حجاب المغربية بنزينة يوقظ قضية الدمج والتعددية داخل المستطيل الأخضر
تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT
مدافعة المنتخب نهيلة بنزينة أول لاعبة ترتدي الحجاب في كأس العالم للسيدات على مستوى الكبار
بشموخ واعتزاز وقفت المغربية نهيلة بنزينة مرتدية حجابها داخل المستطيل الأخضر لتمثيل بلادها وإرثها وتقاليدها الإسلامية في مواجهة فرنسا التي تحظر ارتداء الحجاب داخل الملاعب الكروية. وفي مونديال أستراليا ونيوزيلندا 2023 لكرة القدم للسيدات، حققت لاعبات المغرب نجاحا كرويا في أول مشاركة لهن في بطولات كأس العالم للسيدات.
ورغم الخسارة أمام فرنسا 4- صفر في دور الـ 16 وتوديع البطولة، حققت نهيلة بنزينة نجاحا خارج المستطيل الأخضر مع رمزية حجابها.
وكما كان المغرب أول منتخب عربي يشارك في كأس العالم للسيدات، كانت مدافعة المنتخب نهيلة بنزينة أول لاعبة ترتدي الحجاب في كأس العالم للسيدات لكرة القدم على مستوى الكبار.
وفي مقابلة مع DW، قالت لاعبة المنتخب المغربي، روزيلا أيان: "كان الأمر جيدا، سوف تلهم نهيلة الكثير من الفتيات ليس فقط في المغرب وإنما حول العالم لأنها أثبتت أن بإمكانهن القيام بكل ما يرغبن فيه. أنا سعيدة جدا لها لأنها أدت بشكل قوي في البطولة وتستحق ذلك".
وكان دور نهيلة بارزا في البطولة حيث ساعدت منتخب المغرب في الفوز على كوريا الجنوبية ثم كولومبيا بعد الخسارة في أول مباراة أمام منتخب ألمانيا 6-0، ليصعد الفريق المغربي إلى مرحلة خروج المغلوب وسط إشادة بالجدار الحديدي لدفاع منتخب المغرب والذي قادته نهيلة.
والأهم من ذلك، أن بنزينة منحت وعيا بمبدأ "الدمج" في الرياضة ووضعت المسؤولية على عاتق الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، خاصة وأن مسار إقرار ارتداء اللاعبات المسلمات للحجاب داخل ملاعب كرة القدم يعود إلى زمن طويل.
وتجدر الإشارة إلى أن مصطلح "الدمج" يتعلق عموما بقبول التعددية وإنشاء مجتمع يتمتع فيه الجميع بفرص وحقوق متساوية، بغض النظر عن العرق والدين والجنس وما إلى ذلك.
في مونديال 2023، واجهت نهيلة لاعبات منتخب فرنسا وهي مرتدية الحجاب، بينما تحظر فرنسا ارتداء الحجاب داخل الملاعب الكروية.
ويعود الفضل في إثارة قضية الحجاب إلى الكندية أسمهان منصور، التي كانت محور النقاش الذي أفضى إلى إقرار ارتداء الحجاب داخل المستطيل الأخضر.
وتعود واقعة أسمهان منصور إلى عام 2007 عندما حاولت اللاعبة الشابة، التي كانت تلعب لفريق محلي يمثل العاصمة أوتاوا، ارتداء الحجاب في إحدى البطولات، لكن حكم المباراة لم يسمح لها بذلك استنادا إلى قرارات الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا). وعلى إثر منعها، قرر فريقها الانسحاب من المسابقة، التي كانت تقام في مدينة لافال بمقاطعة كيبيك.
وقدمت أسمهان منصور والاتحاد الكندي لكرة القدم طعنا ضد قرار الفيفا، الذي أكد أن حظره للحجاب يعود إلى سببين الأول: يتمثل في أن الحجاب قد يؤدي إلى وقوع إصابات. أما السبب الثاني فهو أنه يرى أن الحجاب ينتهك القاعدة الخاصة بأن تكون المعدات والملابس خالية من أي تعبير سياسي أو ديني.
وفي عام 2010، قرر الفيفا منع المنتخب الإيراني الأولمبي النسائي من المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية للشباب بسنغافورة بسبب أن اللاعبات أردن ارتداء الحجاب خلال المنافسة، لكن في النهاية سُمح لهن باللعب لكن شريطة ارتداء قبعات بدلا من الحجاب.
وفي عام 2011، حُرم منتخب إيران للسيدات من اللعب أمام نظيره الأردني بسبب ارتداء لاعباته الحجاب ضمن تصفيات أولمبياد لندن 2012 في عمان.
لكن في عام 2012، سمح مجلس اتحاد كرة القدم (إيفاب) الذي يسن قوانين كرة القدم في العالم، بتدشين فترة تجريبية لمدة عامين يتم خلالها ارتداء اللاعبات "الحجاب الرياضي".
وعلى إثر ذلك، عمد مصممو الأزياء الرياضية إلى تصميم حجاب ضيق خفيف يتوافق مع مخاوف الفيفا المتعلقة بالسلامة فيما جاء في الحكم الصادر عن مجلس الاتحاد الدولي بأنه "لا توجد دراسات طبية تشير إلى حدوث إصابات بسبب ارتداء الحجاب".
وبعد انتهاء المرحلة التجريبية، سمح الاتحاد الدولي لكرة القدم بارتداء الحجاب خلال المباريات الدولية ابتداء من عام 2014 .
ودعت سيدات المغرب كأس العالم بعد خسارة ثقيلة على يد الفرنسيات، لكن منتخب "اللبؤات" صنع التاريخ
حظر الحجاب مستمر في فرنسا
ويرى خبراء أن خوض نهيلة، وهي مرتدية الحجاب، المواجهة أمام لاعبات فرنسا يحمل رمزية، إذ ما زالت تحظر فرنسا ارتداء الحجاب داخل المستطيل الأخضر.
ويحظر الاتحاد الفرنسي لكرة القدم على لاعبي كرة القدم ارتداء "رموز أو ملابس تظهر بوضوح وجهات نظر المرء السياسية أو الفلسفية أو الدينية أو النقابية" خلال المسابقات.
وكانت مجموعة النساء المسلمات والتي تعرف بـ "المحجبات" قد طعنت عام 2020 في شرعية المادة الأولى من لوائح الاتحاد الفرنسي للعبة، التي تحظر منذ عام 2016 "ارتداء أي علامة أو ملابس تظهر بوضوح الانتماء السياسي، أو الفلسفي، أو الديني، أو النقابي".
وأكدت الدعوى على أن الحظر يعد "تمييزا وينتهك حقهن في ممارسة شعائرهن الدينية"، فيما حصلت اللاعبات على دعم من نجوم سابقين في المنتخب الفرنسي أبرزهم إريك كانتونا وليليان تورام.
وإزاء ذلك، يعتقد كثيرون أن نهيلة حالفها الحظ حيث تنظم بطولة كأس العالم للسيدات الحالية في أستراليا ونيوزيلندا وليس في فرنسا، التي استضافت البطولة السابقة، لأن هذا كان سيعني أنه لم يكن بمقدورها ارتداء الحجاب.
لكن هذا لم يمنع من إثارة الجدل داخل فرنسا وأيضا غضب اليمين المتطرف مع انتقاد أصوات فرنسية نهيلة بنزينة، حتى وصل الأمر إلى اعتبار أحد الصحافيين الفرنسيين قرار نهيلة ارتداء الحجاب بأنه يمثل "خطوة رجعية".
مجموعة من النساء المسلمات تُعرف باسم "المحجبات" طعنت في شرعية المادة الأولى من لوائح الاتحاد الفرنسي لكرة القدم
ويعزو خبراء الجدل، الذي أثاره حجاب نهيلة، إلى حساسية قضية الحجاب في فرنسا في الملاعب الكروية، حيث يضم المنتخب لاعبات مسلمات مثل نجمة المنتخب كنزة دالي، ذات الأصول الجزائرية، التي سجلت الهدف الثاني لفرنسا أمام المغرب.
وفي تعليقها على حجاب نهيلة، قالت كنزة "أنا أحترم قرار الاتحاد (الفرنسي) إذ يبدو أن هناك أسبابا لهذا الحظر، لكن على المستوى الشخصي، لا أعتقد أن ارتداء الحجاب سوف يزعج أي شخص".
وفي مقابلة مع DW، أضافت "الجميع بحاجة إلى الحرية والشعور بالرضا لأن هذا الشعور سوف يكون له التأثير الهام. أنا سعيدة لأن نهيلة أكدت للعالم أنه يمكن ممارسة كرة القدم مع ارتداء الحجاب. أنا فخورة بما حققته لأن الأضواء كانت مسلطة عليها بما يعني أن الأمر لم يكن بالسهل".
ومنذ تكليفه بتولي إدارة منتخب المغرب للسيدات عام 2021، استطاع المدرب الفرنسي رينالد بيدروس إحداث تحول في الفريق فيما اختار نهيلة لتكون ضمن قوام الفريق.
وفي سؤال لـ DW عن تعليقه على حجاب نهيلة، قال بيدروس: "أنا لا أتحدث عن الدين".
المدرب الفرنسي رينالد بيدروس مدرب المنتخب المغربي لكرة القدم النسائية.
مصدر إلهام للمغاربة خارج البلاد
وداخل استاد هندمارش في جنوب أستراليا الذي استضاف مواجهة المغرب وفرنسا، لاقى حجاب نهيلة إشادة كبيرة من الجماهير المغربية.
وفي مقابلة مع DW، قال أحد المشجعين إن "ارتداء نهيلة الحجاب لا يمثل خطوة كبيرة في مسار الاندماج الديني في عالم الرياضة فحسب وإنما أيضا في قبول تقاليد اللاعبات، لكنها مجرد البداية ونأمل أن تقدم فرنسا على إنهاء حظر ارتداء الحجاب داخل الملاعب".
وشدد مشجع آخر على أن حجاب نهيلة "يعزز الدمج الرياضي، بما يضم حرية الجميع. ويجب أن يكون لكل فرد، خاصة النساء الحق في ارتداء ما يناسبه".
ويأتي أداء نهيلة ولاعبات المغرب الجيد في بطولة كأس العالم بعد المعجزة الكروية التي حققتها أسود الأطلس (منتخب الرجال) بعد بلوغهم مرحلة نصف النهائي في مونديال قطر، وهو الأمر الذي سوف يخلق زخما كرويا في المغرب، وفق وصف المدرب بيدروس.
ومثل باقي أعضاء الفريق، قالت لاعبة المنتخب المغربي، روزيلا أيان: "نشعر بالفخر بما حققنا في البطولة لقد دخلنا التاريخ وهي خطوة في الاتجاه الصحيح لتحقيق الكثير. ربما ألهمنا الكثير من الفتيات في المغرب وهذا يمثل انجازا لنا".
جانيك سبايت / م. ع/ ص.ش
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: المغرب فرنسا أسود الأطلس كأس العالم المونديال كأس العالم للسيدات في أستراليا ونيوزيلندا المنتخب المغربي الحجاب مونديال السيدات لكرة القدم مونديال السيدات نهيلة بنزينة المغرب فرنسا أسود الأطلس كأس العالم المونديال كأس العالم للسيدات في أستراليا ونيوزيلندا المنتخب المغربي الحجاب مونديال السيدات لكرة القدم مونديال السيدات نهيلة بنزينة کأس العالم للسیدات فی کأس العالم نهیلة بنزینة منتخب المغرب لکرة القدم الحجاب فی
إقرأ أيضاً:
المصالح الأمنية المغربية عززت قدراتها في مواجهة المخاطر المرتبطة باستضافة التظاهرات الرياضية الكبرى
أكد المراقب العام، حسن البوزيدي، رئيس قسم الأمن الرياضي بمديرية الأمن العمومي، أول أمس الثلاثاء بالجديدة، أن المصالح الأمنية عززت قدراتها في مواجهة كل المخاطر المرتبطة باستضافة التظاهرات الرياضية الكبرى.
وأوضح البوزيدي، خلال ندوة حول موضوع « الأمن الرياضي أمام تحديات تنظيم كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030 » نظمت في إطار أيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني بالجديدة، أن المغرب يتوفر على « كافة الإمكانيات للتصدي لكل الجرائم السيبرانية وباقي التهديدات المحتملة التي قد تهدد السير العادي لهذه التظاهرات الرياضية ».
وأبرز، في سياق متصل، أن المملكة اكتسبت خبرة مهمة في مجال تنظيم التظاهرات الرياضية الكبرى، مذكرا باحتضان عدة تظاهرات دولية ككأس العالم للأندية سنوات 2013 و2014 و2022، إضافة إلى تنظيم عدة فعاليات عالمية في أصناف رياضية أخرى.
وبعدما تطرق لمعايير الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم (الكاف) والاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بخصوص تأمين جميع المواقع الرسمية، أشار المسؤول إلى أن المسيرات الطائرة توجد في صلب المراقبة الأمنية، مضيفا أنه من شأنها، في إطار هذه التظاهرات الرياضية، الاضطلاع بدور محوري في تأمين الفضاء العام ورصد وتحليل تحركات الجمهور بدقة عالية، وإحصاء المتجمهرين في حالات الشغب والتعرف على هوياتهم، وكذا تعزيز الاستجابة الأمنية الميدانية عبر المراقبة المستمرة والتدخل الاستباقي.
وبخصوص التنسيق الأمني واللوجستي لضمان سلامة الفعاليات الرياضية، أفاد المراقب العام بأن قاعة القيادة والتنسيق كمنطقة مركزية للتواصل بين مختلف الفرق الأمنية تعد أساس التواصل الأمني، إضافة إلى أن استغلال كاميرات المراقبة المثبتة بالمحاور الطرقية وكذا بأنحاء الملاعب الرياضية من شأنه إتاحة مراقبة أي نشاط مشبوه أو أحداث طارئة، وبالتالي الاستجابة السريعة مع إيفاد فرق الطوارئ والإنقاذ.
من جهة أخرى، استعرض المسؤول عددا من الرسوم التوضيحية التي تسلط الضوء على تصور السلطات لتدبير الحشود حول الملاعب وداخلها، والذي يرتكز على عدم تداخل التدفقات والمسارات المخصصة للفرق المتبارية، والشخصيات والصحافة والمشجعين من ذوي الاحتياجات الخاصة. ويرتكز هذا التصور أيضا على اهتمام خاص بتدفقات غير المشجعين، فضلا عن التشجيع على استخدام وسائل النقل العامة للجمهور العادي.
كما استعرض الإجراءات التي سيتم اتخاذها لتأمين مناطق التشجيع والفرجة، فضلا عن إجراءات ضبط حركة الجماهير على مستوى شبكات النقل، لاسيما المطارات ومحطات النقل على مستوى المدن المستضيفة بالمغرب، مضيفا أنه من الضروري الانسجام والتكامل مع الإجراءات ذات الصلة المعتمدة في إسبانيا والبرتغال، الشريكتين في تنظيم كأس العالم مع المغرب.
من جهته، نوه المنسق العام للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، معاذ حجي، بالمجهودات الجبارة التي تبذلها المصالح الأمنية لضمان الأمن خلال تنظيم التظاهرات الرياضية، لاسيما مباريات كرة القدم التي تحظى بمتابعة جماهيرية واسعة، والتي أضحت اليوم واجهة وطنية ومجالا حيويا للتفاعل الجماهيري والرهانات المجتمعية والتنموية.
وأكد حجي أن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تولي عناية خاصة لمسألة الأمن داخل الملاعب الرياضية، باعتبارها ركيزة أساسية لإنجاح أي تظاهرة كروية، وضمانا لبنية سليمة وآمنة لممارسي اللعبة والجماهير وكل المتدخلين في المجال.
كما أوضح أن الجامعة تعمل، بتنسيق تام مع الأجهزة الأمنية ومختلف الشركاء، على تنزيل المعايير الدولية المعتمدة في مجال السلامة والأمن الرياضي، بما يتماشى مع توصيات الاتحاد الدولي لكرة القدم، والكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، وكذا الممارسات الفضلى المعمول بها في كبريات البلدان الإفريقية.
وأبرز حجي أنه، في إطار الدينامية الرياضية التي يشهدها المغرب، خاصة مع الاستحقاقات الكبرى المقبلة مثل كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، أصبح ضمان أمن وسلامة الملاعب يشكل أولوية قصوى ومسؤولية جماعية مشتركة تتطلب تعبئة دائمة ويقظة مستمرة من المؤسسات.
وأضاف أن الجامعة الملكية انخرطت، بتعاون وثيق مع السلطات الأمنية، في تنزيل منظومة متكاملة تستند إلى المعايير الدولية للأمن في تنظيم التظاهرات الكروية، والتي يمكن إجمالها في تحديث وتحسين البنية التحتية الأمنية للملاعب، وتعميم نظام التذاكر الإلكترونية والمراقبة الأمنية للدخول والخروج، وتخصيص مناطق جلوس مرقمة، وغيرها.
يذكر أن فعاليات الدورة السادسة لأيام الأبواب المفتوحة للمديرية العامة للأمن الوطني، المنظمة بمركز المعارض محمد السادس بالجديدة، تتواصل إلى غاية 21 ماي الجاري تحت شعار » فخورون بخدمة أمة عريقة وعرش مجيد »، وذلك تزامنا مع تخليد الذكرى الـ 69 لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني.
وتروم هذه التظاهرة تكريس انفتاح مؤسسة الأمن الوطني على محيطها الاجتماعي، وإطلاع الجمهور بشتى فئاته على كافة المهام التي تضطلع بها مختلف الوحدات والتشكيلات الأمنية المجندة لخدمته وضمان أمنه وسلامة ممتلكاته والحفاظ على النظام العام، وكذا استعراض جميع التجهيزات والمعدات والآليات المتطورة الموضوعة رهن إشارة المصالح الأمنية.
كلمات دلالية التظاهرات الرياضية المصالح الأمنية