#وراء_الحدث
د. #هاشم_غرايبه
استوقفني تصريح أحد الدبلوماسيين الغربيين: “مشكلة سياسيي (الكيان اللقيط) أنهم يعتقدون أن سياسة استهداف قيادات معاديهم او استغلال تقدمهم التقني والنوعي سيرغم العرب على الرضوخ لهم، ذلك لأنهم لا يعرفون معنى القتال عن عقيدة”.
في حقيقة الأمر فهذا التصريح الغربي النادر، يلامس الحقيقة، فالغربيون يتجاهلون أو لا يريدون الاعتراف بهذه الحقيقة التي تؤرقهم في جوهر صراعهم التاريخي الطويل مع هذه الأمة، فمنذ الحرب العالمية الأولى، وبعد أن تمكنوا من القضاء على الدولة الإسلامية التي حمت الشرق الأوسط من أطماعهم طوال قرون، ظل هدفهم انتهاز هذه الفرصة التاريخية، لإخضاع هذه الأمة لنفوذهم وهيمنتهم، وأطمعهم نجاحهم في تخويف الأنظمة الحاكمة فيها عاقبة التمرد عليهم، أن ذلك سينسحب على شعوبهم فترضخ.
لكن مرت مائة عام ولم يتحقق لهم ذلك، عندها عرفوا أن هنالك عامل مهم وراء ذلك.
لتفسير دور ذلك العامل يجب الغوص في جوهر مسألة الصراعات البشرية، فالمهاجم طامع في ما لدى الآخر، أو باحث عن الهيمنة لأجل المجد، وما يحفزه هو تفوقه العسكري، لذلك فالروح المعنوية لديه مرتبطة بتحقيق النصر، لأن ذلك يؤمّن حصوله على المكاسب والمغانم، أما المدافع والذي هو ما هوجم في عقر داره لوكانت لديه القوة المكافئة، فزاده الأساسي هو الرو ح المعنوية العالية التي تدفعه الى الاستبسال في القتال دفاعا عن أرضه وبيته وأهله.
هكذا نلاحظ أن الفارق هائل في العقيدة القتالية بين المهاجم والمدافع.
بعد أن أنزل الله هديه عبر الرسالات السماوية، ظهر مفهوم جديد للعقيدة القتالية وهو الجهاد في سبيل الله، والذي يهدف للدفاع عن منهج الله ضد من يحاربونه، أو للدفاع عن حق الانسان في الدعوة أليه وفي اتباعه.
وهكذا أصبح لدينا ثلاثة عقائد قتالية: الهجومية والدفاعية والجهادية.
تبين من خبرة البشر أن الجهادية هي أقواها وأعظمها تأثيرا في الاستبسال في القتال، وتفسير ذلك أن النوعين الأوليين كلاهما يحققان النفع المادي المنظور والمباشر لمن يبقى على قيد الحياة، فأن قتل المرء فقد كلّ شيء وإن انتصر قومه، ولو أقيمت له التماثيل وقيلت فيه الأشعار، فهو لأنه لا يؤمن بالحياة بعد الموت، ولا بإله سيكافئه، كونه يعتقد أنه سيؤول الى العدم.
أما من يقاتل عن عقيدة الإيمان بالله، فهو مطمئن الى أنه سيجد بعد الموت جزاء حسنا، سواء انتصر قومه أم هزموا، هو أعظم بكثير مما كان سيحققه لو بقي حيا وتحقق انتصاره.
لذلك فالفارق في الروح المعنوية هائل جدا، بين من يقاتل وهوحريص على حياته ويخشى الموت، وبين من لا يخشى الموت، فهو في كلتي الحالتين رابح، النصر او الاستشهاد.
ما سبق ذكره ليس سرا يحتفظ به المؤمنون ويخفونه عن غير المؤمنين استئثارا بالخير لأنفسهم، بل هو حقيقة جلية للطرفين، لكن غير المؤمنين يحاولون انكارها بسبب طبيعتهم الإلحادية، أو التشكيك في صحتها منعا لانهيار روحهم المعنوية، لذلك يسعون الى تجاهل العقيدة الجهادية، أو محاصرتها إعلاميا ووصمها بصفات شنيعة لتشويهها، كتسمية المجاهدين بالإرهابيين أو بالمخربين أو التكفيريين الرافضين لحرية التفكير أو المتطرفين الكارهين لغيرهم.
في الصراع الذي نشأ نتيجة توافق الاستعمار الغربي على إقامة الكيان اللقيط، كخير وسيلة لإدامة سيطرتهم على الأمة، ونتيجة لاستبعاد العقيدة من حسابات الأنظمة العلمانية الحاكمة، فكانت العقيدة الدفاعية المنطلقة من الدفاع عن الأرض هي وسيلتها الوحيدة، ولاختلال موازين القوى فقد فشلت، وانهزمت جيوشها في كل المواجهات، فانكفأت الأنظمة وأعلنت استسلامها تحت مسمى التطبيع.
لكن بعكس الفئة الحاكمة، فالشعوب مؤمنة وعقيدة جهادية، لذلك صمدت وقدمت قوافل الشهداء، سواء قتالا أو اغتيالا، لأن خسارة الأرواح لا تثنيها، بل تزيدها عزيمة، فالمؤمن لا يخاف الموت، والروح الجهادية تنتقل بالتأثير وليس بالتوصيل، لذلك لا يمكن الحد منها.
من هنا جاء تفسير ذلك الدبلوماسي لفشل كل محاولات الاغتيال التي يقوم بها العدو بإضعاف الروح المعنوية، فالعقيدة الجهادية لا تتيح للمرء التراجع أو الهزيمة، بل تدفعه للاستبسال أكثر إعلاء لعقيدته الراسخة، وانتقاما لرفاقه.
المعادلة واضحة: الممانع الوحيد من الاستسلام هو العقيدة الجهادية، من يعتنقها لا ينهزم، قد يطول الزمن به أو يقصر لنيل النصر، لكنها مسألة وقت ليس إلاّ.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: وراء الحدث هاشم غرايبه
إقرأ أيضاً:
عائلة علاء عبد الفتاح: عداء شخصي من السيسي وراء إبقائه في السجن
كشفت عائلة الناشط المصري المعتقل، علاء عبد الفتاح، أن استمرار بقائه في السجن، هو بسبب عداء شخصي من رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي.
وقالت منى سيف، شقيقته التي زارته في السجن: "كانت الفكرة هي سحق روحه" وتضيف: "أعتقد أنه بعد كل هذه المحاكمات ومحاولات كسره، أدرك النظام أن طريقة سحقه هي عزله عن العالم وإسكاته. وهذا هو التكتيك المتبع منذ فترته الثانية في السجن التي بدأت عام 2019".
وما اتضح لسيف، بحسب صحيفة الغارديان وللآخرين الذين يطالبون بإطلاق سراحه، هو أن معاملة شقيقها مدفوعة بعداء شخصي للغاية موجه ضد عبد الفتاح وعائلته من قبل الرئيس المصري. وتقول سيف: "يبدو الأمر شخصيا جدا. منذ عام 2019، والرسائل غير الرسمية التي نتلقاها من مختلف المؤسسات المصرية تفيد بأن ملفنا مع السيسي".
واعتقل عبد الفتاح وسجن عام 2015 بتهمة خرق قانون منع التظاهر، وأفرج عنه لفترة قصيرة في آذار/مارس 2009 ثم أعيد اعتقاله بعد أشهر واتهم بنشر "أخبار مزيفة وتقويض الأمن القومي"، بعدما أعاد نشر تغريدة.
وأحد الأشخاص الذين لديهم معرفة شخصية لما مر به عبد الفتاح هو الناشط أحمد دومة، الذي سجن خلال فترة سجنه الأولى في طرة، حيث كان الرجلان لمدة 10 أشهر في زنزانات منفصلة وانفرادية يواجهان بعضهما البعض، حتى قررت السلطات أن قربهما يمثل مشكلة.
وعلى عكس عبد الفتاح، عفا السيسي عن دومة وأفرج عنه في عام 2023. وقال دومة لصحيفة "الغارديان" إن كانون الثاني/ يناير 2011 - عندما أدت 18 يوما من الاحتجاجات الجماهيرية إلى استقالة الرئيس آنذاك حسني مبارك "كان ولا يزال وسيظل إلى الأبد عدوا شخصيا للسيسي. وكان علاء أحد رموز تلك الفترة".
ويضيف دومة، الذي أمضى أكثر من عشر سنوات في السجن: "الحقيقة أن ساعة واحدة في السجن تترك أثرا لا مفر منه، وهو أمر ليس سهلا. هناك اكتئاب نتيجة ما حدث في السجن، سواء كان ما حدث لك مباشرة أو شهدته. تعذيب واعتداء وما إلى ذلك".
وقال دومة: "لا يقتصر الأمر على التأثير على الجسد فحسب، بل على العقل أيضا. في مرحلة ما، تدرك أنك كنت في الحبس الانفرادي لأيام أو شهور أو أيام أو سنوات، دون أي تواصل. لم أبدأ بعد رحلة التعافي من آثار تلك السنوات العشر".
ونقلت الصحيفة عن عايدة سيف الدولة، الطبيبة النفسية والمدافعة عن حقوق الإنسان ومؤسسة مشاركة لمركز النديم لتأهيل ضحايا العنف: "انظروا، الاحتجاز في مصر تعذيب نفسي. لا أعرف على ماذا يعاقب هؤلاء الأشخاص سوى أنهم عبروا عن رأيهم. أما سجن الناس لمجرد التعبير عن رأيهم، فهذا ليس عقابا قانونيا. لكن يبدو أن عبد الفتاح السيسي يعتقد خلاف ذلك". و "هذا عقاب أبشع، أب يعذب أطفاله لعقوقهم له".
ومن الواضح أن السلطات المصرية تعتبر احتجاز عبد الفتاح مفتوحا، إذ يتجاوز تاريخ الإفراج عنه المقرر أصلا وهناك احتمال أن تحاكمه مجددا.
ونقلت الصحيفة عن محمود شلبي، الباحث في منظمة أمنستي انترناشونال المعني بشؤون مصر: "الأمر برمته يدور حول جعله عبرة لغيره، لقد عوقب بالفعل بوحشية. قضى ما يقرب من عشر سنوات في السجن لمجرد ممارسته لحقوقه الإنسانية. قضية علاء استثنائية للغاية، لا سيما وأن مصر لديها تاريخ في إطلاق سراح مزدوجي الجنسية المحتجزين تعسفيا".
وأضاف: "أعتقد أن الخوف يكمن في أنه إذا أُفرج عنه، فسيسافر إلى الخارج وينتقد الحكومة من هناك. لكن هذا ليس مبررا لإبقائه في سجنه تعسفيا".
ويقول محاميه، خالد علي: "كان ينبغي الإفراج عن علاء في 28 أيلول/سبتمبر العام الماضي". بدلا من ذلك، رفضت المحاكم احتساب فترة حبسه الاحتياطي، قبل التصديق على الحكم، مما يعني أنه لن يفرج عنه إلا عام 2027 إن أُفرج عنه حينذاك". ويضيف علي: "حكم عليه بالسجن خمس سنوات، وهو محتجز منذ 28 أيلول/سبتمبر 2019. كان ينبغي أن تنتهي عقوبته في 28 أيلول/سبتمبر 2024".
وبعد إضرابه عن الطعام عام 2022، سمح لعبد الفتاح بقراءة الكتب، والآن بتلفزيون في وادي النطرون، حيث يستطيع الكتابة واستقبال الرسائل من عائلته. تقول سيف: "علاء وأمي من عشاق الخيال العلمي، لذا فهو يقرأ كثيرا. الخيال العلمي والروايات المصورة وأي شيء يتعلق بالعلوم. الآن يسمح له بتلفزيون، ويتابع البطولات. يتعامل مع البطولة كمشروع متكامل. إذا أقيمت بطولة ويمبلدون، فسيتابعها ليوم واحد".
ولكن بسبب طريقة بناء السجن، فإن منطقة التمارين الرياضية عبارة عن حفرة كبيرة بجدران خرسانية وبدون سقف. لم يتمش تحت الشمس لأكثر من خمس سنوات". وتستطيع العائلة مراقبة حالته المزاجية من خلال ردة فعله تجاه القطط التي لجأت إلى السجن والتي تبناها، "إذا كان مزاجه جيدًا، فإنه يشارك الكثير من صور القطط". لم يكن مزاجه جيدا في الأشهر الأخيرة، مع اقتراب موعد إطلاق سراحه وانقضائه.
وقالت "الغارديان" إن محاولات محاولات الحكومات البريطانية المتعاقبة ومسؤولي الاتحاد الأوروبي من بين جهات أخرى فشلت للتدخل خلف الكواليس، إذ لم تواجه مصر أي عواقب على انتهاكاتها لحقوق الإنسان. وفي ظل غياب محاورين ذوي نفوذ داخل الدائرة المقربة من السيسي، لا تزال قضية عبد الفتاح عالقة، حتى مع تدهور صحة والدته في لندن بشكل خطير.
ويقول أحد الأشخاص الذين شاركوا في الدفاع عن عبد الفتاح: "سياسة التعامل الخاص مستمرة منذ أكثر من عشر سنوات. لا نرى أي تحرك في قضايا حقوق الإنسان في مصر إلا عندما يكون هناك تهديد بالتحرك".
وأشارت سيف إلى أنهم "يريدون فقط استسلامه المطلق وسحق علاء تماما وتقليده لرواية النظام. حتى أدنى مؤشر على الاستقلال يعتبرونه تحديا. الأمر برمته عمل انتقامي محض لا معنى له، يتركنا نتساءل: ما الغرض منه، ومتى سيكون كافيا؟".