كيف تشجع طفلك على الحديث عن يومه الدراسي؟
تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT
غالبا ما يكون من الصعب الحصول على إجابات واضحة من الأطفال عند سؤالهم عن يومهم الدراسي، فكثيرا ما يردون بقولهم: "لا شيء" أو "لا أتذكر"، وأحيانا يكتفون بكلمة مثل "جيد". وهذا يجعل من الضروري أن نبحث عن طرق فعالة للتواصل معهم لاكتشاف ما مروا به خلال يومهم، بهدف تقديم الدعم المناسب وحمايتهم من أي مشكلات قد تواجههم في البيئة المدرسية.
ينصح الخبراء بألا تتوقف عن المحاولة إذا بدا الطفل غير مرحب بالسؤال، فإن التواصل حتى لو كان ذلك عبر حديث قصير متكرر أفضل من حديث طويل على فترات متباعدة، ويؤكد الخبراء أهمية هذا التواصل للصحة العقلية للطفل، إذ يحمي الطفل من خطر تدني تقدير الذات، وضعف الأداء الأكاديمي، كما يعزز الترابط بين الآباء والأطفال، وفق موقع ذا كونفرزيشن.
أكدت دراسة أجراها باحثون بالمعهد الوطني لصحة الطفل والتنمية البشرية، في ولاية ميريلاند بالولايات المتحدة، ارتفاع نسبة التكيف في المدرسة والقدرة على الإنجاز لدى الطلاب الذين حظوا برعاية جيدة من جانب الوالدين مقارنة بغيرهم ممن لم يحظوا بها، إذ ارتفعت لديهم نسبة المشاكل السلوكية وانخفض أداؤهم الدراسي.
مثلنا نحن البالغين، يحتاج الأطفال إلى بعض الراحة لتخفيف التوتر واستيعاب لحظة الانتقال من المدرسة إلى المنزل، وأدمغة الصغار ليست بمهارة أدمغة البالغين في إجراء هذا التحول، خاصة حينما يشعرون بالتعب، وفق موقع لايف هاكر.
كذلك، لا يتذكر طفلك الأحداث كما تتذكرها، لسبب بيولوجي يتعلق بنمو الدماغ، وعلينا استخدام أساليب تدفعهم للتذكر والاسترسال.
كما يشير موقع واشنطن بوست إلى أن بعض الأطفال يصبح لديهم فضول لمعرفة كيف قضت الأم يومها بعيدا عنهم، وهنا يجب اتباع أسلوب مختلف بأن تسرد الأم أولا ما فعلته خلال اليوم، إذ يشجع ذلك الطفل على المشاركة، فيحكي بدوره عن نفسه وكيف مضى يومه.
هكذا يمكن دفعهم للحديثالتواصل مهارة لا يزال الطفل في حاجة لتنميتها، أحيانا يكمن السر في السؤال، فبالنسبة إليه فقد مر بـ100 حدث، الكبير منها والصغير؛ وإزاء سؤالك فهو لا يعرف ما الذي تريد معرفته تحديدا، وربما لذلك يجيبك فقط بأنه "كان يوما جيدا"، فإليك نصائح الخبراء ليمكنك التواصل مع الطفل:
اطرح أسئلة مفتوحةأسئلة مثل "كيف كان يومك؟" يمكن أن تنتهي بكلمة واحدة، رغم أن بعض الأطفال يسهبون في الرد عليها؛ لذا عليك أن تطرح أسئلة تساعد في تدفق الحوار، مثل "ما أكثر شيء أعجبك اليوم".
بعد قسط من الراحةتجنب طرح الأسئلة بعد عودته من المدرسة مباشرة، إذ يشعر الأطفال بالتعب أحيانا؛ بعد الاسترخاء وتناول وجبة خفيفة، يكون الطفل أكثر استعداد للحديث ومشاركتك أحداث اليوم.
استمع باهتمام وأبعِد الهاتفاستماعك له باهتمام يساعده على التحدث بحرية، لذا انتبه واترك الهاتف جانبا وتواصل معه بصريا وامنحه اهتماما كاملا.
حين يشكو الطفل من مشكلة ما مع أقرانه أو مشكلة في أداء الواجب المدرسي، لا تمنحه ردا فوريا باقتراح الحل، إنها فرصة مناسبة لتشجعه وتنمي لديه مهارة حل المشكلات، دعه يطرح الحلول وتناقش معه فيها ليختار معك الحل الأفضل.
أسئلة مثيرةالاهتمام من جانبك بطرح الأسئلة المثيرة وتخصيص الوقت يدفع طفلك للحديث، بعض الأسئلة تفتح له الباب للحديث، مثل "مع من لعبت في الاستراحة؟" أو "ما الذي أضحكك اليوم؟" أو "أخبرني عن شيء تعلمته"، كما يشير موقع ذا كونفرزيشن، فإنه تدريجيا قد يكتسب هذه العادة في مشاركتك أحداث اليوم من دون حتى أن تبدأ أنت الأمر.
شاركه أحد الأنشطةوفقا لموقع بارنتس، يتمتع الأطفال بالذكاء الذي يمكنهم من إدراك مدى اهتمامك بمعرفة تفاصيل حياتهم والاطمئنان عليهم. هذا الشعور بالمراقبة قد يدفعهم للتردد في مشاركة التفاصيل. لذلك، يمكن أن يساعدك القيام بنشاط مشترك مثل اللعب أو الطهي، والتحدث أثناء ذلك، في تخفيف التوتر وجعل الطفل يشعر براحة أكبر. كما يُنصح بعدم الإكثار من الأسئلة حتى لا يشعر الطفل بالضغط، بل دعه يتحدث بحرية وبطريقته الخاصة.
في عمر صغير، يصبح الطفل في حاجة فقط لأسئلة جيدة لكي يتمكن من تذكر التفاصيل والتعبير عن شعوره، في عمر أكبر قليلا، حين يبدأ الطفل يرى الأسئلة متطلبات، يمكن طرح أسئلة عن أقرانه كبداية للحديث، مثل "ما رأي أصدقائك في المدرس الجديد؟".
مع بداية سنوات المراهقة، ورغبة الطفل في الخصوصية والاستقلالية، يمكن تشجيع التواصل بإظهار الاهتمام بآرائه والسماح له بالمشاركة في القرارات العائلية، مع إتاحة الفرصة له لبعض الخصوصية.
أخيرا، قد يحتاج الأمر إلى تدخل المختصين، إذا فشلت محاولاتك معه أو إذا كان منفتحا على الحديث معك وتوقف فجأة عن الثرثرة المعتادة منه، إذ قد يعني هذا أنه يواجه مشكلة أكبر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
الأمل في يومه الدولي
في العام 2006 نشر باراك أوباما كتابه الشهير (جرأة الأمل) الذي يحدثنا فيه عن المعترك السياسي الذي مرَّ به خلال رحلته للانضمام إلى مجلس الشيوخ. وفي هذا الكتاب يقدِّم أوباما رسالة مفادها قدرة الأمل، وقوته التي توصل الإنسان إلى مبتغاه؛ حيث تبنى فكرة المصلحة المشتركة التي تربطه بمجتمعه. فقد صاغ رسالته بما مفاده: (أن لدينا مصلحة مع بعضنا البعض، وأن ما يربطنا معا أكبر مما يفرقنا، وعلى الرغم من أننا قد لا نستطيع حل كل المشكلات، لكن يمكننا إنجاز شيء ذي مغزى).
تمثل هذه الرسالة جوهر الأمل وإمكاناته التي يمكن من خلالها الوصول إلى حلول منقذة للكثير من التحديات التي تمر بنا أفرادا أو مجتمعات، ولهذا فإن فكر التحدي وبناء المستقبل يقوم على مدى إيماننا بأنفسنا وبمن حولنا، وبقوة الأمل الذي نتحلى به؛ فالأمل هو الطريق إلى تغيير الحاضر، والإيمان به يفضي إلى العمل من أجل الوصول إلى الأهداف والغايات التي نصبو إليها.
إن فكرة الأمل نفسها تقوم على محاولة تغيير الواقع، والتطلُّع نحو الأفضل، وبالتالي العمل بجدية لتحقيق الأهداف؛ لذا فإن أولئك الذين يتحلون بالأمل وحدهم من يستطيع التحدي والمقاومة والمثابرة من أجل غد أفضل له ولمجتمعه. فصاحب الأمل يعرف قيمة المستقبل، وما يجب عليه عمله في سبيل المضي قدما دون الاكتراث للمحبطين وللظروف المحيطة، وما يمكن أن يصنعه للتغلُّب على تحديات الحاضر ومعوقاته لبناء جسور جديدة يعبر من خلالها إلى الطرق المفتوحة.
ولعل أهمية الأمل في حياة المجتمعات ومكاناته هي التي دفعت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لتبني الاحتفاء به من خلال تخصيص الثاني عشر (12) من يوليو يوما دوليا للأمل، باعتباره (حاجة عالمية في زمن مضطرب)؛ ففي ظل التحديات المصيرية التي يواجهها العالم في زمن عدم اليقين السياسي والاقتصادي والبيئي وبالتالي الاجتماعي، دعت الحاجة إلى التذكير والتوعية بأهمية الأمل، بوصفه قيمة أخلاقية نفسية وصحية وتنموية داعمة ومحفزة للمضي قدما.
إن العالم في (اليوم الدولي للأمل) يحتفي بالقيمة الإنسانية لفكرة الأمل وجوهرها، وأهميتها في (تعزيز الصحة النفسية، والاحترام المتبادل، والاستقرار الاجتماعي، والتنمية المستدامة)؛ فالاحتفاء به لا يمثِّل قيمة رمزية وحسب، بل أيضا (نداء عالميا يدعو إلى العمل) - حسب اليونسكو -؛ إذ يسعى إلى حث الدول إلى التوعية بأهميته، وتهيئة البيئات الاجتماعية التي يزدهر فيها الأمل، وحث الجهود إلى إقامة حملات ثقافية وإعلامية موسَّعة؛ لتعزيز مفاهيم التسامح، والتصالح، والتفاؤل، وتبني قيم المشاركة والبناء والتفهُّم والتعاطف، إضافة إلى دعم مفاهيم القدرة على التكيُّف مع الآخر، وفهم الظروف المحيطة، وإمكانات التغلُّب على التحديات.
إن الاحتفال باليوم الدولي للأمل يعبِّر عن قيمة التحوُّل والتغيُّر التي يمكن أن تُحدث فارقا كبيرا في الدول؛ فالمجتمعات المحبطة والمتشائمة لا يمكن أن تصنع حضارة، ولا يمكن أن تتقدَّم على المستوى التنموي، فبالأمل نحرِّك عجلة التقدم ومسيرته، وبه ننهض إلى العمل، ونقدِّم أقصى ما نستطيعه؛ من أجل إحداث التغيير في حياتنا وحياة مجتمعنا، ونسهم في تحقيق أهدافنا المشتركة. فالمجتمعات لا يمكن أن تحقِّق أهدافها سوى بسواعد أفرادها، وقدرتهم على الإبداع والابتكار في ظل ما يمر به العالم من تحديات ومصاعب.
فالإرادة والعمل يؤسسان على الأمل الذي يعزِّز الصحة النفسية للأفراد، ويوازن بين الدافعية والتفكير المتطلِّع نحو المستقبل، الأمر الذي يوفِّر بيئة خصبة للإبداع والابتكار والعمل؛ ذلك أن الصحة النفسية تنعكس على الصحة البدنية، وهي لا تقوم سوى بالأمل الذي يمنح السلام الداخلي، ويوفِّر بيئة نفسية متوازنة ودافعة إلى الإبداع والتقدُّم.
ولأن الأمل ركيزة للتنمية المجتمعية المستدامة؛ فإنه يعزِّز الدافعية والطموح، والعمل، والالتزام، بل إنه يُنعش ويُقوي الشعور بالسعادة والتفاؤل، ويُحفِّز الثقة والحوار والتماسك الاجتماعي. وكلما توفَّرت البيئة الداعمة لذلك كان الأمل راسخا وقادرا على التجلي في تلك الأشكال وغيرها. ولعل الاحتفال بهذا اليوم خلال الإجازات الصيفية دافع لنا جميعا؛ لإيجاد سبل الترفيه، ودعم التواصل الأسري، وتحفيز الدافعية من خلال الزيارات والرحلات والسفر، وحضور المناشط المختلفة.
ولذلك فإن ما تقدمه المحافظات المختلفة بشكل عام ومحافظة ظفار بشكل خاص من مناشط صيفية سواء أكانت فعاليات خاصة (رياضية وثقافية وغيرها)، أم مهرجانات ترفيهية عامة، إضافة إلى ما تزخر به المحافظات جميعا من معطيات وممكِّنات طبيعية ومعمارية تُعزِّز مفاهيم السياحة المحلية العائلية- سيوفِّر بيئة مناسبة؛ لتعزيز الشعور بالأمل والرضا والسعادة، الأمر الذي سينعكس على القدرة على البناء والعطاء والعمل.
ومن ذلك فإن توسعة آفاق البيئات الترفيهية في المحافظات خلال فترة الإجازات الصيفية، حتى وإن كانت أجواء بعض المحافظات حارة نسبيا، إلا أن هناك سبلا تقنية كثيرة يمكن الاستعانة بها، إضافة إلى أهمية استغلال الأماكن المغلقة لتكون حاضنة للفعاليات، كما هو الحال في المراكز الصيفية التي تلقى رواجا واسعا في الكثير من الولايات، بما توفِّره من مناشط ترفيهية وتعليمية تحفِّز الصحة النفسية، وترسِّخ العلاقات والروابط الاجتماعية بين أبناء الولاية.
إننا إذ نحتفل بالأمل باعتباره جوهر التنمية فإن علينا أن نجعل منه أساسا في حياتنا وحياة مجتمعنا، وعلينا أن نسهم في التوعية بأهميته، وقدرته على بناء جسور الحوار والمشاركة والتعاون بين أبناء المجتمع. والحال أننا نحتاج إلى تمكين البيئة المناسبة التي تعزِّزه وتدفعه، من حيث تلك الفعاليات والمناشط التي تدعم الإدماج والتواصل والمرونة النفسية والدافعية وغير ذلك مما يُسهم في شحذ الهمم والتفاؤل؛ بُغية المشاركة الفاعلة في تحقيق أهداف الوطن.
وليس أنسب من فترة الإجازات الصيفية التي يمكن خلالها تقديم الكثير من تلك المناشط والفعاليات، والتجمعات الأسرية والاجتماعية؛ فواجبنا جميعا تعزيز الثقة بالمجتمع، وترسيخ مفاهيمه القيمية، وتشجيع المشاركة المجتمعية التطوعية في تلك المناشط، بما يدعم المواطنة الإيجابية، ويقوِّي ثوابت المجتمع. إن الأمل ليس شعور بقدر ما هو سمة تعضِّد المشاركة والتقدُّم المستدام.
عائشة الدرمكية باحثة متخصصة فـي مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة