جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-30@23:37:31 GMT

معهد ثقافي عربي في قلب ميلانو

تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT

معهد ثقافي عربي في قلب ميلانو

 

 

حمد الناصري

 

بما عُرف عنه من حُب للثقافة والعُلوم وتَشجيعه ودَعْمه السَخيّ لطالبي العِلْم والباحثين، فقد كان صاحب السُمو الشيخ الدكتور سُلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة وما زال يأتي بمُبادرات مُتميزة ولامِعَة في تلك المجالات؛ وبما يُعزز المكانة الثقافية للإمارات العربية الشقيقة خصوصًا وللعرب عُمومًا.

وكانت آخر تلك المُبادرات الرائعة بافتتاح معهد ثقافي عربي، في قلب جامعة القلب المُقدّس الإيطالية بمدينة ميلانو، وذلك في يوم الجمعة الموافق 30 أغسطس 2024.

وقد شرَّف سُمّوه حفل الافتتاح وألقى كلمة بالمناسبة المُبهجة، مُعَبرًا عن اهتمامه الشخصي واهتمام دولة الإمارات العربية المُتحدة بالثقافة بشكل عام والثقافة العربية الأصيلة بشكل خاص وعن عُمق العلاقة التي تجمع الشارقة بميلانو، وكانَ من ثمار تلك العلاقة احْتضان جامعة القلب المُقدس في رحابها للمعهد العربي الثقافي، وبَعد سِنين مُثْمِرة من التعاون الثقافي والعِلمي، ومِمّا يُشكل تعزيزًا وتطويرًا للتعاون البَنّاء بين هيئة الشارقة للآثار وبين جامعة القلب المقدّس.

وأكّد سُموه على مَسَاعِيه الجادّة لبلورة جُهوده التَوّاقة لخدمة الثقافة واللغة العربيّتين، وقد عَبّر عن نفسه في الافتتاحية بأنه باحث ودارس للغة العربية التي تزخر بعجائب من كلمات ومُرادفات تشترك في مَعنى واحد، ظاهريًا وباطنيًا.

وذكر سُمّوه أنه ومن خلال بَحثه بين المعاجم والقواميس العربية عن أصُول هذه اللغة من حيث نشأتها ومرجعها، قد وجَد مَن ادّعُوا بأنّ هناك لغة تُسمى السامية، استنبطت من اسم سام ابن نوح عليه السلام، وأنّ له ابن يُسمى آرام وذلك ليس صحيحًا، وإنّما الآراميّة أتَت مِن إرَمْ على وزن هِرَم ووِرَم وتعني الأرض المُرتفعة التي نزلت بها قدم عاد بأطراف عُمَان "سلطنة عُمان الحالية"، وقد ذكرها الله في قوله "ألمْ تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد"؛ وهي إرَمْ التي تتميّز بكثرة الأعْمِدة وليس مَعناها آرام ابن نوح عليه السلام.

وقد كشف سُموه عن مَعْلومات أخرى في حفل الافتتاح، منها أنّ آدم عليه السلام وزوجه حوّاء، قد أتيا من شرق أفريقيا أو هُم قد تحَدّرا من القارة الأفريقية الشرقية، ومن هذه القارة انْطَلقا وانتشرت بشريتهم، وكان المكان الأنسب للانتشار هي جزيرة العرب، أي الجزيرة العربية الحالية. وقد أكّد سُموه أنّ الآثار الأولية لأبناء آدم عليه السلام اكتشفت في الشارقة، وقد اكتشفها بروفيسور هانز من جامعة تُيوبنغ، مُوضحًا أنّ الهِجْرات لا ترمز إلى عُبورهم من الجزيرة العربية ولكن بَعد الاكتشاف تم تصحيح الخرائط القديمة، ووُضِع خط أحمر يَخرج من شرق أفريقيا إلى الجزيرة العربية حتى يصل إلى الشارقة.

وأيضًا ما ذكره الشيخ سُلطان القاسمي، وهذا فخر للشارقة أنْ يكون بها الأوائل من أبناء آدم عليه السلام، وخِلال بحث سُموه، وجد أنّ اللغة العربية، هي نفسها اللغة التي خرجت إلى الجزيرة العربية، مُؤكدًا أنّ هناك كلمات عربية أصيلة قد لا تستعملها الشعوب العربية لِقِدْمها، ولكنها موجودة في القواميس، لافِتًا إلى مشروع للغة العربية، سيتم إنجازهُ وهو عبارة عن "معجم تاريخي للغة العربية" الذي سيكون من 125 مجلدًا، ويَحتوي كل جزء على 750 صفحة ويُفَسّر المعجم ما وُجد في قاموس اللغة اللاتينية، المُترجم إلى العربية.

وقد أضاف سُمو الشيخ سلطان القاسمي في كلمة الافتتاح قائلًا: "أنا الآن في بداية العمل على خمسة مجلدات للقاموس اللاتيني، آملا أنْ يَصدر ليُبيّن فيه القاموس العربي إلى اللاتيني.. وأنّه يَعْمُر الأرض ولا يُخرّبها، مُعَبرًا بأنه يَمُدّ يد التعاون في المجالات الإنسانية وليس في المجالات التخريبية، ونحمي الثقافة سواء أكانت عربية أم إيطالية أم لاتينية أو أي ثقافة أخرى، نُحافظ عليها من العبث". كما أشار سُموه إلى تشويه صُورة سيّدنا المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام في الأولمبياد الذي أقيم في باريس "فرنسا" إذْ كانت الصُورة فيها من العَبث الكثير.

كذلك ألقت الشيخة بدور بنت سُلطان القاسمية رئيسة مجلس هيئة الشارقة للكتاب خطابًا بالمناسبة، وعَبّرت عن سعادتها باللحظة التاريخية لافتتاح المعهد العربي الثقافي في الجامعة الكاثوليكية للقلب المقدس في ميلانو، مُؤكدة بأنها مُناسبة هامة وهي تجسيد عمليّ لتعزيز الحوار الثقافي والتعاون الأدبي بين الشارقة والعالم بأسره. وأضافت سُموها أنّ افتتاح المعهد الثقافي العربي بداية فصل جديد في مسيرة الشارقة الثقافية والأدبية، ومَسِيرة تَمضي لتتخطّى الحدود وتَعْبُر القارات براية الأدب التي طالما جمع القلوب ووحّد العُقول منذ الأزل.

خلاصة القول.. تأتي افتتاحية المعهد العربي في ميلانو في وقت تلاشى فيه التركيز على الثقافة العربية في حوارات ثقافية عربية؛ سواءً في أوروبا أو بقيّة قارات الأرض، ولكنها عادت لتنطلق من الشارقة إلى العالم مُعززة بدعم لا مَحدود من سُمو الشيخ سلطان القاسمي ولتفعيل دور المعرفة والإبداع في مدّ جسور التواصل المعرفي والحوار الثقافي العربي العالمي الإيجابي، وكان الاختيار على تأسيس المعهد ذا أبْعاد ثقافية ومعرفية وحضارية، وليكشف للعالم  الجوانب الفكرية التي بَقيت مَخْفِية لقرون في الحضارة العربية.

وآمل شخصيًا أنْ يُشرق المعهد العربي الثقافي عن الوجه الحقيقي للإبداع العربي الفكري في كل مناحي الحياة، وأنْ يكون مُلتقى للحضارات في واحة ثقافتنا العربية، وثقافة عادلة ومُنصفة، فالماضي رسالة وتُراث وإبداع حياتي.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

السيد القائد عبدالملك: من مقامات النبي إبراهيم التي ذكرت في القرآن الدروس الكثيرة لنهتدي بها

قال السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي: في ماقامته -النبي إبراهيم عليه السلام- في المحطة الأولى مع قومه في العراق، تحدثنا عن بعضٍ منها مما قدَّمه القرآن الكريم، وهي نماذج مهمة؛ لأن القرآن الكريم لم يقدم حصراً لكل الأنشطة والمقامات في إطار حركة نبي الله إبراهيم عليه السلام.. فقد كانت حركته -عليه وآله السلام- حركة واسعة، كما هو شأن الأنبياء في نشاطهم وعملهم الكبير لتبليغ رسالة الله تعالى، يعملون بكل جد، بكل اهتمام، في عملٍ دؤوب، كما ذكر الله سبحانه وتعالى عن نبيه نوح عليه السلام، {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا} عمل دؤوب، وجهد مكثف.. لكن القرآن الكريم يُقدِّم لنا نماذج منها، تتضمن الهدايا المهمة التي نحتاج إليها نحن، وتقدِّم لنا صورةً ملخصةً عن طبيعة النشاط العام لأنبياء الله ورسله “صَلَوَاتُهُ عَلَيْهِم”.
وأضاف السيد القائد خلال محاضرته استكمالا لمحاضرات القصص القرآني، مساء اليوم الأربعاء 1 ذو الحجة 1446هـ الموافق 28 مايو 2025م: نبي الله إبراهيم عليه السلام ذكر الله لنا مقامات من مقاماته، هي تتضمن الدروس الكثيرة، ودروساً نحن في أمسِّ الحاجة إلى الاستفادة منها، هي لهدايتنا.. فقد ذكرها الله لنا في القرآن الكريم؛ لنهتدي بها، لنستفيد منها، ولأنها أيضاً عن الأنبياء عليهم السلام، وهم القدوة، والأسوة، والهداة، الذين يأمرنا الله سبحانه وتعالى أن نقتدي بهم، أن نهتدي بهم، أن نتأسى بهم، أن نسير في طريقهم ودربهم، ولذلك هي ذات أهمية كبيرة بالنسبة لنا، ونحن في أمسِّ الحاجة اليها.

مقالات مشابهة

  • «منتخب الطاولة» يشارك في البطولة العربية
  • «مصطفى بكري» يهنئ «الأهرام العربي» لفوزها بجائزة الصحافة العربية للمرة الخامسة
  • سفيرنا في قبرص: حرص على تعزيز الحوار الثقافي العربي مع المجتمعات الأوروبية
  • حاكم الشارقة يهدي جامعة القلب المقدس الكاثوليكية في ميلانو مخطوطاً تاريخياً نادراً وكتاب «مرسوم بابوي»
  • روائع عبد الوهاب تتألق على مسرح معهد الموسيقى العربية ضمن سلسلة وهابيات
  • سلطان يهدي جامعة «القلب المقدس» في ميلانو مخطوط تاريخي وكتاب «مرسوم بابوي»
  • رئيس الدولة: المسابقات التراثية رافد مهم للمشهد الثقافي في الإمارات والمنطقة العربية
  • السيد القائد عبدالملك: من مقامات النبي إبراهيم التي ذكرت في القرآن الدروس الكثيرة لنهتدي بها
  • بلدية الشارقة تضبط محتال عربي يبيع مياه الخزان ويروج بأنها مياه زمزم
  • قمة الإعلام العربي.. جلسة “دور الإعلام في دعم الهوية العربية”