الإفتاء توضح حكم قول "حرمًا" بعد الصلاة
تاريخ النشر: 16th, September 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إن الشرع الشريف رغَّب في دعاء المسلم لأخيه، وبيَّن أنَّه مستجاب؛ فعن عبد الله بن يزيد رضي الله عنه يقول: حدثَّني الصنابحي أنه سمع أبا بكر الصديق رضي الله عنه يقول: "إن دعاء الأخ لأخيه في الله عز وجل يستجاب" أخرجه الإمام أحمد في "الزهد"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، والبخاري في "الأدب المفرد"، وابن المبارك في "الجهاد"، والدولابي في "الكُنَى والأسماء".
أضافت دار الإفتاء، عبر موقعها الرسمي، أنه إذا كان الدعاء في الأحوال والأوقات والأمكنة الفاضلة تأكد استحبابه وزادت فضيلتُه، ورُجِيَ قبولُه وإجابتُه، ومن هذه الأوقات: الدعاء عقب الصلوات المكتوبات؛ قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ﴾ [النساء: 103]، وعن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله، أي الدعاء أسمع؟ قال: «جَوْفَ اللَّيْلِ الآخِرِ، وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ» أخرجه الترمذي وحسَّنه، والنسائي في "السنن الكبرى".
دعاء المسلمين لبعضهم بقبول الصلاة عقب الفراغ منها ليس بدعًا من القولوتابعت دار الإفتاء: دعاء المسلمين لبعضهم بقبول الصلاة عقب الفراغ منها ليس بدعًا من القول، بل هو أمرٌ مضت به سُنّة المسلمين وجرت عليه عادتهم وأخذه خلفهم عن سلفهم، ولم يحرمه أو ينكره إلا نابتة هذا العصر؛ جهلًا أو قصورًا عن إدراك مقاصد الشرع الشريف:
وأكملت دار الإفتاء: أما قول "حرمًا" فهو دعاء بالصلاة في الحرم الشريف؛ أي: رزقك الله صلاةً في حرمٍ؛ فتكون "حرمًا" منصوبة على نزع الخافض، أو دعاء بأن يتقبل الله الصلاة كقبولها في الحرم الشريف؛ فتكون "حرمًا" نائبًا عن المفعول المطلق بيانًا للنوع، وقد جرت العادة أن المصلي إذا قال لجاره "حرمًا" أن يَرُدَّ عليه بقوله: "جمعًا"،
والمعنى: الدعاء للداعي أن يقبلهما الله تعالى جميعًا؛ أي: ولك بمثل، أو أن يجمعهما في حرمه؛ فهو حالٌ على كل حالٍ.
وذكرت دار الإفتاء، أن هذا من مُستحسَن الدعاء، وهو في معنى الدعاء بالقبول؛ لأن الصلاة في الحرم مظنة القبول وفيها مضاعفة الثواب مائة ألف مرة، وفيه إظهار الشوق إلى حرم الله ومقدساته، وفي الدعاء بـ"جمعًا" امتثالٌ لقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ" متفق عليه.
واختتمت دار الإفتاء قائلة: "وبناءً على ذلك: فدعاء المصلين لبعضهم عقب الفراغ من الصلاة بما تيسر من عبارات الدعاء مشروع، ولا يجوز إنكاره شرعًا؛ لأن الدعاء مشروع بأصله، وإيقاعه عقب الصلاة آكد مشروعيةً وأشدُّ استحبابًا، فإذا كان من المسلم لأخيه فهو أدعى للقبول، وبذلك جرت سُنّةُ المسلمين سلفًا وخلفًا، وإنكارُ ذلك أو تبديعُ فاعله ضربٌ من التشدد والتنطع الذي لا يرضاه الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإفتاء دار الإفتاء حرم ا الصلاة دار الإفتاء
إقرأ أيضاً:
مظاهر كون الشتاء غنيمة المؤمن.. الإفتاء توضح
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما هي الأوجه التي تجعل من فصل الشتاء غنيمة للمؤمن حتى أُحْسِنَ استغلال هذا الفصل؟".
لترد دار الإفتاء موضحة: أن فصل الشتاء غنيمة للمؤمن، وعليه أن يغتنمه في التقرب إلى الله تعالى بإسباغ الوضوء، وقيام الليل، وصوم النهار، وسائر القربات، وفي ذلك كلِّه حط للخطايا والذنوب والسيئات، ورفع للدرجات في الجنات.
فصل الشتاء ربيع المؤمن
جعل الحق تبارك وتعالى فصل الشتاء للمؤمن روضة للطاعات والقربات، يقتبس فيها من أنوار العبادات، يقصر نهاره فيصومه، ويطول ليله فيقومه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الشِّتَاءُ رَبِيعُ الْمُؤْمِنِ» أخرجه الأئمة: أحمد وأبو يعلى والقضاعي في "مسانيدهم"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، وزاد فيه: «قَصُرَ نَهَارُهُ فَصَامَ، وَطَالَ لَيْلُهُ فَقَامَ». وحسَّنه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 200، ط. مكتبة القدسي، القاهرة).
قال الإمام المُناوي في "فيض القدير" (4/ 172، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [«الشِّتَاءُ رَبِيعُ الْمُؤْمِنِ»؛ لأنَّه يرتع فيه في روضات الطاعات، ويسرح في ميادين العبادات، وينزه القلب في رياض الأعمال، فالمؤمن فيه في سعة عيش من أنواع طاعة ربه، فلا الصوم يجهده ولا الليل يضيق عن نومه وقيامه كالماشية تربع في زهر رياض الربيع] اهـ.
اغتنام فصل الشتاء يكون بعدة أمور، من أهمها: أولًا: إسباغ الوضوء على المكاره فيه، وهو في شدَّة البَرْدِ من أفضَل الأعمال؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟»، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ» رواه الإمام مسلم.
قال الإمام النووي في "شرحه على صحيح الإمام مسلم" (3/ 141، ط. دار إحياء التراث العربي): [وإسباغ الوضوء: تمامه، والمكاره تكون بشدة البرد، وألم الجسم، ونحو ذلك] اهـ.
ثانيًا: قيام ليله؛ وهو من أعظم القربات التي يأتي بها المكلف؛ فقد مدح الله تعالى عباده الذين هم أهل الجنة بأنَّهم: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ [السجدة: 16]، وقال تعالى مادحًا لهم أيضًا: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ [الذاريات: 17]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ» أخرجه الإمام مسلم.
وإذا كان قيام الليل مستحبًّا في كل فصول العام إلَّا أنه في فصل الشتاء آكد استحبابًا وأعظم ثوابًا؛ فعن قتادة أنَّ عامر بن عبد الله لمَّا حُضِر -أي حضرته الوفاة- جعل يبكي، فقيل له: ما يُبْكيك؟ فقال: ما أبكي جَزَعًا من الموت ولا حِرْصًا على الدنيا، ولكن أبكي على ظَمَإ الهواجر وعلى قيام ليل الشتاء. أخرجه ابن سعد في "الطبقات". وبكى معاذ رضي الله عنه عند موته وقال: إنما أبكي على ظمأ الهواجر، وقيام ليل الشتاء، ومزاحمة العلماء بالرّكب عند حلق الذّكر. ذكره الحافظ ابن رجب الحنبلي في "لطائف المعارف" (ص: 524، ط. المكتب الإسلامي). وذكر قبله أنَّ قيام ليل الشتاء يعدل صيام نهار الصيف.
وقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنَّه كان يقول: "مرحبًا بالشتاء؛ تنزل فيه الرحمة، أمَّا ليله فطويل للقائم، وأمَّا نهاره فقصير للصائم" أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس".
ثالثًا: صوم نهاره، فعن عامر بن مسعود الْجُمَحِيِّ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ» أخرجه الإمامان الترمذي وأحمد.
قال الإمام المناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (2/ 106، ط. مكتبة الإمام الشافعي): [«الصَّوْم فِي الشتَاء الْغَنِيمَة الْبَارِدَة»، أي: التي تحصل عفوًا بغير مشقة؛ لقصر النهار، وبرده، وعدم الحاجة مع ذلك إلى أكل وشرب] اهـ.
رابعًا: الدعاء خاصة إن كان اليوم شديد البرد بأن يقول: "اللهم أجرني من زمهرير جهنم"؛ لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا كَانَ يَوْمٌ حَارٌّ فَقَالَ الرَّجُلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مَا أَشَدَّ حَرَّ هَذَا الْيَوْمِ! اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِجَهَنَّمَ: إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي اسْتَجَارَ بِي مِنْ حَرِّكِ فَاشْهَدِي أَنِّي أَجَرْتُهُ، وَإِنْ كَانَ يَوْمٌ شَدِيدُ الْبَرْدِ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مَا أَشَدَّ بَرْدَ هَذَا الْيَوْمِ! اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْ زَمْهَرِيرِ جَهَنَّمَ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِجَهَنَّمَ: إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي قَدِ اسْتَجَارَنِي مِنْ زَمْهَرِيرِكِ، وَإِنِّي أُشْهِدُكِ أَنِّي قَدْ أَجَرْتُهُ»، قَالُوا: مَا زَمْهَرِيرُ جَهَنَّمَ؟ قَالَ: «بَيْتٌ يُلْقَى فِيهِ الْكَافِرُ، فَيَتَمَيَّزُ مِنْ شِدَّةِ بَرْدِهَا بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ» أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"، والبيهقي في "الأسماء والصفات".
الخلاصة
بناءً على ما سبق وفي السؤال: ففصل الشتاء غنيمة للمؤمن، وعليه أن يغتنمه في التقرب إلى الله تعالى بإسباغ الوضوء، وقيام الليل، وصوم النهار، وسائر القربات، وفي ذلك كلِّه حط للخطايا والذنوب والسيئات، ورفع للدرجات في الجنات.