وادي العيون
كيف صارت الصحراء خالية؟
هل أفرغوها حفنةً حفنةً
إلى دلو بلاستيكي؟
هل مرروا ممحاة
على وجوه الواحات
حتى صارت ظلالًا ممرغة؟
هل طمروا الطرقات أمام القوافل
أم اختطفوا الأدلاء أولًا
فما بقيت بعدهم أدلة؟
لقد شقوا عيونها
- في شدة انفعالها -
بالجرافات
واجتثوا نخيل حاجبيها
سعفةً سعفةً
ونثروا كثبان تجاعيدها
في الهواء
فنسيت عدد سني عمرها
جاءوا بالآلات الجهنمية
تحفر قفصها الصدري
تكسرت مفاصلها
توزعت عظامها
تسعى في لحظات موتها
أن تشغل الفراغ
الفراغ
الذي سكبوه فيها
حفنةً حفنةً
من دلو بلاستيكي
الذي مرغوا به
وجوه الواحات
الذي أسدلوه على الأدلاء
والطرقات
ثم بلونه المسموم
أخفوا ملامحها
وعيونها التي كان لها وادٍ
وشفاهها
التي اختفت من عليها الأسماء
كيف باتت الصحراء خالية؟
أفرغوكم منها أولًا
نفضوها من بساط المخيلة
وفي الكتب
استحالت غبارًا.
جينات
لا يمكنك الوثوق بشخص لا يحب البرتقال
كانت لي صديقة تكره البرتقال
تعصر عينيها جزعًا من رائحته
تقول إنها تفضل العطور
أو رائحة رز محترق
شفاهها المكتنزة لا تحمل أي مشاعر
تجاه العصائر بمرارتها وحلاوتها أو دبقها
حتى أن أسنانها لم تألف عملية تعرية البرتقالة
أو تعرية أي جلد على العموم
أنا أيضًا كانت لي ثمرة كرهتها
في تلك الأيام السحيقة
عندما كنا نجلس على أرض الله
النساء في وضعية بوذا والرجال متقرفصين
نحاصر رأس معزة
يقف فوق جبل من الرز
كشمعة ميلاد
نجتمع في دائرة كحشد فاتته أفعال المقصلة
لكنه قد يشهد لفظة الروح. كنت أحبذ الرأس
- ذاك الملك المغدور محشوًّا بالشموخ -
بأصابعي الطويلة أجره إلى منطقتي
بينما أفرز البصلات الصغيرة بعيدًا عنه
ولدت في بلد يأكل فيه الناس بأعينهم
وبإمكانهم استقدام عمالة تأكل بالنيابة عنهم
فيحافظون على أسنانهم
لارتكاب خطايا أكبر
يتشاكى بعضهم:
كيف تكون الطماطم حمراء
وبلا سكر!
ثم في يوم قرر أبي شراء طاولة طعام:
لم تعد لأصابعنا أماكن تغوص فيها وتحفر
ولا دروبًا تلاحق عبرها حلقات البصل
مستوين على الكراسي جلس الرجال والنساء
بينما ظلت صحيفة اليوم جائعة على الكنبة.
اليوم أقضم البصلة كما لو أنها تفاحة
أو جزرا عصرته أمي
أملًا في إنقاذ عينيَّ
في مهمة مثَّلت الامتحان الأول لأمومتها
سألت أمي الطبيب:
«هل صحيح أن الجزر يساعد؟»
فهز رأسه إيجابًا
لأن في ذهنه الفلاح
ذكّره سؤالُها بنكتة
عن كون الأطفال حميرًا
والأمهات ساحرات
كل يوم راحت تعصر الجزر
بات كل شيء بطعم الجزر
وتفتحت عيناي
إلى رؤى وكوابيس وقصص
عن أم قلبت ابنتها حمارًا
من وقتها لم تحاول أمي إنقاذي ثانيةً
«لا شيء ينفع» تقول،
لم تعد تؤمن بالخضراوات والفواكه
ولا الأمومة والتطبيب.
«لا يمكن علاج الأفواه والأعين» تقول،
«لا تمكن هزيمة الجينات».
منى كريم شاعرة كويتية
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
"إسكوبار الصحراء": بعيوي يجهش بالبكاء نافيا علاقته بتهريب المخدرات
أجهش عبد النبي بعيوي، الرئيس السابق لجهة الشرق، بالبكاء أثناء مواجهته بتهم تتعلق بحيازة وتهريب المخدرات في القضية المعروفة إعلامياً بـ »إسكوبار الصحراء »، وذلك في جلسة مثيرة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، اليوم الخميس.
وأمام رئيس الجلسة، علي الطرشي، أذرف بعيوي الدموع وهو يتحدث عن تأثير الاتهامات التي كالها إليه الحاج بن براهيم المعروف بـ »إسكوبار الصحراء »، سواء عليه أو على عائلته، قائلا بنبرة متأثرة: « ما تربيناش على المخدرات، ووالدتي قالت لي: وكّلتوني الحرام ».
وأضاف أنه لم يبكِ في حياته إلا مرتين: الأولى عند وفاة والده، والثانية عندما وجهت له والدته هذا الاتهام. وشدد على أن سؤال والدته « واش وكّلتوني الحرام » كان له وقع كبير عليه، كونه يدرك معنى الأمومة.
وأوضح: “أنا اللي عارف معنى الأمومة، أمي أثرت فيّ حينما قالت: واش وكّلتوني الحرام”.
نفى بعيوي تصريحات أحمد بن براهيم، الملقب بـ”المالي”، أمام الشرطة كونه كان على علاقة به قبل دخوله إلى المغرب سنة 2013، وأنه أول من استقبله في مدينة السعيدية، ومنحه فيلا تعود لصهره للإقامة بها، كما عرض عليه حينها شراء 17 شقة.
وفي دفاعه عن نفسه، نفى بعيوي بشكل قاطع جميع تصريحات أحمد بن براهيم، المعروف بـ »المالي »، والتي أدلى بها أمام الشرطة. فقد نفى بعيوي معرفته بالمالي قبل دخوله إلى المغرب عام 2013، وتكذيب ادعاءاته بأنه استقبله في السعيدية ومنحه فيلا تعود لصهره للإقامة فيها وعرض عليه شراء 17 شقة.
واتهم بعيوي، « المالي »، بوجود تناقضات « صارخة » في أقواله، مشيراً إلى أنه صرح في البداية بأنه مشرف على عمليات التهريب، قبل أن يتراجع عن أقواله أمام قاضي التحقيق. كما أشار إلى تضارب في تاريخ تواجد « المالي » داخل السجن، حيث ذكر في محاضر 2019 أنه كان في السجن عام 2015، بينما أظهرت بيانات الفرقة الوطنية أنه لم يغادر المغرب إلا في ماي 2016. وأكد بعيوي أن هذه المحاضر المتضاربة هي سبب محاكمته.
وفي رده على الاتهامات المتعلقة بعمليات تهريب شحنات ضخمة من المخدرات، بما في ذلك شحنة 40 طناً وشحنتين أخريين بـ10 و15 طناً، فنّد بعيوي كل المعطيات المرتبطة بهذه العمليات، بما في ذلك تحويل الأموال عبر دراجات نارية إلى الجزائر وفرنسا. وأوضح أن أسماء الصرافين التي ذكرها « المالي » في التحقيق لا علاقة لها بتبييض الأموال، بل إن أحدهم يعمل كموثق.
وتحدى بعيوي الاتهامات الموجهة إليه، متسائلاً عن غياب أي دليل مادي يدينه، قائلاً: « إذا كنت فعلاً مشرفًا على هذه العمليات كما يدّعي، لماذا لا توجد مكالمة هاتفية واحدة بيني وبينه؟ ». وقدم للمحكمة عقد اشتراكه في شركة الاتصالات، مؤكداً أنه يحتفظ بنفس الرقم منذ عام 2006. كما أشار إلى أن الأسماء الأخرى التي ذكرها « المالي »، ومنها صاحب الباخرة، لا يعرفها على الإطلاق. ولفت إلى أن النيابة العامة لم تجد أي نتائج للتحقيق المعمق الذي طالبت به بشأن الأسماء والوقائع المذكورة في المحاضر.
إلى ذلك، ركزت المحكمة خلال استجواب عبد النبي بعيوي، على كيفية إتمامه زواجًا ثانيًا من سامية موسى رغم كونه متزوجًا بالفعل.
وخلال الاستجواب، نفى بعيوي علمه بكيفية إنجاز هذه الوثائق، مدّعيًا أن زوجته الثانية، سامية، هي من تولت كافة الترتيبات. وأوضح أن علاقتهما بدأت « بالفاتحة »، لكن بعد حملها، اضطر لتوثيق الزواج رسميًا لتمكين تسجيل الطفلة في الحالة المدنية، مشيرًا إلى أن زوجته الأولى كانت سترفض زواجه من أخرى.
كما عرضت المحكمة على بعيوي نتائج بحث أجرته الفرقة الوطنية، والتي أكدت تزوير وثيقة « شهادة الخطيب ». وأظهر البحث أن الوثيقة تحتوي على مطبوع غير رسمي وخاتم دائري لم يُستخدم من قبل، كما أن عون السلطة المفترض أنه أشرف على الوثيقة لم يعمل قط في مقاطعة الفداء، مما يثبت تزويرها.
وفي رده، تمسك بعيوي بأنه لا يعلم مصدر الوثيقة أو كيفية إنجازها، مؤكدًا: « أنا مشيت غير وقعت العقد فقط ». وأضاف أن زوجته كانت قد أكدت في محضر استماع سابق أنه لا علاقة له بالوثيقة المزوّرة.
وفيما يتعلق بإبرام عقد الزواج في برشيد رغم إقامة الطرفين في الدار البيضاء، برر بعيوي ذلك بأن زوجته هي من قامت بكافة الترتيبات، وأنه حضر فقط للتوقيع ثم غادر سريعًا بسبب انشغالاته المهنية. وتابع: « أنا ما عرفتْش كيفاش تْجهّز داكشي كلو بحكم ضغط العمل، وحضرت فقط للتوقيع ».
وأكد الرئيس السابق لجهة الشرق أن سامية، زوجته السابقة، كانت تحت ضغط كبير، لأنها كانت حاملًا في شهرها السادس، مما أدى إلى إتمام كافة الإجراءات بسرعة.
كلمات دلالية إسكوبار الصحراء عبد النبي بعيوي