق بمدى قدرة الدولة على حماية الديمقراطية الناشئة من اختراقات قد تهدد جوهرها.

و أكد رئيس الهيئة باسم البدري في مقال أن عمل الهيئة لا ينطلق من منطلقات سياسية أو ضغوط انتخابية، بل يستند إلى قواعد قانونية صارمة وترسانة دستورية واضحة تنظم مسؤوليات الهيئة وأدوارها في تصفية آثار النظام السابق.

وبهذا المعنى فإن هيئة المساءلة ليست أداة للانتقام السياسي بل جهاز قانوني يراعي حقوق الإنسان والحريات ويحاول التوفيق بينها وبين متطلبات العدالة الانتقالية التي تستهدف عدم عودة ممارسات الأنظمة الشمولية السابقة.

ويمكن اعتبار العدول عن قرارات سابقة قضائية تصحيحًا منهجيًا يعكس نضج المؤسسة القضائية في التعامل مع ملفات معقدة تتطلب دقة ومراجعة مستمرة،

وهو دليل على مرونة القضاء العراقي واحترامه لمبادئ العدالة والإنصاف.

التمييز الدقيق بين العضوية الشكلية والفاعلية الحزبية يمثل خطوة متقدمة في محاربة التسييس والتعميم الذي قد يؤدي إلى إقصاء غير مبرر أو ظلم للمتهمين.

ويؤكد هذا التمييز أن المعايير ليست جازمة أو قاطعة بل قائمة على أدلة ومستندات يمكن الطعن فيها أمام هيئة تمييز قضائية مستقلة، ما يعزز من شرعية القرارات ويمنح المواطنين ثقة في عملية المساءلة.

وأكثر من ذلك، فإن دور الهيئة التمييزية القضائية المستقلة في النظر في الطعون يعكس قوة النظام القانوني العراقي وقدرته على ضبط الإقصاء السياسي، وإرساء قواعد عادلة تتناسب مع روح الدستور العراقي لعام 2005.

استقلال هذه الهيئة وعدم تسييس قراراتها هو ركيزة أساسية لمنع استخدام العدالة الانتقالية كأداة للاستقطاب السياسي أو الانتقام، بل كآلية لتحقيق مصالحة وطنية وحماية الحقوق الدستورية.

وفي هذا الإطار، فإن الهجمات الإعلامية والسياسية على الهيئة تضر بثقة الجمهور في مؤسسات الدولة وتضر أيضاً بعملية الانتقال الديمقراطي التي لا تزال في مراحلها الأولى.

اما عملية تدقيق المرشحين قبل الانتخابات فهي ضمانة حيوية لشرعية المؤسسات السياسية القادمة، وتعبير عن إرادة الدولة في بناء نظام ديمقراطي مستقر يحترم القانون ويحفظ الذاكرة الوطنية دون تأجيج لروح الانتقام أو الانقسام.

وهذه العملية القانونية المحكمة تعكس تقدمًا ملموسًا في تجربة العدالة الانتقالية العراقية التي لم تكن سهلة، إذ تراكمت من ورائها دروس وعبر سياسية وقانونية ينبغي استثمارها لتثبيت أسس الديمقراطية الحقة.

وبهذا تكون هيئة المساءلة والعدالة بمثابة درع دستوري يحمي المشهد السياسي من التدهور ويقنن قواعد التنافس، مؤكدًا أن الاستحقاقات الديمقراطية ليست مجرد انتخابات بل منظومة متكاملة من الإجراءات القانونية التي تضمن نزاهتها.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • “بلومبرغ”: البيت الأبيض يدرس 3 مرشحين رئيسيين لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي
  • الهيئة الوطنية تعلن نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ 2025 للمرحلة الأولي غدًا
  • تعلن محكمة النادرة الابتدائية أبناء طاهر سعيد الحضور الى المحكمة
  • تدقيق المرشحين ضمانة الديمقراطية وحماية للعراق من اختراقات الماضي
  • مفوضية الانتخابات تستبعد عدداً من المرشحين لتورطهم بجرائم قتل ورشوة واحتيال (وثائق)
  • الصحة تنظم زيارة لمستشار الرئيس الكولومبي لتفقد منشآت طبية بالقاهرة والعاصمة الإدارية
  • النقابة التونسية تدفع ثمن خياراتها السياسية
  • دمشق تعلن دعمها اللامركزية الإدارية وترد على تصريحات الهجري
  • ائتلاف المالكي يحذر من مرشحين فاسدين ويصف الوضع الانتخابي بـالفوضوي
  • الإستعداد لإجراء مقابلات القبول للطلبة المرشحين في برنامج الطب