الجيش والبرهان ايقونة الوطن
تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT
– مخاطبة*الجنرال البرهان* الجمعية العامة للأمم المتحدة دورة (٧٩) باسم دولة وشعب السودان هو المَتْن والحاشية وقافية الشعر وفصل الخطاب .. كل ما حواه الخطاب وتضمنه (النص ) من سجع ورجز ووصف وإحاطة بلغة ديبلوماسية وفي قالب سياسي رفيع مهذّب وانيق كربطة عنقه المختارة بعناية بالغة باللون (العُنّابي) رسالة تسامح من شعب يعشق السلام ؛؛ والميري الأخضر طُبِع علي جسده المصلوب عزّة وعزيمة حتي دَبَغه ودواخله تنازعه ان ادرك شعبك وخيلك وجُندك ساعة دواس .
– الانتصار الحقيقي سادتي ..
– ليس في الخطاب ؛ الذي لا يحتاج أن نسبر غوره ولا ان نفكّ طلسمه او ننبش في نواياه ومنزلقاته وأزقته وما اغفل وما شرح واوجز واطنب وارسل ..
– الانتصار في انتصابه بقامته المديدة مخاطبا عن السودان الوطن والشعب والسيادة والشرعيّة ؛وبلسان كل سوداني لاجئ بحثا عن السلام او نازح بوطنه أعياه الترحال من غزوات الموت وجحيم العيش وذُل (مرتزقة بن ناقص )، او مقاتل منتصرا للحق منحازا للشرف وعاشق أعياه الشوق للُقيا ربّه ورفاقه رياحين الدُنا ومسك الارض وانوار الأزمان ؛ بلسانهم وعنهم وبهم كان (*الجنرال البرهان)* هناك..
– سادتي ..
– الامم المتحدة عبارة عن لعبة سخيفة صنعها المنتصرون في الحرب الكونية الثانية اجتمعوا علي مائدة عشاء بارد (قبل ان تضع الحرب أوزارها حتي ) يحيطهم النبيذ والفودكا بليلة شاتية بمؤتمر طهران نوفمبر ١٩٤٣م ثم بمؤتمر يالطا فبراير ١٩٤٥م بروسيا في صقيع حاذق في صناعة الموت وصفه (تشرشل) لو انهم اعلنوا عن جائزة لاسوا مكان لكانت يالطا هي الاولي .
– (ستالين وروزفلت وتشرشل) الثلاثة الكبار أرادوا تصميم النظام عالمي جديد لإخضاع بقية العالم وفق نظرية تقسيم مناطق النفوذ كما جري في معاهدة (فرساي) بعد الحرب الاولي يونيو ١٩١٩م ومعاهدة سايكس بيكو يونيو ١٩١٦ م للاحتلال البريطاني الفرنسي للدول العربية والشرق الاوسط ومعاهدة بوتسدام يوليو ١٩٤٥ م لتقسيم المانية الجريحة المهزومة لأربع مقاطعات احتلال من قِبَل الحلفاء المنتصرين في ابشع صور الإمبريالية والجبروت العالمي ..
– ومن المفارقات البلهاء حين كان مؤتمر سان فرانسيسكو بكاليفورنيا منعقدا يتداول حول الجمعية الجديدة والبديلة لعصبة الامم في ٢٦ ابريل ولشهرين حتي ٢٦ يونيو ٤٥م كان في الكبار في ذات التوقيت (ببرلين) يتقاسمون بمشاعيّة متسفّلة دولة أوروبية مستقلة علمانية كاملة الدسم انهزمت في الحرب وكل منهم يناجز لاخذ الأفخاذ والأوراك من الضحية المانيا .
– دكانة الامم المتحدة تصلح فقط لإظهار سيطرة الدولة العميقة المتنفذّة في نهب ثروات الدول الفقيرة وتسمح بحدود دنيا للنواح واقامة المآتم لكل دولة مستلبة الارادة يؤدي ارجوزاتها باسم شعوبهم فروض الولاء والتبعيّة فهي مجرد نافذة علي القطار لبعض التنفّس وزفرات حرّي تخرج من الاحشاء ودموع امام الجلاد والمغتصب والباطش الأعظم وهنا سيدهم (أمريكا ) بلا منازع مُذ قيادتها للكون مابعد الحرب الثانية ثمّ خلا وجهها دون حسيب ولا رقيب ما بعد ١٩٩١م مناورات محدودة كان يقوم بها الاتحاد السوفيتي وضِرار الحرب الباردة ..
– ليت (الجنرال البرهان)..
– عرّج جنوباً بصحبة الرئيس الكوبي -ميغيل دياز كانيل- ليقف علي التجربة الكوبيّة في هزيمة اليانكي رغم أن الرجل من الجيل الثاني للثوريين خلفا لأعظم قادة النضال وكسر كبرياء امريكا فيديل كاسترو وشقيقه راؤول .. وعن سر الخطاب الشهير الاول(٥ ساعات ) بتاريخ دكانة الامم المتحدة في دورتها ال(١٥) عام ١٩٦٠م لكاسترو وهو يحاضر رؤوسا العالم عن خطابه (فلسفة الحرب ستزول بعد زوال فلسفة النهب) وهو يشتم الرئيس الأمريكي المغتال جون كينيدي داخل راكوبته الخاصة (الجمعية) وحرمه الأمريكي ..
– ثمّ يعبر اقصي الشرق للعم الداهية الروسي فلاديمير ولينظر في متحفهم والحذاء الذي صفع به (نيكيتا خروتشوف)وجه الامم ومنضدة رئيسها (وظز في اي زول الماعاجبو هديك النقعة) .. وفلاديمير رجل صارم لكنه صاحب نكته ويحب تمجيد الذات ليحادثه عن حالة التوهان التي تعيشها أوروبا الان ونزيف خزائنها أفرغها بحربه النزهة بأوكرانيا والوحل الذي تصيخ فيه ارجلهم جميعا وأمريكا تصرخ باعلي صوتها وتفشل في ايقاف الحرب وفي من دولاراتها من السيلان ومن المستحيل ان تغامر بجندي واحد ضد روسيا وفي مخيلتها انه الشعب الذي احرق عاصمته وأحالها رماد ١٨١٢م عندما غزاها نابيليون فعاد بجيشه مهزوما وعند أبوابها كُتبت نهاية الرايخ الثالث والفوهرر هتلر ..
– الجنرال البرهان ..
– سادتي نص خطابه ما يدور من معارك الصمود بفاشر السلطان تكسرّت الأنصال وتحوّلت لأعظم مقبرة لدفن جِيف ملاعين الارتزاق الإماراتي ؛ وبالخرطوم بانطلاق معارك التحرير وفكّ اللجّام ..
– وهوامش التفسير وصلت من نالا البحير عبر البريد السريع توابيت الهالكين يبعثها بألواح القصب وتوقيع برسم (الإبرة) من الجنرال البرهان قائد الجيش وكبير السودان الي غُلام دويلة الإمارات : الفحوي (بِضاعتكم رُدّت اليكم .. ثمّ وإن عدتم عُدنا .. ثمّ ولكم في القصاص حياة .. ) انتهي ..
– شعبنا الكريم ..
– الحروب قدر وبلاء وامتحان ؛ والصبر علي البلاء اعظم درجات الايمان . لم يترك لنا المرتزقة والملايش ما نخسره من متاع فقد نهبوا كل شي ودمروا كل شي ولم يبق لنا سوي صبرنا والتوكل واليقين بنصر الله والثقة به ثمّ بجيشنا قيادة وجُند .. ادخروا أفراحكم بساعة النصر بتوظيف طاقاتكم بدعم الجيش بما هو متاح وفي طاقتكم وان اعظم سند وسلاح هو تام الثقة مهما تقوّل المرجفون والمنافقون من بني قحط وبني قريظة وال زلقو ثم بالدعاء ولم اقع علي ماهو اعظم في رد بلاء وكرب وحين حرب من الدعاء .. وما اعظم المِثال تتقاصر المقال سيدي المعصوم ابا القايم يوم بدر كان يدعو ربّه تضرعا وخضوعا وإنابة حتي يقع رداءه عن جسده الطاهر الشريف ..
– الله اكبر ولا عزّة إلا بالجهاد
– الله اكبر والنصر لجيشنا وشعبنا ..
*عمّار باشري*
الخميس/٢٦سبتمبر/ ٠٢٤م
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الجنرال البرهان
إقرأ أيضاً:
فصل الجيش عن الحزب والحركة
حيدر المكاشفي
خلال زيارته للمملكة العربية السعودية في اطار جولته الخليجية التي شملت الى جانب المملكة كل من دولتي الامارات وقطر، وعلى الرغم من أن المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة كانتا من الرعاة الرئيسيين لمبادرة جدة لوقف الحرب في السودان، إلا أن زيارة ترامب لم تتضمن أي تصريحات أو مبادرات جديدة بخصوص الأزمة السودانية. لم يُذكر السودان في الخطابات الرسمية أو المؤتمرات الصحفية، فيما عدا تلك الاشارة المعممة التي وردت على لسان ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان والتي جاء فيها (سنواصل جهودنا لإنهاء الأزمة في السودان من خلال منبر جدة والذي يحظى برعاية سعودية أميركية)، فهل بناءً على ما سبق، يمكن القول إن زيارة ترامب إلى الخليج تجاوزت فعلياً ملف الحرب في السودان، حيث لم يتم التطرق إليه بشكل علني أو ضمن جدول الأعمال المعلن مما يشير إلى أن الأزمة السودانية لم تكن ضمن أولويات هذه الجولة الدبلوماسية..شخصياً و بعدد من الشواهد لا اعتقد أن إدارة ترامب تجاهلت تماماً وكلياً أزمة حرب السودان الكارثية، فادارة ترامب في فترة رئاسته الاولى هي من قدمت قانون (حماية الانتقال الديمقراطي)، الذي تضمن عدداً من الحوافز، في سياسة يمكن وصفها بسياسة العصا والجزرة، ومعلوم أيضاً ان سياسة ترامب منذ ولايته الاولى تعمد الى تجاهل المؤسسات متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وتحويل السياسة الأميركية في المنطقة إلى تحالفات مع دول معينة مثل السعودية، مصر، والإمارات وقطر لتدير هي ملفات، منها مثلاً ملف السودان الموكل الى المملكة العربية السعودية بحسب تصريحات ولي العهد السعودي، كما أن نهج إدارة ترامب الممتد حتى الآن منذ ولايته الأولى واتضح جليا في زيارته الحالية للدول الخليجية، انها تعتمد على ثلاثة محاور رئيسية هي تعزيز العلاقات الاقتصادية، وضمان فعالية المساعدات الأميركية من خلال تقليص الإنفاق غير الفعّال، ومكافحة التشدد والتطرف وإنهاء الحروب، وطالما ان ملف حرب السودان أوكل تماماً للمملكة العربية السعودية لم يعد ترامب بحاجة للاشارة اليه وترك أمره لولي العهد السعودي الذي أشار اليه في حديثه الذي نقلناه عنه، ولكن هب ان ترامب تدخل مباشرة في ملف حرب السودان وملأ الميديا بالتصريحات، فما عساه ان يفعل غير محاولة حمل الطرفين المتقاتلين للتفاوض، فمن المستبعد جداً ان يتدخل بصورة سافرة لانهاء الحرب كأن يفرض حظر على الطيران أو ارسال قوات للفصل بين المتقاتلين أو اي إجراء عسكري آخر..
المشكلة اذن ليست هي عدم اشارة ترامب لحرب السودان، وانما المشكلة في طرفي الحرب انفسهم وبالذات في قيادة الجيش التي يمكن ان نستلف لقب (مستر نو) من السيد عبدالواحد محمد احمد النور ونخلعه على قيادة الجيش التي صارت بالفعل (مستر نو)، برفضها لكل المنابر التي اتيحت للتداول حول الازمة، بل حتى المنبر الذي شاركت فيه وتوصل لتفاهمات مبدئية بين الفريق كباشي وعبدالرحيم دقلو في العاصمة البحرينية المنامة، تنصلت عنه قيادة الجيش ووأدته في مهده، والملاحظ هنا ان قيادة الجيش مرتهنة تماماً للوبي البلابسة وعلى وجه الخصوص جماعة الكيزان، فكلما تسربت اخبار عن لقاء يجمع طرفي الحرب، تجد هذه الجماعة سارعت لشن حملة شعواء ضده، فتسارع بدورها قيادة الجيش ليس لنفي التسريب فحسب بل والتأكيد على استمرار الحرب حتى القضاء على المليشيا، ولا تفسير لذلك سوى ان قيادة الجيش واقعة تماماً تحت تأثير وقبضة الكيزان ولا تملك الارادة الحقيقية للمضي في أية فرص تفاوض تلوح في الافق، وما لم تتحرر قيادة الجيش من الهيمنة والسيطرة الكيزانية وتمتلك ارادة نفسها سيظل الحال كما هو عليه، وبالطبع لن تتحرر قيادة الجيش من قبضة الكيزان مالم يتم فصل الجيش عن الحزب والحركة ونعني بهما حزب المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية، ومعلوم ان هذين (الحاءين) الحزب والحركة ما فعلاه بالدولة منذ استلام الاخيرة للسلطة عبر انقلابها المشؤوم، فهما لم يسيطرا على الجيش فقط بل جعلوا من الحزب والحركة والدولة شيئاً واحداً، تماهت السلطة في الحزب وتمدد الحزب في السلطة، ووضع الدولة في خدمة الحزب، رئيس الدولة هو رئيس الحزب، ومساعد الرئيس في القصر هو نائب الرئيس في الحزب، والوالي هو رئيس الحزب في الولاية، ووزير الوزارة الفلانية هو أمين القطاع العلاني في الحزب وهكذا دواليك، كل الدولة في جوف الحزب بما في ذلك الــ… والــ… والــ… مما تعدون وتعرفون من مؤسسات وهيئات يتشكل منها قوام أي دولة، وباختصار وضع الحزب الدولة رهينة له ورهن إشارته من قمة جهازها التنفيذي وإلى أصغر وحدة محلية، وأحكم عليها الخناق تحت إبطه، لا فاصل بين الانتماء السياسي للحزب والحركة والانتماء العام للمنصب، ذاك هو هذا، وهذا هو ذاك، فلا تدري ما الذي يفعله من أجل الحزب، وما الذي يفعله من أجل المنصب، فقد اختلط حابل الدولة بنابل الحزب، حتى صار السودان كله من أقصاه إلى أقصاه رهينة بين يديه، وجعل ما فيه ومن فيه مثل خادم الفكي كلهم مجبورون قسرا على خدمته، يسوقهم حيث ما شاء ويطبق عليهم ما يشاء بالقوة والقهر والجبروت حيناً ولا يريهم إلا ما يرى، ولا يسمع إلا ما يطربه، وبالجزرة والإغراء والملاطفة حيناً آخر، ورغم ان لجنة ازالة التمكين التي تكونت بعد ثورة ديسمبر سعت لتعديل هذا الوضع المقلوب والصورة الشائهة للدولة، بإنهاء دولة الحزب لصالح دولة الوطن بفصل الحزب عن الدولة وتخليص رقبتها من تحت إبطه، إلا ان انقلاب اكتوبر2021 الذي نفذته قيادتي الجيش والدعم السريع قبل ان تكتشف الاخيرة نوايا الانقلاب الحقيقية وتتبرأ منه، حيث وضح ان الهدف الرئيس للانقلاب كان القضاء على الثورة وإعادة الكيزان للسلطة، وهذا هو المشهد الماثل حتى الآن منذ انقلاب اكتوبر اذ ماتزال قيادة الجيش تحت إبط الحزب والحركة..
الوسومحيدر المكاشفي