بعد تصاعد الاحتجاجات الشعبية ضد حكمها في الأشهر الأخيرة، قدمت رئيسة وزراء بنغلادش، الشيخة حسينة واجد التي حكمت البلاد لعقود استقالتها في الخامس من أغسطس/ آب الماضي، وغادرت البلاد إلى الهند، وقد تولت رئاسة الوزراء لخمس ولايات، ساد فيها الاستبداد وتضييق الخناق على المعارضة، لا سيما الإسلامية منها.

وخلال سنوات حكمها قامت حكومة الشيخة حسينة بقمع المعارضة، وضيقت على الجماعة الإسلامية في بنغلادش، وقامت بحظرها واعتقال العديد من قياداتها وكوادرها، وقد توفي بعضهم اثناء اعتقالهم في السجون، كما أقدمت السلطات على إعدام قيادات بارزة في الجماعة منذ عام 2013.



من أبرز قيادات الجماعة التي تم إعدامها في حقبة الشيخة حسينة، السياسي والقيادي عبد القادر ملا الذي تم إعدامه في 12 ديسمبر/كانون الأول 2013، والقيادي علي إحسان مجاهد أُعدم يوم 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، وأمير الجماعة مطيع الرحمن نظامي الذي أقدمت السلطات على إعدامه يوم الثلاثاء 10 مايو/أيار 2016 وآخرين غيرهم.

وبعد سقوط حكومة حسينة واجد وهروبها إلى الهند، رفعت الحكومة المؤقتة التي يتولى رئاستها البروفيسور محمد يونس قرار حظر الجماعة الإسلامية، يوم الأربعاء 28 أغسطس/آب، الذي أصدرته حكومة حزب رابطة عوامي قبل أيام من سقوطها واستقالة حسينة، وتم إلغاء قرارين قضائيين سابقين صدرا قبل 11 عاما، تم بموجبهما إلغاء تسجيل حزب الجماعة الإسلامية، ومن ثم منعها من المشاركة في الانتخابات منذ عام 2013.

في ظل التطورات التي تشهدها بنغلادش بعد سقوط حكومة الشيخة حسينة، وانتقال البلاد إلى مرحلة جديدة، ما هو مستقبل الجماعة الإسلامية في بنغلادش؟ وكيف ستنعكس التطورات الجديدة عليها.. وهل ستعيد لها حضورها من جديد، وبالتالي تخفف القيود المفروضة عليها، وما هي رؤاها وخططها السياسية والاقتصادية في ظل التغيرات السياسية الجارية في البلاد بعد الانتفاضات الشعبية المتلاحقة التي أفضت إلى سقوط حكومة رابطة عوامي، وهروب رئيس الوزراء الشيخة حسينة إلى خارج البلاد؟

تسعى الجماعة الإسلامية في بنغلادش حاليا لتشكيل تحالف سياسي كبير يضم كافة الأحزاب الإسلامية والأحزاب ذات التوجهات المشابهة، بهدف توحيد الصفوف والعمل المشترك لتحقيق أهداف مشتركة في الساحة السياسية للبلاد، وفي هذا الإطار بدأت هذه الجماعات بالفعل في عقد اجتماعات وإجراء مناقشات بناءة بهدف تجاوز الخلافات الداخلية، وبناء علاقات إيجابية فيما بينها لتعزيز موقفها السياسي وفق الكاتب البنغالي، رئيس تحرير مجلة الحراء الشهرية التي تصدر من دكا.

وتابع: "معظم القيادات وأعضاء الأحزاب الإسلامية قد تعرضوا للاضطهاد والقمع خلال فترة حكم رابطة عوامي الاستبدادية، والتي استمرت لأكثر من 15 عاما، وهذا ما دفع القادة البارزين إلى الشعور بضرورة ملحة لجمع هذه الأحزاب تحت مظلة واحدة، في ظل التغيرات المرتقبة، ولا سيما بعد الانتفاضات الشعبية الأخيرة، ويعتقد هؤلاء القادة أن توحيد الأحزاب الإسلامية قد يؤدي إلى ظهور قوة جديدة على الساحة السياسية".

وواصل شعيب حديثه لـ"عربي21" بالقول "تعتبر الجماعة الإسلامية وإسلامي والحركة الإسلامية من القوى الإسلامية البارزة التي تقود هذه المبادرة لتشكيل "تحالف إسلامي"، وقد بدأت بالفعل لقاءات منفصلة مع عدد من الأحزاب ذات التوجهات المماثلة، وتشمل هذه الأحزاب حركة الخلافة، مجلس الخلافة بنغلادش، جمعية علماء الإسلام في بنغلادش، جمعية علماء الإسلام وحفاظة الإسلام وغيرها، كما أن المناقشات تجري أيضا مع أحزاب أخرى مثل حزب ذاكر، حزب نظام الإسلام..".


                                   محمد شعيب كاتب بنغالي رئيس تحرير مجلة الحراء الشهرية

وأردف "من جانبه أكدَّ شفيق الرحمن، أمير الجماعة الإسلامية في اجتماع عقده مع سبعة أحزاب إسلامية كبرى، على ضرورة الوحدة بين هذه الجماعات والأحزاب من أجل مواجهة القمع الذي تعرضوا له خلال السنوات الماضية".

ووفقا للكاتب شعيب "يمكن القول إن سقوط الشيخة حسينة فتح للجماعة الإسلامية بابا واسعا للدخول بقوة إلى الساحة السياسية في بنغلادش مما يجعلها منافسا رئيسيا في الانتخابات القادمة".

وردا على سؤال حول الجماعة الإسلامية إن كانت مؤهلة للمشاركة بوعي وفاعلية في الحياة السياسية، واستثمار ما بعد مرحلة الشيخة حسينة، وعدم الوقوع في مخططات الالتفاف على الثورة الشعبية كما حدث في مصر بعد الثورة، قال شعيب "الجماعة تعتمد، حتى الآن على دعم الشعب، الذي يشكل أكبر قوة لها في مواجهة التحديات، ومع ذلك تدرك الجماعة أن المؤامرات ضد القوى الإسلامية تجري في كل مكان، وأن أكبر تهديد قد يأتي من الهند، التي تنظر بحذر إلى تحركات الإسلاميين في المنطقة".

وأضاف: "وفي هذا السياق أعربت الجماعة عن استعدادها لتطبيع علاقاتها مع الهند، وهو ما يُعتبر خطوة استراتيجية لتفادي الثورة المضادة، والتعامل بذكاء مع التحديات الإقليمية" إلا أنه استدرك قائلا "لكن على الرغم من هذه التحركات، يبدو أن الجماعة الإسلامية لم تضع حتى الآن خططا واضحة وطويلة الأمد للقضاء على مخاطر الثورة المضادة، وستبقى الأيام القادمة هي الفيصل في الكشف عن مدى قدرة الجماعة على اتخاذ خطوات حاسمة لحماية الثورة، والتصدي لأي محاولات ترمي لإجهاض طموحات الشعب".

من جهته قال الإعلامي السوري، الخبير في الشؤون الباكستانية والبنغالية، الدكتور أحمد موفق زيدان "عانت الجماعة الإسلامية في بنغلادش كثيرا خلال حكم حسينة واجد، بل وحتى إبان حكم خالدة ضياء، وهي المعاناة التي امتدت منذ انفصال بنغلادش عن باكستان عام 1971، يوم اتهمت الجماعة بأنها دعمت باكستان الحالية، ورفضت الانفصال".

وأردف "لذلك تجرعت الجماعة مرارة ذلك، وكانت التبعات عليها كبيرة من سجن وملاحقات وإعدامات، وحرمان من العمل السياسي والإعلامي، وأتت الانتفاضة الأخيرة والتي شارك فيها بفاعلية الجناح الطلابي التابع للجماعة الإسلامية ليعيد ثقة الشارع الذي تم تضليله طوال العقود الماضية".


                  د. أحمد موفق زيدان إعلامي سوري خبير بالشؤون الباكستانية والبنغالية

وتابع حديثه لـ"عربي21" بالقول "لذا فإن نجاح الجناح الطلابي في اقتلاع حسينة واجد مكن الجماعة من استعادة دورها السياسي، ومن المتوقع أن يتعاظم هذا الدور مع الأيام، وفي تقديري أن الجماعة الإسلامية هي الأقوى سياسيا، في ظل حالة التصحر والتجريف السياسي الذي طال الحياة السياسية البنغالية طوال سنوات الاستبداد الماضية".

وعن إمكانية استثمار الجماعة لما بعد حقبة الشيخة حسينة، أشار زيدا إلى أن "الجماعة الإسلامية في بنغلادش ربما تكون هي الحركة الأقوى إن لم تكن هي الحركة الوحيدة الأكثر تنظيما وفاعلية، وربما ستفاجىء الكثيرين إن سمح بانتخابات ديمقراطية نزيهة، لكن هذا الأمر يتعلق بالجماعة نفسها من حيث حرصها وحذرها ومدى تنبهها لعمليات الالتفاف ضد انتفاضة الشعب البنغالي".

يُذكر أن الجماعة الإسلامية في بنغلادش تعدّ أكبر حزب سياسي إسلامي، الأكثر تنظيما وقوة وحضورا في بنغلادش، كما تعد من الجماعات الإسلامية المشهورة التي ظهرت في القرن العشرين، وهي امتداد للجماعة الإسلامية التي أسسها أبو الأعلى المودودي في الباكستان، وبعد انفصال بنغلادش عن باكستان، كان للجماعة عبر حزبها السياسي مشاركات في الحكومة والانتخابات البرلمانية، وها هي تعود إلى المشهد السياسي البنغالي بقوة بعد سنوات الحظر والملاحقة والسجون والإعدامات التي انقضت بسقوط حكومة الشيخة حسينة واجد.  

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير تقارير الدور سياسة بنغلاديش اسلاميون دور تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجماعة الإسلامیة فی بنغلادش للجماعة الإسلامیة الشیخة حسینة حسینة واجد سقوط حکومة

إقرأ أيضاً:

هل يجوز أداء صلاة النافلة في جماعة؟.. الإفتاء توضح

هل يجوز أداء صلاة النافلة في جماعة.. فنحن نقوم في بلدتنا بدعوة الناس إلى قيام الليل في جماعة، ونخُصُّ من ذلك بعض الأيام والأزمان المباركة.. . فما حكم ذلك؟ سؤال أجابت عنه دار الإفتاء المصرية.

وقال الإفتاء فى إجابتها عن السؤال: دعوة الناس إلى الاجتماع إلى قيام الليل في جماعة وسيلة للعبادة وليس عبادة، فلا يعتبر بدعة؛ لأنه من قبيل الدعوة إلى فعل الخيرات والتعاون على البر والتقوى، وهذا شيءٌ مأمورٌ به شرعًا. مع التنبيه على ضرورة التنسيق مع الجهة الموكول إليها رعاية أمر المساجد والإشراف عليها.

صلاة الأوابين.. كن منهم ولا تتكاسل عن أدائهاهل دعاء الاستفتاح واجب في الصلاة ؟.. ماذا قالت المذاهب الأربعةصلة دائمة بالله .. 10 أمور تعينك على أداء الصلاة فى مواعيدهاكيف يقضي صلاة الفجر من فاتته مرات كثيرة؟ .. أمين الإفتاء يوضح


حكم صلاة السنن والنوافل في جماعة

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: تسن الجماعة لصلاة الكسوف باتفاق بين المذاهب، وتسن للتراويح عند الحنفية والشافعية والحنابلة، وهي مندوبة عند المالكية، إذ الأفضل الانفراد بها – بعيدا عن الرياء – إن لم تعطل المساجد عن فعلها فيها، وتسن الجماعة كذلك لصلاة الاستسقاء عند المالكية والشافعية والحنابلة، أما عند الحنفية فتصلى جماعة وفرادى عند محمد، ولا تصلى إلا فرادى عند أبي حنيفة، وتسن الجماعة لصلاة العيدين عند المالكية والشافعية.
أما عند الحنفية والحنابلة فالجماعة فيها واجبة، ويسن الوتر جماعة عند الحنابلة وبقية التطوعات تجوز جماعة وفرادى عند الشافعية والحنابلة، وتكره جماعة عند الحنفية إذا كانت على سبيل التداعي، وعند المالكية الجماعة في الشفع والوتر سنة والفجر خلاف الأولى... أما غير ذلك فيجوز فعله جماعة، إلا أن تكثر الجماعة أو يشتهر المكان فتكره الجماعة حذر الرياء.


ويقول الإمام النووي في المجموع شرح المهذب للشيرازي: قد سبق أن النوافل لا تشرع الجماعة فيها إلا في العيدين والكسوفين والاستسقاء، وكذا التراويح والوتر بعدها إذا قلنا بالأصح : إن الجماعة فيها أفضل، وأما باقي النوافل كالسنن الراتبة مع الفرائض والضحى والنوافل المطلقة فلا تشرع فيها الجماعة، أي لا تستحب، لكن لو صلاها جماعة جاز، ولا يقال: إنه مكروه وقد نص الشافعي رحمه الله في مختصري البويطي والربيع على أنه لا بأس بالجماعة في النافلة.


ودليل جوازها جماعة أحاديث كثيرة في الصحيح، منها حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه في بيته بعدما اشتد النهار ومعه أبو بكر رضي الله عنه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أين تحب أن أصلي من بيتك ؟ فأشرت إلى المكان الذي أحب أن يصلي فيه فقام وصفنا خلفه ثم سلم وسلمنا حين سلم» رواه البخاري ومسلم، وثبتت الجماعة في النافلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية ابن عباس وأنس بن مالك وابن مسعود وحذيفة رضي الله عنهم، وأحاديثهم كلها في الصحيحين إلا حديث حذيفة ففي مسلم فقط.


وذكر الإمام ابن قدامة الحنبلي في كتابه المغني: يجوز التطوع جماعة وفرادى، «لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل الأمرين كليهما، وكان أكثر تطوعه منفردًا، وصلى بحذيفة مرة، وبابن عباس مرة، وبأنس وأمه واليتيم مرة، وأم أصحابه في بيت عتبان مرة، وأمهم في ليالي رمضان ثلاثا»، والآثار فيها كلها صحاح جياد.


وأكدت دار الإفتاء أنه يجوز للمسلم أن يصلى صلاتى الضحى وقيام الليل أو أى صلاة نافلة أخرى فى جماعة، منوهة بأن صلاة الجماعة ليست قاصرة على الصلوات المفروضة فقط بل يجوز أن يجتمع المصلين ويصلون جماعة فى صلاة النوافل كيفما شاءوا ذلك.
 

طباعة شارك صلاة النافلة صلاة النافلة المساجد صلاة السنن

مقالات مشابهة

  • السينما العمانية تتألق في مهرجان فجر الدولي بشيراز وتعزز حضورها العالمي
  • الشيخة فاطمة بنت مبارك تشهد الاحتفال الرسمي بعيد الاتحاد الـ 54 للدولة
  • ماركو مسعد: قرار ترامب بتصنيف الإخوان كجماعة إرهابية يعكس فهمه لطبيعة النشاط التخريبي للجماعة بأمريكا
  • زينة تكشف سبب عدم حضورها لاستلام جائزة أحسن ممثلة عن دورها في ورد وشوكولاتة
  • من الحرب إلى الحوكمة.. جبهة تحرير أزواد ترسم معالم حضورها في شمال مالي
  • الجماعة الإسلامية في بنغلاديش.. حركة الفكرة حين تتحول إلى قوة دولة
  • بنغلاديش.. اتهام الشيخة حسينة بالتورط في "مجزرة 2009"
  • هل يجوز أداء صلاة النافلة في جماعة؟.. الإفتاء توضح
  • ماذا يجري داخل الجماعة الإسلامية؟
  • لولو تعزز حضورها في ضواحي المدينة؛ وتفتتح متجر إكسبريس جديد في السلع بالقرب من الحدود الإماراتية السعودية