لم يتفاجأ العشرات من المصطفين للحصول على وجبة خيرية في أحد أحياء مدينة أم درمان شمال العاصمة السودانية الخرطوم، عندما أبلغهم فريق متطوعي الحي بإلغاء الوجبة اليومية التي يقدمونها لأنهم مشغولون بالتجهيز لدفن زميل لهم قتل للتو في قصف استهدف الحي.
فمشاهد الموت تتكرر يوميا وسط مهددات خطيرة تواجه العالقين، وصعوبات كبيرة في الحصول على وجبة واحدة تبقيهم على قيد الحياة إذا ما كتبت لهم النجاة من عمليات القصف اليومي المستمر بين طرفي القتال.


وفي الواقع، يجد المتطوعون في أحياء مدن العاصمة الثلاثة أنفسهم منقسمين بين محاولات دفن الموتى وإنقاذ الجرحى وإعداد الوجبات البسيطة للسكان الذين يواجه أكثر من 90 بالمئة منهم صعوبات كبيرة في الحصول على وجبة واحدة في اليوم.

مشهد معتاد
يؤكد أحمد عبدالله وهو أحد المتطوعين الذين يشرفون على عمليات مساعدة العالقين في منطقة الثورات بأم درمان، أن مشاهد المعاناة والقتل أضحت أمرا اعتياديا بالنسبة للمتبقين من سكان العاصمة والمقدر عددهم بأقل من مليون مقارنة مع نحو 8 ملايين قبل اندلاع القتال في منتصف أبريل 2023.
ويوضح لموقع “سكاي نيوز عربية”: “شظايا القصف تودي يوميا بحياة العشرات، بالأمس فقدنا زميل لنا في فريقنا الطوعي حيث قتل في قصف استهدف الحي لينضم إلى نحو 100 ألف من ضحايا الحرب، قتل أكثر من 80 بالمئة منهم بالقصف المدفعي والجوي الذي يستهدف الأحياء السكنية، في حين راح البقية ضحية للجوع وانعدام الرعاية الصحية”.
أوضاع خطيرة

يحذر المحامي والحقوقي معز حضرة من خطورة الأوضاع التي يواجهها العالقون في مناطق القتال والتداعيات الكارثية للحرب.

ويقول حضرة لموقع “سكاي نيوز عربية”: “طرفا الحرب يرتكبان انتهاكات كبيرة وخطيرة ويتجاهلان قواعد وأسس القانون الدولي الإنساني المتعلقة بحماية المدنيين المنصوص عليها في اتفاقية جنيف لسنة 1949”.

ويشير حضرة إلى أن سكان عدد من أحياء العاصمة مثل حي “شمبات” في منطقة الخرطوم بحري، ظلوا يدفعون ثمنا غاليا لتمسكهم بالبقاء في بيوتهم.

ويضيف: “إلى جانب المخاطر الناجمة عن القصف العشوائي الذي يودي بحياة العشرات يوميا، يواجه العالقين صعوبات كبيرة في التأقلم مع النقص الحاد في الطعام والمياه الصالحة للشرب وانقطاع الكهرباء لشهور عدة”.

ويوضح حضرة: “ظل السكان العالقين يعتمدون علي التكايا الخيرية لتوفير القليل من الوجبات اليومية، لكن هذه التكايا تعاني من نقص التمويل وارتفاع أسعار المواد الغذائية التي تضاعف بعضها أكثر من ثماني مرات إضافة إلى المهددات الأمنية الخطيرة التي تواجه المتطوعين العاملين فيها”.

انتهاكات كبيرة
كشف تقريران دوليان عن انتهاكات كبيرة يرتكبها طرفا القتال في حق المدنيبن.
وتزامن التقريران مع تدهور مريع في الأوضاع الإنسانية وارتفاع كبير في عدد قتلى الحرب من المدنيين الذين قدرتهم مؤسسة “جينوسايد ووتش” بنحو 150 ألف، ودخول أكثر من 25 مليون من سكان البلاد البالغ عددهم 48 مليون نسمة في دائرة الجوع.
وأكد تقرير فريق تقصي الحقائق التي شكلته لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، أن أطراف الحرب ارتكبوا انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني.
وشدد الفريق على استحالة إنهاء معاناة المدنيين العالقين في مناطق القتال دون وقف الحرب بشكل نهائي.
وفي ذات السياق، اتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” طرفي النزاع بارتكاب “جرائم حرب” في حق المدنيين.
ومع تطاول أمد الحرب وتمددها في 14 ولاية من ولايات البلاد الثمانية عشر بما في ذلك ولايات دارفور والخرطوم والجزيرة التي يعيش فيها نصف سكان البلاد تزايدت الخسائر البشرية بشكل كبير.
الموت جوعا ومرضا
في ظل خروج أكثر من 80 بالمئة من المستشفيات عن الخدمة، تتزايد الوفيات بسبب انعدام الرعاية الصحية ونقص الأدوية خصوصا في أوساط الأطفال وكبار السن والمصابين بأمراض مزمنة مثل الكلى والسكري وغيرها من الأمراض التي تحتاج إلى رعاية سريعة ومتواصلة.
وفي الجانب الآخر، تتسع يوميا دائرة المجاعة التي طالت حتى الآن أكثر من نصف السكان.
وتتفاقم أزمة الجوع أكثر في أوساط العالقين في مناطق القتال والذين يعاني أكثر من 60 بالمئة منهم من فقدان مصادر الدخل تماما بسبب الحرب.
كما تعاني نسبة كبيرة من العالقين من ضعف القدرة الشرائية في ظل الارتفاع الكبير في أسعار السلع الغذائية وتآكل قيمة الجنيه السوداني حيث يتم تداول الدولار الواحد عند 2700 جنيها مقارنة مع 600 جنيها قبل اندلاع الحرب.

سكاي نيوز

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: العالقین فی بالمئة من أکثر من

إقرأ أيضاً:

الدويري: صواريخ فتاح التي استخدمتها إيران في هجومها الأخير أكثر تطورا

قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إن صاروخ "فتاح" الذي استخدمته إيران في هجومها الأخير على إسرائيل هو الأكثر تطورا في منظومة الصواريخ الفرط صوتية، لافتا إلى أن آلية إطلاق الصواريخ لها فاعلية بغض النظر عن تقليص عددها.

وحسب اللواء الدويري، هناك عدة أنواع من الصواريخ الفرط صوتية منها "خرمشهر" و"سجيل" و"قاسم" و"عماد" و"فتاح" و"زلزال" ولها تباينات صغيرة جدا من حيث الخصائص، مشيرا إلى أن سرعة الصواريخ الفرط صوتية تتراوح ما بين 11 ماخ و15 و16 ماخ.

وبعد منتصف الليل، أطلقت إيران وابلا من الصواريخ باتجاه إسرائيل حيث دوت أصوات انفجارات في تل أبيب، وقال الحرس الثوري الإيراني إنه استخدم للمرة الأولى الجيل الأول من صواريخ "فتّاح" الباليستية الفرط صوتية في الموجة الـ11 من عملية "الوعد الصادق-3". وقال إن صواريخ "فتّاح" اخترقت الدرع الدفاعي الصاروخي وزلزلت ملاجئ إسرائيل.

وبحسب وكالة الأنباء الإيرانية، يبلغ مدى الصاروخ "فتاح" 1400 كيلومتر، وسرعته 15 ألف كيلومتر في الساعة، وأقصى وزن له هو 4600 كيلوغرام ورأسه الحربي ألف كيلوغرام.

آلية إطلاق الصواريخ

وفي تعليقه على ما أوردته إذاعة الجيش الإسرائيلي من أن إيران أطلقت نحو 400 صاروخ باليستي على إسرائيل منذ بداية المواجهة العسكرية، وصف اللواء الدويري هذا الرقم بالكبير، بالنظر إلى نوعية الصواريخ التي تم إطلاقها والتي عززت بالطائرات المسيّرة.

ورأى أن آلية إطلاق الصواريخ الإيرانية هي المهمة بغض النظر عن انخفاض عددها، فإطلاقها فترات الليل في اليوم الأولى للمواجهة وتقسيمها إلى دفعات يحدث إشغالا وإرهاقا للدفاعات الجوية الإسرائيلية، بالإضافة إلى تأثيرها على المجتمع الإسرائيلي الذي يضطر للبقاء أمام الملاجئ والأماكن المحصنة، وهو ما يؤدي إلى تعطيل عجلة الإنتاج.

وأشار الدويري إلى أن إسرائيل لن تستطيع الصمود أمام الصواريخ الإيرانية لولا الجسر الأميركي والأوروبي الذي يدعمها، وهو ما حصل معها في قطاع غزة. وتساءل عما إذا كانت إيران قد وضعت خطة إستراتيجية دقيقة لمواجهة حرب طويلة الأمد، سيما في ظل الاختراق الأمني لأراضيها والذي أدى إلى اغتيال علماء وقادة عسكريين في الهجوم الإسرائيلي الأول.

إعلان

كما طرح الخبير العسكري والإستراتيجي تساؤلات بشأن الأولوية التي تضعها إيران في هجماتها على إسرائيل، وقال إن هناك 10 قواعد عسكرية إسرائيلية تنطلق من معظمها الطائرات التي تهاجم إيران، وتساءل عن سبب عدم مهاجمتها لتعطيلها. وتساءل عن مدى الدقة والأهداف التي يجب أن تعطيها إيران الأولوية المطلقة خلال إطلاق صواريخها باتجاه إسرائيل.

مقالات مشابهة

  • الخارجية الأمريكية: ندرس كل الخيارات المتاحة لإجلاء مواطنينا العالقين بإسرائيل
  • المواجهة تشتد بين إسرائيل وإيران.. تصعيد صاروخي غير مسبوق منذ بدء القتال
  • من نشوة القصف إلى فخ الاستنزاف.. كيف وقعت “إسرائيل” في فخ الحرب التي أرادتها؟
  • الدويري: صواريخ فتاح التي استخدمتها إيران في هجومها الأخير أكثر تطورا
  • حرب بلا نيران.. الفضاء السيبراني وجهٌ آخر من أوجه الصراع بين إيران وإسرائيل
  • تقرير أممي: ارتفاع وفيات إصابات الكوليرا في اليمن إلى أكثر من 18.200
  • هدية ذهبية عالمية لـ سحر إمامي المذيعة الإيرانية التي واجهت القصف الإسرائيلي على الهواء مباشرة
  • حالة الجمود التي يعاني منها خريجي مدرسة الحركات المسلحة في فهم وتفسير الأحداث
  • المعجزة التي يحق لكل سوداني أن يفتخر بها
  • الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم