خطاب نصرالله الأخير.. رسائل حادة وتهديدات واضحة
تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT
تبدأ حركة المقاومة اللبنانية حزب الله مرحلة جديدة في تاريخها عقب تأكيده، اليوم السبت، مقتل زعيمه حسن نصر الله في غارة إسرائيلية أمس الجمعة على ضاحية بيروت الجنوبية، تنتهي حقبة مهمة في تاريخ الجماعة اللبنانية امتدت على أكثر من ثلاثة عقود. ونجح نصر الله طيلة هذه الفترة في تحويل الحزب الشيعي إلى لاعب رئيسي في منطقة الشرق الأوسط.
وأكد الحزب السبت مقتل نصر الله بعد ساعات من تأكيد الجيش الإسرائيلي "تصفيته". وأضافت الجماعة اللبنانية أن قيادتها تتعهد بمواصلة "جهادها في مواجهة العدو وإسنادا لغزة وفلسطين ودفاعا عن لبنان وشعبه الصامد والشريف".
وقال الجيش الإسرائيلي في وقت سابق إنه قتل نصر الله في غارة جوية على مقر القيادة المركزي للحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت أمس الجمعة.
تزعم "السيد" حسن نصر الله، حزب الله منذ اغتيال قائده السابق عباس موسوي وناصب طيلة هذه الفترة إسرائيل العداء، وأشرف على تحوله إلى قوة عسكرية ذات نفوذ إقليمي.
صعود نجمه بعد الثورة الإيرانية
نشأ نصر الله في حي الكرنتينا الفقير في بيروت. وتنحدر عائلته من البازورية، وهي قرية في جنوب لبنان ذي الأغلبية الشيعية الذي يشكل اليوم المعقل السياسي لحزب الله.
وينتمي نصر الله إلى جيل من الشبان الشيعة اللبنانيين الذين شكلت الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 نظرتهم السياسية.
وقبل أن يتولى قيادة الحزب، كان يقضي الليالي مع مقاتلي الجبهة الأمامية الذين يقاتلون جيش الاحتلال الإسرائيلي. وقُتل ابنه الشاب هادي، في معركة عام 1997، وهي الخسارة التي منحته مكانته بين القاعدة الشيعية في لبنان.
ويثني مؤيدو نصر الله على وقوفه في وجه إسرائيل وتحديه للولايات المتحدة. أما في نظر خصومه، فهو زعيم منظمة إرهابية وأحد الوكلاء الذين يستخدمهم النظام الشيعي الإيراني في صراعه على النفوذ في الشرق الأوسط.
وتجلى نفوذه الإقليمي منذ تفجر صراع أوقدت شرارته الحرب على غزة قبل ما يقرب من عام، إذ دخل حزب الله على خط المعركة بإطلاق النار على إسرائيل من جنوب لبنان "إسنادا" لحليفته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، وحذت حذوه جماعات يمنية وعراقية ضمن "محور المقاومة".
وقال نصر الله في خطاب ألقاه في الأول من آب/أغسطس خلال جنازة القائد العسكري لحزب الله فؤاد شكر الذي قُتل في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية التي يسيطر عليها حزب الله في بيروت "إننا أمام معركة كبرى".
غير أنه عندما أصيب الآلاف وقتل العشرات من أعضاء حزب الله نتيجة انفجار أجهزة اتصالات في هجوم إسرائيلي على ما يبدو الأسبوع الماضي، بدأت دفة المعركة تتحول ضد حزبه.
خطاب حسن نصرالله الأخيروفي رده على الهجمات التي استهدفت أجهزة الاتصالات، تعهد نصر الله في آخر كلمة ألقاها في التاسع عشر من أيلول/سبتمبر بمعاقبة إسرائيل.
وقال "هذا حساب سيأتي، طبيعته وحجمه وكيف وأين؟ هذا بالتأكيد ما سنحتفظ به لأنفسنا وفي أضيق دائرة حتى في أنفسنا".
في غضون ذلك، صعدت إسرائيل حدة هجماتها بشكل كبير، إذ قتلت عددا من كبار قادة حزب الله في ضربات موجهة، ومضت في قصف مكثف لمناطق تسيطر عليها الجماعة في لبنان، مما أسفر عن مقتل المئات.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: حزب الله أخبار حزب الله إسرائيل تترقب انتقام حزب الله أجهزة اتصالات حزب الله نصر الله فی حزب الله حسن نصر
إقرأ أيضاً:
هل سترد إسرائيل على الهجوم الصاروخي الأخير؟
بينما لم يجف بعد حبر اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ودخل حيّز التنفيذ صباح اليوم الثلاثاء، دوّت صفارات الإنذار مجددا في شمال إسرائيل إثر هجوم صاروخي جديد أكدت تل أبيب أن مصدره الأراضي الإيرانية، في حين نفت طهران ذلك جملة وتفصيلا.
وقال مراسل الجزيرة في فلسطين إلياس كرام إن إسرائيل تصر على أن الصاروخين أُطلقا من إيران وتم اعتراضهما فوق شمال البلاد دون وقوع إصابات، مشيرا إلى أن الإنذار الأول نفسه حدد أن الإطلاق تم من الأراضي الإيرانية، وهو ما شكّل منذ البداية قاعدة للموقف الرسمي الإسرائيلي.
ودعمت تلك الرواية تصريحات قادة الجيش والحكومة، إذ قال رئيس الأركان يائير زامير إنه أمر بالرد القوي على "الخرق الإيراني الخطير"، وسبقه وزير الدفاع إسرائيل كاتس الذي أصدر تعليمات مماثلة، مما عكس توجها رسميا لاعتبار الضربة خرقا لاتفاق الهدنة وتهديدا مباشرا.
وكانت القناة 12 الإسرائيلية قد ذكرت أن الصاروخين لم يُحدثا أضرارا، في حين أُصيب رجل بجروح أثناء توجهه إلى الملاجئ، واعتبر سياسيون، بينهم وزير المالية وزعيم حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، أن الرد واجب ولا يمكن لإسرائيل أن تمرر الضربة مرور الكرام.
غير أن كرام أوضح أن ثمة تباينا داخل إسرائيل بشأن شكل الرد، فبعض الأصوات تدعو إلى ضبط النفس وتفادي تصعيد جديد، في المقابل تطالب أخرى بضرب إيران بقوة وفرض معادلة ردع جديدة، ويعكس هذا الجدل برأيه المماحكات السياسية الداخلية أكثر مما يعبر عن إستراتيجية أمنية واضحة.
وفي خضم ذلك، تبرز "مرارة الضربة الأخيرة" التي سبقت وقف إطلاق النار، خصوصا تلك التي أصابت بئر السبع وأودت بحياة 4 إسرائيليين، وهي تضعف سردية "النصر الكامل" التي تحاول الحكومة الإسرائيلية تسويقها لدى الرأي العام المحلي.
إعلان إسرائيل ستردويذهب كرام إلى أن إسرائيل سترد لكن بشكل محدود لا يكسر وقف إطلاق النار، وذلك لحفظ ماء الوجه داخليا ومنع إيران من الظهور كمن وجه الضربة الأخيرة، فالهدف الإسرائيلي -كما يرى- هو الحفاظ على قوة الردع دون الانزلاق إلى دوامة جديدة من الردود المتبادلة.
وبرز في هذا السياق بيان ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلية، والذي شدد على أن تل أبيب حققت "إنجازا تاريخيا" يتجاوز حتى ما كان مخططا له، خصوصا في ما يتعلق بتوجيه ضربات للمشروع النووي والصاروخي الإيراني، وهو ما يُستخدم الآن كمسوغ للتوقف عن التصعيد.
وفيما يتعلق بالنفي الإيراني، أشار كرام إلى أن الإعلام الإسرائيلي تناوله بشكل إخباري دون تبنيه أو نفيه، موضحا أن الموقف الرسمي لم يتأثر به، بل بقي على قناعة بضرورة الرد، وإنْ بحسابات دقيقة.
وكانت إيران قد أطلقت قبل دخول الهدنة حيز التنفيذ 6 هجمات صاروخية، أسفرت عن قتلى وجرحى إسرائيليين، واستهدفت مواقع بينها مدينة حيفا وقاعدة رامات ديفيد الجوية، وفق ما نقلته وكالة فارس الإيرانية.
ولم يستبعد كرام أن تكون إسرائيل نفسها قد سعت إلى وقف إطلاق النار عبر القنوات الأميركية، رغم ما تبديه من مظهر المنتصر، إذ فُرض الاتفاق بغطاء من ترامب الذي انضم للهجوم واستثمر لاحقا في صياغة نهايته السياسية.
وأشار كرام إلى أن إسرائيل أرادت مخرجا من العملية التي بدأت بهجوم استباقي دون خطة إنهاء واضحة، فجاء وقف إطلاق النار الأميركي بمثابة طوق نجاة، منح تل أبيب فرصة للادعاء بتحقيق أهدافها الإستراتيجية وتجنّب دوامة تصعيد قد لا تُحمد عواقبها.