بغداد – أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن حكومته لا تزال تواجه ما سماها "عمليات تشويش ونشر مغالطات، ومحاولات خلط الحقائق بالأكاذيب"، إلى جانب اتهامات بتغاضيها عن بعض جوانب الفساد، وأشار في خطاب له إلى أن حكومته نجحت في تحقيق استقرار أمني على يد القوات الأمنية بكلّ أصنافها وتشكيلاتها، إلى جانب تحسين العلاقات الخارجية للعراق.

جاء ذلك خلال كلمة بثها التلفزيون العراقي أمس الأحد، تضمنت الحديث عن جملة من المشاريع الخدمية ومنجزات سياسية داخلية وخارجية، بمناسبة مرور عامين على تسلم حكومة السوداني مقاليد الحكم في العراق، وسط تقلبات سياسية وظروف إقليمية صعبة.

وأضاف السوداني أن مشروع بناء العراق ونهضته هو مشروعٌ لجميع العراقيين بكل أطيافهم وتوجهاتهم الوطنية، مشيرا إلى أن من يحمل قلقا إزاء نجاح الحكومة "فإننا نؤكد التزامنا بتلبية مطالب شعبنا كأهمّية قصوى".

يُتهم رئيس الوزراء العراقي من قبل معارضيه بالتلكؤ في حسم قضايا الفساد ووضع حد للجدل الدائر بشأن علاقة الحكومة بها (الجزيرة) تعقيب على الفساد

لم يسمِّ رئيس الوزراء العراقي في كلمته تلك الجهات التي تشكك في نجاح حكومته أو التي توجه الاتهامات لها وتخلط الحقائق بالأكاذيب، لكن سياق الكلمة الطويلة نسبيا يتزامن مع أزمة سياسية انعكست على أداء حكومته، في ظل خلافات عرفتها الطبقة السياسية خلال الأسبوعين الماضيين.

وكان من أبرزها قضية التنصت على بعض المسؤولين والقادة السياسيين، وبينهم أعضاء في الإطار التنسيقي، حيث يتهم بها أحد أعضاء مكتب السوداني، علاوة على معضلة ما باتت تعرف بـ"سرقة القرن"، التي يرد فيها اسم رجل الأعمال نور زهير المتهم بسرقة الأمانات الضريبية وبيع سكك الحديد بقيمة عشرات مليارات الدولارات، بحسب ما أورده رئيس هيئة النزاهة حيدر حنون.

وزاد من حجم المشكلة إطلاق سراح المتهم نور زهير وشريكه هيثم الجبوري نهاية عام 2022، رغم الاتهامات الواسعة وتداعياتها في الشارع العراقي، قبل أن يفتضح حجم "سرقة القرن" وأسماء المتورطين فيها، والتي دفعت القضاء لطلب إلقاء القبض عليه مجددا بعد هروبه خارج العراق رغم ضمانات حضور محاكمته والجبوري، وهو ما لم تنجح فيه الأجهزة القضائية حتى الآن.

ومن هنا، يمكن فهم حجم الضرر الذي سببته القضيتان ودورهما المحتمل في تأجيج الخلافات داخل الإطار التنسيقي "الشيعي" الحاكم في العراق، والذي ينتمي له السوداني، جراء ما يقال عن صلة بعض أطراف الإطار بالقضيتين، وتلكؤ السوداني في حسمها ووضع حدٍ للجدل الدائر بشأنهما، مما دعا السوداني -في كلمته- للقول إن "النظر فيهما من اختصاص القضاء العراقي"، وأكد موقفه بلقاء رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان عقب ساعات من كلمته.

السوداني أكد أن النظر في قضايا الفساد المرفوعة من اختصاص القضاء العراقي (الجزيرة) "محاولة لصرف الأنظار"

وبشأن هذه التعقيدات، يقول الباحث السياسي صلاح جراح للجزيرة نت إن كلمة رئيس الوزراء العراقي عن المشاريع والمنجزات التي حفلت بالمبالغات، كانت محاولة لصرف الأنظار عن الأزمة الداخلية التي تعيشها حكومته، وعلاقته مع شركائه في الإطار التنسيقي، وهذا ما أثّر بدوره على الكلمة التلفزيونية التي بدت وكأنها ردود أفعال على الاتهامات الموجهة له.

وأضاف جراح أن تراكم الانتقادات مثل قضية نور زهير وشبكة التنصت التي تلقي بأصابع الاتهام نحو أحد أعضاء مكتب رئيس الوزراء، فضلاً عن النزاعات القضائية والخلاف بشأن أرقام الموازنة الوطنية وما وصفه بـ"السلاح المنفلت"، قد لا تطيل من عمر حكومة السوداني، مشيرا إلى أن "الحديث عن انتخابات مبكرة بعد هذه الخلافات الجديدة قد تبدو أمرا غير مستبعد"، على حد قوله.

يجدر هنا الإشارة إلى بيان مجلس القضاء العراقي الذي وصف المعلومات المتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي بشأن قضية التنصت بأنها "غير دقيقة"، في حين وصفها المتحدث باسم الحكومة العراقية راسم العوادي بأنها "حملات مضللة تستهدف إعاقة عمل الحكومة في مختلف المجالات".

وتأتي الكلمة التي قد تمهد لحسم ملف بقاء التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة "تنظيم الدولة الإسلامية" بالعراق، بجانب الإشارة لإنهاء عمل بعثة الأمم المتحدة (يونامي)، في وقت ربما كان مقصودا ويهدف لكسب ود الإطار التنسيقي الذي لطالما طالبت فصائله المسلحة بإنهاء عمل القوات الأميركية وخصوصا العسكرية منها.

آثار مستقبلية

بيد أن الأكاديمي والباحث السياسي جليل اللامي يرى، في حديثه للجزيرة نت، أنه رغم حجم المنجزات الحكومية التي لمسها كثير من العراقيين في الأشهر الأخيرة في الملفات الداخلية والخارجية، فإن تداعيات قضية "شبكة التنصت" و"سرقة القرن" لن تمر بسلام، مشيرا إلى أن حجم التسريبات التي رجحت اتصال المتورطين فيها بمكتب رئيس الوزراء سيعرض الولاية الثانية للسوداني لمخاطر كبيرة.

وأشار اللامي إلى أن القضيتين وما خلفتهما من تصدع الثقة بين السوداني وشركائه قد تفجر خلافات أخرى ما لم يتم حسم تلك الملفات سريعا، مؤكدا أن على رئيس الوزراء تبرير تلك التعقيدات وحل تشابكها، ومحذرا من أن تأخر حسمها والفشل فيها قد يلقي بظلاله على وحدة الإطار التنسيقي والبيت الشيعي بشكل عام.

ولم يفوت السوداني الفرصة للحديث عن واحد من الانتقادات التي تتصل بأداء حكومته ومطالب بعض القوى بتغيير وزاري، لكن السوداني عزى التأخير فيها إلى تأخر اختيار رئيس البرلمان، وما يتطلبه من تصويت برلماني على التغيير المنتظر، مؤكدا وقوفه على مسافة واحدة من كلِ القوى السياسية.

ويأمل رئيس الوزراء العراقي أن تنجح خطواته بوقف تدحرج كرة الأزمات، التي جرفت في طريقها كثيرا من منجزات حكومته ومشاريعها، معولاً على سرعة عمل القضاء وأداء هيئة النزاهة، التي لاقى حسمها للعديد من ملفات الفساد المالي والإداري استحسانا شعبيا بسبب ما نجحت فيه من حراك رسمي وقانوني في استعادة بعض الأموال وتطويق بعض الفاسدين، وإن كان جزئيا حتى الآن.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات رئیس الوزراء العراقی الإطار التنسیقی إلى أن

إقرأ أيضاً:

رئيس وزراء بلغاريا يعلن استقالة حكومته بعد احتجاجات واسعة

أعلن رئيس الوزراء البلغاري روسين جيليازكوف، اليوم الخميس، استقالة حكومته بعد أقل من عام على توليها السلطة، في خطوة جاءت غداة مظاهرات حاشدة اجتاحت العاصمة صوفيا وعدة مدن، احتجاجا على الفساد والسياسات الاقتصادية المثيرة للجدل.

وقال جيليازكوف في مؤتمر صحفي عقب اجتماع قادة الأحزاب الحاكمة: "أود إعلامكم بأن الحكومة تستقيل اليوم"، مضيفا أن القرار جاء قبل 3 أسابيع من انضمام بلغاريا رسميا إلى منطقة اليورو في الأول من يناير/كانون الثاني المقبل. وأكد أن "القوة تنبع من صوت الشعب"، في إشارة إلى الضغط الشعبي المتزايد.

وجاءت الاستقالة قبل دقائق من تصويت كان مقررا في البرلمان على مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة، بعد أسابيع من احتجاجات متواصلة ضد مشروع ميزانية عام 2026، الذي تضمن رفع الضرائب والمساهمات الاجتماعية.

وعلى الرغم من سحب الحكومة للمشروع الأسبوع الماضي، استمرت المظاهرات التي اعتبرها المحتجون تعبيرا عن رفضهم "لنموذج الحكم القائم على الفساد"، وفق ما نقلته وكالة "رويترز".

الآلاف تظاهروا في صوفيا ضد سياسات الحكومة الحالية مطالبينها بالاستقالة (الفرنسية)

وشهدت شوارع صوفيا، مساء أمس الأربعاء، تجمع عشرات الآلاف من المتظاهرين، في أكبر حراك شعبي منذ نهاية الشهر الماضي، رافعين شعارات مثل "استقيلوا" و"كفى فسادا". وامتدت الاحتجاجات إلى عشرات المدن الأخرى، في بلد يعد الأفقر بين دول الاتحاد الأوروبي، ويعاني من مستويات قياسية لانعدام الثقة في المؤسسات، بحسب استطلاعات الرأي.

وكان الرئيس البلغاري رومن راديف قد دعا الحكومة إلى التنحي، وقال في رسالة للبرلمان: "بين صوت الشعب وخوف المافيا، استمعوا إلى الساحات".

وبموجب الدستور، سيطلب راديف من الأحزاب محاولة تشكيل حكومة جديدة، وفي حال فشلها، سيكلف إدارة انتقالية حتى إجراء انتخابات مبكرة، في بلد شهد 7 انتخابات خلال 4 سنوات وسط انقسامات سياسية عميقة.

إعلان

وعلى الرغم من الأزمة السياسية، يتوقع أن تمضي عملية انضمام بلغاريا إلى اليورو في موعدها، لكن محللين حذروا من أن استمرار حالة عدم الاستقرار قد يفاقم المخاوف الاقتصادية والاجتماعية، في ظل أزمة ثقة غير مسبوقة بين المواطنين والسلطة.

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء العراقي: حققنا الأمن والاستقرار في البلاد رغم التحديات
  • وثيقة .. القضاء العراقي يوجه بتقليل التوقيف والحبس واعتماد البدائل القانونية
  • الإطار:الزعامة الإطارية عازمة على ترشيح السوداني لرئاسة الحكومة المقبلة
  • قرار القضاء العراقي بين سندان القانون ومطرقة الفساد
  • الخلافات الداخلية والرسائل الخارجية تعيد تشكيل مشهد اختيار رئيس الوزراء
  • صناعة رئيس الوزراء العراقي بين الكتلة الأكبر و الخيارات الاقليمية الضاغطة
  • بارزاني وسيط مفصلي ومهمة الإطار حساسة.. رحيل السوداني يهدد التنسيق العراقي - التركي
  • رئيس وزراء بلغاريا يعلن استقالة حكومته استجابة للاحتجاجات الشعبية
  • رئيس وزراء بلغاريا يعلن استقالة حكومته بعد احتجاجات واسعة
  • خلافاً للواقع..السوداني:حقوق الإنسان العراقي لامثيل لها في العالم!!