عربي21:
2025-06-06@15:34:09 GMT

فاستخف قومه فأطاعوه

تاريخ النشر: 4th, October 2024 GMT

لفظ استخف في اللغة العربية يدور في فلك الاستهانة أو الإهانة أو التوجيه نحو الطيش والخفة والسطحية وعدم إدراك العواقب، والآية تشير إلى ما يفعله الطاغية بجمهوره عن طريق الإعلام، إنه يُجري عمليات غسيل للعقول والأدمغة حتى تستهين بالخطير وتخشى البطش وتقنع بالذل وتعيش على الفتات، ويجعلها ترى الأمور بمنظاره هو ولا تستطيع التفرقة بين العدو والصديق ولا بين من هو عدو في مرحلة ومن هو عدو في كل المراحل، أو من هو العدو الأخطر ومن هو العدو الذي يمكن أن يتعامل معه بل ويجعلها تفرق بين الأعداء على أسس فاسدة لا يجوز البناء عليها.



للأسف هذا ما يعيشه عدد كبير من المسلمين الآن. ولنزيد الأمور توضيحا:

- نظام السلم والحرب في الإسلام يقوم على رد العدوان وإرهاب العدو وعدم الاعتداء على الغير أيا كان دينه وأيا كانت عقيدته، فطالما كان مسالما غير محارب ولا يساعد في حرب المسلمين فليس لأحد عليه سبيل، فلا نحارب اليهود ليهوديتهم ولا النصارى لنصرانيتهم وإنما يحارَبون لعدوانهم، ومن باب أولى الشيعة في إيران وغيرها ينطبق عليهم نفس الشيء.

تخيلوا أن يقوم البعض باستدعاء الخلافات بين السنة والشيعة وينبش الكتب في هذا الوقت الذي يباد فيه أهلنا في غزة ويجوعون ويعطشون ويقتلون ويهجرون، فهناك 2.5 مليون مسلم سني في غزة قتل منهم حتى الآن في عام واحد نحو 50 ألفا وأصيب أضعافهم وأكثر من 3.5 مليون مسلم سني في الضفة يقتلون ويشردون ويفرض عليهم الحصار من الشقيق قبل العدو، وعندما يمد لهم الشيعة في إيران المساعدة تجد البعض يهاجم الشيعة ولا يهاجم المحاصرين لإخوانهم، وعندما يقتل الصهاينة أمين عام حزب الله يضج البعض بالتهليل.

- في طوفان الأقصى بدأت حماس المعركة بسرية كبيرة ولم تنسق مع أحد (وكان هذا من ضرورات المعركة وأهم أسباب نجاحها) وكان حزب الله وغيره يستطيعون أن يقولوا: هذه ليست معركتنا ولم تتم مشورتنا ولا التنسيق معنا ونحن غير جاهزين الآن، كانوا يستطيعون هذا وكان العدو يمنّي نفسه بهذا، ولكنهم دخلوا في اليوم الثاني للمعركة وأعلنوا حدود دعمهم. قالوا لن ندع العدو يستفرد بأهلنا في غزة ولن نجعله يحقق عليهم نصرا وسنستنزف قواه في الشمال، وهذا ما فعلوه بل وحاصروا موانئ العدو في البحرين الأحمر والمتوسط، ولولا الجسر البري الذي يمد العدو باحتياجاته من الغذاء عن طريق المتعاونين العرب لجاع العدو.

- معركة الطوفان بقدر ما هي وجودية على الكيان يراها (وكذلك داعموه) خطرا حقيقيا على وجوده، قد تؤدي إلى انهيار هذا المشروع بكامله، هي خطر ماحق على كل دول المنطقة إذا استطاع العدو أن يحقق نصرا، عندها لن تسلم منه القاهرة ولا بغداد ولا دمشق ولا حتى إسطنبول وطهران، فالموضوع يتردد بين نصر مبين أو خسارة مذلة وخضوع للسيطرة الغربية الأمريكية.

- بعد أن اغتال الصهاينة الشهيد أبو العبد في طهران كان من المثير للشفقة اتهام البعض لإيران بالتآمر على قتله، وبعد هجومهم على جنوب لبنان ثم اغتيال حسن نصر الله ضجت المواقع إما بالسخرية من الحزب أو الشماتة في أمينه العام، ولم يفطن هؤلاء إلى اغتيال قائد حماس في لبنان ولا اغتيال ثلاثة من قادة الجبهة الشعبية ولا الهجوم على مخيمات الفلسطينيين في جنوب لبنان في اليوم التالي مباشرة لاغتيال نصر الله.

كان من الخفة أن لا يدرك البعض أن حسابات الدول والاستعداد للتبعات والتجهيز للاحتمالات تختلف عن حسابات الأفراد، فكانت السخرية من إيران واتهامها بأنها لم تبع الفلسطينيين فقط وإنما باعت أذرعها الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان. ولكن الأعجب أن البعض بعد الهجوم الصاروخي من إيران ما زال يسخر من الرد ويردد مقولات العدو بأن لا خسائر، وهو ينسى أن العدو لم يعترف إلا بأقل من 350 قتيلا من جيشه منذ بدء حربه على غزة، وأن بايدن احتاج للتقليل من الخسائر حتى يبث الطمأنينة في نفوس المستوطنين المرعوبين.

أخطر ما يواجه الأمة أن تقعد في أماكن المتفرجين تنتظر مصيرها بعد أن ينتهي الصراع، وأخطر من هذا أن تكون مقاعدها داعمة للعدو مقللة من فعل الصديق أو حتى الذي هو أقل عداوة، إنها نتاج عقود من الاستخفاف الذي قاد إليه الخضوع للفاسدين والطغاة من الحكام.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات إيران غزة لبنان إيران لبنان غزة المقاومة مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة صحافة اقتصاد سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

المشهد العالمي والتناقضات السياسية

يمانيون / مقال / إلهام الأبيض

تكشف الأقنعة يوماً بعد يوم عن حقيقة المواقف الدولية تجاه القضية الفلسطينية. ففي حين تجيب الولايات المتحدة، الشريك الأبرز في العدوان الإسرائيلي، على انتقادات فرنسا، التي لا تخلو هي الأخرى من ازدواجية المعايير، مؤكدةً بوضوح رفضها القاطع لأي حل حقيقي للقضية الفلسطينية، فإنها تعتبر أن الدولة الفلسطينية في نظرهم لا وجود لها إلا على أراضٍ افتراضية، أو مجرد حبر على ورق في أروقة الأمم المتحدة، أو في بيانات قمم الأنظمة العربية التي فقدت بوصلتها، أو في تصريحات بعض الرئاسات والوزارات الأوروبية التي لا تتجاوز حدود الدبلوماسية العقيمة.

أما على الصعيد الميداني، ففي ظل زفة النجاة للسفن الأمريكية من نيران اليمن في أعماق البحر الأحمر، لا تزال الصحافة الأمريكية تكشف ما يخفيه العسكريون وتحرج مسؤولي إدارتها المهرجة. فجولة العدوان على اليمن كلّفت الطيران الأمريكي أكثر من 13 ألف طلعة جوية، وأخرجت من مخازن السلاح أكثر من مليون رطل من الذخيرة، صب معظمها على اليمن، في فاتورة باهظة لعدوان فاشل لم يحقق أهدافه، بل كشف عن عجزه العسكري أمام إرادة الصمود اليمني.

وفي فلسطين المحتلة، يستمر كيان العدو في انتهاكاته الواسعة لباحات المسجد الأقصى المبارك، ضمن طقوس تلمودية شيطانية، مواصلاً استهداف حرمته ووجوده في مخطط لا يوفر هدمه وتدميره. وفي غزة المذبوحة المجروحة، يمعن العدو في إبادتها، وهو منهمك في وحشيته. اليوم، دمر طيرانه مسجداً في دير البلح، وقتلت مسيراته طفلاً في تل الهوى، وتسببت مدفعيته في استشهاد أربعة فلسطينيين من بينهم طفلة معاقة، وأصابت أكثر من عشرين آخرين. كما أعدمت رصاصاته اليوم أكثر من خمسة وثلاثين فلسطينياً جائعاً قرب مركز للمساعدات غرب رفح، لتصل حصيلة الشهداء من الجوعى المستهدفين خلال خمسة أيام فقط إلى نحو أربعمائة شهيد وجريح، قتلوا بالجوع والرصاص والخذلان. إنها استراتيجية التجويع والقتل الممنهج، التي تبرهن على أن المساعدات الإنسانية تحولت إلى فخاخ للموت الجماعي، في جريمة تدمي القلوب وتفطر الأكباد، وتفضح صمت وتخاذل الأنظمة العربية.

وفي مقابل كل ذلك من الجرائم والوحشية، تقدم المقاومة الباسلة في غزة نموذجاً فريداً للصمود. فرجال الله على الأرض لهم ثبات يقهر غطرسة المحتل، ولهم في الميدان بأس ينكل بعجرفة العدو. كل فصائل الجهاد والمقاومة حاضرة في الميدان بشكل فعال. اليوم، القسام تعلن، والسرايا توثق، وفي أنحاء القطاع، يتم تدمير آليات العدو وجرافاته، وتشتت تجمعات عصاباته، في مشهد يؤكد أن إرادة المقاومة هي القوة الوحيدة القادرة على كسر شوكة الاحتلال.

أما في مكة المكرمة، فمشهد مؤلم يلخص واقع الأمة. حجيجها، بعدد يعادل نصف عدد من يتجمعون في غزة، يبيتون ويرتجزون ويسعون، لكنهم لا يستطيعون التعبير عن وجع المسلم المتضامن مع جوع أخيه، ولا التبرؤ من أعداء الإسلام ومحتلي المقدسات. لا يستطيعون رفع الدعاء لأهل غزة إلا همساً، ولا الرد على المسيئين للأقصى وللرسول المصطفى إلا خفية وخفية وأسراراً. هذا المشهد يبرز عمق الأزمة التي تعيشها الأنظمة الرسمية، التي تكبلها قيود الخوف والتبعية السياسية، وتفضل الصمت على نصرة الحق.

إن هذا المشهد المعقد، الذي يجمع بين وحشية العدوان، وصمود المقاومة، وتخاذل الأنظمة، يؤكد حتمية النصر لمن آمن وجاهد. فليعلم العالم أن دماء الشهداء لن تذهب هدرًا، وأن صمت المتخاذلين لن يغير حقيقة أن الحق منتصر لا محالة. إنها دعوة لصحوة شاملة، لإدراك أن الكرامة لا تُشترى، وأن الحرية لا تُمنح، وأن النصر لا يأتي إلا بالجهاد والتضحية. فنسأل الله أن يحدث بعد ذلك أمرًا، لتنتصر غزة بالفرج العاجل والفتح القريب،ولتنهض الامة على بصيرة من امرها وبينة من ربها، وما ذلك على الله بعزيز.

مقالات مشابهة

  • «تيته» تهنئ الليبيين بعيد الأضحى وتدعو للحفاظ على السلام والوحدة
  • خطيب عرفة: التقوى هي التمسك بدين الله الذي أكمله في مثل هذا اليوم
  • سرير تحت النجوم
  • لليمن وعنه
  • خالد أبو بكر: يستطيع اليوم المواطن أن يحصل على الدولار الذي يطلبه.. فيديو
  • المشهد العالمي والتناقضات السياسية
  • لقاء عراقجي وقاسم يؤكد دعم إيران للبنان.. ولهجة دبلوماسية تلمح لتحوّل
  • 11 سؤالا تشرح ما الذي يفعله الحجاج في يومي التروية وعرفة؟
  • بالصورة.. هذه هويّة المواطن اللبنانيّ الذي اعتقله العدوّ الإسرائيليّ مقابل رأس الناقورة
  • وزير خارجية إيران: مهتمون بمساعدة لبنان والوقوف إلى جانبه