اتفق خبيران عسكريان على أن الهجوم الصاروخي الأخير على تل أبيب يمثل ردا قويا من قبل حزب الله، وأن هذا العمل يحقق الردع ويعد تطورا مختلفا في المواجهة.

وأفاد الإسعاف الإسرائيلي بإصابة 3 أشخاص، اثنان منهم جروحهما متوسطة، جراء سقوط صواريخ وسط البلاد، فيما أظهرت صور من مواقع سقوط صواريخ في تل أبيب تصاعد الدخان واندلاع حرائق في أكثر من نقطة.

وفي تحليل عسكري، أكد اللواء المتقاعد فايز الدويري أن هذا الرد كان متوقعا وضروريا، خاصة بعد سلسلة الضربات والاغتيالات التي استهدفت حزب الله مؤخرا، بما في ذلك اغتيال الأمين العام السابق حسن نصر الله.

وأضاف الدويري: "بعد هذه الأحداث، بدأ العالم يتحدث عن دخول حزب الله في مرحلة عدم الاتزان. وجاء خطاب نائب الأمين العام (نعيم قاسم) بالأمس ليؤكد أن الأمور تحت السيطرة، وكان لا بد من الرد".

وأشار إلى أن عدد الصواريخ التي أطلقت يتراوح ما بين 3 إلى 10 صواريخ، مؤكدا أن هذا الهجوم يمثل إحدى أوراق القوة الرئيسية بيد حزب الله وأنه يساهم في تحقق قاعدة الردع المطلوبة.

الضغط المتبادل

وتطرق الدويري إلى إستراتيجية الضغط المتبادلة بين الطرفين عبر البيئة الحاضنة، مشيرا إلى حديث رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، عن وجود مليون مهجر، وهو ما يعني أن الكيان الإسرائيلي يضغط على البيئة الاجتماعية لحزب الله لإجباره على الرضوخ والقبول بشروط إسرائيل.

وأضاف أنه على حزب الله في المقابل أن يرد بالمثل وعليه أن يضغط على البيئة الاجتماعية الداعمة لجيش الاحتلال ويفرض واقعا جديدا من خلال إبقاء أكثر من مليوني إسرائيلي ضمن إطار الملاجئ.

وفيما يتعلق بفعالية منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية، قدم الدويري شرحا مفصلا لآلية عملها، موضحا أنها تتكون من 3 مراحل: وحدة الرادار، ووحدة المتابعة، ووحدة التعامل.

وأوضح أن النظام يكتشف الصاروخ القادم، ثم تحدد وحدة المتابعة نقطة السقوط النهائية، وإذا كانت تقع على أهداف ذات قيمة، يتم التعامل معها بإطلاق صاروخين لكل صاروخ قادم.

وحول كفاءة القبة الحديدية، أشار الدويري إلى وجود تباين في التقديرات، حيث يرى المتفائلون والداعمون أن كفاءتها تصل إلى 95%، لكن مراكز بحث متقدمة كانت متشائمة جدا وأعطوها درجة نجاح 10%".

وأضاف "من خلال متابعتي الشخصية ودراسات إحصائية، وجدت أن درجة كفاءتها تتراوح ما بين 60 إلى 65%، أي بمعنى آخر أن 30 إلى 35% من الصواريخ التي يحتمل أن تسقط على أهداف ذات قيمة تتجاوز القبة الحديدية".

رد قوي

من جانبه، وصف العميد حسن جوني الهجوم بأنه "رد قوي من المقاومة"، مضيفا أن القبة الحديدية لا تستطيع حماية الأجواء بشكل كامل، وأنها قد تخفف من عدد الصواريخ التي تستهدف المنطقة، لكنها لا توفر حماية شاملة.

وشدد جوني على أن الهدف الرئيسي من هذه الهجمات هو التأثير على الحياة العامة في تل أبيب وشلها، وليس بالضرورة حجم الأضرار المادية.

وتابع موضحا: "المهم في منطق هذا التوازن أن تستهدف تل أبيب وتؤثر على الحياة العامة فيها وتشل هذه الحياة العامة، ومن هنا تتحقق النتيجة والفائدة من إطلاق هذه الصواريخ وتفشل القبب الحديدية".

وتطرق جوني إلى التحديات التي تواجه نشر أنظمة الدفاع الصاروخي، وأكد أنها لا تستطيع التجاوب مع كل الصواريخ وأنها باهظة الثمن، لذلك نشرها يتم بنفس مبدأ وفلسفة نشر الأسلحة المضادة للطائرات والصواريخ المضادة للطائرات.

ويرى الخبير العسكري أن هذه الهجمات تفرض واقعا مختلفا على الساحة الإسرائيلية، وتعيد التأكيد على قدرة المقاومة على الرد والردع، رغم الضربات التي تعرضت لها مؤخرا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات القبة الحدیدیة حزب الله تل أبیب

إقرأ أيضاً:

5 تحديات تواجه إسرائيل في اليوم التالي لاتفاق غزة

القدس المحتلة- بعد حرب دامت عامين بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، شهدت المنطقة انفراجة تمثلت في اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى بوساطة أميركية ومصرية وقطرية مع دعم أوروبي، وأنهى واحدة من أكثر جولات الصراع دموية وتعقيدا منذ قيام إسرائيل.

غير أن اليوم التالي للاتفاق لا يبدو أقل تعقيدا من الحرب نفسها، فبينما تتنفس تل أبيب الصعداء بعد استعادة بعض الأسرى، تتصاعد في أروقة المؤسسة الأمنية والسياسية أسئلة صعبة حول كيفية إدارة المرحلة المقبلة، وماذا بعد انتهاء العمليات العسكرية في غزة.

قد يحمل الاتفاق تداعيات عميقة تمتد إلى ما هو أبعد من القطاع والضفة الغربية، إذ تدخل إسرائيل مرحلة جديدة تتطلب إعادة صياغة إستراتيجيتها الأمنية والسياسية والمدنية في التعامل مع الفلسطينيين.

رئيس شعبة العمليات يتسحاق كوهين في غرفة القيادة العليا التي أشرفت على صفقة التبادل (الجيش الإسرائيلي)تحديات

وترى مراكز الأبحاث الإسرائيلية أن ما يعرف بـ"لعنة غزة" سيظل يلاحق تل أبيب حتى بعد وقف الحرب، بوصفها معضلة أمنية وسياسية بلا حل جذري، وسط تحديات متشابكة يصعب فصل بعضها عن بعض، تشمل مستقبل الردع وإدارة الصراع واستقرار الجبهة الداخلية.

واستعرضت قراءات هذه المراكز التحديات التي تواجه إسرائيل في "اليوم التالي" وسلطت الضوء على مخاوف تل أبيب من تصاعد نفوذ حماس واتساع رقعة المقاومة في الضفة. وترى أن إسرائيل تقف على أعتاب مرحلة دقيقة قد يتحول فيها وقف الحرب من نهاية للصراع إلى بداية آخر جديد على السيطرة وإدارة التهديدات وتثبيت الردع في بيئة متغيرة وغير مستقرة.

وأورد معهد "مسغاف" للأمن القومي والإستراتيجية الصهيونية قراءة تحليلية لأبرز 5 تحديات تواجه إسرائيل في اليوم التالي للاتفاق، التي صاغها رئيس المعهد مائير بن شبات الذي شغل منصب رئيس مجلس الأمن القومي بين عامي 2017 و2021، وكان أحد مهندسي اتفاقيات أبراهام، كالآتي:

جانب من الانسحاب الإسرائيلي وإعادة الانتشار العملياتي في قطاع غزة (الجيش الإسرائيلي) سياسة استخدام القوة في غزة: إعادة النظر في جدوى العمليات العسكرية الواسعة مقابل إدارة التهديدات بأساليب أكثر دقة وفعالية، مع الحفاظ على الردع دون التورط في احتلال مباشر أو حرب استنزاف جديدة. يوازن الجيش الإسرائيلي بين خيارين متناقضين، العودة إلى الضربات الوقائية ضد أي نشاط لحماس، أو الاحتواء المدروس لتفادي التصعيد.
وبينما تستحضر تل أبيب تجربة "جز العشب" بعد حرب 2014، تخشى أن يفسر ضبط النفس كضعف، لتجد نفسها أمام معادلة صعبة بين ردع مفرط يولد حربا، وردع ناقص يبدد هيبة القوة. حماية الحيز الأمني ومنع تآكله: تواجه المؤسسة الأمنية معضلة الحفاظ على "المنطقة العازلة" ومنع عودة الفصائل المسلحة إلى الحدود، في وقت يزداد فيه الضغط الدولي لإنهاء الإجراءات العسكرية وفتح المعابر. بعد الانسحاب الميداني، يواجه الجيش الإسرائيلي سؤالا محوريا: كيف يحمي الحيز الأمني دون العودة لاحتلال غزة؟
وتطرح سيناريوهات مثل نشر قوة دولية أو عربية بإشراف مصري أميركي، لكن المؤسسة الأمنية تخشى تآكل الردع. لذلك، يجري الاعتماد على أنظمة مراقبة ذكية وطائرات مسيّرة ومستشعرات أرضية، غير أن هذه الوسائل تبقى محدودة، مما يجعل الحيز الأمني بؤرة توتر دائمة بين العسكري والسياسي. منع محاولات حماس لإعادة الإعمار العسكري: يتمثل التحدي الأكبر في منع الفصائل من إعادة بناء قوتها العسكرية تحت غطاء الإعمار المدني، مما يتطلب رقابة مشددة وتنسيقا مع أطراف دولية دون الظهور بمظهر من يعيق إعادة الحياة للقطاع.
تسعى إسرائيل إلى آلية دولية صارمة لمراقبة إدخال مواد الإعمار إلى غزة لضمان استخدامها المدني فقط، لكن مراقبين يحذرون من صعوبة الرقابة في ظل الأزمة الإنسانية. ويطرح بديلا يتمثل في هيئة رقابة أممية متعددة الأطراف تشترط المساعدات بنزع السلاح، غير أن واقع حماس كقوة أمر واقع يعقد التنفيذ. والخشية الإسرائيلية الكبرى أن يتحول الإعمار إلى "إعادة بناء للتهديد". السياسة المدنية تجاه غزة: تبحث إسرائيل عن مقاربة جديدة تجمع بين "الفصل الأمني" و"الاستقرار الإنساني"، توازن بين تخفيف المعاناة في القطاع وبين منع أي إنجاز سياسي أو رمزي لحماس. وترى المؤسسة الأمنية أن تحسين الوضع الإنساني ضرورة للاستقرار، في حين يصر اليمين الإسرائيلي على نهج "الردع بالضغط" ورفض أي تخفيف للحصار.
ويطرح سيناريو إدارة مدنية مؤقتة بإشراف دولي عربي دون اعتراف بالحركة، لكن محللين يحذرون من أن الفصل بين المدني والعسكري وهمي ما لم يُطرح حل سياسي شامل، مما يبقي الوضع قابلا للاشتعال. تعاظم قوة المقاومة وتصاعد العمليات في الضفة الغربية: تتخوف إسرائيل من انتقال الزخم من غزة إلى الضفة في ظل تصاعد العمل المسلح والتنظيمي، مما يفرض تحديا ميدانيا واستخباراتيا متزايدا على جيش الاحتلال وجهاز الأمن العام "الشاباك".
ويواجه الجيش تحديا مزدوجا بين ضبط الأوضاع في الضفة ومنع تكرار نموذج القطاع، مع الحفاظ على التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية. ويرجح محللون أن غياب الأفق السياسي وتصاعد الغضب الشعبي قد يجعل الضفة ساحة الانفجار القادمة.

من اليمين: المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر ورئيس الأركان إيال زامير وقائد القيادة الوسطى الأميركية براد كوبر (الجيش الإسرائيلي) مفترق طرق

تحت عنوان "فقدت إسرائيل زخمها، وحماس تستعيد سيطرتها على قطاع غزة"، كتب المحلل العسكري أمير بار شالوم في موقع "زمان يسرائيل" مقالا تناول فيه ملامح المرحلة التالية للاتفاق. وأشار إلى أن الولايات المتحدة تعمل على إنشاء آلية دولية لإدارة غزة، بينما تستغل الحركة الهدنة لترسيخ نفوذها وإثبات سيادتها على القطاع، وهو الواقع الذي يضع إسرائيل أمام مفترق طرق.

إعلان

ورأى شالوم أن تل أبيب بلا خطة واضحة ولا شريك محتمل في الحكم، إذ يواصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والوزيران إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش معارضتهم لعودة السلطة الفلسطينية إلى غزة. وخلص إلى أن إسرائيل أصبحت تكتفي بالمراقبة من بعيد، في حين يعاد رسم مستقبل القطاع من دونها.

من جانبه، يقول رئيس معهد دراسات الأمن القومي-جامعة تل أبيب، تامير هيمان، إن إسرائيل تواجه في المرحلة التالية لاتفاق وقف إطلاق النار تحديين مزدوجين وجسيمين:

الأول: الخطر المباشر المرتبط بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين وعودة حركة حماس ونشطائها إلى شمال القطاع. الثاني: منع حماس من إعادة تعزيز نفوذها واستغلال أنقاض غزة لتعزيز قدراتها. مراقبون تحدثوا عن أن إسرائيل تواجه تحدي ضمان استمرار الردع والسيطرة دون الانجرار إلى تصعيد جديد (الجيش الإسرائيلي)سيناريوهات

ويحذر هيمان من أن وقف إطلاق النار قد ينهار في حال لم تستوفَ جميع مراحله الأولى، وأن إطلاق سراح كافة جثث المحتجزين قد لا يحقق الأهداف المرجوة بالكامل، ويرى أن إسرائيل بحاجة إلى استعدادات دقيقة مسبقة لتفادي أي تطورات سلبية محتملة في المستقبل.

وبرأيه، تقف تل أبيب أمام 3 سيناريوهات رئيسية لما بعد الاتفاق، تتعلق بإدارة قطاع غزة، وضبط النفوذ العسكري لحماس، وضمان استمرار الردع والسيطرة دون الانجرار إلى تصعيد جديد.

في جميع الحالات، يضيف هيمان، يبدو أن "لعنة غزة" ستظل ترافق إسرائيل لسنوات طويلة، تربك قراراتها السياسية وتستنزف قدراتها العسكرية، في مشهد يعيد إنتاج سؤال قديم جديد: هل تمتلك تل أبيب إستراتيجية خروج حقيقية من مستنقع القطاع، أم أنها محكومة بالبقاء في دائرة النار ذاتها إلى ما لا نهاية؟

مقالات مشابهة

  • المحكمة التجارية بمراكش تلزم السكك الحديدية بتعويض 10 آلاف درهم
  • 5 تحديات تواجه إسرائيل في اليوم التالي لاتفاق غزة
  • الريشة السوداء لمحمد فتح الله.. عن فيليس ويتلي القصيدة التي تمشي
  • تحذير دولي من مخاطر الذخائر غير المنفجرة في غزة.. وتل أبيب تؤكد: الجثة الرابعة التي سلمتها حماس ليست لمختطف إسرائيلي
  • الملك عبد الله الثاني صوت الحقيقة التي هزمت أكاذيب نتنياهو وحكومتة المتطرفة .
  • إبراهيم رضا: من لم يشكر القيادة التي حفظت الوطن لم يشكر الله
  • هكذا يتفوق ستارشيب على أكبر الصواريخ على الإطلاق
  • بينهم أطفال.. إصابة 5 أشخاص من أسرة واحدة في انقلاب ميكروباص بالمنيا | أسماء
  • إصابة فلسطيني بنابلس واعتداءات للمستوطنين قرب قلقيلية ورام الله
  • هيئة السكك الحديدية تطلق مركز خدمة العملاء الصوتية للاستعلام وحجز التذاكر آليًا